لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
قال تعالى عن إبراهيم : { شَاكِراً لِّأَنْعُمِهِ} النحل/121,
وقال : { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } لقمان/20 , فجمع النعمة في آية النحل جمع قلة ( أنعم ) ؛ لأن نعم الله لا تحصى , وإنما يستطيع الإنسان معرفة بعضها وشكرها , وهو ما كان من إبراهيم عليه السلام , فذكر جمع القلة في هذا المقام ، أما آية لقمان فجمعها جمع كثرة ( نعمه ) ؛ لأنها في مقام تعداد نعمه وفضله على الناس جميعا. [ د . فاضل السامرائي ]
|
سورة النحل
سميت سورة النعم فقد اشتملت على نعم الله كلها، من أبسط أمور الحياة إلى أهم نعمة والتي هي الإيمان والوحي ... · نعمة الوحي وهي أوّل النعم في السورة ]يُنَزّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُواْ أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ فَٱتَّقُونِ[ (2). · نعمة إيجاد السماوات والأرض ]خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقّ تَعَـٰلَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ[ (3).. · نعمة خلق الإنسان ]خَلَقَ ٱلإِنْسَـٰنَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ[ (4) .. فالروح التي بداخلك هي نعمة من الله، بعد أن خلقك وأوجدك من العدم... · نعمة الأنعام للغذاء والملبس والتنقلات ]وَٱلأَنْعَـٰمَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْء وَمَنَـٰفِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ[ (5)... ثم ]وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ[ (8)... فهذه الآية تشمل وسائل النقل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وتشير إلى كل وسائل النقل الحديثة في عالمنا في قوله.. ]وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ[ فهي تشمل الطائرات والسيارات و... وكلها من أجل نعم الله علينا. · نعمة الماء المنزّل من السماء ]هُوَ ٱلَّذِى أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَآء لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ[ (10). · نعمة الزرع ]يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَـٰبَ وَمِن كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[ (11). · نعمة تسخير الكون للإنسان ]وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلْنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرٰتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ[ (12). · نعمة تسخير البحر ]وَهُوَ ٱلَّذِى سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا..[ (14) .. فهل يتصور أحد أن البحر الهادر المخيف يخرج اللحم الشهي؟ إنّ مشكلة الإنسان تكمن في أنه قد اعتاد النعمة وألفها... فتأتي سورة النحل لتقول للناس تفكّروا في نعم الله تعالى عليكم وجدّدوا إحساسكم بها وشكركم لله عليها... · نعمة خلق الجبال
]وَأَلْقَىٰ فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ..[ (15) فقد جعل الله الجبال أوتاداً لتثبيت الأرض من الزلازل كما أثبت العلم الحديث. · نعمة خلق النجوم ]وَعَلامَـٰتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ[ (16) فهذه النجوم تدلنا على الاتجاهات أثناء السفر بالإضافة إلى اتجاه القبلة. · نعمة ألبان الأنعام ]وَإِنَّ لَكُمْ فِى ٱلأَنْعَـٰمِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مّمَّا فِى بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ[ (66) .. فهل تصوّر أحدنا المكان الذي يخرج منه اللبن نقياً طيب الطعم والرائحة، من بين الدم والروث...؟ ومع ذلك فإنّه يخرج خالصاً نقيّاً لا يوجد فيه قطرة دم واحدة ولا قطرة أذى! ]لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ[. · نعمة العلم والسمع والأبصار ]وَٱلله أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا[ (78) ثم أعطانا أدوات العلم ]وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَـٰرَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[ (78).. · نعمة الطير ]أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرٰتٍ فِى جَوّ ٱلسَّمَآء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلله إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[ (79) جزاك الله اختي الزاهرة على هذا التنبيه هذه الفائدة منقولة من منتدى وماكانوا كاتبين مين صاحبها لكن ان شاء الله اني بابحث فيه واكتبة وانا لقيت مقالة تشبها للشيخ محمد الغزالي بكتبها في المشاركة التالية......
