لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
عٍـــندهَـــا بَـكَيــــتُ ..
أبو زيد ما أجملكِ يا دنيا الأحبة .. حياة سعيدة .. وروضة غناء .. تسير بين جنباتها لتنعم بالرخاء والهناء .. وتشرب من ماءها الصافي عذبا زلالا .. وتستنشق هواءها العبق فترجع إليك روحك نقية صافية .. فما أهنأك من حياة .. وما أعبقك من روضة .. ---------------------- في تلك الروضة .. عشنا سويا .. عشنا أجمل أيام الحياة .. بين صحب .. خلت أنهم قد خرقوا المثل العربي : " ثلاثة تذكرها العرب ولم ترها : العنقاء والغول .. والخل الوفي " .. أين أنتم أيها العرب .. أين أنتم يا سادة الضاد .. هاقد وجدنا الأخلاء الأوفياء .. لم تكن تلك الأخوة رهينة اللقاء .. بل لقد امتدت واتسعت .. فحبرت الأوراق .. وزوقت الكلمات .. ونمقت العبارات .. وأحيت اللقاءات .. بل .. لقد شملت : رسائل الجوال .. وبطاقات الاتصال .. وهدايا وأقوال .. -------------- مرت سنين بالوصال وبالهنا .. فكأنها من سعدها أيام ثم انثنت أيام هجر بعدها .. فكأنها من طولها أعوام ثم انثنت تلك السنون وأهلها .. فكأننا وكأنهم أحلام ------------ لكن .. وتلك هي السنة الإلهية .. لابد للقاء من فراق .. ولابد للوفاء من جفاء .. لتؤكد لنا الحياة .. صدق مقولة العرب تلك .. (( والخل الوفي )).. ---------- وفي هذا الموضوع .. قررت أن أسطر شيئا من تلك القصص .. التي بكيت ساعتها ..بكاء مؤلما .. ربما .. لم نحزن للفراق .. لكن .. لطريقة الفراق .. نعم .. لطريقة الفراق .. وسأذكر قصصا حدثت لي .. حدثت .. وعٍـــندهَـــا بَـكَيــــتُ .. سأذكرها بتفاصيلها .. وربما تفاصيل لم أذكرها لأحدٍ قبلُ .. لكن .. لن أذكر الأسماء .. وسأكني عنها بأسماء أخر .. فسطر يا قلم بمداد الفؤاد .. ! ..عٍـــندهَـــا بَـكَيــــتُ .. ! وتنكب العداء .. عبد الرحمن .. صديق عزيز .. يصغرني بعدة سنوات .. التحق بحلقتنا في المرحلة المتوسطة .. ------------------- كانت بداية معرفتي به في رحلة مشتركة بين الثانوي والمتوسط .. سلمت عليه .. ثم قلت - كعادتي - : الاسم الكريم .. فقال : عبد الرحمن .. قلت : أنت الذي دعوت مدرسيك بالأمس إلى الإفطار في منزلكم - وكنت قد سمعت ذلك من بعض الشباب - .. قال - متعجبا - : نعم .. ابتسمت .. .. ثم سرت لأكمل السلام على بقية الشباب .. ----------------- كان ذلك أول لقاء لي معه .. وبعد سنة .. التحق ذلك الشاب بالمرحلة الثانوية .. فتعرفت عليه عن قرب .. لا أخفيكم .. فقد كان ينظر لي نظرات توقير .. لا أدري. . ربما للفارق السني بيننا .. ---------------- كان عبد الرحمن .. طالبا متميزا في الحلقة .. تطور أداؤه تطورا ملحوظا رغم قصر الفترة التي مرت عليه في المرحلة الثانوية .. كان محل إعجاب لدى الشباب .. -------------- مرت على عبد الرحمن .. عقبات كثر .. وقصص متعددة .. ربما لم تمر على أحد من الشباب كما مرت عليه .. وليس هذا بمستغرب .. فـعبد الرحمن .. يمتلك عقلية فذة .. وأسلوبا متميزا في كسب العلاقات .. ------------- كان بيني وبين عبد الرحمن .. علاقات خاصة .. رسائل أخوية .. ونصائح قلبية .. لكن .. كنت أشعر أن بيني وبينه غشاء من التصانع .. مما جعل تلك الصداقة تتوقف عند حد الأخوة المعتاد .. ومع ذلك .. فلقد كان لـعبد الرحمن .. أصدقاء وخلان .. فصديقه الحميم : عبد الله .. كان خير أخ له .. وأوفاهم .. ------------ لم نستمر طويلا .. افترقنا .. لكن .. استمر الاتصال بيننا .. كنت ألتقي به مرة بعد مرة .. أحيانا مصادفة .. وأحيانا بشكل مرتب .. ولم أكن أعلم ما تخبئ الأيام لـعبد الرحمن .. .. ------------ نسيت شيئا .. فلقد كان عبد الرحمن .. مفوها .. صاحب لسان وبيان .. يلقي الكلمة بعد الصلاة دون تحضير .. فربما لا تملك دمعك -أحيانا - من أثرها عليك .. وما إن ينتهي منها حتى تسمع عبارات الشكر من السامعين .. مما يشعرك بشدة متابعتهم لها .. ----------- وفي رمضان الماضي .. جاءنا عبد الرحمن .. لوداعنا قبل انطلاقنا لمكة المكرمة .. فلم يتمكن من مشاركتنا لظروفه الخاصة .. ولم أكن أعلم .. ما تخبئ لنا الأيام بعد رمضان .. ----------- وفي شوال : وفي يوم السبت .. كنت في ذلك المحل الصغير - البوفيه - أتناول وجبة الإفطار مع أحد الأحبة .. سألته .. ما آخر الأخبار ؟؟ قال : لا جديد .. إلا قضية عبد الرحمن .. .. قلت : وما شأنه ؟؟ قال : انتكس .. قلت : ماذا ؟؟ قال : تغيرت حاله كثيرا .. وقرر ترك الشباب .. قلت : وكيف ذلك .. قال : كلنا متعجبون .. لكنه يقول : إنني لست مثلكم .. فلدي معاص .. وأنا غير مناسب للاستمرار مع رفقة صالحة مثلكم .. قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله .. وهل يظن أن ترك للأخيار سيجعل الحرام حلالا .. أو سيجعله مرتاح الضمير .. -------------- الله .. إنها الأيام .. عبد الرحمن .. .. لا زلت أذكر حين جلسنا سويا .. أكثر من ساعة .. نتناقش في أمور تخصنا .. لا زلت أذكر حين اتصلت بي عندما غبت يوما عن الحلقة .. لا زلت أذكر حين صعدت المنبر فألقيت كلمتك عن المعاصي والخلوات .. كانت كلمة مؤثرة .. لا زلت أذكر حين صحبتنا إلى المقبرة عند وفاة زميلنا خالد .. أيام وأيام .. عشناها سويا .. عبد الرحمن .. .. لا تلمني .. حين أسبل الدمع لذكراك .. فلقصتك أحداثها التي لا تنسى .. عبد الرحمن .. .. كم أنا متفائل بعودتك للطريق .. لاستقامة تامة .. ----------- لا إله إلا الله .. نعوذ بالله من الحور بعد الكور .. ----------- ! ..عٍـــندهَـــا بَـكَيــــتُ .. ! ----------- وكانت الفاجعة .. خالد .. .. شاب لطيف .. يصغرني بسنة واحدة دراسيا .. لكني اكتشفت أنه يكبرني بشهرين .. فقد دخل المدرسة متأخرا .. ولا زلت أذكر حين كان يقول مازحا : ( اسكت .. فأنا أكبر منك ) .. --------------- تعرفت عليه عندما كان في المرحلة المتوسطة .. وكنت حينها في المرحلة الثانوية .. شخص غريب .. كان هو الوحيد من بين زملائه الذي حضر بدون شماغ .. شعرت من أول يوم أنه شاب بريء .. أو كما نقول : ( على نياته ) .. وفعلا.. كان خالد .. من أكثر الشباب لطافة ومرحا .. وكان مع ذلك قمة في الأخلاق والتسامح .. ------------- لا أذكر أنه غضب يوما على أحد .. اضربه .. احرمه .. أزعجه .. افعل ما تشاء .. فلن تجد ردا .. إلا ابتسامته البراقة .. يأسرك بمنظره .. ويبهجك بحماسه .. |
|
---------------
أذكر أن أحد الشباب كان يضربه دائما على رقبته .. وعندما يلتفت . يقول له : ( يا اخي .. رقبتك تشهي للضرب ) .. فيبتسم خالد .. .. وبعد ذلك يضربه .. فيلتفت خالد .. ، ويقول : ( تشهي .. هاه .. ) .. فلا يمتلك صاحبنا إلا أن يضحك .. --------------- كان خالد .. مضربا للمثل في حرصه وحماسه .. فكان لا يغيب أبدا عن الحلقة .. بل ربما مشى أكثر من كيلين حين لا يجد من يحضره ..! --------------- لا زلت أذكر حين أرجعته مرة إلى بيتهم .. فطلب مني أن أنزله في المكتبة الموجودة في الحي المجاور .. ليعود بعدها على قدميه إلى بيته في طريق مسافته أكثر من كيل .. همة وقادة .. وعزم نادر .. ---------------- كان خالد .. مضرب المثل في سلامة الصدر .. فلم يكن يحمل في قلبه غلا على أحد .. صفة نادرة .. جعلته مضرب المثل .. ----------------- وفي الصف الثاني ثانوي .. اختار خالد .. القسم الشرعي .. فهو يرى نفسه متحمسا لذلك القسم .. ومبدعا في مجاله .. ولم يكن في تلك المدرسة إلا فصلا واحدا للقسم الشرعي .. فكان صاحبنا أحد طلابه .. ----------------- وكان لخالد .. جولات مع القرآن .. فكان يحب الاستماع لأشرطة الشيخ د.خالد الماجد .... وأذكر أنه مرة كان معي في السيارة فأخرج شريطا أصفر .. وقال لي : ضعه في المسجل .. وضعته .. لنسمع ذلك الصوت العذب .. إنه الصوت المحبوب لخالد .. .. صوت القارئ خالد الماجد .... ------------------ في رمضان .. كان لخالد .. أيام وأيام .. فهاهو ذا يقبل والابتسامة المعتادة بادية على محياه .. ليقول : صلينا اليوم عند قارئ في شمال الرياض تشبه قراءته قراءة ياسر الدوسري ..وكان القارئ ياسر الدوسري آنذاك في جنوب الرياض .. وبعد أيام .. صليت مع ذلك القارئ .. لأستمع لذلك الصوت الجذاب .. يا لله .. ما أعذبه وأجمله .. ------------------ وهكذا .. استمرت الأيام .. واستمر خالد .. في عطائه وتميزه .. فهو ملح الجلسات .. ونكهة اللقاءات .. ----------------- وفي شهر ذي الحجة من ذلك العام .. وعند انتهاء الاختبارات .. قررنا أن نخرج إلى استراحة مع مجموعة من الأحبة .. لنفرغ الشحنات .. ونريح النفس .. بعد عناء تلك الأيام .. كانت الجلسة المغربية - كعادتها - لا تخلو من طرف وبسمات .. رغم طبيعتها الجادة .. وفي أثناء تلك الجلسة .. تلقى المشرف اتصالا ليستأذن ويخرج خارج الخيمة .. لم نأبه كثيرا. . فما أكثر الاتصالات .. لكن .. كان التاريخ قد سطر لذلك الاتصال ذكرى خالدة .. ----------------- دخل المشرف .. أنهى الجلسة .. ثم صلى وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم .. ثم سكت .. يا الله .. ماهذا السكوت .. يا رب سترك .. أكمل المشرف حديثه .. ثم قال : أحسن الله عزاءكم .. ثم سكت .. أحسن الله عزاءكم .. في خالد .. .. أصيب اليوم بحادث .. انقلبت سيارته عدة مرات .. ثم ارتطمت بالأشجار .. وتوفي مباشرة .. ----------------- يا الله .. أصحيح ما قال ؟؟ خالد .. .. صاحبنا .. رحل عن الدنيا .. كانت صلاة العشاء من ذلك اليوم مشهودة .. فما من جالس إلا وقد رفع يده ليدعو لخالد .. .. اللهم اغفر له .. اللهم ارحمه .. رحمك الله يا خالد .. .. ------------------- مر شريط الذكريات على ذهني مثل سنا البرق .. لا زلت أذكر آخر لقاء .. حينما حضر خالد .. لتناول العشاء معنا .. كان لقاؤه مفاجأة لنا .. بعد انقطاعه فترة عنا .. لا زال يحمل تلك النفس المنشرحة .. والبسمة البراقة .. عناق حار .. ولقاء عجيب .. ولم نكن نعلم أنه آخر لقاء بخالد .. .. رحمك الله يا خالد .. .. -------------------- بقلبي ركن للفقيد معطل*** عظيم ولكن هل طبيب يعلل وجرح تعدى كل جرح كأنه *** مسيل لواد من دماء ومهطل وعين أسألت من دموع كأنها *** سحاب ركام بالمياه معطل لقد راح ذاك القلب وقت لقائنا *** فهل يا ترى يلفى الحبيب المجندل --------------------- لا زلت أذكر .. حين ذهبنا للمقبرة .. كان منظر قبره مؤثرا .. مبكيا .. لم يتمالك الكثير أدمعهم .. يا لنفوسنا المقصرة .. أين أنت ..؟؟ ----------------- أيا مغسل الصحب الذي فيه أشرقت *** وجوه من النور كبدر يهلل ويا جامع الموتى لقد فيك ودعوا *** حبيبا بتكبير رباع وأرملوا وفي مدفن الموتى نسيم قد انقضت *** حياة وقد كانت حياة تبدل ---------------- كان منظر أبيه وهو يقف شامخا في العزاء منظرا عجيبا .. ما أعظم صبره على فراق ابنه .. كان درسا .. بل دروسا لن ينساها الزمن .. |
|
رحمك الله يا خالد .. .. وأسكنك الجنان ..
