لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
ممارساته العملية والسياسية : مرحلة ما قبل ولاية العهد : 1- تولى المغفور له رئاسة الأمن العام في مدينة الأحمدي : بدأ المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- حياته العملية في يناير عام 1949 م رئيسا للأمن العام في مدينة الأحمدي ، هذه المـديـنــة التـي جـســدت وشهدت انتقال المجتمع الكويتي من مرحلة صعبة عانى فيها الشعب الكويتي شظف العيش وقساوة الحياة ، إلى مرحلة تميزت بالرفاه الاجتماعي ، والتعامل مع أسباب الحضارة الحديثة. وقد زودت هذه المرحلة المغفور له بخبرات إدارية واسعة ، ومعرفة ودراية بأمور فنية تختص بشؤون النفط واقتصادياته على وجه الخصوص ، مما جعل ذلك دوما محور اهتمام المغفور له ، وذلك لثقة سموه بأن هذه المادة الاستراتيجية هي عصب الحياة في الكويت حاضرا ومستقبلا. 2- تولى المغفور له رئاسة دائرة المالية : في عام 1959م تولى المغفور له منصب رئيس دائرة المالية ، الذي جاء منسجما مع اهتمام المغفور له بشؤون النفط ، ومتساوقا مع تفكيره ، وتجاربه وخبراته التي اكتسبها حين كان رئيسا للأمن العام في مناطق النفط الأمر الذي جعل المغفور له ذا شأن ومكانة رفيعة في اقتصاديات النفط ومطالب المجتمع وحقوق الوطن لدى شركاته العاملة ، وبخاصة في الكويت. 3- تولى المغفور له أول منصب وزاري : تم تعيين المغفور له في أول وزارة شكلت بعد الاستقلال ، وبالتحديد في 17/1/1962م عندما اختير المغفور له أول وزير للمالية والاقتصاد ، حيث استمر المغفور له على رأس هذا الجهاز خلال الفترة مـا بـيـن عام 1959-1965م ، وهنا يجدر بالذكر أن المغفور له قــد تولى بالإضافــة إلــى عمــله وزيـرا للجهاز المالي للدولة ، مهام نائب رئيس مجلس الوزراء ، كما ناب عن كل من سمو الأمير آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح السالم الصباح في أثناء غيابهما في الخارج. وفي الفترة التي تولى فيها المغفور له الشيخ جابر الأحمد حقيبة الجهاز المالي حقق سموه جملة من الإنجازات الكبيرة والمهمة نورد أهمها فيما يلي : 1- إنشاء (بنك الائتمان) لتيسير الائتمان العقاري والزراعي والصناعي ، وذلك من أجل زيادة دخل كل من الدولة والمواطنين ، من حصيلة قيام الأفراد بإنشاء صناعات ، ومشروعات زراعية وعقارية ، وتأسيس الشركات المختلفة والمساهمة في رأسمالها. أول عملة كويتية 2 - إصدار نقد كويتي لاستخدامه في التداول ، بدلا من النقد الهندي بغية عدم الارتباط بعملة دولة أخرى ، مما قد يؤثر سلبا في كيان الدولة. 3- إنشاء مؤسسة مهمة هي (مجلس النقد الكويتي) الذي أشرف على إصدار أوراق النقد والمسكوكات في الكويت. 4- إعداد النظام الخاص بالصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ، والذي باركه سمو أمير البلاد آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح ، برأسمال قدره 50,000,000 دينار كويتي ، ليكون دعامة من دعائم التنمية الاقتصادية في الدول العربية الشقيقة.
|
مرحلة ولاية العهد للمغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح في تاريخ 30/11/1965م ، صدر مرسوم أميري يقضي بتعيين سمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رئيسا لمجلس الوزراء ، وتكليف سموه بتشكيل الحكومة ، وقد استمر سموه في منصبه هذا حتى بويع بالإجماع في مجلس الأمة وليا للعهد ، بالإضافة إلى عمله رئيسا لمجلس الوزراء ، وصدور مرسوم أميري بذلك في 31/5/1966م. أولاً : اهتمامات المغفور له وأهم إنجازاته أثناء فترة ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء : كان المغفور له باذن الله تعالى متابعا جيدا للأزمات الاقتصادية العالمية ، وذلك لتجنب تداعياتها السلبية التي قد تنعكس على الواقع الكويتي ، وكان موضوع التضخم المالي والنقدي في العالم من أهم الأمور التي تقلق سموه ، فرأى أنه لابد من وجود أداة مركزية تتولى الأمور النقدية في البلاد ، بنك الكويت المركزي وتشرف عليها ، وتحميها من المخاطر ، نتيجة لتعقد الظروف الاقتصادية الدولية ، وما يواجه العالم من أزمات اقتصادية طاحنة ، وقد أسفرت أفكار سموه في هذا المجال عن آلية جديدة ، تقوم بأداء هذا الدور ، وكان ذلك بإنشاء البنك المركزي. كما أولى رحمه الله أمور الصناعة والتصنيع في البلاد أهمية كبيرة ، فقد أشار في كلمته بمناسبة حفل افتتاح بنك الكويت الصناعي إلى ما يؤكد ذلك ، ضمن أمور أخرى: " .... إن الحكومة في دعمها لقطاع الصناعة ، تهدف إلى إقامة اقتصاد وطني على أسس راسخة ، بتنويع مصادر الدخل ، وبإقامة صناعات توفر المزيد من الفرص لطاقة العمل الكويتية المتنامية ، وإيجاد فرص استثمار بديلة للفوائض العامة ، والمدخرات الخاصة .... ". مشروع المخطط الهيكلي للدولة من أهم إنجازات حضرة صاحب السمو أمير البلاد وكذلك اهتم-رحمه الله- بالعلم اهتماما بالغا ، وذلك لإيمانه المطلق وقناعته الراسخة بأن العلم هو أساس جميع الأفكار الحديثة والمتطورة ، وأساس صياغة الدولة في مختلف القطاعات ، وقد عبّر سموه عن هذا الاهتمام عدة مرات وفي أكثر من مناسبة نورد مثالاً منها ما جاء في كلمة سموه التي ألقاها في إحدى جلسات مجلس الأمة حيث قال :"... ستهتم الحكومة بتنمية المرافق العامة ، ومنهاجها ذلك التخطيط للتنمية ، والاعتماد على العلم ، بنظرياته الحديثة وأفكاره المتطورة والاهتمام بالأبحاث والدراسات ......". وكذلك انصب اهتمامه رحمه الله بشكل كبير على مشروع المخطط الهيكلي للدولة ، حيث عهد بتلك المهمة إلى عدد كبير من المتخصصين والمستشارين المعماريين من أبناء البلد ومن خبراء العالم ، لوضع تصوراتهم من أجل التوسع المعماري في الكويت هذا المشروع الضخم الذي نلمس نتائجه على أرض الواقع الآن هو ثمار جهد وفكر سمو الشيخ جابر الاحمد ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء آنذاك ، والذي كان حريصا كل الحرص على أن يترأس بنفسه اجتماعات خبراء المخطط الهيكلي ليزودهم بتوجهاته وإرشاداته ، ويتابع أفكارهم وتصوراتهم لكويت المستقبل. بالإضافة إلى ذلك اهتم رحمه الله بخطة تطوير الجهاز الوظيفي ، ورفع كفاءته ، ليكون له مردود طيب في مجال العطاء الوظيفي ، وكانت تلك الخطة إحدى أهم المشروعات الكبيرة التي تشهد نتائجها اليوم أيضا