التعديل الأخير تم بواسطة الخيالة700 ; 2009-10-09 الساعة 3:32 PM.
|
|
بارك الله فيك أختي الخيالة على هذا التذكير وأتمنى أن تذكري اسم صاحب آخر فائدة ..
|
((احتمال تكون الفائدة السابقة هي اختصار للفائدة التالية))
محمد الغزالي سُورَة النَّحْل ظاهر أن سورة النحل نزلت في أخريات العهد المكي بعدما احتدم العراك بين المشركين والمؤمنين، وطال الأمد ولم يظفر الإيمان بنصر يشدّ أزره، ولم ينزل بالشرك حدث يقصم ظهره!!. وكأن المشركين يقولون للمؤمنين: أين ما توعدوننا به وتنتظرون وقوعه؟ فكان الجواب: كل آت قريب، إن غدا لنظاره قريب: "أتى أمر الله فلا تستعجلوه..." (1). وما يتحقق وقوعه يمكن الجزم به، وقد انتهى الصراع بين الحق والباطل بهزيمة أخرست الوثنيين وأخضعت أعناقهم..! واحتاج ذلك إلى أجل يعدّه المجرمون طويلاً، ويعدّه القدر قصيراً!. وفي هذا الأجل يجب على المسلمين أن يصبروا دون ارتياب، ولذلك يقول الله في آخر السورة لنبيّه: "وأصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون. إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" (127ـ128). وقد صابر المسلمون الأيام، وعندما حزَّت في جلودهم الآلام نزلت آيتان في هذه السورة تعزِّيان المسلمين، وتُصبّرانهم على ما نزل بهم. الأولى قوله تعالى: "والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون" (41). والثانية قوله تعالى: "ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا، إن ربك من بعدها لغفور رحيم" (110). والهجرة المقصودة هنا في الهجرة إلى الحبشة.. وقد أذن فيها للمستضعفين ومن لا طاقة لهم على التعذيب، وقد روى البخاري حديثاً في هذا الموضوع نسوقه هنا قال: إن أسماء بنت عميس وهي ممن قدم من أرض الحبشة ـ إلى المدينة ـ دخلت على حفصة، فدخل عمر عليهما، فقال لأسماء: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحقّ برسول الله منكم! فغضبت أسماء فقالت: كلا والله، كنتم مع النبي يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم، وكنا في أرض البعداء البغضاء بالحبشة، كنا نؤذى ونُخاف، وذلك في الله ورسوله!. وأيم الله لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلت لرسول الله! فلما جاء النبيّ بيت حفصة قالت أسماء: يا رسول الله، إن عمر قال كذا وكذا.. قال: فما قلتِ له؟ قالت: قلت له كذا وكذا.. قال رسول الله: ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم ـ أنتم أهل السفينة ـ هجرتان"!!. وفي مطلع هذه السورة سمَّى الله الوحي روحاً، لأنه يحيى الأفراد والأمم "ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون" (2). والروح النازل على العرب في تضاعيف هذا القرآن خلق منهم كياناً جديداً رشحهم لقيادة العالمين بجدارة بعدما كانوا صفراً..! والسياق في هذه السورة ينشعب شعبتين: أولاهما تتحدث عن الوحي الذي تنزلت به الملائكة، والأخرى تتحدث عن آيات الله في كونه، وآلائه على عباده. وتتبادل الشعبتان المواقف في عظة الناس، وتعريفهم بربهم. ولننظر إلى الشعبة الأولى، ماذا يقول الناس بعدما سمعوا الآية الكريمة: "ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده" (2). إنهم فريقان متباعدان: الفريق الأول ضال مضل "وإذا قيل لهم: ماذا أنزل ربكم قالوا: أساطير الأولين. ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم.." (24ـ25) هذا الفريق هم رؤساء الضلال وقادة الزيغ، وزرهم مضاعف، فقد أضلوا أنفسهم، وتسببوا في إضلال غيرهم. إن الرجل يؤلف الكتاب يودعه من الأغاليط والترهات الشيء الكثير، ويحسب أن جريمته انتهت بصدور الكتاب. وما درى أن له رصيداً مفتوحاً إلى قيام الساعة، يضيف إلى جريمته جرم كل من انخدع به.. نعم إنه يحمل من أوزار الأتباع قسطاً. أما الأتباع أنفسهم فهم محاسبون على غفلتهم وتسليمهم الأعمى، وكان يجب أن يكونوا نقدة أذكياء.. وألا يساقوا كالأنعام!!. "قال الذين أوتوا العلم إن الخزى اليوم والسوء على الكافرين. الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم.." (27ـ28). ذاك حديث الفريق الأول، أما الفريق الثاني فإن السؤال نفسه يوجَّه إليهم، بيد أنهم أذكياء مهرة يحسنون الإجابة: "وقيل للذين اتقوا: ماذا أنزل ربكم؟ قالوا خيراً، للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين" (30). هذا كلام فقيه في القرآن، يعلم أن العاقبة الحسنة للمتقين في الدنيا والآخرة، ولكن من هم المتقون؟ "الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون: سلام عليكم أدخلوا الجنة بما كنتم تعملون" (32). والوصف كما ترى لأناس قضوا أعمارهم في الصالحات، وطابت أرواحهم، بعدما جاءهم الأجل وهم مثابرون على فعل الخيرات، وترك المنكرات.. وندع الحديث عن الوحي بين منكريه ومقرِّيه لنعود إلى حديث آخر عن الكون، وكيف مهّد الله طرائقه، ويسَّر مرافقه لبنى آدم "خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون، خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين" (3ـ4). وعجيب أن يتحول الإنسان المعروف النشأة العاجز الطفولة إلى عدو لله الذي خلقه فسوّاه، وأسبغ عليه النعم ظاهرة وباطنة..!! "والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون. ولكم فيها جمال حين تريحون و حين تسرحون" (5ـ6). والصورة التي ذكرها القرآن في ترفيه الإنسان ليست صورة "أفندي" جالس على مكتبه يصدر الأوامر، وإنما هي صورة فلاح يذهب إلى الحقل تتبعه ماشيته، ثم يعود، وهو لها مالك، وبها مزدان، ولها مسخّر.. إن هذا متاع عظيم. ثم يطَّرد إحصاء الأفضال الإلهية "هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب، ومنه شجر فيه تسيمون. ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون" (10ـ11) كيف ينزل الماء على الثرى، فإذا الحبوب أنواع، والأزهار ألوان، والطعوم شتى، للأنعام حظها، وللبشر حظوظهم، والأرض واحدة، والماء واحد، وترى هنا غابات ملتفة، وترى هناك سهولاً فيحاء. من صنع هذا كله؟!. "وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون" (12) إن الأرض تعيش جماهيرنا على أديمها، وتلتقط منها رزقها ليست في الفضاء الكوني إلا ذرة صغيرة تنتظم في عقد مبهم من كواكب لا حصر لها. وسورة النحل تسمَّى سورة النعم؛ لكثرة ما وصف الله فيها أنعمه على عباده، طالباً منهم أن يذكروه ويشكروه. وقديماً وحديثاً كان ناس ينكرون الوحي، ويتهمون رجاله بالكذب، كانوا يعيشون في الخلق الأول، لا شيء غير هذا العالم المعاصر إلا شيء يليه! "وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت، بلى وعدا عليه حقا، ولكن أكثر الناس لا يعلمون" (38). والحقيقة أن فترة الاستمتاع بالعالم وما فيه تعقبها حياة أخرى أخلد وأخطر، جاء المرسلون منبهين إليها على امتداد الزمان: "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" (43ـ44). إن المادّيين والوثنيين والعلمانيين لا يؤمنون بوحى، وقد توارث أهل مكة عبادة الأصنام، فما تطوف بأذهانهم إلا أشباح هذه الدنيا. فإذا سمعوا رجلاً يحدثهم أنه يوحى إليه. وأن العالم أوسع مما يتصورون أنكروه، وثاروا عليه، وقد أمرهم القرآن الكريم أن يتصلوا بأهل الكتاب ليشعروا بأن هناك وحياً، وأن هناك مرسلين سابقين.. إن سؤال أهل الذكر الذي ورد في هذه الآية كان ليعرف العرب الأوائل أن الوحي ممكن، وأنه لاغرابة في أن يحدَّث رجل عن السماء، أما ما عند القوم فيحتاج إلى تصحيح طويل!!. والكتاب الذي نزل على محمد تضمن هذا التصحيح المطلوب، ولذلك يقول الله في شأنه "تا لله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم. وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون" (63). إنه تبيان للحق القديم الذي نزل في الوحي الأول، وإنقاذ لعقول البشر!!. ومحمد ـ في الحقيقة ـ هو الذي عقد الصلح بين الدين والعقل، بين الإيمان بالغيب والإيمان بالشهادة، بين ما نزل من عند الله وما وصل إليه أولو الألباب. ولذلك جاءت الآية تحدّد عمله وسيرته "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم، ولعلهم