[سليمان المطرودي]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :


فإن الله أوجد الإنسان في هذا الكـون ووضع في فطرته الخير كما أن الرسل والكتب المنزلة كانت تريد من البشر أن يصلوا أنفسهم بخالقهم ليحققوا لأنفسهم الخير في قلوبهم وفي أنشطتهم إذ البشريـة ستكون بهذا مالكة للخير البناء إذ به يرتقي فكر الإنسان وعقله وأخلاقياته ومفاهيمه ومن ماسوى ذلك فهو الشر مهما حمل من صفات ذات رونق وجمال .


وإننا نسمع من الخير مثلاً (( الله أكبر )) وإنه لو سادت هذه الكلمة في حياة الناس وترددت في أوضاعهم لوجدنا نماذج بشريه ترقى على تخلف الأمم في كل صنوف الحياة .


ولتجرد البشر من كل مايسوؤهم إذهمهم موحد مرتبط بالله ,والإنسان فيه ذو وحدة في النفس والمجتمع والأمة .
ويدرك ذلك من وزن الخير بمقاييس ربانية وعقلانية مجردة من هوى النفس ونوازغ الشيطان .
وإنه عند تحكيمنا لغير ذلك فسنجد في النهاية الخسران إذ قد يكون الخير في مفهوم البعض هو في المال والمنصب والأولاد فقط وهنا سرعان مايكتشف الإنسان خطأه في ذلك .
(( ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه ))


وإن أخطر شيء في وجود الأمم عندما تنحرف إهتماماتها وفكرها وإصطلاحات الفهم لديها .


وقد يقتنع إنسان ما بخطأ في فكره أو تصرفاته ولكنه يرى الصعوبة تكمن في التغيير وهو الأمر الممكن على الدوام إذا ملك الإنسان اليقين والهمة العالية والعزيمة الصادقـة وقد يحدث هذا في القليل من الوقت كما هو في قصة سحرة فرعون وهي مابه يتبين المرء فاعلية الإيمان وأثره وأن لا سيطرة لأي من العوائق على ذلك .


وهو مابه ينبغي أن نعد حساباتنا في الأفكار والسلوك والنهج .


وإن إنساناً لاتتملكه مبادئ إلاهية وفكر واع وسلوك حميد وأخلاق فاضلة ونهج سديد لن تجد حرجاً بإدراك أن هذا وأمثاله ستتجهم أمامهم السبل وستضيق بهم الطرق وعليه نرى مؤلف كتاب (( الإنسان ذلك المجهول )) يقول قد رأيت _ بوصفي طبيباً _ كثيراً من المرضى فشلت العقاقير في علاجهم فلما رفع الطب يديه عجزاً وتسليماً تدخلت الصلاة فأبرأتهم من عللهم ))


ويقول أيضاً (( لن تجد أحداً ضرع إلى الله مرة إلا عادت عليه الضراعة بأحسن النتائج ))


وإن المسلم بحسه الإيماني وذوقه الوجداني وما يتمتع به من عمق في التفكير وصدق في المشاعر يرى حقائق كهذه من الأمور المسلم بها وإن اجتذبت البعض دواعي اللذات والشهوات .


وإنك حتى تجني الخير وتبعد عما سواه عليك بتقوية صلتك بالله لتحصل على الاطمئنان والسكينة والعزة والكرامة وليدافع عنك الرحمن (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ))


(( إن الله يدافع عن الذين آمنوا ))


وكذلك بمحبتك لله وموالاتك له تكون موحد السبيل والنهج حاصلا َعلى أمن الله وراحته (( ألا إن اولياء الله لاخوف عليهم ولا هم يحزنون ))


وما أحوج المخلوق للاتصال بخالقه وموجده ومبدعه فإنه لاغنى له عنه وإن تكبر وتكثر فهو جزء من الكون والمخلوقات عامة حيث الله وحده من يملك تصريف الأمور ومن يستحق اللوذ به والالتجاء إليه .


وإنك مالم تدرك قيمة التقوى والصبر وما لم تأخذ بهما في مجريات حياتك وتلتزم بهما في تحركاتك وسكناتك ستصبح على ضلال وقد تستيقظ على وبال وخسران .


وإن قيمة الإنسان ووزنه وربحه وخسارته كلها تتجلى بمقدار مايصله بالله ومايرتبط به من شرعه (( فبذلك فليفرحوا ))


وإن شريعة الله ومثله وقيمه يجب أن يستقي منها الإنسان أساليب عمله ونهج سلوكه ولا يعول على شيء غير هذا وإن رأى فيه إشراقا وبريقا .
إذ أن ماكان من الله فهو الأحق بالاتباع لأن فيه قوة الحق وسيطرة الجمال والجلال .
وإنك عندما تقوي صلتك بخالقك ستجعل من المكونات حولك خدما لك وستكون حاملاَ لمشعل الخير ولمناراته وهي مابه الأمن والأمان والسكينة والإطمئنان .



والعدل وإن عز عند كثير من الأمم فهو عند المسلمين دين وطبع وسؤدد به يتميزون وإن جار الخصوم وحقدوا فهو صفة متأصلة فيهم ومتجذرة لديهم .



وإنك لن تعدم عقلا أخاذاَ ونشاطاَ في التحركات ماصاحبك في حياتك نور الله وهديه والمثل والقيم التي حملها وحيه
وإنك في تعرفك على الحياة الإنسانية بأبعادها التاريخية ستجد أن للخير رصيداَ كبيراَ من دعوة الانبياء وكذلك للشر زواجر ونواه وهو مايعني أن الله سنَ سنناً ثابتة في تكوين البشر وسيرة حياتهم .



((وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق ))

وإن الإرادةالإنسانية محكومةعلى الدوام وفي كل الأحوال بالشرع المنزل والفطرة السليمة والعقل الرشيد وهي التي تجعل إختيارات الإنسان صادقة وموفقة يديرها ثقة بالله وتمسك بمنهجه ورضىً بقضائه وقدره .


والإنسان حينما يقوي صلته بالله فإن هذا يعني سماعاَ للفطرة الإيمانية وللوحي المنزل وما يبلغه الأنبياء والرسل وهذا يعني حياة متناسقة مع ما خلق الله وأوجده وحث على عمله وفعله والإحساس به فكراً وشعوراً وعملاً .


وإنه عندما يكون فكره ربانياً وكذلك مشاعره ووجدانه وتصرفاته فإنه لن يرد منه إلا مايوافق مراد ربه الذي لايرد به وبالإنسانية إلا الخير والصلاح . وهو مايعطيها به الحق العناية الإلاهية والحفظ الرباني .


وإن الخير على الدوام هو نتاج صلة بالله وتحر لما يرضيه وكل ما أسعد الأمة من صفات وقادها لعمل الصلاح هو من خير قاد إليه معرفة الله ومحبته ومحاولة السعي على مايريده .


هنـا تسعد البشرية وما لم يكن ذلك فالمصير هو الــضــياع والتـيه والضـلال لأنك إن خرجت على أوامر رب الكون ومراداته فلا تأمن مكره وعقابه .


(( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكـا ))


والحق أن الله يوفق الربانيين من العباد ويخذل من سواهم وكل منهم حقه ذلك


(( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ))


وصلى الله على نبينا محمد .

__________________
[(( سُبحان الله وبحمدهـ ,, سبحان الله العظِيـم ))
((رجـاء كـُل من ينقــِل كتاباتـِي ,, أن يذكر المصدر ,, نفع الله بنا وبكم الإسلام والمسلمين.