[يمامة الوادي]

و لعلّهُ يندمل !!
قديما قالوا :



لا تشكُ للناس جرحاً أنت صاحبه *** لا يؤلم الجرح إلا من به ألم



تعودت الوقوف على أطلال بعض ما هو "قديم" .. لكن .. وقوفي عند عتبات هذا البيت "القديم" كان لسبب غير أنه "قديم" !!





لعلي اكتشفته في نفسي قبل أن أقرأه .. ورأيته في عيون و ملامح من هم أمامي ..
ما أقسى أن ترى جراح أحبتك "تتكلم" "بصمت" !!
ترسم خريطة الحزن .. "ربما بسببك" .. على "وجوههم" أو ربما "ألسنتهم الصامته" !!
و قلوبهم التي يسمعها نبضها فقط وتنطق بلغة "الجراح" .. التي لا يدركها الكثير .. وهي تقول راجية بعض الصبر : "لا يؤلم الجرح إلا من به ألم !!"
نعم .. لا يؤلم الجرح إلا من به إلم .. خاصة إن كان جرح من نوع آخر .. !!!

من منا لم يجرح في حياته ؟؟!! ..
كلنا يعرف "الجرح" و "لون ما يخلف الجرح" و "ألم ذاك الجرح" و "أثر الجرح" ... وربما منا من يعرف أيضا "مكانته في قلوب أحبته حين يجرح!!" ..

لكن .. أتراني أصف صورة جرح "بأداة حادة" .. وبعض "الدماء الحمراء" .. و "بعض أثر" !!

أليس من الجراح ما هو أشد إيلاماً من تلك التي تخلّفُ على جسم أحدنا !!؟؟
جراح .. لا "توصف" !!؟؟
تلك الجراح التي لا يعلم بوجودها في أحضان صدرك إلا "قلة" ..
تلك التي تحاول إخفاءها عمن تحب .. أو ربما تحاول "جاهدا" أن تظهرها و تحسسه بها !! ..
تلك .. التي تراها في عيون المقهورين ... خاصة إن كانوا من ذوي الكبرياء و الكرامة !! ممن لا يقبلون الشكوى لأحد غير الله .. و لا الذلة لأحد سواه عز وجل ..
كم لجراح أولئك في القلب أثر !!
لأنهم رغم كل محاولاتهم .. تخونهم "أعينهم" و "ابتسامتهم" و "معالم وجوههم" .. كلها "تصرخ" "بصمت قاتل" بآهاتهم .. و بمدى "صبرهم" و "قهرهم" .. !!

تجارب السنين تجعلني أخرج بقناعة تقول أن "في الجراح مذلة" ..
خاصة إن كان الجرح بسبب من تحب !!
تحتار حينها في "جرحِك" الذي صار رغماً عنك "جرحُك" !!
أ"تخفيه" عن هذا الذي تربع على عرش قلبك .. فينساه غير آبه به و لربما غير عالم بأنه سببه لك !! .. و في هذه الحال .. لا حق لك في عتابه إن فعلها مرة أخرى و جرحك الجرح ذاته !!

أم "تظهره" فتكون قسوة منك عليه .. وربما لن تجد في إظهاره دواء لمعالجته فيزيد همك همان و جرحك اثنان !!!! و هنا إن عاد أخوك لجرحك بمثل هذا الجرح فستصبح غلطته غلطتان .. وعمق جرحك سيزداد و يزداد .. و لن يؤلِمَ جرحُكَ غيرُك !!

أم ماذا !!!!!!!!!
أهو حل أن تبتعد فلا ترى هذا الذي جرحك و تبقى أنت تتيه في آلامك .. لوحدك !!

لا أرى كثيرا من الحلول أمامي !! .. ربما لانعدامها .. و ربما لقصر نظر مني .. وربما .. ربما .. كان هذا من تأثير جرح ما صار يحرك قلمي بدلا عني .. و المعنى عندها في بطن "القلم" !!!!!!!!

بعيدا عن مسببات الجراح ..
هناك ما هو أهم بكثير للوصول لحل لمعالجة هذه الجراح ..








إنه نوع الجرح و بيئته .. !!





فمن الجراح ما يندمل في يومه ..
ومنها ما يندمل ببطء ..
ومنها ما يندمل دون أن يترك أثرا بعد اندماله ..
و آخر يبقى أثره سنينا و سنين ..
منها الغائر .. ومنها السطحي ..
ومنها القاتل ..
اختلاف الجراح في النوع ليس بالشئ الغريب .. فعمق الجرح و سرعة معالجته هما الأساس لتكوين هذه النوعية .. إضافة عليهما مدى تقبل "المجروح" لهذا الجرح ومدى رغبته في شفائه .. و درجة إعانة بيئته له ..

فيا أيها " المجروح" أو " الجريح"
كان الله في عونك .. و شفى الله جرحك .. و خفف ألمك ..

و يا أيها "الجارح"
انظر و تأمل أي جرح سببته لأخيك بقسوتك .. و تمنى .. أن يكون مما يندمل .. و دون أن يترك أثرا !!
انظر .. كم آلمته ..و حاول أن تدرك جرحه بالعلاج .. فكلما تأخرت زاد التهابه ..
و لرب جرح اندمل وبقي ألمه في القلب .. يذكره صاحبه .. و صاحبه فقط ..

و لا تنتظر منه حينها شكوى لك ... فلعله يعلم جيدا .. و عن تجربة معك .. أنه "لا يؤلم الجرح إلا من به ألم" !!!!!
نبضة في صدر هذا الكون