[يمامة الوادي]

نعم..نحن الضياء الباقي..حينما ينطفئ كل وميض..

::::

يوم كنا في مراحلنا الإبتدائية.. في المدرسة..

حين يضرب الجرس ..معلنا فترة الاستراحة..

نتقافز جريا..لنستمتع بتلك الدقائق القلائل..

ثم ما تلبث أن تنتهي..لنعود إلى مقاعدنا..ولاتزال البسمات تعلو قسماتنا..

:::::

تدخل المعلمة..وترى الصغيرات غاية في السعادة..

تجدها فرصة سانحة لتحريك مشاعرهن..وإيقاظ الحس فيهن..

"استمعتم..ولعبتم كثيرا..

وتناولتم افطاركم..؟!

أتعلمون يا أحبتي..؟!

ذلك الرغيف الذي تأكلون منه قطعة صغيرة ..ثم ترمون بقيته..

لايجدونه..أقرانكم..في بقاع شتى..

ألا ترون كم تعانون الجوع ..وأنتم صيام..؟!

رغم أنها ساعات قليلة..

إخوانكم يعانونه أياما..بل شهورا..!!""



ثم ترى التأثر ..على وجوه الصغيرات..

"صغيراتي..

أنا أقول لكم ذلك لتذكروا فضل الله عليكم..

وتتذكروا إخوانكم..

وتبذلوا لهم ما تستطيعون..

فهذا حق لهم عليكم"

:::

يكبر أولئك الأطفال..ولا تزال تلك الكلمات..تتردد في أذهانهم..

لأنها بالفعل صدرت من قلوب صادقة..

في تلك المرحلة ..تعلموا الكثير..

أن المسلم يسعى جاهدا لإنقاذ الآخرين..

(إنقاذ الآخرين..وتحقيق السلام لهم)

معانٍ جميلة..فهمها الصغار..وحرفها الكبار..

::::

تسونامي..

الكثير تحدث عن الكارثة الإنسانية..

والخسائر الناجمة عنها..في الأرواح والأموال..

والكل أخذ موضعه..ولعب الإعلام لعبته..

رأينا كيف برزت الدول (المزلزلة) كداعم إنساني للمأساة..

ورأينا حجم التبرعات من تلك الدول التي لا زالت وحتى اللحظة..تزلزل أركان العراق بأسلحتها..

كنا نتابع ونشاهد..ونحن على يقين أنها لعبة لا تنطلي على جاهل فضلا عن عاقل مدرك..

لكن المتابع للصحف يجد عجبا..

::

الكاتبة بدرية البشر..كتبت مقالا في صحيفة الرياض اليوم عنوانه(تصنيف المصائب)

تحدثت فيه عن الفلاشات العالمية_كما تحب أن تسميها_ وتعني بها تفاعلات العالم مع الحدث..


وكيف أن الطلبة البريطانيين سبقونا إلى التبرعات ..وحتى (نجوم) هوليود_على حد تعبيرها_أجلوا احتفالاتهم

لجمع التبرعات..

وأتت على خبر حملة التبرعات السعودية وأردفته بـ(إلا أن...)

ما بعد إلا أن..

هو ماقصدته..

ومما قالت:

"وحتى بعض كتابنا وبعض خطباء المساجد تجاسروا على ما لم يقدر عليه الناس وهم يرون آلام الصغار والنسوة الضعيفات وبيوت الفقراء المصنوعة من القش والصفيح تسبح في الماء فقالوا إن ماحدث هو عقاب على ذنوب لم يشهدوا عليها، بل خمنوها بأنها احتفالات وأعياد السنة الجديدة، أما مصائبهم هم التي يتشابهون فيها مع البشر فهي أجر وعافية، وطهور، وابتلاء وامتحان من الله، وكأنهم بهذا يصنفون أنفسهم فوق الناس ويضعون أنفسهم في أعلى السلم، هذا هو الدّمل الكبير الذي تقيح اليوم فافرز إرهاب وقتل مواطنين، علاقتنا بالآخر هي علاقة شماتة من الضعيف وتربص بالقوي، الآخر دائما في جزيرة الشك والحذر، الآخر يواجه دائما جدولاً يتضمن خانات كثيرة لألقاب وأصناف للأسف الأخوة فيها احتمال ضعيف، والمصيبة أن تيار التشكيك والتصنيف هذا لم يعد يعبأ فقط بالخارجين عن الحدود بل أصبح يصنف الجيران والمواطنين، حتى لم يجد أبوراشد في النكتة القديمة صاحباً غير مشكوك فيه سوى نفسه، قلت مرة إنها نار لا يعرف لها طرف نهاية.!!"
أقول عجبا:

بأي مقياس يقيس البعض!!

حينما تحدث خطباء المساجد..

يا ترى من كانوا يخاطبون!!

أوليسوا يخاطبوننا نحن ..أولا وقبل أي أحد..

عن أي شماتة نتحدث..إذا قلنا بأن ما أصابـ(نا)..هو بسبب ذنوبنا..

وأن التوبة واجبة عليـ(نا)..وعلينا إصلاح أنفسـ(نا)

أليس الله تعالى يقول: ( فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) [الأنعام:43].

( وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا ) [الإسراء:59].

هؤلاء المصلحون الذين تنقمون منهم هم سبب من أسباب النجاة من الفتن والمحن بإذن الله..

( فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ )

(وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ) [هود:117].

::::::

(إنقاذ الآخرين..وتحقيق السلام لهم)

تلك العبارة..ليست فلاشا..أو وميضا..سرعان ماينطفئ..

فهي تتعدى هذه الحياة الدنيا..إلى الآخرة..

إنقاذهم يكون بنجاتهم من النار..وسكناهم دار السلام..وتذكيرهم ونفعهم على الدوام..

تحقيقا لقول الله تبارك وتعالى:

(فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة)

(وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)

إنها نبراس مضيء..وضياء مشرق..

----------------------

لُمع الأسنة