لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
بلا أرباح!
نورة بنت عبدالعزيز الشعلان السيارة تنهب الطريق، والأرض تطوى من تحتها كأنها بساط أسود. تنهدتْ "سعاد" كعادتها: (أووف)، ألم نصل الطريق الترابي بعد؟ أشعر أن هذا الطريق يزداد طولاً يومًا بعد يوم. تفوهتْ بهذه العبارة، وهي تنقلبُ على جنبها الآخر، كأنَّها في سريرها غير عابئةٍ بضيق المكان. مشوارنا الصباحي أمر اعتدته، أو هكذا أوهمتُ نفسي؛ تارةً أغفو لتصلني ركلةٌ - غير مقصودة - من سعاد، التي تغطُّ في سباتٍ عميق، وتارةً أخرى أُحدِّقُ في الطريق الصحراوي الممتدِّ، كأنه بلا نهاية، حتى تُجبرني الشمس على ترك التحديق إذا صارت قُبالةَ عيني. أمَّا "نهى"، و"مشاعل"، فتقضيان الوقت في أحاديثَ عابرة، أو صمت يُؤدي إلى الملل والتثاؤب. انضمت إلينا قبل مدة يسيرةٍ زميلةٌ جديدة، صامتةٌ طوال الرحلة، تقرأُ في كتاب، وعيناها عن الصفحةِ لا تحيدان. "سلمى"، هذا هو اسم صاحبتنا، تعملُ في مدرسة قريبة من مدرستنا نحن الأربع؛ لكنَّها ولحسن حظِّها - في تصوُّر مشاعل - تصل مدرستها قبلنا بثُلُثِ ساعة تقريبًا. اقتربت منِّي "نهى"، وهمستْ في أُذني قائلةً: سارة، هل أخبرتِ "سلمى" بأننا سنتأخر اليوم قليلاً في الخروج؛ إذ إنَّ لديَّ المناوبة؟ رفعتْ "سعاد" صوتها: بماذا تتناجيان؟ هيَّا أخبراني. قلتُ لها: نتناجى؟! أظنُّ أنَّ هذه السيارة ملأى، ولست ِأنتِ وحدَكِ معنا! ثم تعالَي، لو كنتِ وحدكِ، فأنتِ نائمةٌ دومًا، ولا أدري كيف تسمعين؟ استوت جالسةً، وهي تعدِّل من وضع عباءتها قائلةً: لا تتهربي يا "سارة"، لا يوجد بيننا أسرار، هيَّا أخبريني، ثم أردفت: وإن كان على "ابن المقفع"، فهو يقرأ في كتابه. لكزتها "مشاعل" في خاصرتها، وقالت: ألا تستحين؟! تأوهتْ معترضةً، وقالت: لم أقلْ سوى الحقيقة، فهي تقرأُ دائمًا. ضحكتْ "سلمى"، وهي تُغلق كتابها، وقالت: صدقتِ يا "سعاد"، فلَمْ تقولي غير الحقيقة، فأنا مولعةٌ بالقراءة منذ صغري، ولا أجد وقتًا أقرأ فيه الآن إلاَّ هذا الوقت، فبقية وقتي أقضيه بجانب أمي المُقعدة لرعايتها، ووالدي أيضًا، فليس لديهما - بعد الله - غيري. قالت "مشاعل" - على استحياء -: أليس لديكِ أولاد، أو زوجٌ، أو إخوة؟ أجابت: لا، فأنا وحيدة والديَّ، فقد أُصيبت أمي بحادثٍ في ظهرها أقعدها،كان ذلك بعد إنجابها لي، لم تُفلح محاولات أمي المضنية في إرغام والدي على الزواج، أمَّا مسألة الزواج، فقد تزوجتُ من ابن عمي، وبعد سبع سنواتٍ من هذا الزواج، كتب الله الانفصال دون أن يكتب لنا الذُّرية. عقَّبت "سعاد": إذًا؛ فقد تزوجتِ من قبل، ظننتكِ بلغتِ هذا العمر ولم تتزوجي. آه من سعاد، ما أطيب قَلْبَها! وما أَسْوَأَ لسانَها! إذ لا قيودَ ولا حدودَ لكلماتها. تمتمتْ "سلمى": "أرزاق"، قبل أن تدخل في موجةٍ جديدةٍ من الصَّمت، وهي تفتح كتابها مرةً أخرى. لم يخفَ عليَّ أن "مشاعل" و"نهى" اقتربتا من "سعاد"، وبدأتا - بصوت خافت - في توبيخها، وهي ترفع صوتها مرةً، وتخفضه مرة، منافحةً عن منهجها في الكلام. قطع عليَّ تأملهما صوتُ مكابح السيارة، وهي تقفُ أمام مدرسة "سلمى"، أدخلتْ كتابها في حقيبتها وهي تودعنا. استوقفتها قائلة: لحظة يا "سلمى"، سيتأخر موعد خروجنا اليوم؛ لأن "نهى" لديها اليوم مناوبة. قالت: لا ضير، اليومَ أنتظركم، والأسبوع القادم تنْتظِرْنني، أليستْ الأيام دُول؟ ختمتْ جملتها بضحكة خفيفة قبل أن تلقي علينا السلام وتذهب. "في حفظ الله"، نطقتْ سعاد كأنها أرادتْ أن تكفِّر عما اقترفته اليومَ في حق "سلمى". انطلقنا بعدها مكملين رحلتنا اليوميَّة، بسط الروتين رداءه على رحلاتنا الصباحيَّة، إلا من مشاكسات "سعاد" التي أصبحتْ تُدخل "سلمى" في دائرة من الضَّحك والتعجُّب والاستظراف. أحببنا "سلمى" كثيرًا، فهي تُجبرك على حجز مساحةٍ لها في قلبك رغمًا عنك، بساطتها، رقتها، عذوبة حديثها، وقبل ذلك برُّها بوالديها، وإنفاقها بسخاء عليهما، استقدمتْ لأمها خادمةً ترعاها في غيابها، أصلحتْ ما يمكن إصلاحه في بيتهم المتواضع، حتى أطفالنا شغفوا بها حبًّا، ولا غَرْو، فالحلوى اليومية لجميع أطفالنا أصبح جزءًا من برنامج "سلمى". • • • • • تراكضت الأيام تراكض الوحوش في البرية، وحطَّتْ الاختبارات التحصيليَّة رحالها، أخبرتنا "سلمى" أنَّها لن ترجعَ معنا منذ الآن - ظهر الأربعاء - ولن تأتي معنا أيضًا صباح السبت؛ إذ إنَّها ستذهب في نقل خاص. لم تكنْ "سعاد" يومها معنا، وإلاَّ لفتحتْ ملفَّ تحقيقٍ كامل. أحضرتْ "سلمى" معها - ذات أربعاء - سلةً للقهوة، ومنذ أخذتْ مكانها و"سعاد" ترمي بكلماتها ذات اليمين وذات الشمال: أشمُّ رائحة قهوة، عصافير بطني تزقزق، وسلمى كعادتها تضحك ضحكة حَيِيَّة خافتة، ولما دبَّ اليأسُ لدى "سعاد"، تلحفتْ بعباءتِها، واستلقتْ وهي تقول: يبدو أنَّه ليس هناك قهوة، وإنَّما زيادة حمولة في هذا المكان الرحب، ما أتعس حظي! وعادت "سلمى" لكتابها، وهي تقرأ عليَّ ما ترى أنه من نفيس الكلام، وأنا أستمتع معها غايةَ الاستمتاع، إلى درجة أنني نسيت عادة التحديق في الأفق. ذهبتْ "سلمى" مع نقلها الخاص، وقفلنا إلى بيوتنا ونحن نَحلم بنهاية أسبوع حافلةٍ بالنَّوم. ولما عادت معنا ظهر السبت كانت لا تزال تحمل سلَّة القهوة، بادرتها سعاد: ما أكبر قلبكِ يا "سلمى"! لم أهُن عليكِ يوم الأربعاء، فأحْضَرْتِ القهوة هذه المرة من أجلي. قالت "سلمى": لا يوجد معي ما يُمكن تناوله إلاَّ حلوى أطفالك، أتريدينها أم لا؟ قالت مستسلمةً: بل أريدها، فلن أنعمَ بنومٍ هادئ قبل أن أرشوَ بها أسامة؛ ليغلق فمه. • • • • • وذات مساء - وبينما أنا أشرح لإحدى بُنَيَّاتِي ما أَشْكَل عليها - ارتفع رنين الهاتف المحمول، وإذا باسم "سلمى" يلتمع في الشاشة، أجبتها وبعد التحية والسؤال قالت: سارة، أريدك في موضوع هامٍّ، فهل لديك وقتٌ لسماعي؟ شعرتُ بأهمية ما ستقوله، فسلمى تضبط انفعالاتها جيدًا. أحسستُ بوجيب قلبي وأنا أرد عليها: كُلِّي آذانٌ صاغية. استهلَّتْ حديثها قائلة: تعلمين - يا سارة - أنني شارفتُ على الأربعين، وأنني قد تزوجت، ولم أرزق بذرية؛ وذلك لضعفٍ لدي. ازْدَرَدْتُ ريقي بصُعُوبة وأنا أتخيَّل أنها ستسألني: هل أسمح لها بالزَّواج من زوجي؟ يا للنساء، لا أدري كيف خطرت لي هذه الفكرة المضحكة؟! سألتني: سارة، أأنت معي؟ قلتُ - وأنا أقاوم جفافًا في حلقي بعد هذا الهاجس الغبي -: نعم، استرسلي. أكملتْ: وقد تزوجتُ قبل شهر من رجل يسكُن في القرية التي أعمل فيها، واتَّفقت وإياه على أن أمكثَ عند والديَّ طيلة الأسبوع، ونهاية الأسبوع أقضيها عنده؛ ولذلك ترون معي ما تظنون أنَّه سلة للقهوة، وهي ليست إلاَّ ملابسي وحاجاتي التي آخذُها معي لبيتي. اعترضتُ: ولماذا لم تخبرينا بذلك؟ قالت: إن زوجي خدعني قبل الزَّواج، وأوهمني أن زوجته الأولى على علم بزواجنا، فلَمَّا تزوجت هددني إنْ نَما إلى سمعها خبرُ زواجنا فأنا طالق. رَدَدْتُ: وما المطلوب مني إذًا؟ قالتْ: لا تستعجلي، واسمعي مني حتى النهاية. كرَّرت - ولكن هذه المرة بنَفَاد صبر -: كلي آذان صاغية. أتَمَّتْ حديثها: يُراودني حلمٌ، بل يُلازمني كظِلِّي، أراه في منامي بل وصحوتي، أنْ أصبحَ أمًّا، ومنذ تزوجت وهذا الحلم السراب بدأ يقترب مني رويدًا، حين قال لي الطبيب: هناك أملٌ كبير في طفل الأنابيب، ولا يخفى عليك أنها عمليةٌ مكلفةٌ ماديًّا، وأنا لا أملك قرشًا واحدًا. بدأت أفهمُ مغزى الاتِّصال، وأصل لخيطٍ في حل لغزها، إذًا فهي تريد قرضًا. أكملت: أنتنَّ أخواتي اللاَّتي لم تلدهن أمي، ولا أنكر يا "سارة"، أنَّك أقربهن إلى قلبي، ووددتُ لو أسديتِ إليَّ معروفًا، وسألتِ سعاد ونهى ومشاعل، إذا لم يكُن لديهن مانع في إقراضي، وأعدك أن أردَّ هذه المبالغ في أقرب وقت. سارة، هل أنتِ معي على الخط؟ قلت وأنا أرد خصلة من شعري سقطت على وجهي: أبْشِري بما يسرُّك، غدًا بإذن الله سأفاتحهن بالأمر إذا نزلتِ إلى مدرستك، وسأوافيك بالنَّتائج، لكن تذكري. ماذا؟ إن حملتِ بتوْءم، فستردِّين المبلغ مضاعفًا. ضحكتْ ضحكةً سمعتُ صداها في قلبي قبل أُذني، ثم قالت: سارة، أمتأكدة أنك معلمة مواد دينية؟ ضحكنا سويًّا، وأنهتْ المكالمة مُعتذرة عن تضييع وقتي الثَّمين - على حد قولها. • • • • • جاءت لحظة المواجهة، وقلتُ: ما فتح الله به عليَّ على الرغم من أني مذ ركبتُ السيارة وأنا أزوِّر في صدري كلامًا. أوحيتُ إليهن بأنَّ سلمى تمر بضائقة، مستبعدةً أمر الزَّواج والحمل؛ كيلا تتعرَّض "سلمى" للإحراج. نعمَ الصديقات، فلم أجد منهن إلا القبول والترحيب. ولم يأتِ الغدُ إلا وسلمى تتسلَّم النقود وتنثر كلمات الثَّناء، وتلهج بالدُّعاء للجميع ببركة العمر والمال والولد. فتحت "سعاد" حقيبتها، وأخرجت دفترَ الشيكات، وهي تقول: كم تريدين أنْ أضعَ الرقم يا سلمى، مليونًا، مليونين، ثلاثة؟ لا تخجلي، فما أملك فداءٌ للمثقفات أمثالك، وأردفت جملتها بقهقهة عالية لم يوقظها منها سوى قرصة نهى، وهي تقول: "ألا تدركين أنَّ السائق رجل؟!". شكرتها "سلمى" بحرارة، قالت "سعاد": لا داعيَ للشُّكر، ألم تسمعي قول الشاعر العربي: لِسَانُ الْفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ حِسَابُهُ وها أنا ذا طويلة اللسان وطويلة اليد، فتفضلي شيكك قبل أن أتراجع. • • • • • لم تَمُرَّ سوى أيام قصيرة قبل أن تتصل بي "سلمى" وصوتها ينمُّ عن حزنٍ عميقٍ، فقلتُ في نفسي: لا أظنُّ أنَّها أخذت من الوقت ما يكفيها بحيث عملت العملية، وصُدمتْ بنتائجها السلبية. |