يذكر من شاهده بعد التغسيل أن وجهه كان مشرقا .. --------------- لقد غيبوا ذاك السعيد بلمحة *** وقد حار قبر قد مضى فيه ينزل ولم تصطبر تلك العيون عن البكا *** فسالت على كف تلوح وتسأل فيا رب قد بت ببابك سائلا *** غفورا مجيبا للدعاء ويقبل بأن نلتقي في جنة الخلد معهم *** بجلسات ذكر دائمات تبجل ----------------- ! ..عٍـــندهَـــا بَـكَيــــتُ .. ! ---------------- إنها دوامة.. عبد المحسن .. .. طالب جديد في مدرستي المتوسطة .. انضم إلى فصلنا بعد انتقاله من مدرسته القديمة .. يظهر من محياه تخفف من الذنوب والمعاصي .. فوجهه الطلق يوحي لك بذلك .. فما من شيء أظلم للوجه من المعاصي .. -------------------- كان عبد المحسن .. حييا .. مخلص الود .. صادق المحبة .. صادق الكلمة .. لطيف المعشر .. استطعت أن أكسبه صديقا من أول يوم .. وربما لا يكون ذلك شيئا مستغربا في المرحلة المتوسطة .. فعدو اليوم .. ربما يكون غدا أعز الأصدقاء .. لا علينا .. لم يكن عبد المحسن .. يهوى ما يهواه بقية الطلاب.. فلم يكن يحب اللعب بكرة القدم كما يحبها الآخرون .. وكنت أحيانا أشاركه في ذلك -ربما لضعف مهارتي في تلك اللعبة - فكنا نمضي الوقت في أحاديث ماتعة .. كلٌ يستمتع بجديد الآخر .. ------------ ليلة اختبار الرياضيات .. تلقيت اتصالا .. وكنت قد بلغت ذروة الملل .. خاصة مع مادة كالرياضيات .. كان الاتصال .. من عبد المحسن .. .. اتضح من بداية اتصاله أنه يريد ( مجرد السواليف ) .. وكان قد لاقى نفسا توافقه الرأي .. أمضينا في الحديث ساعة .. كلما انتهينا من حادثة شرعنا في أخرى .. لا أخفيكم .. فبعد تلك المكالمة اتضح لي : كيف تجلس المرأة تحدث صاحبتها لساعات دون ملل .. ------------------ انتقلنا للمرحلة الثانوية .. إلى تلك المدرسة التي تبعد عن بيتنا أكثر من 3 ( كيلوات ) .. وهكذا هي المدارس الثانوية .. أنت في واد .. والمدرسة في واد آخر .. سلوا : ^حكيم زمانه^ .. حين كان يسكن شرق الرياض .. ومدرسته في غربها .. ربما كان يدعو دعاء السفر عند ركوبه السيارة ..من بعد المسافة .. في المدرسة الثانوية .. تغير توزيع الطلاب .. فأصبح عبد المحسن .. في فصل .. وكنت في فصل آخر .. كنا نقتنص الفسحة دائما للالتقاء .. لكن .. بعد أيام .. افتقدت عبدالمحسن .. فلم أعد أشاهده.. في فسحة الإفطار. . ولا في فسحة الوضوء .. بل ولا حتى وقت الصلاة .. سألت عنه .. فأخبرت أنه نقل إلى مدرسة أهلية .. ليدرس المرحلة الثانوية .. نسيت أن أخبركم أن عبد المحسن .. لم يكن متفوقا في دراسته .. بل كان مستواه عاديا .. وتقديره : جيد جدا .. يرتفع أحيانا .. وينخفض أخرى .. ----------------- أيام .. ونسيت أمر عبد المحسن .. .. لم أدر ما أخباره .. ولم أعلم ما حدث له .. ------------------ نجحت ولله الحمد من الصف الأول ثانوي بامتياز .. انتقلت إلى الصف الثاني ثانوي .. وكان تلك نقلة جديدة في حياتي .. لا أخفيكم .. فلم أكن متحمسا للقسم الطبيعي رغم أن أكثر زملائي التحقوا به .. وقدمت طلبا للالتحاق بالقسم الشرعي بعد استشارة والديّ .. والحمد لله .. التحقت بالقسم الشرعي .. وقضيت فيه أجمل أيام حياتي .. - رغم أني واجهت كثيرا من النقد واللوم بعد ذلك - .. ثم التحقت باكلية التي أرغبها .. في الصف الثاني ثانوي .. كان القسم الشرعي فصلين .. التحق بفصلنا طالب جديد .. يظهر عليه سيما الاستقامة .. كان سعد مع استقامته وحماسه طالبا متميزا .. ومجتهدا .. انتقل إلى مدرستنا من ثانوية مجاورة .. وكان قد انتقل إلى مدرستنا عن طريق أحد المدرسين الفضلاء .. وذلك أن مدرستنا مكتضة بالطلاب .. حيث يدرس فيها أكثر من 1000 طالب .. في القسم الثانوي فقط .. ومن الصعوبة بمكان الانتقال إليها .. ------------ في ذلك اليوم .. خرجت من فصل 2ش2 .. وقت الفسحة .. للذهاب إلى جماعة النادي ..وكنت ملتحقا بها آنذاك .. وفي الطريق .. كانت المفاجأة .. عبد المحسن .. .. أهلااااااا .. عناق حار .. ولقاء من جديد .. أين أنت ؟؟ ما أخبارك ؟؟ -------------- كان عبد المحسن .. قد انتقل من المدرسة الأهلية إلى مدرسة حكومية مجاورة .. حيث لم يجد قبولا في مدرسة حين أراد العودة إليها .. وفي تلك المدرسة .. تعرف على سعد .. وارتبطا مع بعض في أخوة رائعة .. ثم قاد سعد عبد المحسن .. إلى التسجيل في حلقتهم الكائنة في الحي المجاور للمدرسة ..والذي يسكن فيه عبد المحسن .. ..رغم أن سعد كان يسكن في حي بعيد عن المدرسة .. لكنها الدعوة إلى الله .. لا ترتبط بمكان .. ثم انتقل عبد المحسن .. وسعد عن طريق مدرس الفيزياء في مدرستنا .. والذي كان مشرف حلقتهم وقائدها .. --------------- كان عبد المحسن .. في الفصل المجاور .. فصل 2ش1 .. وكان متفاعلا مع دراسته .. حيث أخذ في الاختبار الشهري من العشرة الأوائل .. صحيح أن العشرة الأوائل لم يكن منهم أحد قد أخذ تقدير ممتاز إلا اثنان .. إلا أن وجود طالب في العشرة الأوائل يعني اجتهاده مقارنة بالآخرين .. --------------- كان في فصلنا مجموعة من الطلبة المستقيمين من طلبة الجمعيات المدرسية .. وكانوا قد كونوا شلة مع بعضهم .. والتي كان لها أثر واضح في بقية الطلاب .. وكان عبد المحسن .. بعد كل حصة يزور فصلنا لنتحدث سويا في تلك الشلة المباركة .. --------------- كان سكن عبد المحسن .. في آخر الحي قرب طريق رئيس من طرق مدينة الرياض .. وكان على الجهة أخرى ( مسجد صندقة ) .. لم يكن له إمام .. فكان عبد المحسن .. يقطع الطريق ليؤذن فيه ويصلي أحيانا ..