هياكل التنظيم الإداري ، وفي هذا الصدد لم ينس سموه قضية الرواتب والأجور وتطوير مستوياتها ، فصدرت قرارات من مجلس الوزراء في هذا الاتجاه في القطاعين العام والمشترك ، وقدأنصف تنفيذ المشروع العاملين في الدولة وحسن رواتبهم وأجورهم. وعلى المستوى الشعبى رعى رحمه الله بنفسه مشروع القسائم السكنية للمواطنين ، وطلب من البلدية أن تنتهي من إعداد تلك القسائم ، حتى يتسنى توزيعها على المواطنين في نهاية عام 1975م تحقيقا لمبدأ امتلاك المواطن سكنا خاصا يقيه وأسرته من الحر والبرد ويحفظ عليه خصوصيته وكرامته. من جهة أخرى ، وبجهود سموه وعطائه المتصل ، خطت الكويت خطوة نفطية هائلة ذات تأثير عظيم في المنطقة ، وكان وجود سموه على رأس المجلس الأعلى للبترول عاملا قويا في إحداث هذا التأثير ، فقد قررت الكويت استعادة ثروتها النفطية وإحكام السيطرة عليها بالكامل ، وذلك عن طريق إلغاء الامتياز النفطي الذي أعطى للشركات الأجنبية ، وكان لها ذلك عام 1963م ، حيث كان مقدرا أن يبقى هذا الامتياز حتى عام 2025م ، وهكذا تحقق للكويت ما أرادته ، وما سعى له سموه بجهد متصل ، حتى صدرت المراسيم الأميرية التي حققت ذلك الإنجاز الوطني العظيم. ثانياً : سياسة الحكومة كما تبينها خطابات المغفور له أثناء ولايته للعهد 1- كلمته رحمه الله أمام مجلس الأمة بعد مبايعته وليا للعهد : في 31/5/1966م ألقى المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء ، كلمة جامعة أمام مجلس الأمة إثر مبايعة سموه بالإجماع وليا للعهد ، وقد تضمنت الكلمة بيان الحكومة وبرنامجها في مواجهة الأوضاع الاقتـصـاديــة والاجـتـمـــاعية والسـيـــاســية والتنظيمية في البلاد ، وكذلك العلاقة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وما ينبغي أن تكون عليه تلك العلاقة من تضامن وتعاون من أجل الصالح العام للدولة ، والمواطن ، والمجتمع. 2- خطاب المغفور له الشيخ جابر الأحمد بمناسبة افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الثالث : ألقى رحمه الله خطاب الحكومة أمام مجلس الأمة في 10/2/1971م ، مستعرضا الشؤون المحلية والقضايا العربية والدولية ، مشيرا إلى أن الحكومة بصدد إعلان خطة جديدة تواكب متطلبات البلاد الاقتصادية والاجتماعية لخمس السنوات القادمة ، موضحا ما تم إنجازه وتحقيقه في الأوضاع الاقتصادية والتجارية في البلاد ، خاصة بعد الركود النسبي الذي ساد خلال عام 69/1970م ، كما استعرض سموه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من أجل حماية المستثمرين المحليين والمشروعات التي تم إنجازها وما يتوقع إنجازه في المراحل المقبلة. 3- خطاب المغفور له الشيخ جابر الأحمد في دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الثالث : ألقى رحمه الله خطاب الحكومة أمام مجلــس الأمــة بصـفـتـه وليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء في 24/10/1972م ، ركز فيه على الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية وموقف الكويت الواضح والرافض لذلك العدوان ، كما أشار سموه إلى العديد من القضايا المحلية والتي كان أهمها مسألة كفالة الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد ، ونوه سموه بأن الحكومة قد أعدت مشروع قانون للمحافظة على الثروة البترولية ، وضبط استغلالها وفق افضل الطرق الفنية ، بما يحقق المصلحة الاقتصادية للبلاد. 4- خطاب المغفور له الشيخ جابر الأحمد في دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الثالث : ألقى رحمه الله خطاب الحكومة في 31/10/1973م ، أشار في بدايته إلى الدور الطليعي للكويت في المعركة القومية للامة العربية ، إيمانا منها بالمصير المشترك ، والاستجابة التلقائية لردع العدوان وتحقيق العدل والسلام ، مبينا أن الحق لا بد له من قوة تحميه وتدافع عنه ، ومن هنا جاء اهتمام الحكومة بالقوات المسلحة الكويتية من أجل الحفاظ على تراب الوطن وأرضه ، في الوقت الذي بذلت فيه الحكومة المزيد من الجهد لكفالة الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد ، والحد من الخروج على القانون. من جانب آخر أشار رحمه الله إلى مدى اهتمام الحكومة بشؤون البيئة ، الأمر الذي حدا بها إلى الدعوة إلى عقد مؤتمر إقليمي حول البيئة لمعالجة موضوع تلوث مياه الخليج العربي. كما أكد رحمه الله أهمية العلم في حياة الشعوب باعتباره أهم وأقوى ركائز التخطيط العصري ، بالإعلان عن تأييد الحكومة بحماس إنشاء معهد الكويت للأبحاث العلمية ليكون في خدمة أهداف التنمية في البلاد. 5- خطاب المغفور له الشيخ جابر الأحمد في دور الانعقاد التكميلي الخامس للفصل التشريعي الثالث : في 31/10/1974م تحدث رحمه الله في خطابه أمام مجلس الأمة عن الجهود التي تبذلها الكويت من أجل وحدة الصف العربي ، وتوثيق عرى الأخوة والتضامن مع الدول الإسلامية ، كما أوضح سموه أن سياسة الكويت على المستوى الدولي تهدف أساسا إلى التعاون من أجل بناء عالم أفضل للبشرية جمعاء ، وذلك عن طريق الحوار المستنير المثمر ، في إطار من الاحترام والفهم المتبادل للمصالح الحقيقية لكافة شعوب العالم. من جانب آخر ركز رحمه الله على الشأن الكويتي الداخلي ، وبخاصة فيما يتعلق بتطورات الأسواق المالية في ظل الاضطرابات النقدية المتلاحقة. كما ألقى رحمه الله الضوء على ما حققته المؤسسات الحكومية من إنجازات متنوعة في مجال عملها سواء كانت صحية أو تعليمية أو خدمية. 6- خطاب المغفور له الشيخ جابر الأحمد في دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الرابع : كان رحمه الله وقفة جديدة أمام مجلس الأمة في 11/2/1975م ، حيث أكد سموه في خطابه هذا على تبني الحكومة خطا وطنيا قوميا ، حرصت من خلاله على النهوض بمسئولياتها الكاملة ، من أجل النهوض بالمجتمع وسعادة الإنسان الكويتي. كما استعرض رحمه الله سموه في هذا الخطاب ، القضايا الاقتصادية ، والاجتماعية ، وقضايا النفط التي باتت إحدى نقاط الصراع الدولي ، منوها بأن الأمر يدعو إلى إرساء قواعد علاقات جديدة بين الدول المنتجة وشركات البترول الأجنبية ، وهذا ما باشرته الكويت بالفعل ، بهدف استثمار ثروتها البترولية بأيدي أبنائها ، وذلك في إطار استكمال السيادة الفعلية على مقدرات الثروة الوطنية للبلاد.
