[يمامة الوادي]

ريشة في مهب الريح









ماذا يقولوا عنك الناس ؟! .. من أجل أن تُرضي الناس ! .. لابد من أن نُساير الناس ! .. الويل لك لو علم بك الناس !

تساؤلات وجُمل نسمع بها من حين إلى آخر, وقد ننطق بها في لحظات ضُعف وقِلة حكمة, فهذا واقع ملموس وليس نسج خيال, الكثير يعيش في حدوده وقِله "بإذن الله في زيادة" ترفعوا عن تلك الحدود الشفافة,,

إن التأمل الجاد العميق في حالنا اليوم, يجعلنا نشعر بشيء من العار, نعم وكيف لا, فكثير من المعايير والغايات "مع الأسف" تقلصت وتراجعت وانحطت,,

فنجد أنفسنا نركض ولكن إلى سراب, نبني ولكن في خراب, نعمل ولكن بعار,,

وسأسرد هنا حاليين لعلها تفي بالغرض بإذن الله:

* إذا نظرنا بحكمة في حال المناسبات اليوم وكثرتها والمبالغة فيها, لأصبتنا حُرقة تُدمي القلب, فالناس ينفقون في المناسبات ما لا ينفقوا نصفه أو حتى الرُبع فيما يقربهم من الله زُلفى, فتجدهم يُبالغون مُبالغة الجاهِلية, في التجهيزات والفساتين والثياب والمأكولات والمشروبات, والإسراف في الكماليات والترفيه والتفاهات, ولو أنك سألت شيئاً بسيط من هذا, لرفع كُربة عن مسكين, أو كسوة عاري فقير, أو إطعام جائع يتيم, أو دعم إخوة متطوعين, لتجاهلتك العقول!, وأحرقتك نظرات العيون!, ولربما تطاولت عليك الألسن بالجنون "لا أدري كيف تحكمون",,

ومع كل هذا التبذير في المال والثمرات, إلا أن الأشد والأدهى, هو إضاعة الوقت الذي يفوق المال أهمية, فهو لا يُختزل ولكن يُستثمر, ولن تحصل عليه بالمال, ولكن هو يصنع المال وأرقى, فنجد أنفسنا في مُناسبات, تأخذ مننا الوقت كُله, ساعات بل أيام, ولا نكترث في الجدولة والتنظيم, فالعشوائية والهامشية هي ديدن الجميع, والقليل يتصيد ويستثمر الوقت للإنجاز والتطوير,,

وكل هذا وللأسف مُصاحب بمعيار الناس, وغاية رضا الناس, ونية أضاعت الأجر "نسأل الله العفو والسماح", فالأغلب لتباهي أمام الحشود, والأكثر لحفظ ماء الوجه وإسكات الألسن وعَض السنون, مع أن النية الطيبة والحكمة والتنظيم الصحيح لِهذا يجلب الخير والبركة, ولما لا !, إذ أن إجابة الدعوة واجبة, وزيارة المريض من حق المسلم على المسلم وبها من الأجر الكثير, وإكرام الضيف من الإيمان بالله واليوم الآخر, وصِلة الأرحام بركة في العمر والرزق, فعلينا الاهتمام باللُب وتجاهل القشور,,

* والتأمل أيضاً في حال بعض الإخوة في تربية الأبناء, إذ أنهم يسقونهم بماء كَريه يُنمي ولكن نباته ضعيف, فتجدهم يحرصون على تعليم أبنائهم, ولكن بلا حِكمة ولا ترغيب حَسن, فأرقى ما يصلوا إليه في التحفيز هو ( يا فُلان أو فُلانة أحصل على الشهادة تنفعك, أدرس وأتعب الآن بُكرة تحصل على الشِهادة وترتاح, أدرس لجل بكرة أقول أبنائي وبناتي مُتعلمين), فيصنعوا منهم تماثيل جوفاء لا تملك من أمرها شيء إلا شهادة, والأنسب أن تكون شهادة تجويف,,

وثُلة أخرى تخوض في الثقافة والإطلاع والحرص على الدورات, ليس من باب الانتفاع بشيء مُفيد يكون عبادة لرب العالمين, ولا من باب التطبيق, ولا من باب إتقان الوظيفة, ولا من باب الإصلاح والتغير ونفع الأمة, ولا من باب توسيع قاعدة الفهم, ولكن من باب التشبه والتقليد والظفر بشهادات والتظاهر بأنهم مُتعلمين, ليرضى عنهم الناس أجمعين,,

وهذا مرض خطير أشبه بمرض وراثي, فما إن زرعنا هذا في أبنائنا حتى رأينا وللأسف أن العدوة انتقلت إلى أحفادنا وتفاقمت, فيعيشون إن عاش الناس, ويموتون إن ماتوا, فالواجب علينا زرع التعلم والقراءة كعبادة, ونوضح لهم أن العلم نور, وكيف أن العِلم هو حجر الزاوية لنهضة الأمم و الشعوب, ونكون لهم نموذجاً وحياً حالاً ومقالاً, ونبرز لهم أسمى الغايات وثمرها,,

والخوض مع القياس والتأمل في الأحوال يجعلك تجد المزيد والمزيد من هذه السِّلع الرخيصة, ولكن النية الطيبة مع الدُعاء والعمل الصالح المُستديم للإصلاح والتطوير والعمل في رضا رب الناس يصنع ما يظنه العجزة مُستحيل, أما في حال الاستسلام والسير على ما سار عليه الناس بلا تدبر ومُجاهدة, فسننتهي وحالنا كريشة في مهب الريح,,

أخوكم العَبد المُقصر الفَقير المُهندس بن فقيه

[نبع الوفاء1]

راااائع جدا
بارك الله فيك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمتم على طاعة الرحمن