وربما قنت .. - وذلك ..أيام انتفاضة فلسطين - .. ---------------- بعد فترة .. أصبح عبد المحسن .. يتحدث كثيرا عن السيارات .. يسأل عن هذه وهذه وتلك .. أيها أفضل .. أصبح شراء السيارة هاجسا لعبد المحسن .. .. ولاحظت أنه بدأ يسير مع شاب غير مستقيم .. كان يشاركه الهم .. وربما أوصله لمنزله أحيانا ليتجاذبا أطراف الحديث عن همهم المشترك .. ---------------- ولله الحمد .. نجحت إلى الصف الثالث ثانوي .. وكانت تلك السنة عاما حافلا بالأنشطة والإبداعات .. لكن .. افتقدت عبد المحسن .. .. أين هو ؟؟ سألت عنه .. لم أجد جوابا شافيا .. أجوبة مختلفة .. في النهاية .. علمت أن صاحبنا تغيرت حاله .. وانتكس .. وقد رسب في مادة الفقه .. فانتقل إلى مدرسة أخرى .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. |
|
كنت ذات يوم أسير بسيارتي في الطريق ..
ومن عادتي أن أقضي وقتي في السيارة بمكالمة أو رسالة .. أو سماع شريط أحيانا .. وقع تحت ناظري رقم عبد المحسن .. .. اتصلت به .. - هلا .. ابو منصور (( تلك هي كنيته )) .. - نعم .. - حياك الله .. كيف حالك .. - الله يحيك .. لكن عفوا .. من معي ؟؟ - أفا .. ألم تعرفني .. - للأسف .. - معك فلان .. - عفوا .. لم أعرفك .. - عجيب . فلان الفلاني .. - عفوا .. لم أعرفك .. - ألست عبد المحسن .. ..؟؟ - عبد المحسن .. .. لا .. معك أخوه .. تريد عبد المحسن .. ؟؟ - نعم .. بارك الله فيك .. أخذ عبد المحسن .. الجوال .. - عبد المحسن .. .. - أهلا .. - حياك الله . - الله يحييك . - عرفتني ؟ - نعم . - حياك الله ، ما أخبارك ، وأخبار المدرسة .. استمر حديثنا لدقائق .. ثم سلمت وأنهيت المكالمة .. كان تجاوب عبد المحسن .. ضعيفا جدا .. أمر أحزنني كثيرا .. --------------- في آخر الدراسة الثانوية .. وأيام الاختبارات .. قررت مع بعض الزملاء من الشلة الكريمة أن نفطر في ذلك المطعم .. ذهبا سويا .. وأوقفنا السيارة .. نزلنا .. كانت المفاجأة .. عبد المحسن .. .. أهلا .. عناق حار .. ولقاء على استحياء .. - ما أخبارك .. افطر معنا .. - جزاكم الله خيرا .. أفطرت .. كان حال عبد المحسن .. قد تغير .. لم يعد زيه كما نعرف .. قد اسودت شفتاه .. قال صاحبي بعدما افترقنا : (( سلوا له الهداية ..فقد وقع في التدخين )) .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. عبد المحسن .. .. ذلك الشاب الطلق .. يصبح هكذا .. إنها الحياة .. ---------------------------- وهكذا .. ربما ينجح الشاب في عقبة .. ويهلك في أخرى .. نعم .. السيارة .. عقبة كؤود .. فإما أن تكون دوامة .. وإما أن تكون معينة في الخير .. ولذلك .. فمن الخطأ أن نتعامل مع السيارة بمصادمة .. لكن .. لنتحو الشاب عندما يمتلك سيارة .. لنجعله هو وسيارته دعاة إلى الخير .. -------------- وهكذا الحياة .. نعيش .. فنتعلم .. تُـغيّر .. وتتغير .. ونعوذ بالله من الحور بعد الكور .. ----------- ! ..عٍـــندهَـــا بَـكَيــــتُ .. ! ----------- ..يا ويلتى.. (( وفي لفظ لمسلم : سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول : "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء " )) .. سبحان الله .. تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء . اللـــــه .. كل هذا ..فضل للوضوء .. إنه لحريٌ بي أن أسبغ الوضوء .. وأحرص عليه .. بل .. ولأبلغ أهلي وإخوتي .. وأبي .. ماذا ؟؟ أبي .. لكن أبي لا يصلي .. ولم أره يتوضأ ..!! تُـرى ؟؟ ألن تكون لأبي حلية ؟؟ وهنا أسبل ياسر دمعات .. وهو يردد : ألن تكون لأبي حلية ؟؟ .. يااه .. ما أشد الألم على القلب .. حين يكون لك قريب لا يصلي ..! فكيف بأقرب الأقربين .. أخذ ياسر يردد الحديث .. (( وفي لفظ لمسلم : سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول : "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء " )) .. فهو وصاحبه [ عمر ] يحفظان عمدة الأحكام .. وفي المساء .. يُـسمّعان ما حفظا عند [ فهد ] .. ومن ثم يشرحه لهما .. فـفهد .. طالب علم .. يدرس في كلية الشريعة .. وملازم لبعض كبار العلماء المشهورين بالرياض .. --------------------- كان ياسر آنذاك في بداية المرحلة المتوسطة .. تتضح في ملامحه علامات النبوغ .. كانت أمه حريصة على تربية ابنها تربية صالحة .. كم هي سعادتها .. عندما علمت أن ابنها : ياسر قد انضم إلى الحلقة المجاورة لبيتهم .. ترفع يديها .. لتدعو : (( اللهم أصلح ياسراً .. اللهم اكفه شر كل ذي شر )) .. |
|
نشأ ياسر .. في بيت لا يعرف الله ..
