[آزاده]

عندما يحب الانسان اي شيء بشكل عام, واعتاد عليه ثم ابتعد عنه هذا الشيء بأي حال من الاحوال ,فانه سيشعر ان هناك شيئا ما ينقصه,فجوة لايمكن سدادها .
فكيف تكون آثار انقطاع علاقة انسانية عليه ؟
الانسان خلال رحلته في الحياة يمر في محطات عديدة ,في كل محطة يرى الكثير من الوجوه منها مايمر مرور الكرام ومنها ماتحفر عميقاً في القلب .
.
.
(البعيد عن العين بعيد عن القلب)
هذه المقولة التي يكررها الكثيرهل هي صحيحة حقاً ؟!
.
.
أعتقد ان المقولة بالإمكان أن تكون شاملة بكل ما نستطيع ان ندركه بحواسنا ,النظر - السمع - اللمس- الشم ,فعندما يبتعد عنا الحبيب ولا نجد أي شيء قريب منه لتلك الحواس ,فهل سيؤدي الى أن (البعيد عن "الحواس " بعيد عن القلب)؟
.
.
حبيبنا خاتم الأنبياء وسيد الخلق أجمعين محمد صلى الله عليه وآله وسلم ,أحببناه ولم نراه ,نقرأ سيرته العطرة وأحاديثه الشريفة وصفاته ووووو ,من أفواه أهل بيته وصحابته .أحداث ودُرر تحولت من مشافهة ومباشرة الى نص مكتوب بقي على مر الأزمان اعتقادات راسخة في أذهاننا ,وهذا هو الاختلاف بين من عاصر الرسول وبين من قرأ سيرته وكلامه وسمع صوته صلى الله عليه وآله .
من عاصر الرسول سمع صوته صلى الله عليه وآله وهو يتكلم , ولاشك ان وضوح المعنى والتأثر بالصوت أكثر من قراءة النص .هناك اشارات ذات دلالة كتقطيع الصوت /مد الحروف عند إلقاء الكلام , بالاضافة الى حاسة الاتصال بين المتكلم والمستقبل تعتمد على الأذن والعين بل و(شم رائحته العطرة) ووحدة الزمن والمكان . جميع ذلك يرسم في الطرف السامع/المتلقي شعوراً بالإنجذاب والاستماع فيتحقق التأثر المباشر..!
اما قراءة النص فقط فانه يفقد حاسة الاتصال السمعي والعيني بل وحركات اليدين والرأس والتأثير البالغ من نظرات عينيه وسكناته صلى الله عليه وآله ,والتي لها دلالات معينة وايحاءات لطيفة جداً تدخل وتتوغل في الروح برفق بالغ !
.
.
الفاصل الزمني بين الإرسال والإستقبال !
بهذا تصبح مهمة القاريء أصعب ,والتعامل مع النص ليس بالمهمة السهلة .
.
.
نحن لم نراه لنقول افترقنا عنه بل عرفناه وأحببناه -فضلا من الله والحمد له- ولم نلتقي به . نعم ,لايوجد هناك فرصة ليبتعد الحبيب محمد المصطفى صلى الله عليه وآله عن قلوبنا , لأننا نحيي ذكراه وسيرته العطرة دائماً ونزرعها في نفوسنا.دائما لدينا مايغذي ويديم هذا الحب والا فان فتيلة هذا الحب ستنطفيء وسنسوغ لأنفسنا مالايحبه ولايرضيه !
.
.
ولكن
هل قلوبنا كقلب من رآه وسُحر ببلاغته ومنطقه وذاب في جمال نوره البهيّ وابتسامته..!
آه من تلك الابتسامة التي من رآها عرف وفهم ماهي الابتسامة الحقيقية ؟ !!!
طوبى لهم !
فالقلوب أوعية كل يأخذ بمقدار سعته وحاجته , وذلك باختلاف القدرات العلمية والايمانية وكم نحن نتوق ونحتاج ولو لشمّة واحدة فقط من أريجه العطر !
اللهم اجعلنا في جوار نبيك وحبيبك نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله في جنانكِ , ياأرحم الراحمين .
.
.
تقديري