[يمامة الوادي]

حوار: تهاني السالم



يؤكد د. سعيد عسيري أن هناك أدويةً نفسية تسبب الإدمان النفسي قائلا :
• الأمراض التي تأتي مرة واحدة إذا عولجت بشكل جيد فإنها قد تزول تمامًا.
• الإدمان النفسي هو الاعتماد على عقار، بحيث إن ترك تحدث أعراض انسحابية شديدة.
• أغلب هؤلاء موجودون بشكل شبه دائم في المصحات النفسية!


• • • • •

الإدمان النفسي.. ما مفهومه؟ وما سبل العلاج من الأمراض النفسية التي تمر على الناس سواء أكانت مزمنة أم عارضة وتزول؟ وهل لهذه الأدوية النفسية مردود سلبي على صحة الإنسان؟ وهل من اللازم إن كنتُ أستخدم دواء نفسيًّا معينًا أن يكون رفيقًا لي مدى الحياة؟

..... أسئلة كثيرة تدور حول الإدمان النفسي وماهيته، وهل سأتخلص من الأدوية النفسية يوما ما؟ أستخدم الأدوية النفسية ثم أتحسن وعندما أوقفها تعود لي الحالة السابقة، فهل سأبقى عليها طوال عمري؟ ... وغيرها من الأسئلة التي تدور بخلد أي شخص تعرض لمثل هذا الأمر أو رأى من تعرض لحالة نفسية.


استضفنا د. سعيد عسيري (الإخصائي في الطب النفسي بمستشفى الملك فيصل التخصصي)، وسألناه هذه الأسئلة.. فإلى تفاصيل الحوار:


الإدمان في نظر النفسيين
• د. سعيد عسيري.. في هذه العجالة ما تفسير الإدمان في نظر النفسيين؟
معنى الإدمان من وجهة نظر الأطباء النفسيين.. هنالك الإدمان السلوكي (وقد يتسنى لي الحديث عنه في فرصة أخرى إن شاء الله) والإدمان الجسدي، وهو ما يهمنا هنا، وهو باختصار: الاعتماد على مادة أو عقار بحيث لا يستطيع الشخص تركه، وإذا حاول فإنه تحدث له أعراض انسحابية شديدة، إضافة إلى زيادة الجرعة تدريجيا للحصول عل التأثير السابق نفسه؛ لأنه مع مرور الوقت يبدأ الجسم في التعود، فلا تعطي التأثير السابق نفسه؛ مما يَضطرُّ المستخدمَ إلى زيادة الجرعة أو البحث عن بديل يؤدي الغرض نفسه.
إذًا لا بد من التعود وزيادة الجرعة للحصول على نفس التأثير ليكتمل التعريف.


أدوية لا تسبب الإدمان
• هذا التعريف يجرنا لسؤال: هل كل الأدوية النفسية تسبب الإدمان الجسدي؟ وكيف ذلك؟
لابد من فهم أن الأدوية النفسية تختلف كثيرًا عن بعضها، ويوجد من الأدوية النفسية أنواع كثر؛ منها ما ثبت علميًّا أنه يسبب الإدمان الجسدي، ومن الأمثلة عليها بعض المهدئات مثل أغلب الـ(benzodiazepines) بمختلف أنواعها إلا ما ندر، ومنها ما لا يسبب الإدمان الجسدي (بمفهومه لدى الأطباء النفسيين كما سبق)، ويندرج تحت هذا النوع أغلب الأدوية النفسية.


مدة الإصابة بالأمراض النفسية
• هل تختلف الأمراض النفسية في مدة الإصابة، ومن ثم في مدة العلاج؟
إن الأمراض النفسية تختلف من حيث مدة الإصابة، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:-
أ- الأمراض المزمنة أو التي قد تستمر طوال العمر، ومن أشهر الأمثلة عليها فصام العقل أو (schizophrenia) بأنواعها، وفي هذه الحالة قد يحتاج المريض إلى الاستمرار على الدواء طوال عمره وبجرعات متفاوتة وحسب الاستجابة مثلها مثل الأمراض العضوية كالسكري مثلا.

ب- الأمراض التي تأتي على هيئة نوبات تستمر لمدة معينة ثم تخف تمامًا ثم لا تلبث أن تعود مرة أخرى بسبب أو بدونه، وقد يستمر ذلك مدى الحياة، ومن الأمثلة عليها الاضطراب الوجداني ثنائي القطب (bipolar disorder)، وتستخدم الأدوية في حال النوبة لتخفيفها ومن ثم الوقاية من حدوثها مرة أخرى، أو على الأقل التقليل من حدة وعدد النوبات، وفي هذه الحالة قد يحتاج المريض إلى الاستمرار على الدواء طوال عمره.

جـ- الأمراض التي تأتي مرة واحدة، وإذا عولجت معالجة جيدة فإنها قد تزول تمامًا، وقد تعود أحيانًا تحت أي ظرف من الظروف؛ لأنه أحيانًا يكون المريض مُهيأً -إما وراثيًّا وإما اجتماعيًّا- لمثل هذه الأمراض، ومن الأمثلة عليها الاكتئاب والقلق بأنواعه، وحينها لابد من استخدام الدواء مدة المرض مع مدة وقاية جيدة بعد التحسن قد تستمر ستة أشهر إلى سنة من التحسن التام وبالجرعة نفسها ثم تقليل الدواء تدريجيا حتى يتم إيقافه تماما. وإذا عاد المرض لأي سبب من الأسباب كما ذكرنا فلا بد من العودة إلى الدواء.


الاستجابة للدواء
• كيف هي استجابة الناس للدواء النفسي، وهل بالإمكان التشافي من الأمراض النفسية؟
تختلف استجابة الناس للدواء، وأفضل ما يمكن قوله في أغلب الأمراض النفسية وليس جميعها -مع التحفظ على ذلك، ولكن هذا للتيسير فقط- هي قاعدة الثلث:-
- ثلث من المرضى يتحسنون تمامًا ولا يحتاجون إلى دواء بعدها.
- ثلث يتحسنون بنسبة عالية جدًّا، لكن تبقى بقايا يسيرة جدًّا قد تحتاج إلى جرعات خفيفة جدا من الدواء.
- ثلث لا تتحسن حالتهم، وقد يصعب علاجهم، وأحيانا قليلة تتدهور حالتهم، وحينها نحتاج إلى استمرار الأدوية استمرارًا مكثفا، وأغلب هؤلاء موجودون بشكل شبه دائم في المصحات النفسية.

أتمنى أن أكون قد أجبت عن شيء يسير مما قد يدور في أذهان الكثير من الناس حول إدمان الأدوية النفسية.