[يمامة الوادي]

شب في قلبي حريق
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .


شب في قلبي حريق ....
ألا تسألوني أحبتي عن بداية الشعلة ...!
لقد دخلت يوما في ركن مع نساء أمتي وكنت طبعا أضع على الرأس العباية ....
فسلـَّمـْت على بنات أمتي ... وإذِ الحالُ أدهش فكرتي ...!!
أهذا الحالُ في الأمة...!! أهكذا البنات والنسوة في الأمة .....!!
كلمات تطايرت في ذهني.... ومكثث أنـْدُبُ حال الأمة ...!!
في حين تطايرت نظرات النسوة من حولي وحول عبايتي ....!!
وكن سافرات سفورا يتجاوز سفور الجاهلية ....!!
ماذا أقول لكم أحبتي... !! ذهبن مدة ورجعن لي ملطخات بالأصباغ فوق الجفن و الوجنة ...!!
والله قرفت من اللون الوردي فقد كان في رأيي جميل يذكرني بجمال الوردة ...!!
لكنني يوم رأيتهن تلطخن به فوق الجفن وعلى الوجنة وكنا أكثرن منه حتى كاد يتساقط على الصدور العارية ...
ولربما تساقط منه على الساقين لأن القماش عندهن لا تقربه الإبرة من اليمين ومن الشمال ولربما حتى من خلف التنورة حتى يكشف عن سوء العورة .....
ووضعن على الشعر أيضا من اللون الوردي ومن الورود ما جعلهن مثل الهنود الحمر في البادية ...!
واستغربن من لبسي العباية ولو بين النسوة وكأن العيب في الستر وليس في كشف العورة ....!
وكثر الذهاب والإياب في ركن النسوة وكأنه عرض للسفور بل عرض للأصباغ وكشف العورة ...!!
فتجاذبتُ أطراف الحديثَ مع إحدى النسوة وكان الموضوع حول الوقت وطول بال فتيات الأمة ...!
ففوجئت , بقولها إن المُحِبَّ يستطيع أن يستلذ بانتظار محبوبه الساعات الطويلة ....!
......
ولمزتني قائلة : ولِما أنت بالعباية على الرأس تجلسين بيننا وكأنك سئـِمت من الجلسة....!
فصمتت هنيهة حتى ألملم ما ضاع من أفكاري وسط " المصيبة " التي أراها قد حلت بالأمة ...!
وقلت لم أتعود على ضياع الوقت في الجلسة , هكذا تربيت على الكد والإستفادة من الدقيقة ...!!
وتبادلنا أطراف الحديث عن العلم لأنها ...! ..لأنها ادعت محبتها للعلوم فقلتُ حبذا نــُنـْهي بالإستفادة هذه الجلسة .....!!
فوجدتها تدعي العلم لتزين به تلك القامة العارية ......!!
فشب في قلبي حريق وكا ن ذاك فتيله ...!!
واندلع اللهيب في جسمي وكيف يتم إطفاؤه....!!

فقلت قــُـومي يا نفسي اخرجي من هذه الصالة فخرجت وناديت على المَحرم : تعالى خذني من هذه الورطة ....!
فقال كيف الرجوع قبل الموعد .....!!
قلت قد حان وقت الموعد فأسرع و لا تتأخر فقد تغير موعدي...!
فاستغرب من لهجتي.......!!
واستغرب من طلبي في الإسراع بالعودة ...!
وفي انتظار المحرم أثار انتباهي أمر عُجاب يا أحبتي ...!!
رغم أطنان الأصباغ و رغم كشف العورة ...!! لم أجـِدْ... والله لم أجـد أثرا للجمال بين تلك الضجة.... !!
صَدِّقــُوني وجدتُ الكآبة في العيون تسطعُ .... ! ... ووجدت الحزن والهم على الوجنتين منشور... !!
ووجدت .....!!
لأن الجمال ليس في صَبِّ دلو من الألوان على العيون المرهقة حزنا ! حزنا على شباب ضاع وسط الضجة ......!
ولا في عدم خياطة الأقمشة بالإبرة حتى تنكشف كل العورة ....!!
إن الجمال جمال الروح حين تخاف ربها ....وليس في مربع من القماش ضـِلـْعـُهُ ربع من المتر يُسـْتـَرُ به جزء من الصدر ....!!
وليس الجمال في علامة الرفض من خيوط القماش على الظهر (X) .
إن الجمال جمال الروح حين تعف المرأة نفسها وليس في تركيب رموش تضر بالعين ...!
ثم تسهر الليالي تبكي ويلات أيام ركبت فيها ذاك الرمش ...!

إن الجما ل في السِّـتـِْر والعفة وليس في طول الظفر وتلوينه حتى يصير وكأنه علبة زراعة بمختبرات البكتريولوجية .
إن الجمال ليس بالستر خوفا من الناس حتى يقولوا عنك مستورة ومحجبة وحين يغيب الناس يبدوا السفور سفور الجاهلية.....!!
لكن الجمال هو ستر وعفة و طاعة لرب البرية ...!!
ليس القبح في عدم التعلم .. !!
والتجمل بادعائه .... ! ومن متى كان ادعاء العلم جمالُ ... ... !!
إن القبح في الرذيلة وهي من تــُذهب كل مظاهر الحسن ...!
فلطاعة نور ساطع ....وللمعصية ظلمة ووحشة تبدأ بالظهور على الوجه ...!
.................................................
وعدت إلى بيتي وحمدت الله على كرمه وإحسانه ...!!
ودعوت لبنات أمتي بالهداية ...!
وأبت مقلتي أن تغمض وأبى لهيب النار أن يطفأ ...!
فلا الدفاع المدني يقدر على إطفاء اللهيب و لا طفاية الحريق بالبيت أو السيارة...!
حريق دام أياما ينهش في قلبي وفي دمي إنها مأساة بالأمة يا أحبتي ....!
أهكذا ينصر الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ...!
أم هكذا يرفع رأس الأمة ...!
أم مـِنْ هنا تلوح بشائر النصر أم ....!
ألم تسمعن عن أمهات المؤمنين وعن بيت النبوة ...!!
ألم تسمعن عن خديجة وسودة وعائشة ...... وسارة وهاجر وفاطمة الزهراء.....!!
أم ضيع الأباء الأمانة حتى ضاع فتيات الأمة ... !!
والإصلاح ليس صعبا إذا عزمتم عليه يا دعاة الأمة !!
............لأن الفطرة لازالت تنعم بمكانها في قلوب فتيات أمتي ...!
فأحيوها من جديد وانظروا في مشاكل فتيان الأمة ...!
والرجوع إلى الأصل أصل يا دعاة الأمة ...!
الرجوع إلى نهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه هو درب الإصلاح والستر والعفة ...!
وأي إصلاح يسلك دربا آخر فهو تفسخ ورذيلة حتى وإن لقبوه بأحسن الألقاب يا دعاة الأمة...!!
فالمضمون ليس في اللقب ولكن في الهدف فكم من لقب يكاد ينطح السحاب من حسنه !! والهدف في الأوحال يغطس رأسه ..!!

.......

وصلى وسلم على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله الذي قال عنه ربه جل في علاه : (( إنك لعلى خلق عظيم )).


بقلم وفاء محمد النجار .