|
جهود المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- وإنجازاته منذ توليه مقاليد الحكم في 31/12/1977م الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله يدلي بالقسم أميرا للكويت بويع الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أميرا لدولة الكويت في 31/12/1977م ، في أثر وفاة المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح ، ليصبح الأمير الثالث عشر في أسرة آل الصباح ، وثالث أمير لدولة الكويت منذ استقلالها. فالمبايعة نهج متعارف عليه لدى أبناء الشعب الكويتي حكاما ومحكومين ، فهي مبدأ من مبادئ نظام الشورى في الحكم ، والحاكم لا بد وأن يحظي بقبول عامة الشعب والأسرة الحاكمة واختيارهما معا. وكإجراء دستوري قام المغفور له الشيخ جابر الأحمد -طيب الله ثراه- بأداء اليمين الدستوري في اليوم التالي في اجتماع عقده مجلس الوزراء في قصر المسيلة برئاسة رئيس الوزراء بالنيابة وزير الإعلام المرحوم الشيخ جابر العلي السالم الصباح. اللقاء بأبناء الشعب وفعاليات المجتمع واجب أبوي ورسالة تاريخية : المغفور له يتواصل مع أبناء الوطن لقد وجد رحمه الله أن أول خطوة يود أن يخطوها بعد توليه الحكم هي الاتصال المباشر بالمواطنين على المستويين الشعبي والرسمي ، لأن مطالب الناس ومشكلاتهم لا يمكن الإحساس بها إلا من خلال المعايشة الشخصية لها. كما أراد رحمه الله من هذا اللقاء أن يستمع إلى ردود الفعل للبرنامج المستقبلي الذي أعده وعرضه في كلمته السياسية ، التي خاطب فيها الشعب بمناسبة انتهاء فترة الحداد الرسمي على الأمير الراحل المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح طيب الله ثراه ، والذي حاول الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد من خلاله تحديد معالم المسيرة الكويتية المستقبلية ليصل إلى كل المواطنين وجميع شرائح المجتمع. لذا كان رحمه الله عدة زيارات ولقاءات بالمواطنين في مناطق سكنهم ، حيث أتيحت الفرصة لكل مواطن في التحدث أو توجيه الأسئلة إلى سموه في جو أسري تسوده الديمقراطية ، فيتسنى لسموه الاضطلاع عن قرب على أوضاع المنطقة ومشكلاتها الحياتية. وكان رحمه الله يؤكد لأولئك المواطنين أهمية الالتزام بروح التعاون والوحدة الوطنية، والأخوة المستمرة بين أبناء الشعب الكويتي. كما التقى رحمه الله ضمن تلك اللقاءات مع ضباط الجيش الكويتي بمختلف رتبهم ومواقعهم العسكرية ، وضباط القطاعات التابعة لوزارة الداخلية ومسؤوليها ، ورؤساء وأعضاء جمعيات النفع العام. والتقى رحمه الله أيضا بالرعيل الأول في أماكن تجمعاتهم ، وغيرهم من مسؤولي وفعاليات مؤسسات المجتمع المدني.
|
المنظومة الفكرية للأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد-طيب الله ثراه- عبر مسيرته في قيادة الدولة والمجتمع : أولا : الفكر المجتمعي والعدالة الاجتماعية : تواصل المغفور له مع أبنائه الطلبة خارج البلاد كان المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح -طيب الله ثراه- متابعا جيدا للتداعيات والإفرازات الاجتماعية التي صاحبت رياح التغيير التي هبت على الكويت بعد تدفق عوائد النفط عليها ، وانفتاح المجتمع لاستقبال أفواج العمالة العربية والأجنبية الوافدة، التي جاءت للمساهمة في بناء كويت المستقبل ، وخروج الكويتيين في رحلات سياحية وانتشارهم في دول حضارية متقدمة ، وكذا خروج أفواج من الطلبة الكويتيين من سور الكويت لاول مرة من اجل الدراسة وتحصيل العلم في دول عربية وأجنبية. وقد أدى هذا الانفتاح إلى إحداث هزة كبيرة في المجتمع الكويتي أثرت في أنماط الحياة الاجـتـمــاعية التي كان يعيشها الكويتيون ، فالأسرة الكبيرة انكمشت وتـقـلـصــت لصالـــح الأسر الصغيرة .... و الأعراف والتقاليد التي كانت تحكم المجتمع تراجعت لتحل محلها القوانين ، والفتاة الكويتية خرجت من أسوار البيت للتحصيل العلمي في الكويت وفي الخارج. هذه التحولات وغيرها ، نقلت المجتمع الكويتي من حالته الأولية حيث علاقة الوجه للوجه ، إلى وضع جديد تحكمه القوانين ، وتنظم شؤون حياته نظم وإجراءات تشرف على تنفيذها مؤسسات الدولة. وفي السطور القادمة سوف نحاول إيجاز شيء من فكر سموه المجتمعي ، وتوجهاته التي تصدرت أولويات العمل الوطني في مطلع النهضة الحضارية التي شهدتها الكويت.
