لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
فضل الاجتماع وخطر الاختلاف
الخطبة الأولى الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). [آل عمران: 102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا). [النساء: 1] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا). [الأحزاب: 70- 71]. أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أيها الناس: أهبط الله تعالى الأبوين عليهما السلام إلى الأرض، وسخر لهما ولذريتهما ما في سمائها وبرها وبحرها: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا). [البقرة: 29]. وفي الآية الأخرى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ). [الجاثية: 13]. واستخلف سبحانه وتعالى بني آدم في الأرض، يسكنونها ويعمرونها ويحكمونها، وكل ما على الأرض من مخلوقات فهو مسخر لهم، يتصرفون فيه، ولا يتصرف هو فيهم مهما عظم حجمه، ومهما كانت قوته: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الأَرْضِ). [الأنعام: 165]. وفي أخرى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الأَرْضِ). [فاطر: 39]. بل كان الاستخلاف لبني آدم في الأرض هو الغاية من خلق البشر؛ ليقيموا دين الله تعالى في الأرض؛ كما جاء ذلك منصوصا عليه في القرآن: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً). [البقرة: 30]. ولما كان البشر يسكنون الأرض وهم حكامها، والمتصرفون فيها بأمر الله تعالى وحكمته؛ كان الإصلاح فيها يأتي من قبلهم، كما أن الإفساد فيها لا يكون إلا بأيديهم، وكل المخلوقات الأخرى على الأرض وإن كانت أكثر من البشر، وكثير منها أكبر منهم وأقوى؛ فإنها لا تملك إصلاحاً في الأرض ولا فسادا؛ ولذلك خوطب البشر بالإصلاح، ونهوا عن الفساد، ولم يخاطب غيرهم بذلك: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا). [الأعراف: 56]. (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ). [محمد: 22]. وقالت الملائكة لربهم سبحانه وتعالى لما أخبرهم باستخلاف البشر في الأرض: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ). [البقرة: 30]. ومن سنن الله تعالى في عباده أن المصلحين والمفسدين من البشر يبقون إلى آخر الزمان، ويكونون في كل مكان، ويقع بينهم الصراع على الأرض، فالمصلحون يريدون صلاحها، والمفسدون يسعون في فسادها؛ وذلك ليتحقق الاستخلاف، وتظهر حكمة الله تعالى في ابتلاء العباد. ومنذ أن بعث الله تعالى نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام فإن أمته أمة الإسلام تسلمت قيادة الصلاح والإصلاح في الأرض بما أُنزل عليها من الكتاب والحكمة، وبما حظيت به من شرف الإمامة والخيرية، التي من لوازمها السعي بالصلاح والإصلاح، والنهي عن الفساد والإفساد، ومعونة المصلحين، والأخذ على أيدي المفسدين: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بالله). [آل عمران: 110]. |
|
أيها المسلمون:
ومن لوازم قيام هذه الأمة المباركة بمهمة الإصلاح في الأرض التي كُلفت بها: أن يكون أفرادها متآلفين متحابين، معتصمين بحبل الله جميعا، متواصين بالحق والعدل، متعاونين على البر والتقوى، متناهين عن الإثم والعدوان، وأيُّ شرخ بين أفرادها فإنه يُشغلهم بأنفسهم عن إصلاح غيرهم، ويعطل مهمتهم، ويسلبهم رسالتهم العظيمة، ووظيفتهم الجليلة. إنّ الفرقة والاختلاف داءان وبيلان يُقعدان بالأفراد والأمم عن الإصلاح والبناء، ويمكنان للهدم والفساد، ويسببان ظلمة القلوب، وفساد الألسن، والطعن في الناس، وقد يؤديان إلى الاحتراب والتقاتل. وما