[يمامة الوادي]

جميلة تلك الذكريات..

تتنقل نفسي في تأمل تلك الذكريات الجميلة .. ويدور شريطها فى مخيلتي ..واجد نفسي غارق بين سجل تلك الذكريات واي منها أتأمل او استعرض .. واي منها يطول بها الوقت لا يتحرك فيها عصب التبديل والتغيير .. حتى لا أجد نفسي في نفسي وكأنني في واقع وعالم آخر .. أتذكر تلك المواقف وكأنني فى غيبوبة عن واقعي وحاضري ..

واقع أعاني فيه بين ذكرى جميل غائب .. وحاضرٌ أبحث فيه عن جمال الوقت فى بحرٍ بلا قارب ..

غائبٌ وحاضر..!! في زمن كم سعدت فيه بلقيا أحباب وأصدقاء مرو على قلبي ونفسي واوجدوا بصمة جميلة لا تمسحها وقائع الأماكن او الأشخاص او الأزمان .

فساعة ارفع عيني للسماء كأنني انظر الى بيت صديقي وحبيبي الذي طرأ على بالى والصور الجميلة تدور بسرعة .. او أتذكر ذاك الموقف او تلك الكلمة التى ضحكنا فيها سويا .. او أتذكر ذلك الوفاء الذي كان يعمرنا فتحس وبدون مقدمات اهتزاز قلبك ودمعات ساخنات ..

وبعد الدموع ومن عميق الأخوة والمحبة تجد نفسك تلقائيا تدعو له فى نفسك بظهر الغيب " اللهم بارك له فى أهله وماله وولده واجمعنا به على خير " .

جميلة تلك الذكريات .. التى يكون فيها " النقاء والصفاء " أرضاً خضراء تتجول فيها وتترجم كلماتنا وسكناتنا وحركاتنا الي معاني يحبها الله ورسوله .. وهذا أصل الصدق مع النفس .. وسمو الأخوة والمحبة فى الله ..

جميلة تلك الذكريات التى تأسست " على الله وفي الله " لا تشوبها شائبة .. ولا تكدرها مصلحة .. ولا موقوفة على شهوة ان قضيت زالت وبارت ..

المحبة والأخوة فى الله .. دائمة الاتصال .. ولا يغيبها انفصال .. لها رنين نفسي يدق على صفحات الوجدان بالأمل والشوق والحنان والامتنان ..

لها رنين فى النفس تنبهني عن تلك الذكريات الجميلة الحلوة التي أعيش فى لحظات خيالها كأني أطير فى سمائها أعانق الغيوم وأسبح بين زخات المطر وتنوع الصور التى أحس بها بالشفاء والعافية والحيوية فى ظلال واقع شدة الوقت والألم بين دهاليز الحياة ..

جميلة تلك الذكريات .. التي أشبهها ببستان مليء بالزهور والورود الفواحة التي يجذبني شذاها الى شمها واخذ نفس عميق يجعلني أعانق الذكرى فى عمق كنين الذكريات ..

وما هي الا ثواني وإذا بشذى ذكرى عطرة تستدعيني لشمها والنظر إلى تقاسيمها الجميلة وتعود الذكرى لتلك الأيام فيهتز القلب مرة أخرى ويزداد الأنين ..

جميلة تلك الذكريات .. التى تتمنى عند مرور عبيرها ان يتوقف الوقت وتبقى مدراها لا تود الخروج منه .. لان مغادرتها تفتح بوابة الألم والتحنان واجد نفسي تائها فى بحر الذكريات ..

وبرغم ما يتولد من الألم عند صحوتك من تلك الذكريات والأسى وشدة المعاناة وتعاهد نفسك على عدم تذكرها .. إلا ان القلب يعود بك إلى ذكراها لأنها ذكريات لا تُنسى .. ذكريات أسست على الله وفى الله .. وعلى أرضية الصفاء والنقاء والمحبة فى الله .. تجعل فى القلب لذة تلامس شغافه لا يعرف حلاوتها الا من صدق فيها .. ويشتاق الى عودة ذلك التلذذ الايمانى لمعاني الحُب الحقيقية داخل الوجدان القلبي .

