[عبد الله الصالح ,,]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
" إيفا " إمرأة أمريكية نصرانية في منتصف الخمسينات من العمر..
كنا نعمل سوياً في أحد المستشفيات الحكومية وكانت ( خائفة ) على حد قولها
من قدومها للعمل في السعودية ولاألومها طالما إعلامهم مستمر في إظهارنا
بصورة ( الإرهابيين ) !
ذات يوم وبعيداً عن أجواء العمل وفي دردشة جانبية حاولت أن أكتشفها أكثر
وأتضح لي من خلال حديثنا عن عائلتها والصور التذكارية التي أظهرتها من
محفظتها أن زوجها المتوفى كان أسود البشرة وبدأت تذرف الدموع على ذكراه
ليس لأنه مات بل ماصاحب حياتهما من ( ذكريات تعيسة ) بسبب الإضطهاد
والإحتقار الشديدين لكونها بيضاء وزوجها أسود!
&&&
إمتد النقاش فجأة إلى الدين الإسلامي وكيف أنه يحارب ( العنصرية )
وكيف أن الإسلام أذاب الفوراق ووحد الألوان تحت راية واحدة وجعل الناس
سواسية كأسنان المشط يؤذن لصلاتهم بلال بن رباح , فقالت إنها تعرف ذلك
جيداً وهذا ماجعل السود في أمريكا يعتنقون هذا الدين إبان ثورة السود في ستينيات
القرن الماضي ولعل أشهرهم قائد الثورة / مالكولم أكس والذي تم إغتياله نظير ذلك !
&&&
عندما هممنا بالإنصراف إعترفت / إيفا بأن قلبها رقٌ للإسلام بعد معايشتها
لواقع المسلمين وتريد أن تقرأ أكثر عن هذا الدين وطلبت مني أن أُحضر لها
القرآن الكريم فحققت لها رغبتها ..
وبعد أسبوعين جاءتني على إستحياء وقالت لي : لاأخفي عليك أني قد تراجعت
عن فكرة الخوض في تفاصيل الإسلام وربما إعتناقه وسألتها لماذا ؟ فقالت حين
بدأت أتصفح ( الفهرس ) لفت إنتباهي سورة إسمها ( the women ) وبما أني
حريصة على إقناع نفسي بأن الإسلام دين أكرم المرأة ونصرها فقد قررت أن أبدأ
بهذه السورة لعلي أقرأ فيها تكذيباً للتهم التي تقول بأن الإسلام إضطهد المرأة
وما إن بدأت حتى صُدمت بالآيات التي تحث على ( التعدد مروراً بجعل نصيب
الذكر مثل حظ الإنثيين إلى تعزيز قوامة الرجل على المرأة ..)
&&&
طلبت منها أن تعطيني موعداً بعد أسبوع حتى أرد على ما أشكل عليها من الآيات
وبدأت بالحديث وقلت أن تعدد الزوجات مقرون بشرط ( العدل ) بينهن :
" فإن خفتم أن لاتعدلوا فواحدة " ..
وحظ الذكر مثل حظ الأنثيين وهو من ( العدل ) فالمساوة تكون ظالمة لأن الإسلام
ألزم الرجل بواجب النفقة على الزوجة وعلى الأولاد وتأمين السكن ومصرفات
الأسرة لذا كان من العدل أن يكون هناك زيادة في نصيب الرجل ..
وبالنسبة لقوامة الرجل فهي من أكثر المفاهيم التي أُسي تفسيرها وتنفيذها فالقوامة
هنا ليست ( سيادة أو سلطة ) للرجل ليمحو بها شخصية المرأة بل هي القيام
بالحقوق والواجبات التي أسندها الله تعالى للرجل تكليفاً لاتشريفاً وبالمقابل فضٌل
الله بعضهم على بعض فلايوجد أفضلية مطلقة لجنس على آخر بل هو تكليف
رقابي من أجل قيام كل منهما بواجباته ..
&&&
شعرت أن / إيفا بدأت تغير رأيها وقالت لي أنها ستعود لتستكمل قراءة القرآن
لأن وجدت فيما قلته مثيراً للإهتمام فطلبت منها أن تركز على جميع الجوانب في
قراءتها حتى تتحرى العدالة وتتضح لها الصورة الكاملة ..
إنتهى عقد عملها في السعودية وسافرت ولاأدري عن أمرها شيئاً ..
ولكني سألت لها الهداية ولاأزال ..
&&&
من كتاب / أقوم قيلا ..
للكاتب / سلطان موسى الموسى ..