[يمامة الوادي]

برنامج عمل متيسر ..!

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

نعم هو كذلك !

برنامج عمل ، لا يكلف جهدا كبيرا ، ولا عناء شديداً ، ولا مالاً كثيراً ،

لكن المطلوب :

شيء من همة ، شيء من عزيمة ، رغبة صادقة في الإقبال عليه ، والقيام به ..

وجميل بل ورائع إذا يسر الله لك إنساناً تتعاون معه على مثل هذا .

ومما يعينك على التشمير :

أن تتذكر أنها أعمال يسيرة هينة ، وأن الأجر عليها عظيم جداً ، وأن آثارها قد تكون أكبر وأبعد مما تتصور ، سواء في الدنيا أو في الآخرة ..!

والعجب أن هذا البرنامج يقدمه لك رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلمات معدودات ..!

أليس هو الذي أتاه الله جوامع الكلم ، برغم أميته صلى الله عليه وسلم ، وهذا من دلائل نبوته عليه أفضل الصلاة والسلام .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق " رواه مسلم

نعم ..

لا تحقرن من المعروف شيئا ، تستطيع أن تقدمه ، ولن تعجز إذا عزمت ..!!

فكم من هدية صغيرة متواضعة ، كان لها أثرها الكبير ، وصداها القوي على إنسان ..!!

كم من إنسان اهتدى بسبب كتاب أهدي إليه ، قرأه فاستنار قلبه بسببه !!

كم من إنسان اهتدى بسبب شريط ، أهدي إليه ، فأضاء طريقه كله.. !!

كم من إنسان اهتدى بسبب نصيحة ، قدمت إليه في أدب وحب ، فانتفع بها ، وتغير مسار حياته تماماً !!

كم من إنسان اهتدى بسبب أنه وجد من يأخذ بيده ، إلى حلقة في مسجد ، فأصغى ساعة ، وخرج من المسجد غير الذي دخل !!

كم من إنسان تعرض لأزمة في حياته ، فوجد من يعزيه ويسليه ، ويوصيه ويذكره ، ويقف إلى جانبه ، فكانت تلك الأزمة خير نعمة سيقت إليه !!

كم من إنسان رأى آخر يمشي تحت حر الشمس إلى المسجد ، أو يصلي في عرض طريق في يوم حار ، أو شديد البرودة ، فكان لهذا المشهد اثر السحر على قلبه فقلبه ..!

كم من إنسان زار مريضا ، فرأى في أروقة المستشفى ما هز قلبه ، وأنار بصيرته ، وأعاده إلى الله تعالى !!

كم من إنسان حضر وليمة عشاء أو غداء ، فكان لهذه الدعوة أثرها البالغ على حياته كلها !!

كم من إنسان شيع جنازة ، وحضر دفن ميت ، ورأى تلك الحفرة ، وما جرى فيها وعليها ، فما خرج من المقبرة إلا وقد غسل الله قلبه بما رآه !!

كم من إنسان أصغى لآيات من القرآن الكريم ، يتلوها قارئ حسن الصوت ، شجي النبرة ، فياض الروح ، فعلت بقلبه الأفاعيل ، وكان لها ما بعدها !!

كم من إنسان قدمت إليه معونة _ بسيطة بالنسبة للمعطي ، كبيرة بالنسبة للآخذ _ كان لها آثارها الكبيرة على حياة هذا الإنسان !!

كم من إنسان اهتدى بسبب صديق يتهلل له كلما رآه ، ويبتسم له كلما وقعت عينه عليه ، ويتطلق وجهه له في كل مرة يلتقي به ..فكان لهذا السلوك فعل السحر عليه !!

كم من إنسان اهتزت نفسه لسماع كلمات تشجيع من آخر ، فشرع يعيد صياغة شخصيته لتوافق ما قيل عنه ، وما يسمع من ثناء عليه ..!!

وهكذا نستطيع أن نسوق عشرات بل مئات ، من هذه المواقف التي تبدو بسيطة ، لا تكلف شيئا ، ومع هذا كان لها آثارها الكبيرة ، وصداها القوي ، على قلب إنسان ..

بل إن كل واحد منا يستطيع أن يسوق قصة _ أو قصصا _ يعرفها ، أو سمعها أو قرأها ، على كل نقطة من النقاط التي مر ذكرها وأمثالها ..

فلسنا نتحدث إذن من فراغ ، أو بكلام إنشائي ، بل حقائق ووقائع لا يكاد بيت من بيوت المسلمين إلا وفيه شاهد عليها ..!

بل نذهب إلى أبعد من هذا :

أن كل ما مر من صور ، يستطيع كل منا أن يقوم به في يسر ، وبلا مشقة !

ألا تستطيع أن تهدي كتابا ، أو نشرة ، أو شريطا ، أو نصيحة ، أو تأخذ بيد إنسان إلى حلقة علم وذكر ، أو تحبب إنساناً في الإصغاء لتلاوة خاشعة ، أو تبتسم في وجه آخر كلما رايته ، أو تدعو إنسانا ً إلى وليمة ، أو تقنع إنسانا لتزور معه مريضا ، أو تحضرا معاً جنازة ، وتقف به على حفرتها ..!

وهكذا ، وقس على هذا ما لم نذكره ..!!

والخلاصة التي نريد أن نصل إليها :

أن علينا أن نتذكر هذه القاعدة الرائعة ، التي صاغها رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلمات معدودة ، يحفظها الصغير والكبير ،

ويبقى أن نجهد لترجمتها عملاً في واقع الدنيا من حولنا ، لنكون رقماً له قيمته في كتاب هذه الحياة !

علينا إذن أن نتذكر دوماً هذا الحديث ونذكر الآخرين به :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق " رواه مسلم

وجاء في الحديث الآخر : رب درهم سبق ، مائة ألف درهم !!


**

ولكن قبل أن نطوي هذا الموضوع ونضع نقطة النهاية في آخره :

نذكر أنفسنا ، أنه أيضا بالمقابل عليك أن تتذكر :

أن لا تتهاون بصغائر الذنوب ، فرب صغيرة تهلك صاحبها !!

فهاهنا أمران نسير بهما على خطين متوازيين :

الأول : أن لا تحقرن شيئا من المعروف تقدمه لإنسان ، فرب عمل بسيط حقير في عينك يكون عظيما عند الله ، وتكون له آثار كبيرة على آخرين ..

الثاني : أن لا تتهاون في صغائر الذنوب ، فإن الصغيرة قد تتحول كبيرة ، بسبب الإصرار عليها ، وعدم مجاهدة النفس للخلاص منها ، والتوبة عنها ، والإلحاح على الله أن يخلصك منها ..

قال الشاعر :

خل الذنوب صغيـــرها ** وكبيـرها ، ذاك التقـى
واصنع كمـــاش فوق أر ** ض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقـــرن صغيــرة ** إن الجبـال من الحصى

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لطاعته ، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ..



= = =




كتبها بو عبدالرحمن