زيارة المغفور له الشيخ جابر الأحمد لمجمع دور الرعاية الاجتماعية ومع استقلال الكويت بدأ التأكيد في كل مناسبة على مفهوم دولة الرفاه الاجتماعي ، فالفكر الاجتماعي لدى المغفور له جاء شاملا للعلم ، والمعرفة ، والصحة الجيدة وغيرها من المسائل الإنسانية والمجتمعية. كان هذا المفهوم في فكره رحمه الله قد أخذ أبعادا اجتماعية عميقة ، لتشمل الأسرة وكل ما يحيط بها من قضايا اجتماعية ، فالتعليم في فكر سموه يعني مواكبة الحضارة الحديثة ، ويعني مستقبل الكويت ، ويعني الرأسمال الــذي لا ينـضـــب ، كمـــا يعني فرص عمل لمن يبحث عن عمل ، ومن ثم كان دستور الكويت مؤكدا ومحاكيا لهذا الفكر. وامتد هذا الفكر الشمولي ليشمل جوانب أخرى من حياة المجتمع ، تمثلت في دعوة المغفور له وتشجيعه لإقامة الجمعيات الأهلية وفقا لاحتياجات المجتمع بهدف المساهمة والمشاركة الأهلية ، وإسهام المواطنين في خدمة مجتمعهم ، ومن الجدير بالذكر هنا أن المرأة الكويتية قد استأثرت بقدر لا يستهان به من هذا العمل التطوعي. ومن جهة أخرى ، اهتم رحمه الله بشرائح أخرى من المجتمع كالأمهات ، والأطفال ، والشباب ، والشيوخ ، وذوي الاحتياجات الخاصة ، وكان اهتمام سموه بهذه الفئات اهتماما منقطع النظير ، فكان رحمه الله يتابع شخصيا همومهم وقضاياهم.
|
ثالثا : الفكر السياسي : منذ استقلال الكويت ودخولها جامعة الدول العربية والأمم المتحدة اختطت لنفسها سياسة واضحة المعالم للتحرك على المستويين الإقليمي والدولي ، حيث اعتمدت ( الوسطية ) منهجا للسياسة الخارجية ، استطاعت من خلالها تحقيق علاقات جيدة مع دول العالم ، وهي التي انعكست بشكل مباشر على موقف تلك الدول المؤيدة للحق الكويتي إبان العدوان والاحتلال العراقي للكويت عام 1990م. ومن ثم ، فقد أصبحت الكويت في إطار هذا النهج ، وهذه السياسة الدولية الحكيمة التي سخرها رحمه الله لصالح بلده ، ذات مكانة مرموقة في السياستين العربية والدولية ، وصاحبة كلمة مسموعة في مواجهة الأحداث والصراعات الدولية. 1- الأسرة الخليجية : كانت الكويت وما زالت تؤمن بوحدة دول الخليج العربية ، فتشابك مصالح هذه الدول واشتراكها في عادات وتقاليد وثقافة ومصير مشترك يحتم عليها أن تنصهر في بوتقة واحدة. فمنذ مطلع الخمسينيات كانت الكويت تعمل بكل جهدها وإمكاناتها على أن تترجم ما تؤمن به من أفكار إلى واقع عملي ملموس. وكانـت فكــرة التعاون وشــد أزر الأخـوة فـي دول الخلـيج العربــية عن طريــق المساعدات الفنية أولى الخطوات في هذا الاتجاه ، حيث أنشئت أول مؤسسة كويتية في عام 1953م لمتابعة هذا الأمر ، وقد سميت ( بهيئة الخليج والجنوب العربي). المغفور له الشيخ جابر الأحمد في الدورة السابعة عشر للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي وبعد مضي قرابة 28 عاما ، وعلى وجه التحديد في الفترة من 25-26/5/1981م شهدت مدينة أبو ظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة مولد أول تنظيم إقليمي خليجي "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" جاء ليمثل نقطة تحول كبرى في حاضر هذه المنطقة ، وليغدو تجسيدا عمليا لأماني أجيال متعاقبة من أهل الخليج تحلم به وترجوه وتتمناه. وقد اعتبر ذلك اللقاء الانطلاقة الأولى لمسيرة المجلس " الدورة الأولى للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية " ، حيث وقع أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس على النظام الأساسي للمجلس ، الــذي يتـضـمـــن موافقـــة الدول الست على إنشائه ، كما تم في ذلك اللقاء أيضا الموافقة على النظام الداخلي للمجلس الأعلى ، وهو السلطة العليا لمجلس التعاون وأحد الأجهزة الرئيسة الثلاث المكونة له إلى جانب المجلس الوزاري. في الدورة السابعة عشر للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في مدينة الدوحة في قطر خلال الفترة من 7–9/9/1996م ، تقدم المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- باقتراح بإنشاء مجلس استشاري شعبي يكون رديفا لمجلس التعاون ، إيمانا من سموه واقتناعاً راسخاً بأهمية الدور الشعبي وضرورة إفساح المجال له لكي يعمل في إطار المجلس . أن موافقة قادة دول المجلس على هذا المقترح الحضاري لمناقشته في دورة قادمة إنما يدل كذلك على اقتناعهم بالدور الذي ستلعبه شعوبهم في مسيرة المجلس بجانب قادتهم وحكوماتهم. وفي الدورة الثامنة عشرة للمجلس التي عقدت في رحاب دولة الكويت خـــلال الـفـتــــرة من 20-22/9/1997م جرت مناقشة تفعيل الدور الشعبي في دعم المجلس الأعلى وانتهت إلى قرار تضمنه البيان الختامي للمجلس الذي أكد من جديد حرصه على تعزيز دور المواطن في تفعيل مسيرة دول الخليج ، متخذا أول خطوة عملية في هذا الاتجاه حين قرر إنشاء هذه الهيئة الاستشارية من مواطني دول المجلس من ذوي الخبرة والكفاءة ، لتتــولى إبــداء الرأي فيما يحيله المجلس إليها من أمور ، وقد تم تشكيل المجلس خلال السنة ذاتها بواقع خمسة أعضاء من كل دولة ، وقد تولت الكويت رئاسة أول دورة ورشحت لهذا المنصب السيد عبد الله يعقوب بشارة الأمين العام الأسبق لمجلس التعاون لدول الخليج العربية .
