[حورية عدن]

ثوبُ الزّهوِ شائه ، وطبعُ الكبرياءِ مضلِّل ..! وإنَّ المرءَ ليخسرُ من قيمتهِ ، وقدرهِ حينما يزهو، ويختال ..! فينحدرُ من مرتبةِ التقديرِ ، إلى منزلةِ التحقير ..! وقد تعذرُ الجاهلَ لجهلِ نفسهِ وهي تصوِّرُ لهُ عظمةَ قدرهِ ، وعلوَّ كعبهِ ، وهو لا يملكُ حظّاً من العلمِ ، ولا شيئاً من المعرفة ، لكنّك لا تعذرُ المتعلّمَ الذي تفترضُ أن أوّل ما يتعلّمهُ هو حسنُ التأدُّبِ والتخلُّق بالمحاسن ، قبل ما اكتسب من العلم " وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا "الإسراء/85..!
كثيرون هم ممن يحسبونَ أنّهم أعلمُ النّاسِ ، وأعرفهم بكلِّ شيءٍ ، وأقدرهم على امتلاكِ الحجّة ، وفصل الخطاب ..! فإذا سئلوا عن شيءٍ لا يعرفون له ردّاً لا تحملهم أنفسهم على الاعتراف بجهلهم للإجابةِ بل أنهم ليمضُّون السامعِ باللّغو الذي لا يمتُّ للإجابةِ بشيء..! وإذا طُلب رأيهم في أحدٍ من الناس أو شأنٍ من الشؤون أطلقوا لألسنتهم العنان دون لجام لتقول ما شاءت وهو غير جديرٍ برأيٍ أو مشورة..! فينتقد هذا ، ويقيِّم ذاك ، ويُعلن المواقفَ ، ويطلق الآراء ، ويكيل الاتّهامات.. وهذه معضلةٌ يعاني منها كثيرون؛ معضلةُ إعلاءِ النفسِ فوق الآخرَ بغيرِ أهليَّةٍ ولا جدارة ..!

إنّ من علاماتِ رصانةِ الشخصيَّةِ ، وهيبتها حسنُ الأدبِ ، ولطفُ المقالةِ ، وسماحةِ الخاطرِ ، وتحرِّي الحجَّةِ ، وسعةِ الخاطرِ ، وتواضع الجانبِ ، فإذا سادت فيها هذه الصفات ، تحوّلت إلى طباع ، وحينها سيرى أثر ذلك في معاملة الآخرين على غرار "عامل الناس كما تحبُّ أن يعاملوك به". والإدّعاءُ بالعلمِ بالشيءِ دون العلم به خداعٌ وتضليل ..! واستهزاءٌ بالنفسِ وتقليل ..! والقاعدةُ الفقهيّة "من قال لا أعلم فقد أفتى" إنّما هي تندرجُ في صميم المنطقِ لصون الحقيقة ، والحفاظِ على قدرِ النفس ، وعدم الزجِّ بها في أحراشٍ لا تستطيع الخروج منها ..! يقول لي أحد الأصدقاء: استضفتُ في برنامج تلفزيوني فإذا بالمُحاور - وهو غير ضليعٍ بالعلمِ الذي يحاورُ فيه - يسألني سؤالاً تتطلَّبُ الإجابةُ عليه ذكرُ أرقامٍ فأجبتهُ دون مواربةٍ : لا أعرفُ الإجابة .. وعلى الفورِ أُدخل فاصلٌ إعلاني ، سألني المذيعُ المحاورُ خلاله: كيف لا تعرفُ الإجابةَ وأنت المسؤول الذي يفترضُ أنَّ هذا الشأن يقعُ تحت مسؤولياتك ؟! فقال له الصديق: كيف بك تريدني أن أجيب على سؤالٍ لا أملك الإجابةَ عليه ؟! الإجابةُ تتطلّب ذكرَ أرقامٍ وأنا لا أملكها الآن ..!

وإذا كان هذا الصديقُ قد وجِّه إليه سؤالٌ فنفى معرفته بالإجابة فما بالك بمن كان المذيع المعروف يحاورهُ حول إصدارٍ من إصداراته فإذا به يُقحمُ نفسه في شأنٍ ليس لذكرهِ مناسبة ، بل إنّ ذكره بعث الاستغراب والاستنكار من فوره ..؟! ما بالكَ بشاعرٍ مغمورٍ لأول مرّةٍ أراهُ على الشّاشةِ وهو يقدحُ في شاعريَّةِ آخرين ، متهماً إيّاهم بعدمِ الوعي ؟! ما رأيك بمذيعٍ لمجرّدِ أنّه وجدَ له جناحين يطيران به لأقربَ غصنٍ يقلِّل من شأنِ من كانوا سبباً في ظهوره؟! ما رأيكَ بمحاورٍ يتسلَّقُ جذع النخلةِ ، حتى إن وصلَ إلى الرَّطبِ ، بدأ يرمي النوى في أعينِ من حملوه إلى قمّتها ..؟! ما رأيك بالوجوه الجديدة التي سرعان ما إن تطلَّ على الناسِ حتى تحسب أنّها جاءت بالجديدِ الذي حسب الأصمعي أنّه جاء به وأن الأوائل أصبحوا في عداد الماضي ، بل وأن الناس كلّها لا تملك الحقّ والمنطق الذي يملكون..!!

[نبع الوفاء1]

موضوع رائع
بارك الله فيك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمتم على طاعة الرحمن

[صدفه التقينا]

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

[بنت الخجوله]

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .