[يمامة الوادي]

زوجة وعالمة لم أر مثلها
تمر على الإنسان لحظات في حياته لا ينساها أبدا ، ومنها تلك اللحظات التي تعرّفت فيها على امرأة لفتت نظري في جوانب كثيرة من حياتها وربما لا يوجد في العالم مثلها ، وأكاد أجزم أنها فريدة من نوعها تصلح لأن تكون قدوة للرجال والنساء.



تعرفت عليها منذ شهر وتحدثت معها ثلاثة ساعات متواصلة بلا انقطاع، ولولا الحياء لتمنيت أن أستمر معها في الحديث، إنها امرأة (مصرية) وبالتحديد من (الاسكندرية) وتعلّم الرجال والنساء يومياً من الساعة الثامنة صباحا وحتى الثامنة مساء يتخللها بعض اللحظات للراحة، ويسافر من أجلها الرجال والنساء يقصدون بيتها ليتعلموا على يديها، رأيتها فرأيت النور في وجهها.
وعنـدما سألتهــا عن ذلــك قالت : هذا ببركــة القــرآن يابنـي.
عمرها بلغ السبعين عاماً وهي ضريرة ، وتعلم الكبار والصغار القرآن الكريم حفظاً وتلاوة وتجويدا ، والذي يميزّها أنها تعطي (إجازة) بالسند الى النبي - [ - للقراءات السبعة كما وإنها متمكنة من القراءات الشاذة ومن تلاميذها الشيخ (نعينع ) شيخ القراء في مصر (ومحمد فريد) شيخ القراء في الاسكندرية ، ولديها قصة طريفة مع الشيخ (محمد فريد) - حيث كان طالباً عندها يدرس على يديها القرآن لمدة خمس سنوات ، فأخذ منها الاجازة للقراءات السبع ، ثم طلب يدها للزواج فقبلت به وكان ضريراً ، فسألتها مداعباً : وكيف عشت معه في بيت الزوجية وكلاكما ضرير ؟ قالت : والله عشنا بسعادة فكنت أطبخ وأكنس وأغسل الملابس وأعلم الطلبة ، وهو كذلك يعلّم الطلبة القراءات للقرآن الكريم إلى أن توفي منذ ست سنوات - رحمه الله.إنها ( أم السعد ) حفظها الله - نموذج للمرأة العالمة والتي تخدم مجتمعها وتعلم الناس ، كما أنها نموذج للزوجة الصالحة والوفية لزوجها.أعطت إجازات بالمئات وعلّمت ودرّست وترى في بيتها الطلبة يتوافدون إليها، فالأول من تشــاد، والثاني من الجـزائر، والثالث من مصــر، والرابع من السعوديـة، والخامس من ماليزيا، وتخصص لكل شخص ساعة واحـــدة للتعليــم ثم يعود إليها في اليوم الثاني، من يجلس معهــا يشــعر بالراحة النفسية ومن ينظر إليهــا يجد بركة القــرآن ونوره، ومن يستمع لحديثها البسيط والمرح يأنس بالاستماع لخواطرها وقـوة إيمانهــا.
نحتاج اليوم إلى نشر نموذج (أم السعد) العالمة و ( أم السعد) الزوجة ، ونتمنى أن يكون لدينـــا (أم السعد) في العلوم الأخرى في السنة والعقيدة والتاريخ والهندسة والتكنولوجيا حتى يرفع المسلمون رأسهم بأمثال هذه المرأة التي ذكرتنا بأم المؤمنــين عائشة - رضي الله عنها - والسيدة نفيسة ، وبنت سعيد بن المسيب، وبنت الإمــام مالك.

المطوع