|
2 - الأسرة العربية : لقد اهتم المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح-طيب الله ثراه- بقضايا الأمة العربية اهتماما كبيرا ، وكان لها الأولوية في فكره السياسي ، ويتجسد ذلك بوضوح عند الأزمات السياسية ، والمحن الكبرى التي مرت بها الأمة العربية كحرب 1956م ، ونكسة عام 1967م ، وحرب تحرير جزء من الأراضي العربية في أكتوبر 1973م. وكانت القضية الفلسطينية لها حضور مستمر في فكر المغفور له السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وكان رحمه الله يرفض دائما المساومة على قضية الشعب الفلسطيني ، كما كان رحمه الله يعتز اعتزازا كبيرا بحركة التحرير الفلسطينية لكونها واحدة من حركات التحرير العالمي ، لإيمان سموه بحق الإنسان في الحياة ، وحقه الكامل ، في استعادة ما سلب منه ، ولم يترك رحمه الله أي مناسبة قومية أو دولية تمس القضية الفلسطينية إلا وكان في صدارة قادة الدول العربية في الدفاع عن الحق الفلسطيني ومناصرته ، وبخاصة في السنوات التي ترأس فيها سموه منظمة المؤتمر الإسلامي ( الدورة الخامسة / الكويت / عام 1987م ) حيث مكنه ذلك الموقع من مخاطبة دول العالم قادة وشعوبا بإسم ملايين المسلمين في كافة أرجاء العالم داعيا إياهم إلى إيجاد حل عادل لتلك القضية ، ومساعدة الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم. لذا كان رحمه الله أكثر أولئك القادة حزنا وألما على المحن التي كانت تصيب الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الخارج. كان رحمه الله حريصا كل الحرص على وحدة كلمة العرب والعمل العربي المشترك وتضامن الشعوب العربية ، وكان رحمه الله في هذا الاتجاه مبادرات توفيقية عديدة ، سعيا إلى إعادة التضامن العربي كلما تصدعت العلاقة ، أو شابتها شائبة بين دولة عربية وأخرى. كما كان المغفور له باذن الله تعالى حريصا أشد الحرص على حضور اجتماعات القمم العربية ، وكان رحمه الله دور فعال ومؤثر في إيجاد الحلول المناسبة للقضايا العربية المدرجة على جدول أعمال هذه القمم ، كما كان له رحمه الله حضور مشهود في مناقشات ومداولات تلك القمم خاصة دوره رحمه الله المميز في تصفية الأجواء العربية أو في تقديم كامل الدعم المادي والمعنوي للمصالحة العربية أينما كانت. ومن أجل كل تلك الجهود والمساعي القومية التي بذلها رحمه الله على الساحة العربية ، تم اختيار المغفور له " شخصية عربية متميزة " ، وذلك في الاستفتاء الذي أجراه ( المركز العربي للإعلام وبحوث الرأي العام ) في ديسمبر عام 1989م والذي شارك فيه 10,000 مواطن عربي من الدول العربية ، والمهاجرون في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا واستراليا واليابان. من جهة أخرى ، استحق رحمه الله أيضا وسام الرأي العام العربي من الطبقة الأولى ، بمناسبة اختيار المغفور له في استفتاء عالمي شمل عشر زعامات عالمية أدت أدوارا متميزة على المستوى العالمي والإسلامي والعربي ، حيث جرت مراسم تسليم الوسام في 2/6/1990م بمبنى السفارة الكويتية في القاهرة. 3- الأسرة الإسلامية : المغفور له الشيخ جابر الأحمد يرأس الدورة الخامسة للمؤتمر الإسلامي إن فكرة عقد لقاءات إسلامية على أعلى المستويات قد طرحت على أساس العمل العربي الإسلامي منذ أمد بعيد ، حيث بادرت المنظمات والشخصيات الإسلامية المعنية بالعمل العربي والإسلامي إلى الدعوة لعقد مؤتمرات وإنشاء منظمات إسلامية دولية ، سعيا وراء إيجاد قنوات اتصال وتعاون بين الشعوب والأقطار الإسلامية ، خدمة ودفاعا عن المصالح المشتركة التي تربطها في ظل الإسلام. وكان المغفور له الشيخ جابر الأحمد -طيب الله الصباح- أحد الشخصيات التي دعت إلى إنشاء منظمة إسلامية تعنى بشؤون المسلمين وتبحث حال الشعوب الإسلامية أينما كانت ، وجاءت حادثة إحراق المسجد الأقصى لتحرك مشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم لتسارع في عقد أول مؤتمر قمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في الرباط ، وذلك خلال الفترة ما بين 22-25 /9/1969م ، وحضره رؤساء وممثلو معظم الدول الإسلامية. كما كان من أكثر الاهتمامات والهواجس التي شغلت فكر المغفور له متابعته المستمرة للمسيرة الإسلامية حتى ظهورها ككتلة جديدة في التنظيم الدولي ، ورغم ذلك ، فقد ظل سموه متابعا لهذه المسيرة ، ومحاولا ترسيخ هذا الكيان الدولي بين التنظيمات الدولية الأخرى ، وخاصة عندما دعا سموه عام 1980م إلى الإسراع بإنشاء محكمة عدل إسلامية يرتضيها جميع المسلمين في كافة أنحاء العالم حكما وقاضيا ومصلحا ، في خطوة للمحافظة على الخصوصية الإسلامية بعيدا عن محكمة العدل الدولية ، وخاصة فيما يتعلق بحفظ الدماء وعدم سفكها بين المقاتلين من أمة محمد ، ووقف الصراعات الدائرة بين الإخوة في الإسلام. ومن الجدير بالذكر أن سفراء سبع دول إسلامية في الكويت قد أجمعوا على تأييدهم الكامل لدعوة المغفور له ، وهم سفراء كل من الأردن ، ولبنان ، والسودان ، وموريتانيا ، وباكستان ، وبنغلاديش ، وأندونيسيا. ودعما لهذه التوجهات والجهود الخيرة ، قام رحمه الله في 22 /9/1988م ، برحلة سلام بإسم ألف مليون مسلم في كافة أنحاء المعمورة ، بادئا زيارته لفرنسا لينتقل بعدها إلى نيويورك ، حيث ألقى رحمه الله خطابا تاريخيا أمام الدورة الـ 43 للجمعية العامة للأمم المتحدة بإسم هؤلاء المسلمين جميعا بصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وقد اقترح رحمه الله في هذا الخطاب التاريخي مشروعا مكونا من ثلاثة بنود يمكن أن تساهم في معاناة الدول النامية المثقلة بالديون الخارجية ، والتي باتت إحدى وسائل الضغط التي تمارسها دول الشمال المتقدمة على دول الجنوب الفقيرة. فقد دعا رحمه الله إلى قيام نظام اقتصادي وإنساني جديد ، كما دعا إلى مقاومة الإرهاب مع ضرورة التفريق بين الإرهاب الظالم ، سواء كان فرديا ، أو جماعيا ، أو حكوميا ، والحق المشروع في الدفاع عن النفس والوطن ، لكونه حقا شرعته القوانين الدولية. وقد حظي هذا الخطاب المنهجي والتاريخي الشامل باهتمام وكالات الأنباء وبثته في نشراتها الرئيسة ، مركزة بوجه خاص على القضايا التي تناولها رحمه الله في خطابه ، كأزمة الديون التي تعاني منها الدول النامية ، ومشكلة دفن النفايات النووية والكيماوية من قبل الدول الصناعية في مناطق الدول النامية ، وما يتعلق بالحوار بين الشمال والجنوب.
