[يمامة الوادي]

سورة العصر ودعائم التربية في القرن الحادي والعشرين



كما ناقشها المؤتمر التربوي السنوي الرابع عشر

بوزارة التربية والتعليم في دولة البحرين(1999م)

«وأكدت عليها مناهج مدرسة الإيمان»

إعداد الدكتور: نظمي خليل أبو العطا موسى

مستشار رئيس مجلس أمناء مدرسة الإيمان

المؤتمر التربوي الرابع عشر في دولة البحرين:

عقدت وزارة التربية والتعليم في دولة البحرين مؤتمرها التربوي السنوي الرابع عشر، للهيئات الإدارية والتعليمية في التعليم الابتدائي في يومي الاثنين والثلاثاء (13)، (14)، سبتمر 1999م، وكان موضوع المؤتمر «دعائم التربية في القرن الحادي والعشرين» كما حددها التقرير المقدم من اللجنة المعنية بالتربية في القرن الحادي والعشرين إلى اليونيسكو والذي طبع في كتاب بعنوان «التعلم ذلك الكنز المدفون» لجاك ديلور وآخرين ونشرته اليونيسكو عام 1996م.

ـ دعائم التربية الأربع:

ـ وقد خلص مقدمو التقرير على أن دعائم التربية للقرن الواحد والعشرين أربع هي:

1 ـ التعلم للمعرفة.

2 ـ التعلم للعمل.

3 ـ التعلم لنعيش معاً.

4 ـ التعلم لنكون.

وقد استندت هذه الدعائم على أنه لم يعد يكفي أن يكدس كل فرد في بداية حياته مخزوناً من المعارف يستطيع بعد ذلك أن ينهل منه إلى ما لا نهاية، بل يلزم على الأخص أن يكون بوسعه أن يغتنم ويستغل، على امتداد حياته، جميع الفرص لتحديث هذه المعارف الأولية وتعميقها وإثرائها، وأن يتكيف لعالم دائم التغيير (التعلم ذلك الكنز المدفون ص 77).

ـ وقد لخص الباحقون تلك الدعائم في نهاية الفصل الرابع ـ والخاص بدعائم التربية الأربع ـ لخصوها في صفحة (86) وجاءت كما يلي:

1 ـ التعلم للمعرفة: بالجمع بين ثقافة عامة واسعة بدرجة كافية وبين إمكانية البحث المعمق في عدد محدد من المواد، وهو ما يعني أيضاً تعلم كيفية التعلُّم للإفادة من الفرص التي تتيحها التربية مدى الحياة.

2 ـ التعلم للعمل: لا الحصول على تأهيل مهني فحسب، وإنما أيضاً لاكتساب كفاءة تؤهل بشكل أعم لمواجهة مواقف عديدة وللعمل الجماعي، وكذلك التعلم للعمل في إطار التجارب الاجتماعية المختلفة، وتجارب العمل المتاحة للنشء واليافعين، إما بصورة غير رسمية بفضل السياق المحلي أو الوطني، وإما بشكل رسمي بفضل تنمية التعليم المتناوب مع العمل.

3 ـ التعلم للعيش مع الآخرين: بتنمية فهم الآخرين وإدراك أوجه التكافل ـ تحقيق مشروعات مشتركة ـ والاستعداد لتسوية النزاعات في ظل احترام التعددية والتفاهم والسلام.

4 ـ التعلم لنكون: تعلم المرء ليكون لكي تنفتح شخصيته على نحو أفضل ليكون بوسعه أن يتصرف بطاقة متجددة دوماً من الاستقلالية والحكم على الأمور والمسؤولية الشخصية وينبغي لهذه الغاية ألا تغفل التربية أي طاقة من طاقات كل فرد: الذاكرة والاستدلال والحس الجملي والقدرات البدنية والقدرة على الاتصال.

مناقشات لجان المؤتمر:

ـ بعد حضوري لجنة مدرسة عقبة بن نافع الابتدائية للبنين، وتدارس الدعائم السابقة مع الحاضرين، وتعرف الممارسات التربوية للمدارس الابتدائية في البحرين، والتعلم الابتدائي في البحرين في ضوء التوجهات التربوية العالمية، خلصت إلى أن تلك الدعائم، دعائم قديمة، وقد درستها وأنا طالب في كلية التربية جامعه عين شمس في ستينيات هذا القرن، في مادة أصول التربية وغيرها ولكننا ننظر لكل آتٍ إلينا من الغرب وكأنه طريق الهجرتين وباب السعادتين.

ـ سورة العصر ودعائم التربية الأصيلة:

ـ ناقشني زميلي الأستاذ عبد السلام محمد معلم العلوم الإسلامية في مدرسة الإيمان في دعائم المؤتمر الرابع عشر، ووصل بنا النقاش إلى أن تلك الدعائم قد لخصتها سورة العصر وهذا ما يُدرس في مدرستنا، وبعض مدارس المسلمين، وبالبحث في كتاب التوحيد والحديث والفقه والتجويد للصف الخامس الابتدائي في المملكة العربية السعودية وجدنا أصول هذه الحقيقة، والمنقولة عن كتاب الأصول الثلاثة وأدلتها، حيث جاء في الدرس الأول من الكتاب: «اعلم رحمك الله أن يجب علينا تعلم أربع مسائل:

ـ الأولى: العلم.

ـ الثانية: العمل به.

ـ الثالثة: الدعوة إليه.

ـ الرابعة: الصبر على الأذى.

