[يمامة الوادي]

محتارة بين خاطبين
أ. شريفة السديري


السؤال
تقَدَّم لخطبتي خاطب متزوِّج ولديه أطفال، وفي نفس الوقت تقدَّم لخطبتي آخر، وهو شابٌّ لَم يسبقْ له الزواج، لكني أحبُّ المتزوِّج، وهو يحبُّني.

المشكلةُ أن أهلي - وأنا خاصة - يعرفون زوجتَه، وأخاف رفْضَ أهلي؛ خوفًا مِن كلام الناس، فأرجو أن تشيروا عليَّ.
الجواب
أهلاً بكِ عزيزتي.
قرار الزواج قرارٌ صعب ومحيِّرٌ، قرار مَصيري، يُحَدِّد حياتنا القادمة وعمرنا بأكمله، وكل أنثى لها وضعُها وظروفُها التي تحتِّم عليها أن تقبلَ هذا دون ذاك، أو تتنازَل عن هذا الأمر لكي تحصل على الآخر!

الزواج مِن رجلٍ مُتزوجٌ قرارٌ أصعب مِن قرار الزواج من رجل لَم يسبق له الزواج، فأنتِ في تلك الحالة لن ترتبطي برجلٍ فقط، ولكنك سترتبطين بالرجل وزوجته وأطفاله!

الزواجُ الثاني ليس مُرحَّبًا به دائمًا، والزوجةُ الثانية غالبًا ما تكون في مَوْضِع اتهامٍ وكُرهٍ من الزوجة الأولى وأهلها، ورغم هذا فإنَّ الله سبحانه شرَعه ليكفلَ الحق الطبيعي الشرعي للرجال والنساء في الزواج، وإشباع الحاجات الجسَدية والعاطفية وإنجاب الأطفال.

هناك ظروفٌ تحتِّم على الفتاة أن تكونَ زوجةً ثانية؛ كأن تكون تخطَّت الثلاثينيات، أو تكون مُطلَّقة، أو أرملة وأمًّا لأطفال، وهناك صغيرات في العشرين، ولكن يقْبَلْن الزواج مِن متزَوِّج؛ لشُحِّ الخطَّاب، أو لِوُجود عَيْبٍ خِلْقي، أو لكونها غير جميلة، أو لغيرها من الأسباب.

ولننظر للأمر في حالتك: أنت في مقتبل العمر، ومحتارة بين خاطبَيْن، الأول: متزوِّج، وبينكما حبٌّ مُتبادَلٌ، والثاني: شابٌّ لَم يسبق له الزواج.

لننظر إلى الخاطب الأول، واسمحي لي أن أسألكِ:
- ما هي تفاصيل هذا الحب؟

- إذا كان يحبُّك، فلِمَ لَم يخطبكِ قبلَ أن يتزوَّج؟

- هل عُمرُه مُناسبٌ لعمرك؟ فيبدو أنه كبير؛ حيث إنَّه أبٌ لأطفال!

الزواج يا عزيزتي لا يُبنى على الحبِّ فقط؛ لأنَّ المشاعر كلها - ومن بينها الحبُّ - تتبدَّل وتتغيَّر، فإذا كان اليوم يحبك فربما يتغَيَّر غدًا، وربما يؤثِّر عليه غضبُ زوجته وحزنها، ويشعر أنكِ سببٌ في المشاكل بينه وبين زوجته أمِّ أطفاله، فيؤثِّر هذا الأمر عليه.

الزواجُ مِن متَزَوِّج أمرٌ شائك، ويحتاج لحكمةٍ وصبْرٍ وتعقُّلٍ، لذا أعيدي التفكير مرارًا، واحسبي كل النتائج المتوَقَّعة مِن هذا الزواج، والعقبات التي قد تكون أمامك، واحسبي مدى قدرتك على تحمُّلها.



أمَّا الخاطبُ الآخر، فهو شابٌّ لَم يسبق له الزواج، وبما أنكِ لم تذكري أيَّ مُواصفات أخرى عنه، سأقول لكِ: أعيدي النظرَ فيه مرة أخرى؛ لأنَّه سيكون زواجًا يحمل لكِ قدرًا أقل مِن المشاكل مُقارنة بالآخر، ادرسي مُواصفاته وطِباعه وأخلاقه، وقارنيها بالمواصفات التي ترغبين وجودها في زوجك، واحسبي بنسبة كم في المائة تُناسبك هذه المواصفات والطباع، وتُناسب شخصيتك وطبيعتك.

استخيري الله كثيرًا، وإنْ شعرتِ بنوعٍ من الارتياح والقبول المبدئي، حدِّدوا موعدًا للرؤية الشرعية، وانظري بعدها بما تشعرين، فإذا زادتْ نسبة ارتياحك له فهو أمرٌ جيد، وإن شعرتِ بالعكس فهو مُؤشِّر يجعلك تُعيدين التفكير، وهكذا يسهل عليكِ اتخاذ القرار.

أقول لكِ في النهاية: إنَّ الحُبَّ يا عزيزتي أمرٌ جميلٌ وساحر، ولكنه ليس الأساس دائمًا، فأحيانًا نحب أمورًا لكنها عن قرب نجدها مختلفة تمامًا؛ مثل: القمر، فإننا نراه مِن بعيدٍ له سحرٌ وهالة فضية تأسرنا، ولكنه في الحقيقة قاحل، مليء بالحُفَر، مقفر، خالٍ من الحياة!

وربما كان الحبُّ الذي ينتظرك مع زوجك في المستقبل أحلى وأجمل مِن أي حبٍّ آخر تخيلتِه وحلمتِ به؛ لأنَّ أمورًا أخرى كثيرة بالإضافة للحب تجمعكما وتُقَرِّب بينكما، وتجعل حياتكما معًا مُشرِقة، مُتَجَدِّدة متألقة، ومليئة بالحب الذي يخصك وحدكِ، دون أن تشارككِ فيه امرأة أخرى.

أدعو الله أن يختارَ لكِ ما فيه الخير والسعادة