|
- الأسرة الدولية :
المغفور له الشيخ جابر الأحمد مع رؤساء وفود الدول الإسلامية للدورة 43 للجمعية العامة للأمم المتحدة إن اهتمام المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح-طيب الله ثراه- بالقضايا الدولية لم يكن يوما أقل شأنا من اهتمامات سموه بالقضايا المحلية ، بل كان يتجاوزها في بعض الأحوال والظروف ، لأن فلسفة سموه وفكره بشأن الدول يتمحوران بصفة أساسية حول النظرة الشمولية للقضايا الدولية ، مهما تباينت وتعددت جوانبها أو تشعبت محاورها ، وذلك لإيمان المغفور له بأن التداعيات السلبية لهذه القضايا واحدة في جميع الأحوال وإن اختلفت في درجتها ومساحتها وتنوعت أسبابها ، وبخاصة في جانبها السياسي والاقتصادي ، وبالتالي فإن محصلتها النهائية تشكل ضررا بالغا للبشرية لكونها الخاسر الأعظم في أتون هذا الصراع. من هنا ، فإن فكره رحمه الله في معالجة القضايا الدولية ينطلق دوما من النظرة الشمولية هذه النظرة التي تبرز جليا وواضحا في المقترحات والمبادرات التي يقدمها سموه إلى المحافل الدولية ، والتي يسعى من خلالها إلى إيجاد قنوات تفاهم واتصال وتقارب بين مفردات المجتمع الدولي ، تبعده عن مخاطر الانزلاق في حروب إقليمية قد تقود العالم إلى حروب أوسع وأكبر منها ، لا يعرف الإنسان وقتها مدى تأثيرها المدمر ، ونتائجها الرهيبة على الإنسانية والمجتمع البشري. وما سنورده في السطور القادمة ليس سوى نماذج من تلك الجهود العديدة التي كرسها المغفور له في معالجة الأوضاع الدولية من منظور عملي يحفظ كرامة كل دولة وسيادتها ، ويهدف إلى حماية البشرية ، ونشر السلام العالمي في ربوع المعمورة. في ديسمبر عام 1980م ، بدأ رحمه الله زيارة لـ 6 دول آسيوية في أول جولة عمل يقوم بها سموه منذ توليه سدة الحكم ، وهي : جمهورية باكستان الإسلامية – الهند – بنغلاديش - أندونيسيا - ماليزيا - سنغافورة ، وقد تركزت مباحثات سموه مع قادة هذه الدول حول تعاون الكويت معها في المجالات الاقتصادية والسياسية ومجالات المال والاستثمار ، بما يحقق توسيع هذا التعاون وتنسيقه وتنميته. ففي باكستان أمر رحمه الله ببناء عدد من المساجد والمدارس والمستشفيات وحفر الآبار للمياه في عدد من القرى الباكستانية هدية من شعب الكويت إلى شعب باكستان ، كما قام سموه بغرس شجرة في إحدى المناطق الجبلية. في 8/3/1983م ، دعا رحمه الله حركة عدم الانحياز إلى تكثيف جهودها من أجل إنهاء النزاع المسلح بين العراق وإيران ... قال سموه في كلمة ألقاها أمام مؤتمر القمة السابع لدول عدم الانحياز : " إن نجاح الحركة في وضع حد لهذه الحرب هو ميزان دقيق لصدق فعالية جهودها ... " كما دعا سموه إلى بذل جهود مثمرة لإنهاء التوسع الإسرائيلي فوق الأرض العربية ، وضمان حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة. في 24/1/1987م ، أعرب رحمه الله عن دعم الكويت الكامل للأمم المتحدة ، وتمنى لها ولوكالتها المتخصصة كل نجاح في سعيها للقيام بالمهمات الكبرى المنوطة بها ، وقد جاء ذلك في الخطاب الذي وجهه المغفور له بمناسبة يوم الأمم المتحدة ، والذي أعلن فيه المغفور له تمسك الكويت بالمبادئ السامية التي تجسدت في ميثاق الأمم المتحدة ، والتزامها بالقانون الدولي الذي ينبغي أن يحكم العلاقات بين الدول كبيرها وصغيرها. في 26/8/1988م ، حث رحمه الله الأسرة الدولية على مواصلة الجهود لحل المشكلة الفلسطينية باعتبارها من أبرز القضايا الإقليمية التي تهدد أمن العالم بأسره وسلامته ، كما دعا رحمه الله إلى العمل سويا في سبيل تحقيق آمال الشعوب المستضعفة في فلسطين وناميبيا وغيرهما لاستعادة حقوقهما المسلوبة ، جاء ذلك في كلمة وجهها سموه بإسم الكويت ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى الأمم المتحدة بمناسبة الاحتفال بيوم ناميبيا. في 28/9/1988م ، كانت للمغفور له وقفة شامخة شموخ الكويت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، أراد بها رحمه الله أن يثبت للعالم أنه حتى في عالم الكبار يمكن للدول الصغيرة أن تقول كلمة الحق والصواب ، وتتمسك وتؤمن بالعدالة وتدعو إليها ، فقد تحدث رحمه الله من فوق منبر الأمم المتحدة واضعا أولوياته بالترتيب الصحيح ، معبرا عن الهموم العربية والإسلامية ، وهموم العالم الثالث. تحدث عن الإرهاب الذي طال الكويت منه الكثير ، موضحا الفرق بين الإرهاب الظالم والحق المشروع في الدفاع عن النفس ، محذرا من الخلط بينهما ، منبها إلى الفجوة الشاسعة التي تفصل بين دول الشمال والجنوب ، وبين الأغنياء والفقراء ، معتبرا أن حالة من الاستغلال تهدد المسار الاقتصادي العالمي بسبب أزمة الديون العالمية. وهنا بادر رحمه الله إلى طرح تصور شامل لهذا الوضع ، تتحمل فيه الدول الغنية نصيبها الكبير من خلال إسقاط الديون المستحقة على الدول الأشد فقرا ، داعيا رحمه الله في الوقت ذاته إلى قيام نظام اقتصادي إنساني جديد. وقد حظي هذا الخطاب المنهجي التاريخي الذي ألقاه المغفور له أمام الدورة الـ 43 للجمعية العامة للأمم المتحدة بصفته رئيسا لمنظمة المؤتمر الإسلامي باهتمام وكالات الأنباء