جميلة تلك الذكريات .. التى عندما تعود اليها تتذكر ذلك الحديث النبوي الذي يرويه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:

قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن من الناس أناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم النبيون والشهداء بمكانهم من الله عز وجل ، قالوا: من هم يا رسول الله ؟

قال: هم قوم تحابوا في ذات الله ، على غير أرحام بينهم ، ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس ، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم قوله تعالى:

أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ.

هذه الذكريات الجميلة التي تعبر عن المحبة الإيمانية الأخوية .. هي أدوم المتعلقات القلبية التى تسافر معنا على مَرّ الأوقات والأزمان ..

فإن أهل " الحب في الله " متعلقين ببعض في عمق وجدانهم لا يفارقون أحبتهم وان تفرقت الأجساد منذ عشرات السنين .. وإن حالت بينهم الأقدار .

وما زالت تلك الذكريات الجميلة على المحبة فى الله لا تزيد ذكراهم فى القلب إلا ثباتاً ورسوخاً وجمالاً ودعاءً خالصا فى ظهر الغيب.

فهل يا إخواني وأخواتي كانت أخوتكم ومحبتكم لله ؟؟

هل صدقتم في تلك المعاني العلوية السماوية الربانية ؟؟

هل اتصلت الأرواح بعد فراق الأجساد بتلك الذكريات الجميلة ؟؟

وقد قالوا أهل المعرفة والحكمة فى تعريف " الصديق "

الصديق من يقدم لك أجمل عطائات قلبه ، دون أن يجبرك على تقديم تنازلات بشموخك أو عزتك .


قلـيـل بــيـن هـالـنـاس مـــن يـحـب لـلـه ** ودود لـــك ويـلـقـى الـخـيـر بـــك كـافـي

بــعـيـد عــــن مــصـالـح مــالـهـا آخـــر ** ولا تـهـمـه الـمـظـاهر هــمـه الأخــــلاق

كل يجيب نفسه .. ( واعلموا إنَّ ما كان لله دام واتصل .. وما كان لغيره انقطع وانفصل ) .

والحمد لله كتبه / ابو عبد الرحمن الطيب

تخير لك صديق بين هالناس
يـقـولـون الـصـديـق الـمـخـلص الــوافـي ** مــثـل أغــلـى الـغـوالـي وفـيـها يـنـقاسي
رفــيـق صـــادق لا مـــا عـلـيـه خــلاف ** وصــافـي فـــي الـنـوايـا وقـلـبه حـسـاسِ
إذا شــاف الـخـطى يـنصح عـلى الـزينه ** وفـــي درب الأخـــوة يـبـقى لــو مـاسـي
يــنــور لــــك طــريــق خــيــر صــالـح ** طــريـق الــنـور يــهـدي كـــل هـالـنـاسِ
مـنـو حـاسـبك وخـصـك مــن اخــو دنـيا ** يــعـيـن بــوقــت ضـيـقـة يـــوم مـحـتـاجِ
تــخـيـر لــــك صــديـق بــيـن هـالـنـاس ** أصــيــل طــيــب بــالـنـاس وأجــــوادي
ترى صعبة في هالوقت تلقى لك صاحب ** يـصـون الـعـشرة شــاري مــا هـو بـياعِ
قـلـيـل بــيـن هـالـنـاس مـــن يـحـب لـلـه ** ودود لـــك ويـلـقـى الـخـيـر بـــك كـافـي
بــعـيـد عــــن مــصـالـح مــالـهـا آخـــر ** ولا تـهـمـه الـمـظــاهر هــمـه الأخـــلاقِ

من اطلاعاتي