أبوه لا يصلي .. وإخوته كذلك .. وينشأ ناشئ الفتيان فينا .... على ما كان عوده أبوه لكن ياسر .. كان شيئا آخر .. كان ياسر يسمع من شيخه فهد وهو يشرح كتاب الصلاة من عمدة الأحكام .. يسمع فضل الصلاة .. وأهميتها .. وكفر تاركها .. وما أعده الله من الأجر لمن حافظ عليها .. يسمع .. ما هم به الرسول صلى الله عليه وسلم من تحريق بيوت من لا يشهد الصلاة .. ويسمع حديث أبي موسى : " من صلى البردين دخل الجنة " .. ويسمع حديث : " من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله " .. ويسمع حديث : " الذي يترك صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " .. ليقف مع نفسه موقف مقارنة .. أمن هؤلاء أكون ؟؟ أم من هؤلاء ؟؟ ليصدر القرار الشجاع .. ----------------------- السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله .. أستغفر الله .. أستغفر الله .. أستغفر الله .. اللهم أنت السلام .. ومنك السلام .. تباركت ياذا الجلال والإكرام .. والتفت الإمام ..ليجلس مقابل المصلين .. أخذ الإمام يتفقد جماعته .. وهكذا هو الإمام .. حريص على جماعته .. فهو ضامن لهم .. ومرشد لأمورهم .. لاحظ الإمام وجود شاب صغير في الصف الأول من المسجد .. لم يكن ذلك أمرا مستغربا .. فالمسجد يطرقه من المارة وأقارب أهل الحي الكثير .. ومرت أيام .. وياسر محافظ على صلاة الجماعة .. بل حتى صلاة الفجر .. أخذ يكابد النفس للقيام لها .. ومع الأيام .. لاحظ الإمام مواظبة ياسر على المسجد .. وكان الأمر مثار تساؤل لديه.. فمن هذا الشاب ؟؟ وابن من هو ؟؟ ولِم لا يرافقه أحد إلى المسجد ..؟؟ تساؤلات .. أثارت الإمام .. ولم تجد لها لديه جوابا .. ---------------- لا أخفيكم سرا .. فلم ألتق بياسر إلا مرتين .. ولم تكن لي به علاقة كبيرة .. لكن الصادق مع الله .. ترتاح له النفس من أول لقاء .. إنسان .. يبدو على ملامحه نور الإيمان .. وتظهر على قسمات وجهه سعادة المؤمن .. كان جالسا معنا في درس مع أحد المشايخ .. فلأول مرة يحضر الدرس .. وربما كانت آخر مرة .. ولم أكن أعلم .. من هو ياسر ؟؟ وما أخباره ؟؟ ----------------- لاحظ والد ياسر .. كثرة خروجه من البيت .. فليست مرة ولا مرتين يوميا .. بل تتابع الخروج .. وبشكل يومي .. ولم يكن الأمر خفيا .. فهاهو ياسر .. يتوضأ للصلاة .. ثم يمسح الماء عن وجهه بمناديل معدة لذلك .. ثم يلبس ( شماغه ) .. ويخرج إلى المسجد .. لكن والد ياسر .. لم يكن ككل أب .. يفرح حين يرى حرصا من ابنه على طاعة الله .. والاعتصام بحبله المتين .. لم يكن والده كآباء من تعرفون .. اشتاط والد ياسر غضبا .. كيف لياسر أن يخرج إلى المسجد ؟؟ من أذن له ؟؟ من وجهه لذلك ؟؟ ماذا ؟؟ (( مطاوعة )) .. (( المطاوعة .. المطاوعة .. وراءنا في كل مكان !! )) .. ثم أطلقها الأب مدوية : (( ياسر .. لا أشوفك طالع للمسجد )) .. -------------------- كان ياسر محتارا في أمره .. ربي يأمرني .. وأبي ينهاني .. أطيع من ؟؟ أعصي الله .. فيضيع ديني ؟؟ أم أعصي أبي .. فتضيع دنياي ؟؟ مفاضلة .. واضحة النتيجة .. ------------------ لم يستمع ياسر لكلام أبيه .. فليهدد ما يهدد .. لن أقطع حبل الله حين وصلته .. وأخذ يردد .. لن أقطع حبل الله حين وصلته .. لن أقطع حبل الله حين وصلته .. |
|
لاحظ الأب .. أن ياسر لم يزدد بعد التهديد إلا إصرارا ..
كل ما هددته .. مال .. سيارة .. بيت .. لم ينفع ..! أخذت الشياطين تؤز أبا ياسر إلى الشر أزا .. تطرح عليه طرقا وحلولا لم تخطر له على بال .. حلول .. قد حفظها إبليس في أرشيفه .. من خبرته الطويلة .. ليوصله إلى الحاجز العظيم .. --------------------- اتجه أبو ياسر مباشرة .. إلى أم ياسر .. أم ياسر .. كلمتان .. ونتيجتها واضحة .. (( إن لم يترك ياسر الذهاب إلى المسجد .. فورقة الطلاق بين يديك !! )) (( إن لم يترك ياسر المسجد .. فورقة الطلاق بين يديك !! )) .. --------------------- كلمة موجعة .. (( إن لم يترك ياسر المسجد .. فورقة الطلاق بين يديك !! )) أخذت الأم ترددها .. وتقلبها في ذهنها .. (( إن لم يترك ياسر المسجد .. فورقة الطلاق بين يديك !! )) (( إن لم يترك ياسر المسجد .. فورقة الطلاق بين يديك !! )) ----------------------- كانت أم ياسر أمام مفترق طرق .. ياسر .. من سعدت بصلاحه .. وقرت عيني بانطلاقه للخير .. وأبي ياسر .. هل أهدم بيتي .. لأصلح ولدي ؟؟ أم أضيع ولدي .. ليبقى بيتي ؟؟ خيار صعب .. والنتيجة مؤلمة في الحالين .. ---------------------------- (( وخلق الإنسان ضعيفا )) .. وهكذا هو الضعف .. ملازم للإنسان .. لم تستطع أم ياسر أن تصمد أمام الخيارين .. ذهبت إلى ياسر .. وأخبرته الأمر .. (( تكفى يا ولدي .. لا تخرب بيتنا )) .. انصدم ياسر .. مفاجأة .. لم تكن في الحسبان .. لم يحتمل ياسر هول الصدمة .. وانطلق غلى غرفته .. دخل ياسر غرفته .. وارتمى على سريره .. ليبكي بحرارة .. بكاء .. وربما دماً .. ثم يهدأ قليلا .. ليتذكر : (( تكفى يا ولدي .. لا تخرب بيتنا )) .. ليعاوده الألم .. ويعاوده البكاء .. لم يكن ياسر يبكي على لعبته التي ضاعت .. ولا على سيارته التي أخذها منه والده .. ولا على جواله الذي سرق .. كان يبكي على شيء أعظم .. على دينه .. على صلاته .. على حياته .. مع ربه .. ------------------ رفع ياسر سماعة الهاتف .. ومن غير شعور .. اتصل على زميله .. وحبيب قلبه : [ محمد ] .. كانت مكالمة مؤثرة .. وحديث نصفه بكاء .. لم يستطع ياسر أن يكمل المكالمة .. ليعتذر إلى محمد .. ويستأذن منه .. ---------------- أنهى ياسر دراسته الثانوية .. وتخرج .. كان ياسر قد بدأت حالته تتغير بعد ذلك اليوم .. حاول الصمود .. ولم يستطع .. حاول. . لكن أباه كان يؤزه إلى الضلال أزا .. سلط عليه سبل الفتن .. وطرق الفساد .. ليتخرج من المرحلة الثانوية .. وقد تغير ياسر .. فليس هو صاحبنا .. ----------------- لم تكتمل فرحة أبي ياسر بتخرج ابنه من الثانوية .. حتى بعث به إلى الخارج للدراسة .. إغواء تلو إغواء .. وإضلال يعقبه إضلال .. ولا حول ولا قوة إلا بالله .. |
|
في العام الماضي ..
