[غدي 1]

الأخت الزاهرة والأخ الأندلسي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ........................وبعد،

في الحقيقة لست عالمة ولا أدعي العلم ولكن من أسأل من أثق بعلمهم ممن اعرفهم في المسائل ‘ وأرجو أن لا يفضي الموضوع – في هذا المنتدى المبارك- إلى جدل لا طائل من ورائه إلا المهاترات التي لا تسمن ولا تغني من جوع كما نراه في كثير من المنتديات ‘ فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم ‘ وعليه فسأورد أقوال أهل العلم في هذا الباب وأرجو أن يكون هذا الرد فيه الكفاية وفضاً للنزاع في المسألة.

والذي نراه في المسألة هو جواز الأخذ بالحديث الضعيف في الفضائل كما يراه كثير من أهل العلم ولا ننكر على من يخالفنا ‘ فكل له رأيه في المسألة وله شيوخ يثق في علمهم ويأخذ عنهم.

وقد اختلف العلماء في حكم قبول الحديث الضعيف في فضائل الأعمال، وقد دارت مناقشات طويلة فى هذا الأمر:

1. قال الإمام أحمد: قال الإمام أحمد وغيره من الأئمة: إذا روينا فى الحلال والحرام شدَّدنا، وإذا روينا فى الفضائل ونحوها تساهلنا (راجع الأجوبة الفاضلة - مرجع سابق ص36).

2. وقال النووي: عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية سوى الموضوع من الضعيف، والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى والأحكام، كالحلال والحرام، ومما لا تعلق له بالعقائد والأحكام (راجع تدريب الراوي ج1 ص298).
3. وقال السيوطي - شارحًا لقول الإمام النووي السابق: «لم يذكر ابن الصلاح والمصنف - النووي - هنا وفى سائر كتبه لما ذكر سوى هذا الشرط وكونه في الفضائل ونحوها» (راجع تدريب الراوي جـ ص298/ 299).

4. هو ظاهر صنيع البخاري على العمل بالضعيف في الفضائل، كما يلاحظ في كتابه الأدب المفرد.5. والمتتبع لما عليه أئمة المذاهب يجد أنهم عملوا بالحديث الضعيف، وقدموه على الرأي، وكان الإمام أحمد يعمل بالضعيف إذا لم يوجد غيره، ولم يكن ثم ما يعارضه، وفى رواية عنه: «ضعيف الحديث عندنا أحب من رأى الرجال. (راجع شرح ابن علاف للأذكار (1/86)، والأجوبة الفاضلة ص47، وفيها استيفاء لمناقشة ذلك).

6. وقال الإمام النووي في الأذكار: «قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا، وأما الأحكام كالحلال والحرام، والبيع، والنكاح، والطلاق، وغير ذلك، فلا يعمل فيها إلا بالحديث الصحيح، أو الحسن، إلا أن يكون في احتياط في شيء من ذلك. (راجع الأذكار للنووي ص7 – 8)

7. وفى الفتح المبين لابن حجر الهيتمى: قد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال؛ لأنه إن كان صحيحًا في نفس الأمر، فقد أعطى حقه من العمل به، وإلا لم يترتب على العمل به مفسدةُ تحليل ولا تحريم ولا ضياع حق للغير. (راجع الفتح المبين ص32).

8. وقال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين: «الأصل الرابع من أصول الإمام أحمد التي يبني عليها فتاويه: الأخذ بالمرسل، والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، وهو الذي رجحه على القياس، وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر، ولا ما في رواته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه والعمل به، بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن، ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف، وللضعيف عنده مراتب، فإذا لم يجد في الباب أثرًا يدفعه، ولا قول صاحب، ولا إجماعًا على خلافه: كان العمل به عنده أولى من القياس. (راجع إعلام الموقعين 1/31)

9. قال الإمام النووي: إذا رأيت حديثًا بإسناد ضعيف، فلك أن تقول: هو ضعيف بهذا الإسناد، ولا تقل ضعيف المتن لمجرد ضعف ذلك الإسناد، إلا أن يقول إمام لم يرو من وجه صحيح، أو أنه حديث ضعيف مفسرًا ضعفه. (راجع تقريب النواوى، راجع تدريب الراوي 1/298)
10. أما الشيخ الخضير فقد أجاز العمل به في الفضائل والتفسير والمغازي والسير فجمهور أهل العلم على جواز الاحتجاج به في هذه الأبواب شريطة أن يكون ضعفه غير شديد وأن يندرج تحت أصل عام وأن لا يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الاحتياط.

أما سؤالك عن كون النبي صلى الله عليه وسلم ليس له ظل ولا يقع الذباب عليه ‘ فقد ذكر الإمام السخاوي في المقاصد الحسنة ذلك:

المقاصد الحسنة، الإصدار 2.01 - للإمام السخاوي
[متن الكتاب] >> [الباب الأول: الأحاديث بحسب ترتيب الأحرف] >> حرف الهمزة

126 - حديث: إظلال الغمامة له صلى اللَّه عليه وسلم، ذكره القاضي عياض في الشفاء وغيره لرواية: أن خديجة ونساءها رأينه لما قدم وملكان يظلانه، فذكرت ذلك لميسرة، فأخبرها أنه رأى ذلك منذ خرج معه في سفره، ويروى أن حليمة رأت غمامة تظله وهو عندها، وروي ذلك عن أخيه من الرضاعة، ومن ذلك أنه نزل في بعض أسفاره تحت شجرة يابسة فاعشوشب ما حولها وأينعت هي فأشرفت وتدلت عليه أغصانها بمحضر من رآه، ومال فيء الشجرة إليه في الخبر الآخر حتى أظلته، وما ذكر أنه لا ظل لشخصه في شمس ولا قمر لأنه كان نوراً، وإن الذباب كان لا يقع على جسده ولا ثيابه، انتهى،

وصلى الله وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ‘ والحمد لله رب العالمين