[يمامة الوادي]

مـن أنـا ! .. لـولا تـوفـيـقـي بـالله .. !! ( قصة مهمة لمن سيدخل الامتحان)

--------------------------------------------------------------------------------



مشهد في الفصل ..
.
.
.
عندما دخلت المعلمة إلى الفصل و معها أوراق امتحان الرياضيات بعد تصحيحه .. كنت أجلس على الكرسي أرقب الورق و أقول في نفسي : أنا من حصل على الدرجة الكاملة .. كيف لاّّ!! و أنا الأولى على المدرسة .. !! ..
وقفت المعلمة ثم استهلت حديثها أن الاختبار لم يكن صعباً كما أُشيع عنه .. و أنه لم يخرج عن المادة العلمية المقررة .. و أنه .. و أنه .. .. قالت كل المبررات التي حفظناها منوالاً بعد كل اختبار .. لكن لم يعد يهمني شيء .. طالما أنني الأجدر .. و لم تكن لدي الرغبة في سماع شيء سوى صدى صوت اسمي الذي ستعلنه المعلمة مثل كل مرة على أني من حصلت على أعلى الدرجات و تصفيق الطالبات مشجعات لي ..
و بعد أن انتهت المعلمة من منوالها الشهري .. قالت : للأسف نسبة الرسوب عالية جداً و لم تنجح سوى طالبتان من هذا الفصل ..
.
.
و بثقة كبيرة .. تجهزتُ للوقوف لأنها ستعلن اسمي بعد قليل و تسلمني الورقة كإحدى الطالبات الناجحات ..

لكن المفاجأة ..!!!

فلم يكن اسمي الاسم الأول .. !!! .. ونادت المعلمة أيضاً الاسم الثاني .. و لم يكن الاسم الثاني اسمي .. بل هي طالبة غيري أيضاً ..
أحسست بعدها برجفة تسكن جسدي .. و خفقانٍ سريع في قلبي .. و بدأتُ أتصبب عرقاً .. و أنا أنظر إلى المعلمة وهي توزع أوراق الامتحان على باقي الطالبات الراسبات .. شعرت عندها أن تلك الثواني أو الدقائق القليلة هي أيام طويلة ثقيلة من الانتظار المرّ ..
لحظات و إذ بالمعلمة تسير باتجاهي و تنادي اسمي .. فوقفت على فوري ..
عندها رمقتني المعلمة بنظرات عتبٍ كانت مؤلمة بالنسبة لي .. و مدت إليّ ورقتي وهي تقول : صدمتني بهذا المستوى .. ..
أخذت الورقة بسرعة و نظرت إلى الدرجة .. و إذ بها درجة رسوب .. نظرت إلى الاسم و إذ هو اسمي ..وقعت على الكرسي .. و أنا أقرأ اسمي مرات و أنظر للدرجة مرات .. أخذت أقلب في الصفحة .. كلها أخطاء .. كلها أخطاء ..كلها أخطاء .. ماذا دهاني ؟! ..
.
.
سقطتُ مغشياً عليّ ..
.
.
.
.. في غرفة الممرضة ..
أفقت و أنا أبكي على ما حدث .. و أفكر كيف يحصل هذا لي .. و ألف سؤالٍ و سؤالٍ يدور في ذهني .. و الأفكار تشرقني حيناً و تغربني .. إلى أن تذكرت لحظة استلامي للورقة .. فزدادت دموعي و باتَ يُسمع لبكائي صوت أنين ..
دخلت عليّ الناظرة لتخبرني أن أبي قدمَّ ليقلني بعد اتصالهم للبيت و إخبارهم أني متعبة .. و بمساعدة الممرضة ركبت السيارة و جلست صامتة في مكاني بلا حراك .. خائفة من سؤال أبي .. لكنه آثر الصمت و راح يـُشغل جهاز تسجيل السيارة ..
و من إذ بصوت شيخ يبكي و يقول : يا معشر الطلبة لا يغرنكم ذكائكم و سرعة بديهتكم .. فأنتم لم و لن تنالوا المراتب العـُلى إلا بتوفيق الله أولاً ثم الأخذ بالأسباب ثانياً .. الله هو من وهبكم هذا الذكاء .. هو من خلقك كما أنت فلن تستطيع أن تستغني عن عونه و توفيقه لك .. لا تتعلى ولا تتكبر ..
كانت كلمات الشيخ بصوته الباكي المشفق على أمثالي كـ صفعة أفاقتني من بعد سباتٍ عميق .. كأنه يقصدني بكلامه .. كأني أنا من يكلمه و يوجه له حديثه هذا ..
.
.
أخذت أبكي بصمت و دموعي تتساقط على خديَّ كي لا يشعر أبي بما يلمُّ بي .. و ما أن وصلت البيت .. هرعت إلى غرفتي و أحكمت إغلاق الباب .. و رحت أبكي على ما فرطت في حق الله و حق نفسي ..
من أنا كي أثق بنفسي إلى هذا الحد ..!!!
من أنا لولا توفيقي بالله ..!!
من أنا لولاه .. !!
أدركت حينها .. كم كانت ثقة بنفسي تفوق ثقتي بالله فخسرت ذاك الامتحان الصغير .. و عرفت حينها .. أن ما حدث كان خير لي كي يكون درساً و عظة .. و علمت كم هو مهم أن أوازن بين ثقتي بالله و ثقتي بنفسي .. .
.
.
و في نفس العام .. و بعد هذا الموقف .. حصلت على أعلى الدرجات .. بفضل الله و توفيقه لي ..

بقلم : مليكة الطهر

ملاحظة : القصة هذه حقيقية حدثت لفتاة لكني صغتها بأسلوبي ..