توفي والد ياسر .. وانتقل إلى أول منازل الدار الآخرة .. وترك وراءه ياسر وإخوته .. ترك وراءه أولائك الفتية .. وقد سلكوا سبيل الغواية .. تركهم بحالهم تلك .. ليفقد تلك المزية النبوية : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية .. أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " .. توفي .. وقد أفضى إلى ما قدم .. لا إله الإ الله .. إنها الموازين العوجاء .. اللهم اجعلنا هداة مهتدين .. لا ضالين ولا مضلين .. ------------------- أحبتي .. ما أشد أن يكون الإنسان طريق ضلالة .. وسبيل غواية للغير .. وعقبة في وجه الخير .. ما أبأسه من إنسان .. وما أضنك حياته .. أحبتي .. لنعد النظر في حياتنا .. ولنكن مع الله .. وفي سبيل الله .. أسأل الله أن يهدينا .. ويرزقنا بالذرية الصالحة .. ----------- ! ..عٍـــندهَـــا بَـكَيــــتُ .. ! ----------- ..عـند النهايــة.. ست سنوات متواصلات .. قضيتها في أرجاء تلك المدرسة التي تعاقب عليها إخوتي واحدا واحدا .. تلك هي فلسفة الوالد - حفظه الله - .. فالمرحلة الابتدائية لابد أن تكون في مدرسة أهلية .. فهي أكثر اهتماما بالنشء وتأسيسا له .. بعيدا عن المدارس الابتدائية الحكومية ، والتي يدرس فيها من قارب على التقاعد وأخذ منه الزمن ما أخذ .. لا تلوموني .. فتلك هي نظرة الوالد .. وهو مدرس وخبير بالمدارس .. ولسان حاله المثل الشعبي المعروف ..: ( العود من أول ركزة ) .. بعد انتهائي من المرحلة الابتدائية .. قرر والدي نقل ملفي للدراسة في المدرسة الحكومية الواقعة في حيّـنا .. وكان أخي الأكبر قد سبقني بالدراسة فيها .. والتخرج منها .. لا أخفيكم .. فلقد كانت تجربة ممتعة .. ومغامرة رائعة .. قررت بعدها هجر المدارس الأهلية .. وبت طلاقها .. ------------------------ في فصلنا الجديد .. كان عدد الطلاب 28 طالبا .. ولك أن تتخيل أولى السنوات في كل مرحلة .. كيف تكون ؟؟ وكما هو المعتاد .. مر الأسبوع الأول -كعادته - : تعارف .. كل مدرس يدخل .. يعيد نفس المسلسل الذي طرحه سابقه .. ترحيب .. ثم تعارف .. ثم تهديد ووعيد .. فلا عجب .. في زمن مات فيه الإبداع .. بل ربما .. حتى التفكير في الإبداع .. ولا عجب .. فأنت تواجه عقولا مغطاة .. لا تخرج لهم بفكرة إبداعية جديدة .. إلا وتجد الكبت والتحطيم .. وربما التسفيه .. وأقرب مثال لذلك .. الأطفال .. فلدى الأطفال حس إبداعي كبير جدا .. لكننا نقتله بضحكنا عليهم .. وسخريتنا بهم .. وكبتنا لأفكارهم الجديدة .. لا علينا .. في فصلنا .. كان أحمد يجلس في آخر الفصل .. وبالتحديد في الركن الأيمن منه .. كان أحمد معيدا في فصلنا .. عفوا .. فليست الإعادة هي كما نعرفها في الجامعة .. ويسعى الطلاب -لاهثين- لأجلها .. بل الإعادة تلك .. هي أن تدرس نفس ما درسته العام الماضي .. في هذا العام .. لتكون ثابتا على المبدأ لسنتين متواليات .. وتردد .. أنا أحب الصف الأول متوسط .. لا أكون مبالغا .. إن قلت : إن أحمد كان يكبرني بأكثر من خمس سنوات .. فله مع الإعادة صولات وجولات .. وإقبال وإدبار .. كان أحمد مشجعا متابعا للدوري السعودي .. متابع لكل جديد حول ناديه المفضل .. متعصب.. بل ربما سطر أمام اسمه : ........ حتى الموت .. لم يكن اهتمام أحمد بالرياضة قاصرا على نفسه .. بل كان يثير ذلك أمام زملائه .. فيفخر بفريقه .. ويهزأ بفريق ذاك .. ويسخر من لاعبي الفريق المفضل لطالب آخر .. وربما ارتفعت الأصوات .. واحتد النقاش .. وبدأت المناوشات .. (( والسبب .. كرة !! )) .. لا تتعجب .. فأنت في زمان العجائب .. -------------- دق الجرس .. معلنا بداية الحصة الثالثة .. استنفار تام في الفصل .. واصطفاف سريع في الممر .. وانطلاق إلى الطابق الأرضي .. تتعجب عندما ترى ذلك الحرص من الطلاب للنزول مبكرا .. وبشكل يبهرك كثيرا .. لكن تعجبك يزول حين تعلم أن تلك الحصة : حصة تربية بدنية .. كان أحمد لاعبا موهوبا .. يمتلك سرعة فائقة ومهارات عالية .. وكان فريق الفصل يعتمد عليه كثيرا في الدوري المدرسي .. ------------- كان أحمد يمارس عادة سيئة .. وللأسف .. أنها عادة قد انتشرت بين الشباب .. تتألم .. عندما تعلم أن ذلك الشاب قد وقع فيها .. إذ ما من واقع فيها إلا ويصعب عليه تركها .. فهي على اسمها : عادة .. إنها التدخين .. |
|
وفي ذلك اليوم ..