العالمية وبخاصة وكالات أنباء دول الكتلة الشرقية في نشرتها الرئيسية باللغة الإنجليزية ، وكذلك عدد كبير من وكالات الأنباء في دول العالم الثالث والدول العربية التي نشرت مقتطفات مطولة من خطاب سموه ، ركزت فيها على القضايا المهمة والمصيرية التي أولاها المغفور له الأهمية في خطابه وبخاصة ما يتعلق بمشكلة دفن النفايات النووية الكيماوية من قبل الدول الصناعية في مناطق متفرقة من دول العالم الثالث ، إضافة إلى النداء الذي وجهه رحمه الله إلى جميع دول العالم من أجل إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد أكثر توازنا وعدلا وإنسانية بين الشعوب. وأشاد تعليق سوفييتي بخطاب المغفور له فوصفه بأنه : " كلمة متزنة أثبتت أن الكويت دولة وأميرا تتمتع عن جدارة بالاحترام والثقة ، ليس فقط في الوسط العربي والإسلامي بل في جميع أنحاء العالم". ومن جانبه ، رحب المفوض العام عن المجموعة الأوروبية (كلود سيشون) بمبادرة رحمه الله بشأن المديونية المستحقة على دول العالم الثالث. ومن جهة أخرى ، أبلغ المندوب الأمريكي الدائم لدى الأمم المتحدة (ميرتن وولترز) أن : "الولايات المتحدة ستدرس بعناية الخطة التي اقترحها رحمه الله على المجتمع الدولي ، وبخاصة ما يتعلق بالحوار بين الشمال والجنوب الذي تهتم به بلاده " ، وذكر وولترز " أن صاحب السمو رجل مهم ، وعميق التفكير ، وسنكون سعداء بالتأكيد على دراسة اقتراحه بعناية".
|
رابعا : النهج الديمقراطي والإنساني في فكر المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح -طيب الله ثراه- : - 1- الديمقراطية : ( .... ان الدستور الذي أصدرناه ليس أكثر من تنظيم حقوقي لعادات معمول بها في الكويت ، فقد كان الحكم دائما في هذا البلد شورى بين أهله ......). هذه الكلمات هي من أقوال المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح الحاكم الحادي عشر لدولة الكويت ، وهي كلمات تحكي باختصار قصة الديمقراطية في المجتمع الكويتي ، فلقد كان نظام الحكم في الكويت منذ فجر التاريخ قائما على أساس الشورى بين الحاكم والشعب ، رغم غياب المجالس والمؤسسات الدستورية المنظمة لهذه العلاقة. فقد كانت سلطة الحاكم بمثابة السلطة التنفيذية ، في حين كانت السلطة التشريعية متمثلة في أعراف وتقاليد من صنع أهل الكويت أكثر من كونها من صنع الحاكم ، وبالطبع كان مبدأ الشورى يعني التزام الحاكم باستشارة الأهالي ، كما لم ينفرد الحاكم يوما بوضع تشريع دون الرجوع إلى الأعراف والتقاليد ، وأحكام الشريعة الإسلامية التي كانت تنظم علاقات المجتمع. وفي عهد المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح وعلى وجه التحديد عام 1921م ، تأسس أول مجلس للشورى ، وعلى الرغم من أن عضويته كانت تتم عن طريق التعيين إلا أنه اعتبر أول محاولة لتنظيم الشورى في الحكم ، وتحديد العلاقة بين الحاكم والشعب. ثم تلا ذلك إنشاء أول مجلس للبلدية عام 1930م ، وأول مجلس للمعارف عام 1936م كما تم انتخاب أول مجلس تشريعي عام 1938م ، وصدور وثيقة وطنية مبسطة تتفق مع واقع الحياة في ذلك الوقت. هكذا يتضح لنا أن الممارسات الديمقراطية ، ونظام الشورى في الحكم كانت من الثوابت الأساسية والمهمة في مسيرة المجتمع الكويتي منذ نشأته ، ولم تكن وليدة عهد الاستقلال. ولا شك في أن عصرا جديدا قد بدأ مع تولي المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح الحكم حيث تم إعلان استقلال الكويت في عـــام 1961م ، وصـدور دسـتــور الكويت في عام 1962م (الذي يعد ترجمة لتلك الممارسات والثوابت السياسية الكويتية) وقد بدأ العمل به في عام 1963م ، كما تم انتخاب أول مجلس للامة في البلاد. وهكذا كان كذلك المغفور له الشيخ جابر الأحمد-طيب الله ثراه- مسايرا وملازما لكل تلك التحولات ، وكان له دوما رأي وموقف في معترك تلك التطورات والتصورات المطروحة ، فالمنظومة الفكرية لسموه المتعلقة بالحياة الديمقراطية والحريات العامة لا يمكن أن يرتقي إليها الشك ، ففي كل المناسبات التي يخاطب فيها المغفور له شعبه يؤكد أهمية الشورى والديمقراطية كمنهج للحياة في الكويت ، وأنهما أساس الحكم وضميره. وبهذا نجد أن الديمقراطية دائما وأبدا في فكر المغفور له ووجدانه ، فهو يعبر في كل مناسبة عن إيمانه العميق بحرية المواطنين في الحوار وإبداء الرأي ، والمشاركة الفعالة في كل ما يتعلق بحياتهم ، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. |