يتفكرون" (44). إن التفكير خاصة العقل الحيّ، وسمة الإنسان الراشد، وكل تدين ينبو عن منطق العقل، ويرفض حقيقة الفطرة، فهو لغو من عند الناس، وليس وحياً من عند الله سبحانه. في الوحي الإلهي من قديم: "وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياى فارهبون. وله ما في السموات والأرض وله الدين واصباً أفغير الله تتقون؟". وتعود سورة النحل إلى تصنيف النعم التي أفاءها الله على الناس: "والله أنزل من السماء ماء فأحيى به الأرض بعد موتها، إن في ذلك لآية لقوم يسمعون" (65) بين ممات الأرض وحياتها ترتدّ الأرواث والفضلات التي أفرزتها البطون حبوباً وفواكه وثمرات بهيّة. من صانع هذه النقائض المتباعدة؟ إنه الله وحده "وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين" (66) هل صنعت البقرة الحلوب شيئاً من هذا؟ إن الكرش وما يضمّ ليس منبعاً ينبجس منه هذا الحليب!!. "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون. ثم كلى من كل الثمرات، فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس، إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون" (68ـ69). إن عسل النحل وضعت فيه كتب تصف آثاره وفوائده! لقد استطاعت هذه الحشرة أن تستخلصه من الحقول والحدائق، والتلال والحشائش، وتجمعت زمراً بين شغالات وملكات لتقدمه بعد لأُيٍ غذاءً ودواء للناس، والناس يلتهمون ولا يشكرون!. ثم شرعت الآيات تصف نعماً عامة تشمل الناس كلهم بين المهد واللحد: "والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم بعد علم شيئاً" (70). إن الحياة غير العدم، وإذا امتنّ الله على أحد بالوجود فليقدر هذا الفضل، وليؤدّ الوظيفة التي خلق من أجلها. كان من الممكن أن يكون تراباً يُداس، أو دابة تركب، فإذا خلقه الله في أحسن تقويم فليقدر ذلك العطاء!!.
|
يتبع ............
وقد جعل الله الزواج أسلوباً لبقاء النوع وامتداده مع اختلاف الليل والنهار، فهل عرفت البشرية معنى الزواج وتحوُّل المرء به إلى أب وجدّ؟ أم أنها عقَّدت تكوين الأسرة، وفتحت مسارب للخنا، وجعلت الزواج في أحيان كثيرة قاصمة للظهر؟؟ "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون" (72)؟. وأغرب ما في حياة الناس أنهم يعبدون الوهم ويذلّون للباطل، وبدلا من أن يعبدوا الله الذي أحسن إليهم وأعلى شأنهم يعبدون بشراً مثلهم، أو حجراً دونهم، أو أكذوبة لا رأس لها ولا ذنب "ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا يستطيعون. فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون" (73ـ74)!!. إن الحساب الجامع لابدّ منه، وسيمْثُل كل امرئ أمام ربه ليعرف ما قدم وما أخّر... وجمع الأولين والآخرين لا يحتاج إلى وقت "وما أمر الساعة إلا كلمح البصر، أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير" (77). ومضت سورة النعم تسرد ما في أعناق الناس من منن: "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون" (78). إنه محيط بالبر والبحر والجو، وهو جاعل الطير يحلّق منساباً من ذؤابة إلى ذؤابة "ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء، ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون" (79). ثم قال تعالى: "والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين. والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكنانا..." (80ـ81) الخ. إن النعم الإلهية فوق الحصر، وبين كل نَفَس ونَفَس تتنزل نعم، وتترادف أفضال "وإن تعدُّوا نعمة الله لا تحصوها إن الله غفور رحيم" (18). وبعد هذا التذكير يجئ دور الكلام عن القرآن، ولكنه يجئ من خاتمة الرواية، عندما يلتقى الأولون والآخرون أمام الله، وتسأل كل أمة عما أسلفت، وبماذا أجابت المرسلين؟ "ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين" (89). هذا المشهد من مشاهد القيامة تكرر في سورة النساء عند قوله تعالى: "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً. يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوَّى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا" (41ـ42). صحّ في السنن أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ بكى عندما سمع هذه الآية. لقد تلقى عن الله كتاباً فيه بيان كل شيء، وبلغه بأمانة ووفاء، وربَّى به أمة غيرت التاريخ، ونقلت العالم من الغيِّ إلى الرشاد!. ماذا دهى هذه الأمة حتى نسيت فذلّت؟ وغفلت فغلبها الجهال؟. ماذا في هذا الكتاب من أوامر يصعب تنفيذها؟ يقول تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي..." (90). وناقش القرآن فرية صغيرة وجهها أعداء الإسلام إلى النبيِّ (ص)!! قالوا: إن شخصاً من أهل الكتاب، أو من خبراء الوحي القديم هو الذي يُلقِّن الرسول ما يجئ به!!. مَنْ هذا الشخص؟ وما الذي استبقاه في دائرة الظل فلم يعلم به أحد؟ "ولقد نعلم أنهم يقولون: إنما يُعلّمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجميّ، وهذا لسان عربي مبين" (102). الإجماع معقود على أن القرآن معجزة اللسان العربي، فكيف انبجست بلاغته من فم أعجميٍّ له بالوحي القديم علاقة قوية أو ضعيفة؟. ولماذا لم يتحدث هذا الشخص ويميط اللثام عن نفسه وعلمه، ويعين قريشاً في عداوتها لمحمد؟. إن من العبث بالعقل الإنساني أن يقول أحد: أخذ محمد كتابه من الكتب الأولى!!. إن أمجاد الألوهية تتألق في جوّ القرآن، وتجعل الإنسان شديد الحس بعظمة الله وقيامه على العالم أجمع، فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، كما يعلم أين تهوى النجوم، ثم تشرق بعد أن تغرب!. إن آيات القرآن تُشيِّد للجلال الإلهي صرحاً في كل نفس. وتجعل المرء عبداً لله وحده، لا عبد رغبة ورهبة!. لقد انفرد القرآن بنسق لم يعهد في غيره من الكتب، فكيف يزعم زاعم أنه مأخوذ مما قيل من قبل؟ إن الأقوى لا يأخذ من الأضعف، والمكثر لا يأخذ من المقل. والمستشرقون الذين يرددون هذا اللغو يهرفون بما لا يعرفون، ويبعثوننا على السخرية منهم... ويستحيل أن يهتدوا إلى الحقيقة وهم يستبطنون الهذر: "إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم. إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون" (104ـ105) وقد اشتدت وطأة القرآن على أولئك المفترين، لأن كذبهم مفضوح، واتهامهم سخيف.. غير أن النظم الكريم عرض بالمعذرة والمغفرة لأناس ضعفوا في سعير الفتنة، ونطقوا بكلمة الكفر راغبين: "من كفر بالله من بعد إيمانه ـ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ـ ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة، وأن الله لا يهدي القوم الكافرين" (106ـ107). لقد قامت سورة النحل على إحصاء النعم الإلهية، وفي مقدمتها نعمة القرآن الكريم، والمفروض أن يلقى الناس هذه النعم بالشكران والإيمان. غير أن هناك من اعتسف الطريق، وآثر الكنود، فماذا كانت عاقبته؟ "وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله. فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون" (112) الشكر قيد النعم، والإيمان حارسها وحافظها... وربما أخطأ البعض ثم ثاب إلى رشده، ورجع إلى الله، إن الله غافر الذنب وقابل التوب، فليثق التائبون أن الله لن يضيع إيمانهم أو يسدَّ الطريق في وجوههم "ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم" (119). والإسلام دين الفطرة، وهو ترديد للرسالات الأولى حينما نزلت من السماء، أما ما طرأ على الأديان السابقة من تحريف وتشويه فقد باعد بينها وبين أصولها، وانفصلت به عن مواريث السماء. وأنا أؤيد تفسير الفضل بن عاشور لقوله تعالى: "إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه" (124) أي: في إبراهيم، فابتعدوا عن سيرته ورسالته، وكانت لهم تعاليم وتقاليد أخرى... ثم ختمت السورة بأن الدعوى الإسلامية تقوم على الحوار والإقناع والأخذ والردّ، ولا تختطّ الإكراه طريقاً لانتشارها "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" (125). ولا يستطيع ذلك إلا فقيه في الكتاب والسنة، عارف بالداء والدواء.