أُصيبت بنو إسرائيل بالنقص والخذلان، وحاق بها الذل والهوان، وحقت عليها اللعنة - رغم أن النبوة كانت فيهم، وقد فضلوا على العالمين - إلا بسبب اختلافهم على أنبيائهم، واتباع أهوائهم، وأدى بهم ذلك إلى الفرقة والعداوة والبغضاء فيما بينهم. يقول الله تعالى في شأن اليهود: (وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ). [المائدة: 64]. وقال سبحانه وتعالى في شأن النصارى: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ). [المائدة: 14]. لقد قصّ الله تعالى علينا ما وقعت فيه بنو إسرائيل من الفرقة والاختلاف والعداوة والبغضاء؛ لئلا نسير سيرتهم، ولكي نحذر مسلكهم وطريقتهم، فنعتصم بحبل الله تعالى جميعا ولا نتفرق: (وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ العِلْمُ ). [يونس: 93]. وفي الآية الأخرى: (وَآَتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ العِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ). [الجاثية: 17]. وبلغ بهم اختلافهم وفرقتهم مبلغ الشقاق والعناد والقتال؛ كما في قول الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الكِتَابَ بِالحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ). [البقرة: 176]. لقد نهانا ربنا جل جلاله أن نكون كما كانت بنو إسرائيل فرقة واختلافا وتباغضا وتناحرا؛ لئلا نضل كما ضلوا، ونزيغ كما زاغوا: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ). [آل عمران: 105]. وفي الآية الأخرى: (وَلَا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ). [الرُّوم: 32]. إنه طريق واحد هو الصراط المستقيم الذي أمرنا الله تعالى بسلوكه، وهو طريق الأنبياء كلهم، من سلكه أنجى نفسه، وسعى بالصلاح في أمته، ومن حاد عنه فقد فرَّق دينه، وأوبق نفسه، وجنى على أمته. أيها الناس: لما أمر الله تعالى بسلوك هذا الطريق الأوحد - وهو الصراط المستقيم - نهى عن الطرق الأخرى التي ينتج عنها التفرق والاختلاف: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). [الأنعام: 153]. وفي الآية الأخرى: (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ). [الشُّورى: 13]. ومع هذا التحذير العظيم من التفرق والاختلاف الذي أبدى فيه القرآن وأعاد فإن أمة الإسلام وإن كانت معصومة من الإجماع على ضلالة، فإنها ليست معصومة من التفرق والاختلاف، الذي سببه البدع والضلالات، واتباع الهوى، وتعطيل السنن. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " والبدعة مقرونة بالفرقة كما أن السنة مقرونة بالجماعة فيقال: أهل السنة والجماعة كما يقال: أهل البدعة والفرقة ".اهـ وقد يبلغ هذا التفرق بالأمة مبلغ الاحتراب والاقتتال، فيفني بعضهم بعضاً، ويقتلون أنفسهم ويتركون أعداءهم؛ كما وقع ذلك في كثير من دول الإسلام وتاريخهم، ولا يزال يقع إلى يومنا هذا، وهو كما جاء في حديث ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: " يا محمد، إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً، ويسبي بعضهم بعضا ً". وفي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: " وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها ". [رواهما مسلم]. وإذا كان التفرق والاختلاف واقعان في الأمة لا محالة، وهو من قدر الله تعالى الذي قدره عليها، فليس معنى ذلك أن يستسلم أفراد الأمة لهذا القدر، ولا أن يحتجوا به على تفرقهم واختلافهم؛ لأن الله تعالى وإنْ قدر ذلك بحكمته فقد أمرنا سبحانه بالاجتماع، ونهانا عن الفرقة: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا). [آل عمران: 103]. وفي أخرى: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ). [الأنفال: 46]. وروى أبو هريرة رضي الله عنه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يرضى لكم ثلاثا. يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً, وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله تعالى أمركم ". [رواه أحمد وصححه ابن حبان]. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " والاجتماع والائتلاف من أعظم الأمور التي أوجبها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا الأصل العظيم وهو الاعتصام بحبل الله جميعاً وأن لا يتفرق هو من أعظم أصول الإسلام، ومما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه، ومما عظم ذمه لمن تركه من أهل الكتاب وغيرهم، ومما عظمت به وصية النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن عامة وخاصة ". اهـ فحري بكل مخلص لربه، متبع للسنة، ناصح للأمة: أن يسعى في كل طريق صحيح يجمع كلمة المسلمين على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وأن يجتنب كل طريق يؤدي إلى الشقاق والفرقة والاختلاف، ولو سعى كل مسلم في بيان الحق، والنصح للخلق، بحسب استطاعته لتقاربت كثير من القلوب المتباعدة، ولأزيل كثير من الاختلاف والشقاق الذي يوجب العداوة والبغضاء بين الناس، وحسب كل مسلم أن يعلم أن الله تعالى قد حصر الأخوة في الإيمان فقال سبحانه: (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). [الحجرات: 10]. واتباع السنة، والتجرد للحق، والبعد عن الهوى، هو سبب الاجتماع والألفة، كما أن الابتداع، والميل إلى الهوى هو سبب التفرق والاختلاف. نعوذ بالله تعالى من الهوى والردى، ونسأله الموافاة على الإيمان والسنة، آمين يا رب العالمين. وأقول ما تسمعون وأستغفر الله تعالى لي ولكم، فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم. |
|
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، العبد المجتبى، والنبي المصطفى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه واقتفى. أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه: (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ). [البقرة: 223]. أيها الناس: الاختلاف والتفرق في الأمة ينتج عن أحد سببين كبيرين أو كليهما، وكل ما يذكر من أسباب أخرى فلا تخرج عن أحد هذين: أما السبب الأول: فالشبة في الدين، وهي التي تقود إلى أنواع من البدع والضلالات، كبدعة المرجئة والخوارج والقدرية وغيرهم. وأما السبب الثاني: فشهوة الدنيا، وهي التي تؤدي إلى التنافس على السلطان والجاه والمال فيختلف الناس عليها، ويفترقون من أجلها، وقد يقتتلون بسببها. وكل دول الإسلام التي سقطت في القديم والحديث إنما سقطت بهذين السببين أو أحدهما: فدولة الخلافة الراشدة أُحدث في آخرها بدعة الخروج على السلاطين، وتبعتها بدعة الغلو في علي وآله رضي الله عنهم بسبب شبهات عرضت لأصحابها، ومنافقين روجوها على الناس، مع ما داخل القلوب من حب الدنيا، والتنافس فيها، فزالت الخلافة الراشدة بسبب ذلك. وفي أخريات الدولة الأموية دبّ الخلاف على الدنيا في البيت الأموي، واشتد التنافس على مناصب الخلافة، فأدى ذلك إلى الفرقة التي كانت سبباً في ضعف الأمويين وسقوط دولتهم. وأمّا الدولة العباسية فظهرت فيها كثير من البدع اليونانية والرومانية والفارسية على إثر ترجمة كثير من كتبهم، وتمكن أهل البدعة فيها، وكان ذلك على يد الوزير ابن العلقمي، والذي أجمع