[يمامة الوادي]

بالمثال يتضح المقال !




سألتُ صاحبي وأنا أحاوره :
لو قيلَ لكَ : إذا سرتَ على قدميك ثلاثة كيلوات ذهابا ومثلها إياباً دون توقف ،
نعطيكَ سيارة فاخرة جديدة ، أنت تختار موديلها الذي يعجبك .. !!
ولك أن ترتاح ساعة ثم تستأنف السير مجدداً لنفس المسافة ،
فنعطيك سيارة أخرى جديدة ..!!
فبالله عليك كم مرة ستمشي هذه المسافة في اليوم الواحد ؟؟

جعل صاحبي يضحكَ بصوت عالٍ ثم قال :
أحسبُ أني سأظل يومي كله أمشي هذه المسافة ، أتوقف ساعة بين الشوط والشوط ،
ثم ابدأ من جديد !! واحسبها أنتَ : كم سيارة سأحصل عليها في خاتمة كل يوم !!
سألته : هل أنت جادُ يا صاحبي أم أنك تمزح !!
قال في نبرة قوية :
جادٌ كل الجد والله .. ولكن أين هذا في دنيا الواقع ،
وإلا سترى مني ما يذهلكَ .. !! وستجد العجب العجاب الذي يدير راسك !!

فجعلت أرفعُ صوتي بالتسبيح والتهليل !!
فقال متسائلاً : ما الخبر ؟ ماذا حدث ؟
قلت :
إني أتعجّبُ منكَ يا صاح .. لأني رأيتُ الله ورسوله يعدانكَ :
بقصرٍ من قصور الجنة ، ومحوٍ للسيئات ، ورفعٍ للدرجات ..
في كل مرة تمشي إلى المسجد ، وهي مسافة أقل بكثير جداً ، من تلك المسافة
التي تقرر أن تقطعها طوال اليوم ذهابا وإيابا من أجل مجموعة سيارات !!!
ومع هذا لا أراكَ حريصاً على المشي إلى المسجد !!
فهل أنت في شكٍ من وعد الله ورسوله !!!؟
أم تراكَ ترى أن ما وعداكَ به من قصور ورفع درجات ومحو سيئات ،
أقل قيمة من السيارة الجديدة ، ومن ثم فلا يستحق أن تكترث لتلك الوعود ،
ولا أن تتعب لأجلها ، مع أن التعب لأجلها مصحوب بتحصيل مرضاة الله عليك ،
ورضوان الله أكبر من كل شيء ..!!

فتح صاحبي عيناه حتى أقصاهما ، وفغر فاه ، وبقي محملقاً ،
فما ظن أني أستدرجه فحسب إلى تقرير هذه الحقيقة التي يغفل عنها أكثر الخلق ،
ولو علموا قيمة وفضل وروعة ما يعدهم به الله ورسوله ،
لذهبوا _ والله _ إلى المسجد ولو حبواً ولو زحفاً ..

ولكن أكثر الناس لا يعلمون !!
ابو عبد الرحمن