|
* حقائق شرعيّة عن النِّعمة(8):
1- ((النِّعمة)) وردت في صورتها الفعلية ثماني عشر مرة في القرآن الكريم، وأضيف الفعل فيها إلى الضمائر التالية: ((نعَّمه)) ، و((أنعمتَ)) ، و((أنعمنا)) ، و((أنعمها)). وورد الفعل ((أنعم)) سبع عشر مرة، وورد الفعل ((نعَّم)) مرة واحدة، ووردت ((النِّعمة)) في صورتها الاسميّة مضافة إلى الله إحدى وخمسين مرة، مثل: ((نعمة الله))، و((نعمته))، , و((نعمتك))، و((نِعَمه))، و((أنعم الله))، و((أنعُمُه)). ووردت مجردة غير مضافة مرتين، ((نعمة))، معرفة مفردة بكسر النون ((النِّعمة)) سبعاً وأربعين مرَّة، وبالإفراد وفتح النون ((النَّعمة)) مرتين، ووردت كلمة ((نعماء)) مرة واحدة. 2- أُسندت ((النِّعمة)) في القرآن كلّه إلى الله عزَّ وجل مرة واحدة، وهذا الإسناد هو الحقيقي، إذ النِّعم كلُّها منه جلَّ وعلان والأسباب والوسائط التي يتحصل الإنسان منها على شيء من ذلك لا يكون إلا بقدرة. 3- وقد أُسندت ((النِّعمة)) في القرآن مرة واحدة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذلك في قوله -تعالى-: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتّق الله}، والآية نزلت في حق الصحابي الجليل زيد بن حارثة، وقد كان عبداً رقيقاً عنده -صلى الله عليه وسلم-، ثم أعتقه الرسول -صلى الله عليه وسلم وتبنّاه، ولمّا أبطل الله التّبنّي عاد زيد ليُنسب إلى أبيه، فصار يقال له: ((زيد بن حارثة))، وقد زوَّجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من ابنة عمَّته زينب بنت جحش -رضي الله عنها- وقد نشبت بين الزوجين خلافات، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يُحاول الإصلاح بينهما. ونلاحظ أن الآية ذكرت نعمتين غامرتين على زيد بن حارثة: الأولى: نعمة الله عليه }أنعم الله عليه{، وذلك بأن هداه إلى الإسلام، وهو أعظم نعمة على المسلم في الحياة، بل تزيد على نعمة وجوده. الثانية: نعمة الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالعتق والحرية {وأنعمت عليه}. وإسناد النعمة للرسول -عليه الصلاة السلام- إسنادٌ ليس حقيقياً؛ فالله هو الذي قدَّر لزيد بن حارثة أن يُعتق، وهو الذي ألهم الرسول -عليه الصلاة والسلام- أن يعتقه، فالرسول -عليه السلام- سببٌ لوصول نعمة الله إلى زيد بن حارثة -رضي الله عنه-. 4- بيَّن الدامغاني في ((الأشباه والنظائر)) (ص460-461) عشرة أوجه لمعنى ((النعمة)) في القرآن الكريم: وهذه هي (المنة، دين الله وكتابه، محمد -صلى الله عليه وسلم-، الغنى، الثواب، الغنى والملك، النبوة، الرَّحمة، الإحسان، سعة العيش، العتق). ثم قال: ((فوجه منها النعمة: المنّة، قوله سبحانه في سورة الملائكة: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم} أي: منَّته، مثلها في سورة الأحزاب والمائدة، كقوله -تعالى- في سورة البقرة: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم}. الثاني: النعمة: دين الله وكتابه، وقوله تعالى في سورة البقرة: {ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته}، كقوله سبحانه في سورة إبراهيم: {ألم تر إلى الذين بدَّلوا نعمة الله كفراً}، مثلها في سورة آل عمران: {فأصبحتم بنعمته إخواناً} يعني