كان طلاب فصلنا كعادتهم في نشاطهم وحماسهم .. لكن .. كان في آخر الفصل سكون غير معتاد .. كان أحمد ساكنا هادئا .. قد أسند رأسه إلى يده اليسرى واضعا يده على الطاولة .. مطيلا النظر في جدار الفصل .. تشعر من نظرة إليه أنه مهموم .. أو أنه قد أصيب بموقف غير معتاد .. تفكير بعيد .. وسرحان .. وغياب تام عن ما يحدث داخل الفصل .. كان منظر أحمد مثيرا لزملائه .. تسمع همسات هنا وهناك ( أحمد .. وش فيه اليوم؟؟)) .. هدوء .. لكنه .. كان هدوءا .. يسبق العاصفة .. ----------------------- بعد صلاة الظهر .. كان المصلى المدرسي قد امتلأ بالطلاب .. لم يكد الإمام يسلم .. حتى قام أحمد أمام الطلاب .. بدأ أحمد في كلمة رنانة هزت أرجاء ذلك المصلى الصغير .. ربما لا أذكر شيئا مما قاله أحمد في كلمته .. لكنه كان موقفا عجيبا ..!! وتستوحي ذلك من همسات الطلاب فيما بينهم .. أحمد .. يتوب ؟؟ أحمد .. يتغير ؟؟ سبحان الله .. سبحان من يُغـيّر ولا يتغير .. سبحان من يحيي العظام وهي رميم .. سبحان الله .. -------------------- وبعد انتهاء الكلمة .. وفي فصلنا .. كان أحمد يعيش نوعا من المتناقضات .. فواحد يشكره .. ويمدحه .. وآخر يضحك عليه ساخرا .. وثالث .. يسأله متعجبا .. ورابع .. ساكت مشدوه .. -------------------- كانت قصة أحمد بعدها .. الحديث السائد في غرفة المدرسين .. عبرة وعظة .. وتساؤل وتعجب .. ونقد وتحليل .. وفي خضم تلك النقاشات .. كان الأستاذ محمد .. المشرف على جماعة التوعية الإسلامية شاردا بذهنه يفكر .. لحظات .. ثم كانت المجازفة .. لقد قرر الأستاذ محمد أن يقدم مجازفة .. وخطوة غير مسبوقة .. لكن .. في سبيل الدعوة إلى الله .. نعم .. في سبيل الدعوة إلى الله .. لكنها مجازفة واضحة النتائج .. .. .. وانظم أحمد إلى جماعة التوعية الإسلامية .. --------------------- كان أحمد شخصية قيادية .. وداعية فذا .. وناصحا وموجها .. كما كان ذا قدر عال من اللطافة والظرافة .. مما جعل أ. محمد يزداد إعجابا بـأحمد .. ------------------- انتهى ذلك العام .. وانتقلنا إلى الصف الثاني المتوسط .. وانتقل جميع طلاب فصلنا إلى الفصل الجديد .. سلام حار .. ولقاء من جديد .. وسعادة كبيرة بأول الأيام الدراسية في العام الجديد .. أما أحمد .. فكان شيئا آخر .. لقد حل أحمد عقدة لازمته .. عقدة الصف الأول متوسط .. وانتقل مع زملائه إلى فصلهم الجديد .. لكن .. كان له مع تلك السنة حوادث جديدة .. -------------------- ها هو أحمد .. يجلس كعادته في آخر الصف .. كان قد وضع شماغه على طاولة الفصل .. فلقد أصبح ذلك اللباس عدوه اللدود .. عذرا .. فلم أخبركم بالأمر .. لقد تغير أحمد .. انقلب فجأة .. عاد لحياته السابقة .. وربما أسوأ .. وعاد للتدخين من جديد .. لكن .. تغير فيه شيء وحيد عن حاله الأولى .. لقد أصبح أحمد يشجع الفريق المنافس لفريقه السابق .. عذرا .. أعلم أن مقامكم أعلى من تلك الترهات .. لكنها العقول الضيقة .. تلك التي تتعصب لفريق .. وتجعل الحياة كلها حوله .. يتابع مجريات السير فيه بشغف وحماس .. يصاحب لأجله .. ويخاصم لأجله .. يوادد لحبه .. ويعادي لحبه .. ما أتفهها من عقول .. تلك التي جعلت التشجيع ملؤها وحياتها .. ترى .. وتقرأ .. وتسمع .. فيردد لسانك : (( الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به .. وفضلنا على كثر ممن خلق تفضيلا )) .. -------------------- |
|
كان السبب الرئيس لانتكاسة أحمد .. هو ولعه بالكرة .. لعبا وتشجيعا ..
لم يصبر عنها .. فاختلط بأهلها .. وصاحب زملاء .. حياتُهم فيها .. ثم التحق بفريق المدرسة .. واحتواه لاعبو الفريق - وكانوا من أقل الطلبة دينا وخلقا - .. في حين غفلة من أهل الخير .. فلم يلبث أن عاد لحاله .. وكما قيل : ( الصاحب ساحب ) .. ------------------- ومرت الأيام .. و أحمد على حاله .. إعراض منه .. يقابله إعراض من أهل الخير .. وصدود منه أمام صدود من دعاة الخير .. ورغم هذا .. فكان المقربون إلى أحمد يحسون أنه غير راض عن حاله .. يحسون بما هو فيه من الضيق والنكد .. والألم والحسرة .. وتلك .. هي بدايات العودة .. ----------------- كان أ. محمد .. المشرف على جماعة التوعية الإسلامية متضايقا من تغير حال أحمد بتلك السرعة .. حزن وأسى .. وألم وهم .. وكان ذلك بداية التغيير .. ------------------- فكر أ. محمد .. كيف يمكن أن يعيد أحمد إلى حاله .. ثم سأل نفسه : لماذا أعرضنا عن أحمد عندما أعرض ؟؟هل هذا هو التصرف الصحيح مع مثل تلك الحالة ؟؟ راجع أ. محمد حساباته .. وقرر احتواء أحمد بأي طريقة .. وفعلا .. أصبح أحمد يحضر اليوم الرياضي لجماعة التوعية بدعوة من أ. محمد .. رغم تركه للجماعة من فترة طويلة .. وبعد أيام .. بدأ أحمد يتناول فطوره في جماعة التوعية .. وهكذا .. ومع حسن في التعامل والمعشر .. عاد أحمد إلى حاله .. بل وأحسن .. وهنا .. وبتنسيق مع إدارة المدرسة .. حدث تدخل من وكيل المدرسة .. --------------------- قرر أ. عبد الله .. وكيل المدرسة .. تعيين أحمد نائبا له .. ورئيسا لجماعة النظام .. خاصة وأن أحمد شخصية قيادية حازمة .. ويمتلك مقدرة على السيطرة على الطلاب وضبطهم .. وأصبحت لدى أحمد صلاحيات مقاربة لصلاحيات وكيل المدرسة .. والمسؤولية الأولى عن متابعة الطلاب في المصلى وترتيبهم قبل صلاة الظهر .. ---------------------- نعم .. لقد نجح الأستاذ محمد في إعادة أحمد لدرب الهداية .. ونجح الأستاذ عبد الله في احتواء أحمد بعد انضمامه للركب .. والحمد لله .. فلقد استمر أحمد على استقامته حتى تخرج من المرحلة المتوسطة .. وكان مثالا في الخلق واللطف وحسن التعامل .. كما كان مؤثرا على بعض زملائه ممن كان مقصرا في حق الله تعالى .. إنها الدعوة الناجحة .. ------------------------- أحبتي .. ما أحوجنا إلى الصبر في الدعوة إلى الله ..فليست الهداية بيدنا .. وما أحوجنا إلى التفاؤل وإحسان الظن بالله .. كم تتعجب .. حين تقرأ ما كانت العرب تقوله قبل إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " لو أسلم حمار الخطاب ما أسلم عمر " .. الله أكبر .. أحبتي .. مزيدا من التفاؤل .. ومزيدا من التخطيط .. ومزيدا من الصبر .. ومزيدا من الاحتواء .. في منهجنا في الدعوة إلى الله .. وتذكروا .. أن هذا الدين منصور .. فهل سيكون لنا شرف المشاركة في نصرته .. إنها الأمنية .. |
|
! ..عٍـــندهَـــا بَـكَيــــتُ .. !