|
ما بكِ يا "سلمى"؟
قالت: لا شيء يا "سارة"، لكن تعلمين أن بعد غدٍ تبدأ العطلة الصيفيَّة، وأود أن أُعيد المبلغ لك وللزميلات، مع خالص الشكر والثناء. تساءلتُ: وكيف قدرت على جمعه دفعة واحدة؟ لم أصرفها أساسًا، هذا ما فاجأتني به "سلمى". رددتُ بسرعة: وكيف؟ قالت: لأنني أحتاج أضعافها عشرات المرات. رددتُ بنفس سرعتي في المرَّة الأولى: وكيف؟ أجابتني بهدوء: عزيزتي "سارة"، ستعلمين كلَّ شيء غدًا بإذن الله، اطمئني فأمر المؤمن كله له خير. • • • • • لم أُصدِّق حينما انبلج الصُّبح، فخاطري لم يهدأ منذ مكالمتها لي. أخذتُ مكاني بجانبها في السيارة، فتحتْ كتابها، وأخرجت ورقةً بيضاء، مدَّتها لي معلِّقةً: هذه لك وحدَك. فتحتُها والخواطر تلعبُ بي كمركبٍ صغير في بحر هائج، قرأتُ: عزيزتي "سارة"، لا تسأليني: لِمَ أكتب لك وحدكِ؟ ولا تسأليني أيضًا: لِمَ لمْ يكنْ الحديثُ مشافهةً؟ لكنها قصةٌ أردتُ أن تَقْرَئِيها، ليست من نسج الخيال، فلسنا بحاجة للخيال حينما يفرزُ لنا الواقع أمثالَ هذه القصص. • • • • • تزوَّجتْ بابن عمها؛ لكي تكونَ زوجةً ليس إلاَّ، أمضتْ معه سبع سنوات، لا تشكو فيها إلاَّ من الرتابة، فلا أولادَ ولا وظيفةَ؛ لتنقشع سحابة الملل التي أمطرتْها، لكنه أغدقها بحنانه، الذي نضبَ على حِينِ غِرَّةٍ يوم أن علِمَ أن عدم القُدرة على الإنجاب لا تتعلق بشخصه، فتركها دون أدنى نقاش، لكنَّه أمر الله الذي أرجعها لوالديها، ورزقها بالوظيفة التي كانت حلمًا يُراودها منذ التخرُّج. عندما وصلتُ إلى هذا الحدِّ، أدركتُ أن "سلمى" تتحدَّثُ عن نفسها. مضتِ السنُون وتزوَّجتْ بآخر راضيةً بأن تكون زوجةً نهاية الأسبوع فقط؛ من أجل والديها، ومن أجل الحلم الكبير. منذ أن تزوَّجتْ وهي تحلم بطفلٍ تناغيه، تتحسس شعره، وتُلامس بيدها جسده. تزوَّجت بسعد، فأصبح "سعد" كل حياتها، بل طفلها الصغير. دخلتْ عليه يومًا ولديها موضوع أربكها، ولا ريب فالموضوع يتصل بالحلم الكبير. أمسكتْ بطرف كمِّها وهي تقول بعد تردد: سعد. ردَّ وهو يعبث بجهاز التحكم بقنوات التلفاز، وبجانبه صحن من المكسرات: ماذا تريدين؟ أريد أن أحدثكَ بموضوع مهم يَخصُّنا. ماذا لديكِ؟ أعرني اهتمامك من فضلك. وماذا هناك؟ أنا أسمعك. أريد أن أجري عملية طفل أنابيب، لمْ تصدق نفسها أنها نطقتْ. قال - كأن الأمر لا يعنيه -: ثم ماذا؟ تهدجتْ كلماتها، وهي تخاطبه: "سعد"، افهمني، الموضوع يخصنا معًا. بل يخصك وحدَك، فأنا لديَّ أولاد. أحستْ بدوار غريب، ومشاعر وحشة تحتويها. أكمل تقليبه للقنوات قائلاً: وهل هذا كل ما خرجتِ به بعد رحلات العلاج في العاصمة؟ لا أظن الأمر مهمًّا، ظننتكِ مررتِ بضائقة مالية، فإذا بالموضوع موضوع حمل، ما أغربكِ! بل ما أغربك أنت! ألا تشعر بي يا رجل؟! أبعد الصحن جانبًا، وقال: كم ستكلِّف العملية؟ ثلاثون ألفًا، وربَّما لا تنجح في المحاولة الأولى، فنحتاج إلى تكرارها. قال: ومتى تريدين الذَّهاب؟ اقتربتْ منه بِجَذَلٍ، ونطقت كالطفلة: غدًا بل الآن، كم أحب اهتمامك بي! قالت جملتها الأخيرة، وهي تجزم أنها من الكذب الصُّراح. التمعت عيناه، وقال: لكن... لكن ماذا؟ ستعطينني ثلاثين ألفًا أنا أيضًا. ولماذا؟ لأن لدي أطفال، وسأتجشم عناء السَّفر للعاصمة من أجلك. لكنني زوجتك. ردَّ بصفاقة: وكلما تكررت العملية، تكرر المبلغ. "سعد"، قالتها بضراعة. نعم. لماذا هذا الاستغلال؟ تذكَّر للمرة الألف أنني زوجتك. وأنا زوجك وأنت تبخلين عليَّ بإعطائي مرتبك. لكني أعطيتك الكثير، وتذكَّر أن أمي وأبي بحاجتي. هذا ما لدي، قالها ببرود قاتل. "سعد"، تذكر أن الأمر لا يتطلَّب منك سوى نطفة. النطفة تصبح إنسانًا يا مثقفة. عضتْ على شفتها السُّفلى، وقاومتْ عبرة مكتومة، ومشاعر الوحشة تحتويها أكثر وأكثر. حُلمها أصبحتْ تَتَراآه كالسَّراب. • • • • • ماذا تنتظرين يا "سارة"؟ انتهت القصة. ملاحظة: "لا تنسي إخبار الزميلات بأني سوف أعطيهن مبالِغَهنَّ اليومَ في طريق العودة". • • • • • أشعرُ أني فقدتُ الإحساس. كوَّمتُ الورقة بيدي، ودموعي تغسل ما أودعتُه في عيني من كحلٍ فجرَ هذا اليوم. نشجتُ نشيجًا مكتومًا. لم أتفوه بكلمة "سلمى"، التزمت الصمت أيضًا. • • • • • نزلت "سلمى" لمدرستها، وأخبرتُ الزميلات بإرجاع المبالغ، أبدَيْنَ تعجُّبَهن مثلي. في طريق العودة أعطت "سلمى" كلَّ واحدة منَّا نقودها شاكرةً وممتنةً. قالت لها سعاد ممازحة: يبدو أنك دخلتِ مساهمة رابحة، وإلاَّ كيف أرجعتِ الأموال دفعة واحدة. هيا اعترفي، ما تجارتك؟ ردت بوجوم غير معتاد: تجارة بلا أرباح. استشعر الجميع وجومها فرَانَ عليهم الصمتُ. أرادت "سعاد" تحريك الجو، فقالت: متى ستحنو عليَّ "سلمى"، وتأتي بالقهوة في سلتها السرية المتنقلة؟ ردَّت: ارتاحي يا"سعاد"، لن تَرَيْ سلةً بعد اليوم. • • • • • كم أودُّ أن أصرخ! سلمى رفقًا بي، لكنني لُذت بالصمت أخيرًا، وعدت للتحديق في الأفق. الصمت يعم المكان إلا من شخير "سعاد"، وصوت تقليب كتاب يحمل اسم "كيف تربي طفلك؟"، والذي يقبع بين يدي "سلمى". تَمَّت |
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أرباح رغم الجراح | يمامة الوادي | المنتدى الاقتصادي | 3 | 2009-01-15 9:11 PM |
أريد أن أرتاح | يمامة الوادي | منتدى فنون الأناقة والجمال والطبخ | 0 | 2008-08-09 3:43 PM |
لأني أرتاح مع الثانية | يمامة الوادي | منتدى القصة | 2 | 2007-04-09 9:12 AM |
حول خسائرك أرباح | بلوغ المرام | المنتدى العام | 1 | 2006-07-18 4:07 PM |
أرباح لاتفوتك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ | طالبة الحق | المنتدى الإسلامي | 5 | 2006-04-15 12:36 AM |