بالإسلام والدين. الثالث: النعمة، محمد -صلى الله عليه وسلم-، قوله -تعالى- في سورة النحل: {فكفرت بأنعم الله}، كقوله -تعالى- فيها: {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} يعني محمداً -صلى الله عليه وسلم-. الرابع: النعمة: الثواب، قوله -تعالى- في سورة آل عمران: {يستبشرون بنعمة من الله وفضل} أي: ثواب الله -تعالى-. الخامس: النعمة: الملك والغنى، قوله -تعالى- في سورة المزمِّل: {وذرني والمكذبين أولي النعمة}. السادس: النعمة: النبوة، قوله -تعالى- في فاتحة الكتاب: {أنعمت عليهم} يعني بالنبوة، نظيرها في سورة النساء: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيِّين} مثلها في سورة الضحى: }وأما بنعمة ربك فحدث{ أي: النبوة. السابع: النعمة: الرَّحمة، قوله -سبحانه- في الحجرات: {فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم} يعني ورحمته. الثامن: النعمة: الإحسان من الله، قوله -تعالى- في سورة الليل: {وما لأحد عنده من نعمة تُجزى} أي: إحسان يُجازى {إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى}. التاسع: النعمة: سعة العيش، قوله -تعالى- في سورة الفجر: {فأكرمه ونعَّمه} يعني: وسع الله عليه معيشته، كقوله -تعالى- في سورة لقمان: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة}. العاشر: المُنعم (عليه) المُعتق، قوله -سبحانه وتعالى- في سورة الأحزاب: }وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه{ أنعم الله عليه بالإسلام وأنعمت عليه بالعتق، يعني زيد بن حارثة)). 5- ((النِّعم)) بجميع أشكالها من مال وجاه وسلطان، هي المقياس في المفاضلة بين الناس عند السُّذَّج وأهل الدنيا، فهي غاية عندهم تُراد لذاتها!! لأنّها عندهم هي السعادة بعينها! فذكر القرآن الكريم أنّ تصوُّر الإنسان للنعم هو: أن من ضيق الله عليه فقد أهانه وأبعده وأذلَّه، ومن أعطاه فقد أعزَّه وأكرمه وقرَّبه؛ قال -تعالى-: {فأمّا الإنسان إذا ما ابتلاه ربُّه فأكرمه ونعَّمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن}. وقد نعى القرآن الكريم على الإنسان عدم إكرامه لليتيم، وإهانته له، لم؟ لأنه لا نعم عنده، لأنه محتاج إلى الناس {كلا بل لا تكرمون اليتيم}. فالإنسان ليست قيمته بما عنده من المال، بل بما عنده من تصورات وأفكار وعقائد وأعمال توافق الشريعة، ولذا جاءت آيات الله تترى في تصحيح مفاهيم الناس عن ((الدنيا)) و ((الآخرة)) و ((الابتلاء)) و ((الجنّة)) و ((النار)) و ((الحسنة)) و ((السيئة))، وغير ذلك. وبالتعبير القرآني: {إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم}. 6- أما أهل التقوى فهم يعلمون أن بسط الرزق وتضييقه لا يكون على وفق الإيمان، وإنّما عن طريق الأخذ بالأسباب الحياتية، واستعداد الأفراد وطاقاتهم لا على مقدار صلاحهم وفسادهم، وأنّ النّعم التي أعطاها الله إياهم، ووهبها لهم، وإنما هي وسيلة لا غاية، والغاية عندهم رضى الله والدار الآخرة، وهذا هو الذي يُفرحهم. قال -تعالى-: {فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربِّهم يتوكلون} وقال: {ورحمة ربك خير مما يجمعون} وقال: {قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}. ويعلمون