[ام ادريس]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد : فهذا مبحث مختصر في ترجمة القراء السبعة ورواتهم
ولقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ["أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة احرف " رواه البخاري ومسلم , وعن ابي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار فأتاه جبريل عليه السلام فقال : إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على حرف فقال :"أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لاتطيق ذلك " ثم أتاه الثانية فقال :إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على حرفين , فقال :"أسأل الله معافاته ومغفرته وإن امتي لاتطيق ذلك " ثم جاء الثالثة فقال : إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على ثلاثة أحرف , فقال : "أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لاتطيق ذلك " ثم جاء الرابعة فقال : "إن الله يأمرك أ ن تقريء أمتك القرآن على سبعة أحرف ,فأيما حرف قرؤا عليه فقد أصابوا,]رواه مسلم , الأضاة :مستنقع ماء ينسب لبني غفار.
وعن ابي بن كعب رضي الله عنه قال :لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال :"ياجبريل إني بعثت إلى أمة أميين فيهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرء كتابأً قط " قال : يامحمد إن هذا القآن أنزل على سبعة أحرف " رواه الترمذي وقال :حديث حسن صحيح .
وقد إختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة اختلافا كثيرا وذهبوا فيه مذاهب شتى والذي رُجح من بين هذه المذاهب مذهب الإمام أبي الفضل الرازي , وهو أن المراد بهذه الأحرف : الأوجه التي يقع بها التغاير والإختلاف .
والأوجه التي يقع بها هذا التغاير والإختلاف لا تخرج عن سبعة :
الأول : اختلاف الأسماء في الإفراد والتثنية والجمع , نحو قوله تعالى في سورة البقرة "وعالى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين"قُريء لفظ مسكين بالإفراد وبالجمع "مساكين "
واختلاف الأسماء في التذكير والتأنيث ,في سورة الانفال قوله تعالى (وإن يكن منكم ماْئة )بياء التذكير وتاء التأنيث "تكن "
الثاني :اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر , نحو قوله تعالى في سورة البقرة (ومن تَطَوعَ خيراً) على انه فعل ماض وقريء"يَطَّوع "بياء مفتوحة وبعدها طاء مشددة مع جزم العين على أنه فعل مضارع , وكذلك قوله تعالى في سورة الأنبياء (قال ربي يعلم القول ) قُريء" قل " على أنه فعل أمر
الثالث : اختلاف وجوه الأعراب , نحو قوله تعالى في سورة النور (يُسبِح له فيها بالغدو والأصال ) قريء يُسبَحُ بكسر الباء وفتحها على البناء للمعلوم.
الرابع:الإختلاف بالزيادة والنقص, كقوله تعالى بآل عمران (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ) قريء بإثبات الواو قبل السين وقريء بحذفها
الخامس : الإختلاف بالتقديم والتأخير .كقوله تعالى ( وقَاتلوا وقُتلوا )قريء بتقديم (وقاتلوا )وتأخير وقتلوا وقريء بتقديم قتلوا وتأخير وقاتلوا
السادس :الإختلاف بالإبدال ,أي جعل حرف مكان آخر , كقوله تعالى في سورة يونس (هناك تبلوا )قريء تبلو بتاء مفتوحة قبلها ساكنة وقريءوقريء بتاءين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة
السابع :الإختلاف في اللهجات : كالفتح والإمالة والإظهار والإدغام والتسهيل والتحقيق والتفخيم والترقيق وهكذا ويدخل في هذا النوع الكلمات التي اختلفت فيها لغة القبائل وتباينت ألسنتهم في النطق نحو خُطُوات , بُيُوت , يعزُب , يقنُط .
أما الحكمة في إنزال القرآن على هذه الأوجه المختلفة فهي :أن العرب الذي نزل القرآن بلغتهم ,ألسنتهم مختلفة , ولهجاتهم متبانية , ويتعذر على الواحد منهم أن ينتقل من لهجته التي درج عليها ومرن لسانه على التخاطب بها فصارت هذه اللهجة طبيعية من طبائعة وسجية من سجاياه واختلطت بلحمه ودمه بحيث لا يمكن التغاضي عنها ولا العدول غلى غيرها ولو بطريق التعليم والعلاج خصوصا الشيخ الكبير والمرأة العجوز والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرء كتابا قط كما في جديث الترمذي الآنف الذكر .فلو كلفهم الله تعالى بمخالفة لهجاتهم والعدول عنها لشق ذلك عليهم ولكان ذلك من قبيل التكليف بما لايدخل تحت الطاقة فاقتضت رحمة الله بهذه الامة أن يخفف عليها وان ييسر لها حفظ كتابها وتلاوة دستورها كما يسر لها امر دينها وان بحقق امنية رسولها حين اتاه جبريل فقال له :إن الله يامرك ان تقريء أمتك القرآن على حرف فقال :"أسأل الله معافاته ومغفرته فإن أمتي لا تطيق ذلك "ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرددفي المساله ويلحف في الرجاء حتى أذن له أن يقريء امته القرآن على سبهة أحرف فكان صلى الله عليه وسلم يقريء كل قبيلة بما يوافق لغتها ويلائم لسانها.
