[يمامة الوادي]

في أحد شوارع الرياض وبينما كانت الشمس تودع الدنيا بخطوات هادئة،

والليل بروعة ورقة ينسج خيوطه على الكون كنت للتو أتممت صلاة المغرب في أحد مساجد مدينة الرياض،

وبينما أنا في أحد الطرق الفرعية وإذا بي أرى العجب العجاب..

شخصان على قارعة الطريق اقتربا من الثلاثين من عمرهما يمسكان بتلابيب بعضهما ركلا وضربا وسبا وشتما..

راعني الموقف أوقفت سيارتي ظننت أن هناك أمرا جللا وجريمة شنيعة قد حدثت

وإذا بالأمر لا يعدو كونه صدمة صغيرة لا تكاد تبين!

حاولت فك الاشتباك أُسمعت أقذع الكلمات،

أفحش القول، وكادا يجتمعان علي!

فهربت أريد السلامة حامدا الله أني لم أكن مثلهما!

خرجت أبغي الأجر محتسباً

فعدت موفورا من الوزر

الغضب من أقبح الصفات وأدنى الخصال وأسوأ الطباع،

والغاضب أرعن التصرفات، أعمى البصر والبصيرة، ضيق الأفق،

لحظة يتمكن منه الشيطان فيحيل حياته إلى شقاء،

وأغلب من ينتظر القصاص في السجون هم أشخاص في لحظة غضب قتلوا،

وآخرون في لحظة غضب طلَّقوا، وآخرون سبوا وشتموا فخسروا..

أي جناية جناها الغاضب على نفسه وعلى المقربين منه وعلى مجتمعه!

كثيرُ من الناس يعتذر لحمقه ويبرر له بأنه طبع لا يستطيع التخلص منه وجبلّة قد جبله الله عليها،

وهذا أمر لا يسلم له فالرجل الذي جاء مستنصحا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- قال له:(لا تغضب)

وهو يعلم سلفا أنه رجل غضوب ولو كان الغضب أمرا\"يستحيل الانفكاك منه لكانت نصيحة سيد البشر -اللهم صل وسلم عليه- ضربا من العبث وحاشاه -عليه الصلاة والسلام- من ذلك،

بل هي تأصيل لمبدأ عظيم وهو أن بعض الطباع السيئة التي جُبل عليها الإنسان بالإمكان ترويضها والسيطرة عليها ومنها الغضب،

عوِّد نفسك على الحلم وتذكر أنه سيد الأخلاق و به يسمو الفرد ويسود..
خالد المنيف