أيضاً أن السعادة لا ترتبط بكثرة النّعم والمال والمتاع، بل قد تكون هذه الأشياء وبالاً على صاحبها، والقرآن الكريم أشار إلى ذلك بقوله: {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً} فقتل الغلام -وهو صورة من صور المنع والحرمان- كان حتى لايشقى أبواه بالطغيان والكُفران. 7- الناس جميعاً في الدنيا امتنَّ الله عليهم بنعم شتّى، فالنعم ليست خاصة بالكافرين ولا بالمؤمنين، قال -تعالى-: {كُلاً نمدًّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربّك وما كان عطاء ربك محظوراً} وقال: {ومن كفر فأمتِّعه}. فالكافر يصيب نصيباً من نعم الله فسنة الله في العطاء شاملة، ولكنه محروم من أجلّ نعمة وأشرفها وأفضلها، وهي التي تُتوِّج النعم كلها، بحيث تجعلها غير قليلة. قال -تعالى- في سورة النعم -وهي سورة النحل- ممتنَّاً على جنس الناس: {خلق الإنسان من نطفة… والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً وجعل سرابيل تقيكم الحرّ وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يُتم نعمته عليكم لعلكم تُسلمون}. فذكرهم بأصول النّعم وفروعها وعدَّدها عليهم نعمة نعمة، وأخبر أنه أنعم بذلك عليهم ليسلموا له، فتكمل نعمه عليهم بالإسلام الذي هو رأس النعم، ثم أخبر عمن كفره ولم يشكر نعمه، بقوله: {يعرفون نعم الله ثم ينكرونها}. والله عزَّ وجل يذكر في كثير من الآيات بنعمه على عباده، وذلك لتكون وسيلة للتفكير والتدبُّر؛ ليتوصَّلوا بها إلى الاعتبار والتَّعقُّل، ومن ثم لنيل محبّة الله من خلال الاستسلام له، والإذعان لأمره(9). قال ابن قيِّم الجوزيّة -رحمه الله تعالى- في كتابه: ((الفوائد))(10): ((وأما عبودية النعم، فمعرفتها والاعتراف بها أولاً، ثم العياذ به أن يقع في قلبه نسبتها وإضافتها إلى سواه، وإن كان سبباً من الأسباب، فهو مسببه ومقيمه، فالنعمةُ منه وحده بكل وجه واعتبار، ثمّ الثناء بها عليه، ومحبته عليها، وشكره بأن يستعملها في طاعته. ومن لطائف التعبد بالنّعم أن يستكثر قليلها عليه، ويعلم أنها وصلت إليه من سيّده من غير ثمن بذله فيها، ولا وسيلة منه توسَّل بها إليه، ولا استحقاق منه لها، وإنها لله في الحقيقة لا للعبد، فلا تزيده النّعم إلا انكساراً وذلاً وتواضعاً ومحبة للمنعم، وكلما جدد له نعمة أحدث له رضى، وكلما أحدث ذنباً أحدث له توبة وانكساراً واعتذاراً، فهذا هو العبد الكيّس، والعاجز بمعزل عن ذلك)). ولكن… كيف يستقبل الناس هذه النعم، وما هو أثرها فيهم؟ مشهور حسن سلمان......
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كما تعلمون إن للصغار مواقف ربما تكون محرجه اماأمهاتهم اوأبائهم وبنفس الوقت تكون مضحكة | أبو عامر الشمري | المنتدى الترفيهي والمسابقات | 5 | 2015-02-21 12:03 AM |
اقوى مضادات فايروسات بالعالم حاليا,اسمهKaspersky2006 | شمعة فرح | منتدى الحاسب العام والهواتف النقالة والتصميم وتعليم الفوتوشوب | 15 | 2007-05-01 12:18 AM |
القلب الذي قصدته غير متاح حاليا | *&*الروح النقية*&* | المنتدى العام | 6 | 2007-04-30 10:45 PM |
المتواجدين حاليا!! | شهلاء | المنتدى العام | 36 | 2005-02-25 12:15 AM |