[يمامة الوادي]

أصناف الأصدقاء ..

= = =

بعد التمحيص والتدقيق سيتضح لك في جلاء ، أن أصدقاءك صنفان ، لا ثالث لهما :

صديق يترفق بك إلى رحاب الله سبحانه ، لتسمو وترتقي ، وتتزكى ، وترتفع عن صفة الحيوانية فيك ، لتسمو إلى أخلاق الملائكة لديك ..

وصديق يدفعك دفعاً بكل وسيلة متاحة ، وبخبث ودهاء ، نحو بوابات الشياطين ، لتقع في النهاية حطباً للنار ..!

قد لا تشعر بحركات الثاني البهلوانية ، وهو يزحزحك عن رحاب الله سبحانه ، ذلك لأن شياطين الإنس والجن يزخرفون الأجواء من حولك ليخدروا كل خلية فيك حتى لا تحس بشفرة الجزار وهو يسلخك سلخاً ، وأنت تقهقه في بلاهة !!

ولكن القاعدة النورانية تقول لك في جلاء :

إذا لم يكن صديقك معين لك على طريق الله سبحانه ، فاعلم أنه قطاع طريق !!

نعم قد تجد جمهرة غفيرة من الأصدقاء لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، لكنك إذا دققت وفتشت وحققت لرأيت ثم رأيت أن منهم من يقرب بك من الصنف الأول ولو من بعيد بعيد .. ومنهم من يحوم بك حول أفكار الصنف الثاني ولو من وراء وراء !!

فعاد الأمر إلى القسمين الأوليين ..!

ومن ثم فعليك أن تفتح عينيك جيداً ، وتوقظ عقلك بالكلية ، وتستنفر قوى قلبك ، لتراقب الأجواء من حولك ، فتحسن اختيار أصحابك وجلسائك ..

وفي الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل .."

وقالوا قديما : قل لي من تصاحب . أقل لك من أنت !!

وقالوا : الصاحب ساحب ! فإما أن يشدك إلى السماء ، وإما أن يشدك إلى القاع !

فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي ..قبل أن تعض بنان الندم على تفريطك بصحبة كانت تشغل نفسها أن ترتقي بك إلى الفردوس ، فآثرت عليها صحبة تزين لك أجواء البعد عن الله ، شعرت بذلك أو لم تشعر ..!

ولأن اللسان ترجمان القلب ، أو هو بتعبير آخر مغرفة يغرف بها الإنسان ما في وعاء قلبه ، فليلزمك أن تراقب كثيرا وطويلا ما يدور به لسان كل من تخالطه وتجلس إليه ، فإنك تستطيع أن تكشف أجواء قلب كل منهم ، بكثرة الإصغاء إليهم ، فيتكشفون أمام عينيك شيئا فشيئا ..

فإن الأرض الطيبة لا تنبت إلا طيبا ، وإن حديقة الورود لن تمنحك إلا مزيداً من الأريج والعبق الطيب الذي يبهج قلبك ، أما المزبلة فإنك تعرف ماذا ستشم منها حين تحوم حولها ..!

وفي الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة ). متفق عليه.





كتبها بو عبدالرحمن