أما عن قراءات الأئمة السبعة وصلتها بالأحرف السبعة :فيرى بعض الناس أن قراءة أي قاريء القرآن من القراء السبعة هي أحد الاحرف المذكورة في الحديث فيزعمون أن قراءة نافع هي حرف وقراءة ابن كثير هي حرف وهكذا قراءات باقي القراء السبعة وهذا الرأي بعيد عن الصواب ومخالف للإجماع لأسباب متعددة أهمها :أن الأحرف السبعة نزلت في أول الأمر للتيسير على الأمة ثم نسخ الكثير منها بالعرضة الأخيرة مما حدا إلى بالخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى كتابة المصاحف التي بعث بها إلى الأمصار وأحرق ماعداها من المصاحف .
والصواب :ان قراءة الأئمة السبعة بل العشرة التي يقرء بها الناس اليوم هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن وورد فيها الحديث "أنزل القرآن على سبعة أحرف "وهذه القراءات العشر جميعها موافقة لخط المصحف العثماني التي بعث بها بعد ان اجمع الصحابة عليها وعلى إطراح كل مايخالفها.
قال ناظم الشاطبية :
جَزَى اللهُ بِالخيراتِ عنا أئمةً ***لنا نقلوا القرآنَ عذبا وَسلَسَلا
فِمنهم بُدوٌر سبعةٌ قد توسطت ***سماء العلا والعد زهراوكملا
لهاشهب عنها استنارت فنورت***سواد الدجى حتى تفرق وانجلى
وسوف تراهم واحدا بعد واحد ***مع اثنين من أصحابه متمثلا
تخيرهم نقادهم كل بارع*** ********وليس على قرآنه متآكل
فأما الكريم السر في الطيب *****نافع فذاك الذي اختار المدينة منزلا
وقالون عيسى ثم عثمان ورشهم *****بصحبته المجد الرفيع تأثل
الأول : نافع (70-169)وهو ابن عبد الرحمن بن أبي نعيم وكنيته أبورويم أسود اللون إصفهاني الأصل كان عالما بوجوه القرءآت والعربية ,وهو إمام دار الهجرة في القراءة بعد أبي جعفر , وكان إذاتكلم يشم من فيه رائحة المسك فقيل له : أتطيب كلما جلست للإقراء فقال : لاأمس طيبا , ولكني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأفي فيّ.فمن ذلك الوقت توجد هذه الرائحة
وراوياه قالون وورش .فأما قالون : (120-220ه)فهو عيسى بن مينا ,ويكنى أباموسى ولقًّبه شيخه بقالون لجودة قراءته ,فإن قالون بالرومية "جيد"وكان أصم لايسمع البوق وإذاقريء عليه القرءان سمعه .
[/ وأما ورش (110-197ه )أبوسعيد عثمان المصري ولقبه شيخه نافع بورش لشدة بياضه ولد بمصر ثم رحل إلى نافع بالمدينة فقرأعليه عدة ختمات ثم رجع مصر وأقرأ الناس مدة طويلة .
ومكة عبد الله فيها مقامه ****هو ابن كثير كاثر العلوم معتلى
روى أحمد البزي له ومحمد****على سند وهو الملقب قنبلا
الثاني : عبد الله بن كثير بن عبد المطلب القرشي (45-120), ويكنى أبامعبد إمام اهل مكة في القراءة , ولق بها من الصحابة أباأيوب الأنصاري وانس بن مالك وغيرهما من التابعين وأخذ القراءة عرضا عن عبد الله بن السائب وغيره كان فصيحا بليغا مفوها عليه السكينة والوقار روى عنه أحمد البزي وقنبل بسند.
فأما البزي (170-250):فهو أحمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة ,والبزة الشدة,أستاذ ضابط محقق مقريء مكة ومؤذن المسجد الحرام انتهت إليه مشيخة الإقراء بمكة .
] وأما قنبل (195-291ه): فهو محمد بن عبد الرحمن بن خالد المكي الملقب بقنبل انتهت إليه مشيخة الإقراء بالحجاز .أخذ كل من البزي وقنبل القراءة عن ابن كثير .
وأما الإمام المازني صريحهم **** أبو عمرو البصري فوالده العلا
أفاض على يحيى اليزيدي سيبه *****فأصبح بالعذب الفرات مُعللا
أبوعمرو الدوري وصالحهم أبو***** شعيب هو السوسي عنه تقبلا