والدليل قوله تعالى: ) والعصر. إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر( [سورة العصر].

ـ قال الشافعي رحمه الله تعالى: لو ما أنزل الله محجة على خلقه إلا هذه السورة لكفنتهم.

آيات كافيات:

(وقد سبق لنا في كتابنا آيات كافيات «تحت الطبع» أن كتبنا في هذه السورة ومعانيها ودلائلها بما يكفي في هذا الجانب) ونشرناها في صفحة في رحاب الإسلام في جريدة أخبار الخليج.

ـ ومن دعائم التربية التي حوتها سورة العصر وتتفق في أصول الدعائم التي توصل إليها باحثوا اليونيسكو ما يلي:

أولاً: الدعامة الأولى ـ التعلم للمعرفة:

والتعلم للمعرفة كما جاء في التقرير: هو تعلم كيفية التعلم للإفادة من الفرص التي تنميها التربية مدى الحياة.

ـ وهذا معناه العلم الوارد في السورة، لأن الإيمان يحتاج إلى العلم (اعلم أنه لا إله إلا الله) والإيمان الوارد في السورة يقتضي المعرفة، والمعرفة تحتاج إلى العلم، والعلم الحقيقي هو العلم بالله وبنبيه ودينه علماً نافعاً يؤدي للعمل (الأصول الثلاثة).

ـ والعلم بالله يقتضي العلم بصفاته وأسمائه ونعمه التي منها مخلوقاته، ومن مخلوقاته النواميس الكونية، والحقائق العلمية، والكائنات الحية، والمخلوقات غير الحية وما أورع فيها من حكمة بالغة.

ـ وكما نعلم فإن طلب العلم، من المهد إلى اللحد، فريضة على كل مسلم ومسلمة.

ـ والعلم المعني في الإسلام هو العلم النافع في الدنيا والآخرة، وهذا العلم لم تحط به الدعامة الأولى من دعامات التربية الواردة في تقرير اليونيسكو، لأن المعرفة كما نعلم جزء من العلم، والعلم كما تعلمنا هو المادة العلمية وطرائق تحصيلها والاستفادة منها.

ثانياً: الدعامة الثانية: التعلم للعمل:

وقد حددت الآية تلك الدعامة في قوله تعالى: )وعملوا الصالحات (.

ـ وهي الدعوة للعمل بما عُلم.

ـ ومن الإسلام: اتفاق العمل لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» متفق عليه، والاتفاق يحتاج إلى التدريب، والتدريب يحتاج إلى العلم، ومن الإيمان تطبيق العلم، وةالتطبيق معناه العمل وقد استعاذ رسولنا الكريم من شر العلم الذي لا ينفع، أي لا يطبق ولا يعمل به.

ثالثاً: الدعامة الثالثة: لنعيش معاً:

وقد أوجزت الآية تلك الدعامة في قوله تعالى: ) وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر(.

ـ فحتى نعيش معاً في المفهوم الإسلامي، فلا بد من الإيمان، والحق، والإخلاص، والحب، والتعاون، والرحمة، والمودة، والعمل بما يرضي الخالق الآمر، صاحب الْخَلْق والأمر، وهذا يحتاج إلى الإخلاص والتعاون على البر والتقوى والبعد عن الإثم والعدوان، وهذا يحتاج إلى جهد وصبر وأناة لنعيش معاً في هذه الدنيا بسلام مؤسَّسٌ على رضى الله، لنعيش معاً في الآخرة دار السعادة، وهنا يتضح المنتهج الإسلامي في السلام، وشرعه في تسوية النزاعات واحترامه للتعددية والتفاهم والسلام مع أهل الكتاب وغيرهم من أصحاب القوانين المكتوبة فنعيش معاً في ظل الإسلام، أن نعيش مؤمنين على منهج الله رب العالمين بحيث لا نظلم ولا تُظْلم، لنعيش معاً على أساس التقوى بعيداً عن التعصب للون أو لجنس، لنعيش معاً على أساس التقوى ونتفاضل بالتقوى ) إن أكرمكم عند الله أتقاكم (.

رابعاً: الدعامة الرابعة: التعلم لنكون:

أي لنكون خلفاء في الأرض، ونحن له نكون خلفاء في الأرض رابحين، متحابين متعاونين متفاهمين إلا بالإيمان بالله رب كل شيء ومليكه، والعمل المؤدي للاستخلاف الحق في الأرض، المحكوم بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر على تبعات ذلك، فلا اجتماع إلاَّ على الحق حتى ولو كان ذلك سبباً في الإيذاء.

الخلاصة:

الدعائم الأربع السابقة مترتبة بعضها على بعض فالعمل الصالح، يقوم على العلم النافع ودهوة الناس للعيش معاً في سلام في ظل دين السلام وهو الإسلام وهذا ما أكدت عليه سورة العصر في القرآن الكريم والحمد لله.

المصادر:

ـ ديلور، جاك وآخرون، التعلم ذلك الكنز المكنون. الأردن: مكتب الكتب الأردني ـ اليونيسكو (بدون تاريخ).

ـ وزارة المعارف. التوحيد والحديث والفقه والتجويد للصف الخامس الابتدائي ـ الفصل الدراسي الأول السعودية: وزارة المعارف (1998م).

ـ وزارة التربية: الممارسات التربوية للمدارس الابتدائية ـ البحرين ـ وزارة التربية والتعليم (1999م).

ـ التعليم الابتدائي في ضوء التوجهات التربوية العالمية.

من اطلاعاتي