2- حقوق الإنسان : المغفور له الشيخ جابر الأحمد في إحدى جولاته لنادي الصم الكويتي كانت الكويت وعلى مر العقود حريصة كل الحرص على كفالة احترام حقوق الإنسان مستمدة مبادئها من الشريعة الإسلامية ومما جاء في القران الكريم والسنة النبوية الشريفة ، لتصبح هي الأخرى إحدى الثوابت في النظام السياسي للكويت ، وتترجم - فيما بعد - في مواد الدستور وأحكامه ، فالمادة (29) من الدستور تنص على أن : (الناس سواسية في الكرامة ، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين). كما تشير المادة (30) إلى أن : (الحرية الشخصية مكفولة) ، وتقضي المادة (31) بأنه : (لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته ، أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون ، ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة). وقد شكل مجلس الأمة الكويتي في جلسته المنعقدة بتاريخ 24/10/1992م ، لجنة برلمانية دائمة تعنى بحقوق الإنسان ، وتضم في عضويتها سبعة نواب ، وذلك حرصا من المجلس واهتماما منه بالجانب الإنساني الذي يشكل ركيزة من ركائز الدولة العصرية ، التي يسودها العدل ويحكمها القانون. وقد امتد حرص المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح -طيب الله ثراه- على المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان إلى المجتمع الدولي ، فلم تخلُ كلمة أمام المحافل الدولية ، وبخاصة الأمم المتحدة من الدعوة إلى محاربة التمييز والتفرقة العنصرية ، كما لم يترك رحمه مناسبة عالمية بشأن حقوق الإنسان ، ومناهضة الفصل العنصري ، إلا وكان رحمه الله رسالة أو كلمة يطالب فيها بتحرير الإنسان من ظلم أخيه الإنسان ، وكما أن وقوفه إلى جانب حركات التحرر الوطني كان من الثوابت الراسخة في فكر المغفور له. هذا ، وقد خطت الكويت في عهد المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح-طيب الله ثراه- خطوات بعيدة في دعم حقوق الإنسان ، وذلك من خلال انضمامها إلى العديد من الاتفاقيات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان ومحاربة التمييز والتفرقة العنصرية بجميع صورها وأشكالها ، تأكيدا منها لحسن النوايا والإخلاص للمبادئ الإنسانية ، وعلى الأخص ما ورد منها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والعهدين الدوليين للحقوق السياسية ، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. 3- الفكر المؤسسي : لقد عرفت الكويت نظام المؤسسات منذ مطلع الثلاثينيات حيث استطاعت أن تحقق الكثير من الإرادة الشعبية وتنقلها من المجال الفكري والتنظيري إلى المجال التطبيقي ، وقد كان رحمه الله من المتابعين لإنجازات هذه المؤسسات وبخاصة أن سموه كان ممن تولوا رئاسة مجالس التخطيط في البلاد ، وقد أولاها اهتماما بالغا ، وحقق من خلالها إنجازات كبيرة. وعند تولي رحمه الله مقاليد الحكم سعى إلى تشكيل مؤسسات فكــــرية وعلـمـيــة تابعة للديوان الأميري ، لتكون عونا فيما يواجه المجتمع من أمور تحتاج إلى الدراسة والمتابعة ، كما تسهل - في الوقت ذاته - لأصحاب القرار اتخاذ قراراتهم في الاتجاه السليم. ومن ضمن تلك المؤسسات نذكر هنا مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وجهاز الدراسات والبحوث الاستشارية ومكتب الشهيد ومكتب الإنماء الاجتماعي واللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. ومن جهة أخرى ، فقد كان المغفور له الشيخ جابر الأحمد -طيب الله ثراه- في مقدمة أولئك المشجعين والداعين إلى قيام المزيد من الهيئات الأهلية والتطوعية ، الأمر الذي مهد الطريق لأن تلعب دورا مهما وبارزا في حياة المجتمع الكويتي الذي تطور من مجتمع بسيط إلى مجتمع حضاري متقدم ، كما سجلت هذه الهيئات موقفا تاريخيا متميزا من خلال دورها في النضال الوطني ومساندتها للشرعية الكويتية وقيادتها السياسية ، وتمسكها بالوحدة الوطنية ، ولعل القرارات الصادرة عن المؤتمر الشعبي الكويتي في جدة في أكتوبر عام 1990م خير بيعة تعبّر عن صدق مشاعر واحساسات أبناء الكويت وفكرهم ، وهيئاتهم الرسمية والأهلية وتجمعاتهم الشعبية ، وقد جاء هذا الموقف الوطني المؤثر ثمرة نتاج لفكر صاحب السمو الأمير في دعمه المتواصل لهذه المؤسسات ، ومدها بالمقومات التي تكفل لها تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها. 4- الفكر الإداري : ويمكننا التعرف على هذا الفكر لدى المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح -طيب الله ثراه- من خلال اهتماماته ومتابعته المستمرة والمتعددة لأحداث التغيير والتطوير في الهياكل الإدارية في الدولة ، وحرصه الشديد على اللقاء بالمسؤولين في القطاعات المختلفة المعنية بشؤون التخطيط ، ذلك لأن خطط الإصلاح الإداري والتنمية الإدارية تأتي على رأس اهتمامات المغفور له ، ومن هنا كان لتوجيهات سموه أثرها الفاعل في عملية التطور الإداري في البلاد.
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هل لديك رؤيا في الشيخ زايد آل نهيان يرحمه الله؟ | الدكتور فهد بن سعود العصيمي | المنتدى العام | 40 | 2016-02-12 5:46 PM |
هل لديك رؤيا في الشيخ جابر الأحمد الصباح | الدكتور فهد بن سعود العصيمي | المنتدى العام | 14 | 2015-11-13 9:15 PM |
هل لديك رؤيا في الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله؟ | الدكتور فهد بن سعود العصيمي | المنتدى العام | 19 | 2008-07-28 11:30 AM |
هل لديك رؤيا في الملك فهد يرحمه الله ؟ | الدكتور فهد بن سعود العصيمي | المنتدى العام | 90 | 2006-04-06 7:42 PM |
رؤيا الشيخ الشعراوي رحمة الله | نورالحياة | ⚪️ منتدى الرؤى المفسرة لغيرالداعـمين،أو المفسرة في المنتدى ∞ | 1 | 2005-06-21 10:49 PM |