[رؤى عابرة]

صحيح البخاري/كتاب الفتن
بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ أُغَيْلِمَةٍ سُفَهَاءَ
6649 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَدِّي قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش . فقال مروان : لعنة الله عليهم غلمة . فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول : بني فلان وبني فلان لفعلت . فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا بالشأم ، فإذا رآهم غلمانا أحداثا قال لنا : عسى هؤلاء أن يكونوا منهم ؟ قلنا : أنت أعلم .
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7058
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ:النبي صلى الله عليه وسلم،الصادق في نفسه،والمصدوق عند الله.
هَلَكَةُ أُمَّتِي:المراد بالأمة هنا :أهل ذلك العصر ومن قاربهم ،لا جميع الأمة إلى يوم القيامة.
أغِيلْمَةٍ: : أغيلمة : تصغير تحقير إما تصغيرا لأسنانهم فهم صبيان أو تصغير لعقولهم وأحلامهم فهم سفهاء وإن كانوا كبار السن . فمثل هؤلاء سواء كانوا صغار في أسنانهم أو في عقولهم وأحلامهم لاشك أن مثل هؤلاء يهلكون الحرث والنسل ومثل هؤلاء يتصرفون التصرفات المهلكة الضارة .
لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ:هذا والظاهر أنهم من ولده،ولكن هنا يجب التفريق بين لعن المعين واللعن العام.
الفرق بين لعن المعين واللعن العام:
الدعاء العام على من اتصف بوصف يستحق عليه اللعنة كالفسوق والفجور وما أشبه ذلك،لا بأس به.
أما الدعاء باللعنة على شخص معين ولو كان من أكفر الكافرين ،فإنه لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أبا جهل والثاني والثالث ،نهاه الله عن ذلك وقال:{ليس لكَ من الأمرِ شيءٌ أو يتوب عليهم}.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ لَفَعَلْتُ: كأن أبو هريرة كان يعرف أسماءهم ،لكنه لم يحدث بها.

قال ابن بطال :

وفى هذا الحديث أيضًا حجة لجماعة الأمة في ترك القيام على أئمة الجَور ووجوب طاعتهم والسمع والطاعة لهم ، ألا ترى أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قد أعلم أبا هريرة بأسمائهم وأسماء آبائهم ، ولم يأمره بالخروج عليهم ولا بمحاربتهم ؟، وإن كان قد أخبر أن هلاك أمته على أيديهم ، إذ الخروج عليهم أشدّ في الهلاك وأقوى في الاستئصال ، فاختار ( صلى الله عليه وسلم ) لأمته أيسر الأمرين وأخف الهلاكين ، إذ قد جرى قدر الله وعلمه أن أئمة الجور أكثر من أئمة العدل وأنهم يتغلّبون على الأمة ، وهذا الحديث من أقوى ما يرد به على الخوارج .

فإن قال قائل : ( ما أراد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بقوله : ( هلاك أمتي ) أهلاكهم في الدين أم هلاكهم في الدنيا بالقتل ؟

قيل : أراد الهلاكين معًا

سفهاء:أي ليس عندهم عقول ،ومن ليس عنده عقل ليس عنده إيمان؛ لأن العقل الحقيقي يوجب أن يكون المتصف به مؤمنا،فإن العقل يهدي إلى الإيمان،{ومنْ يرْغبُ عن ملةِ إبراهيم إلا من سفه نفسه}.