المؤرخون على أنه من أسقط الخلافة العباسية تحت أقدام المغول. وأما الخلافة العثمانية ففي أخرياتها ظهر القول بالبدعة القومية، وقد كان المسلمون قبلها يجمعهم الإسلام، ففرقهم الأعداء بهذه البدعة، ففاخر الترك بطورانيتهم، واعتز الفرس بفارسيتهم، وقيل للعرب أن يفخروا بعروبتهم، وصار كل أهل عرق وقومية يوالون ويعادون في عرقهم حتى فرقت الأمة شذر مذر، ووجد الأعداء من يعينهم من المسلمين في القضاء على دولتهم، فقضي على الدولة العثمانية، وفرقت تركتها إلى دويلاتٍ أُريد لها أن تزداد تفرقاً إلى تفرّقها بإحياء النعرات القومية والوطنية والطائفية؛ لئلا يعود للمسلمين وحدة البتة. وأما الأندلس التي ما بقي للإسلام فيها إلا خبر يُذكر، وأثر يُبصر، ولا دولة لهم فيها البتة؛ فإن أعظم سبب لسقوطها كان خلاف ملوكها وأمرائها على الدنيا وزينتها، حتى إن الأخ ربما تحالف من النصارى وسلمهم ديار المسلمين؛ ليعينوه على أخيه ابن أمه وأبيه، بل إن الابن قد ينقسم عن ملك أبيه، ويعلن الخروج عليه فيعينه النصارى على ذلك لإلحاق الوهن بالإسلام، وللفتِّ في عضد المسلمين وتمزيقهم، حتى انتهت دولتهم بسبب ذلك. وكان منتهى مأساة الأندلس في غرناطة على يد آخر ملوكها أبي عبد الله الزغل، الذي لقب بالملك الشقي، وكان على خلاف شديد مع عمه على السلطة، وكل واحد منهما حالف النصارى ضد صاحبه. أما العم فناله من الإهانة والذل على أيدي النصارى ما ناله بعد أن حالفهم، فباع أملاكه وجاز بأمواله إلى المغرب؛ فقبض عليه ملك فاس بتهمة تضييعه لدولة الإسلام في الأندلس، وصادر أمواله، وسمّل عينيه، ورمى به في السجن، ثم أخلى سبيله، وآل حاله إلى الفقر والحاجة فطاف بالأسواق والمساجد يستجدي الناس، وعليه ثياب كتب عليها: هذا سلطان الأندلس العاثر الجد. وأما ابن أخيه أبي عبد الله فسلّم غرناطة للنصارى بعد حكمٍ للمسلمين دام فيها سبعة قرون، وخرج منها ذليلاً، فلما أشرف على أكمة نظر إلى غرناطة موضع عزه وسلطانه فأجهش بالبكاء، فصاحت به أمه تقول له: " أجل، فلتبك كالنساء مُلكاً لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال ". وسميت هذه الأكمة بزفرة العربي الأخيرة، ولا زالت تعرف إلى اليوم، ولله الأمر من قبل ومن بعد، والحمد لله على كل حال. أيها الإخوة: بما سبق إيراده من نصوص الوحيين، ومن مواعظ التاريخ يعلم أن الاجتماع رحمة، وبه يقوى جانب المسلمين، وتهاب دولتهم، ولا يظفر الأعداء منهم بشيء، وأن الفرقة عذاب، وهي سبب الوهن والاضمحلال، ورفع الأمن، وحلول الخوف، وما ظفر أعداء الإسلام قديما وحديثا بدولة فأسقطوها واحتلوها إلا بسبب الفرقة والخلاف بين أبنائها، حتى ينبري الخونة منهم لإعانة أعداء الله تعالى؛ كي يحققوا مرادهم. فمن أدرك ذلك حق الإدراك دان لله تعالى بلزوم الجماعة، والتزام الطاعة، وحذر أشد الحذر من شق عصا المسلمين، والشذوذ عنهم، وممالأة أعدائهم عليهم. حفظ الله بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، ورد الكافرين والمنافقين والمفسدين على أعقابهم خاسرين إنه سميع قريب مجيب. وصلوا وسلموا على نبيكم، فإنّ الله تعالى أمرنا بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) إبراهيم بن محمد الحقيل |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الاجتماع | يمامة الوادي | المنتدى الترفيهي والمسابقات | 6 | 2008-11-04 8:09 AM |
النهي عن الاختلاف | الاسلام الحق | المنتدى الإسلامي | 2 | 2008-10-05 3:17 PM |
لا بُد من الاختلاف | يمامة الوادي | منتدى الإرشاد الأسري والنفسي | 2 | 2008-05-04 6:47 PM |