[شافي الشكري]

a7

المعلم شمعة تحترق لتضيء الطريق للأمة ، والمعلم رسولٌ يبلّغ رسالة الحق لها ؛ فينقلها من همومها إلى مستوى المسؤولية والازدهار ،:
قال الله تعالى : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ورسوله يصلون على معلم الناس الخير " .
وكفى قولا الشاعر أحمد شوقي للمعلم :
قم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا

إن المعلم منهاج يسير عليه الطالب في أعماله الحيوية ، وأسوة وقدوة في التطبيق العلمي للحياة ، ومهنته إخراج الأجيال من الظلمات إلى النور ومن الجهل إلى العلم .. مهنة الأنبياء والمرسلين ، وهي أعظم المهن وتأتي ثمارها بالتضحية والبذل والثبات .

هناك أخلاقيات وصفات يجب أن يتحلى بها المعلم الناجح المربي لكي يحقّق أهدافًا وغايات للوصول إلى التوازن والتكامل في الحياة وكسب رضا الله عزوجل وحب الآخرين له ،وإليكم بعض هذه الأخلاقيات :

(1) الإخلاص والأمانة :قال تعالى في كتابه العزيز: " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ".
يجب على المعلم أن يكون مخلصًا في عمله وهو ان يريد بهذا العمل وجه الله عزوجل وأن يراقب النفس في أدائها لهذه الأمانة ، وليعلم أن الله سبحانه وتعالى مطّلعٌ على جميع حركاته وسكناته .
فما أن رأى طلابك فيك هذه الخصلة الطيبة .. مخلصًا أمينا يتأثروا بإخلاصك ويصير لهم خلقًا وطبعا .
(2) القدوة الحسنة :إن الخير كله يكمن بالقدوة الحسنة والمثل الأعلى في جميع تصرفات المعلم وأعماله وأقواله ، فالمعلم اولا يعلم نفسه ويتحلى بالسلوك الجيد والأخلاق الفاضلة دون تناقضٍ بين القول والعمل والظاهر والباطن ، وحتى لا يحدث ازدواجية في التوجيه ، يقول الشاعر :
ياأيها الرجل المعلم غيره هلّا لنفسك كان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يُقبل ماتقولويُقتدى بالراعي منك وينفع التعليم
(3) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للطالب من المعلم أقرب من غيره ؛فالوقت الذي يقضيه المعلم مع طلابه أكثر من الوقت الذي يقضيه مع أهله وأسرته ، وبذلك يستطيع أن يتلمس سلوك الطالب عن قرب ربما أكثر من ولي أمره ،فهنا يبرز دور المعلم القدوة الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر.
(4)الصديق الصدوق صادق الوعد المنصف :وذلك أن يكون المعلم صديقًا للتلاميذ يسود بينهم الألفة والمحبة والتكافل والكلمة الطيبة وعفة اللسان ، فمابالك بالمعلم الذي يكرر على لسانه كلمات لا تليق بالإنسانية ولا يرضاها سبحانه وتعالى ، ما رأيكم في طلابه وتلامذته كيف ينظرون فيه وينظرون له !!!!
فأنت أيها المعلم الأب والأم والأخ والجار والصديق وكل شيء بالنسبة للطالب فلم تحرمه من فهمك وفهمه .لمَ لا يكون طبيبًا ومعالجا ..لمَ لاتكون أخصائيّا اجتماعيا ؟!
ويجب على المعلم أن يتعامل مع طلابه معاملة طيبة ويهتم بمشاكلهم المختلفة باختلاف ظروفهم ،وألّا يفرّق بينهم بسبب وضعٍ اجتماعي او منصبٍ راقٍ ،وإنما العلم والأخلاق هما المقاس لإعطاء كل ذي حقٍ حقه .
(5) التربية والثواب والعقاب :
على المعلم الانتباه إلى خطورة هذا النوع من التربية " الثواب والعقاب "وعليه أن يبدأ بالثواب والتشجيع والثناء بالكلمات الطيبة العذبة التي تحبب الطالب إليه وتقربه منه، والاهتمام بالحوافز والمكافآت ثم بعد ذلك إن رأى تقصيرا مستمرا يلجأ إلى العقاب المعنوي وإخباره على تقصيره او خطئه ، ثم العقاب المادي كأن يقول له " افتح يدك " ويأخذ عصا ويضربه مع اعتراف الطالب بخطئه وتقصيره وعدم شعوره بالظلم وإنما هذا الضرب جزاء الخطأ الذي ارتكبته ، وعلى المعلم ألا يقلل من هيبته بالتهديد والوعيد .
(6) الثقافة الواسعة :المعلم الناجح هو الذي يكثر من الاطلاع والقراءة والتردد على المكتبات ومصادر المعرفة المختلفة ، ولايقتصر على تخصصه فحسب بل يلم بالمعارف والمعلومات المختلفة في تخصصه وغيره .
والمعلم الناجح هو الديمقراطي الذي يستشير أصحاب الخبرات السابقة ، والمربين والتربويين وقادة التربية باختلاف عملهم وبلدانهم وثقافتهم للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم .
(7) الجمع بين الروحانية والمادية :
الروح والمادة شيئان لشيء واحد ، فلا يستطيع المعلم الاستغناء عن جانب دون الجانب الآخر ، مهما كان تخصصه ومادته ، فكلاهما يسخّران لخدمة المواقف التعليمية التربوية كأن يقول معلم التربية الإسلامية لطلابه للاستدال على قدرة الله تعالى وعظمته في شؤون خلقه في رحلة تأمل :

انظر لتلك الشجرة ذات الغصون النضرة
كيف نمت من حبّةٍ وكيف صارت شجرة
ابحث وقل من ذا الذي يخرج منها الثمرة
ذاك هو الله الذي أنعمه منهمرة
ذو حكمةٍ بالغةٍ وقدرةٍ مقتدرة
(8) الشخصية القوية القويمة :مقتديا برسول الله صلى الله عله وسلم وسنته المطهّرة ، وبأصحابه المصطفين الأخيار ، والتابعين وتابع التابعين ، والصالحين ، وأصحاب الرأي السديد والنظرة الثاقبة ، متمسكا بكتاب الله قبل كل شيء ، فكفى بشخصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هاديا ومبشرا ونذيرا أن نقتدي به في جميع جوانب حياتنا .ويجب أن يحذر المعلم ان يضعف من شخصيته ومقامه بين الطلاب ويقلل من شأن نفسه فيا أيها المعلم ضع حاجزا منيعا لا يتجاوزه الطالب ولا يتعداه .

(9) التواضع :
اعلم أيها المعلم في تواضعك في مدرستك وخارجها رفعة لك وعزة وسمو مقام وقدر " من تواضع لله رفعه " .
فمعاملتك لطلابك تكون بإفادتهم والاستفادة منهم في كل صغيرة وكبيرة ومواقف تمر عليه في مجال التربية والتعليم ، وعليك أن تحترم وجهات نظر الآخرين ومن حولك ومناقشتها بهدوء وتدبر وتامل وإبداء رأيك دون رفع صوت أو إصرار ولابد أن تقنع وتقتنع وفق تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، a2