----------- نعم .. حكايات .. أثرت فيّ كثيرا .. وحق لي أن أبكي عندها .. لكن .. وختاما لهذا الموضوع .. هي مواقف تحتاج إلى وقفات .. وقصص لأخذ العظات .. فلو رجعنا جميعا لنقلة كل منتكس .. لوجدنا أن ثمة أسباباً وعلات .. وهكذا كل واقعة لها دوافع ومبررات .. ولو تأملنا في ذلك المنتكس .. وسألنا : لم انتكس ؟؟ وما سبب انتكاسته ؟؟ لوجدنا أن من أبرز تلك الأسباب ما يلي : 1- الشهوة : وهو سبب خطير جدا ، بل لا أبالغ إن قلت إنه السبب الرئيس للانتكاسة ،، وليس الشهوة محصورا في شهوة [النساء] .. لكنها تتعدى إلى شهوة [المال] و [الجاه] و[القبول بين الآخرين] و [ الإعجاب بالنفس واحتقار الآخرين ]، ولو أعدنا النظر لقصصنا السابقة .. وضممنا إليه قصص من نعرف ، وقصص من سبق : كجبلة بن الأيهم الذي غره جاهه ، وقارون الذي أطغاه ماله ، وأعشى قيس الذي فتنه خمره ونساؤه ، وبلعام بن باعورا الذي أغراه القبول عند الآخرين لأيقنا بخطر هذا السبب ، وما له من تأثير على أحبتنا .. مما يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفا عليهم .. 2- مواقف عابرة : فتجد بعض أحبتنا يستقيم على طريق الله ثم تحدث له مشكلة مع صاحب له من الأخيار أو مع مجموعة ، فينقلب على عقبه عداء لأولائك وغضباً لنفسه ، وما علم أن ارتكاسه إنما هو ضرر على نفسه أولاً وأخيرا ، فهذا جبلة بن الأيهم كان نصرانيا فأسلم في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - ثم جاء للحج ، فبينا هو يطوف إذا وطئ أعرابي إزاره فانكشف بعض عورته فلطم ذلك الأعرابي ، فاشتكى الأعرابي إلى عمر فدعا جبلة .. فقال له : إما أن يعفو عنك الأعرابي أو يلطم خدك .. فأبى الأعرابي إلا القصاص ولطم خده.. فقال جبلة : كنت أظن أني سأكون في الإسلام أعز مني في النصرانية .. فقال عمر : دعك من هذا .. فلابد أن يقتص.. فقال جبلة : إذاً أتنصر ..! قال : إذا ارتددت قتلناك . قال : فأمهلني إلى الغد .. فلما كان من الليل جمع بعض حاشيته ولحق بالنصارى .. وارتد بسبب موقف عابر .. 3- التعلق بالأشخاص والصاحب السوء : والتعلق في مبدئه أمر طبيعي ، فليس بمستغرب أن نجد شخصاً يحب آخر أكثر من غيره ، لكن المشكلة عندما يكون ذلك الصاحب متبعاً لصاحبه حيثما توجه .. ثم تنقلب الموازين ويتغير ذلك الصاحب وينتكس فيتبعه صاحبه .. يجكي لي أحد الأحبة : أن اثنان من الأخيار كانا مضرب المثل في الأخوة وكان بينهما برنامج علمي في طلب العلم ، لكن كان فيهما نوع من الخيلاء واحتقار الآخرين [ وهذا من أنواع الشهوة وأضرارها ] .. يقول الراوي : فرأيتهما بعد ذلك في مطعم وهما ( يدخنان ) ..! فسبحان الله : " ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا # يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا # لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا " .. وقديما قالوا : الصاحب ساحب . 4- البيئة والمجتمع المحيط به : فللأهل والأقارب والمجتمع تأثيرهما البالغ في صلاح المرء وفساده ، فهذا عامل فليبيني أقبل على الإسلام وقرر ان يسلم ، وقبل إسلامه بيوم اتصل على زوجته وأخبرها ، فغضبت وهددته بالفراق وصدته ، فتردد وتأخر .. ولا زال على وضعه - أسأل الله له الهداية والرشاد - . وهذا آخر كان من خيرة الشباب ، بل إن من يراه يبضر نورا في وجهه من طاعته وقيامه لليل ، وكان من عائلة مترفة ومنفتحة ، فواجه صعوبات معهم ، وتغيرت حاله بعد مدة ثم أخذ يبحث عن العذر له وضل عن الطريق ، لكنه ولله الحمد عاد بعد سنوات للاستقامة - نسأل الله لنا وله التثبيت والسداد - . 5- الابتعاد عن المعين والرفقة الصالحة : فكما في الأثر : " إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية " . 6- المعاصي ، وخصوصا معاصي السر .. فاحذر نفسك .. خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى وعلى العكس فمن أعظم أسباب الثبات : عبادات الخلوات .. 7- ضعف الاستقامة .. فهو هش الدين ضعيف النفس خامل الروح كالشجرة الجوفاء يعجبك حسنها ولا شيء في داخلها ، فلا تصمد أمام الريح ، وما تلبث أن تراها وقد سقطت مع أضعف رياح تمر ، وهذا إما أن يكون على دين آبائه فلم يشعر بلذة الإيمان ، وإما أن يكون استقام لسبب ما كوفاة صديق أو والد أو نحوه ، ثم ضعف ذلك السبب فابتعد عن الطريق ، أو نحو ذلك . 8- طول الأمل ، وقسوة القلب . ----------- |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|