[يمامة الوادي]

المرحلة




إخواني وأخواتي الشباب..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

سألني أحدهم يوماً عن بعض مشاريعي وأعمالي، وطروحاتي وأفكاري،
فقلت له: أنا كأي واحد من البشر، أمر بمتغيرات،وأراجع الحسابات، وتتجدد
في نفسي الأمنيات، وأعيش بعض التطورات، وأعيد النظر في بعض التصرفات!

أنا باختصار أعيد دائماً النظر في اللاشعور كما يقول د. الوردي .
أي أفكِّر في السلوك الباطن، كما أفكر في المستقبل الخفي!

إنه من الطبيعي جداً أن يمر كل واحد منا بنقلات على مختلف المستويات،
الفكرية، الروحية، العلمية، السلوكية، الاجتماعية، ... .

وأنا شخصياً أعرف عشرات المغمورين صاروا في سنين معدودة ومتقاربة من المشهورين.

وأعرف أناساً كان يشار إليهم بالبنان بشكل عفوي وهم اليوم ممن ينتظر رأيهم في الملمات.

الساحة كما يقولون (حُبلى) بالجديد!

كما أن الساحة تقبل الانتقال المرحلي لكل البشر سواء على ظهر حمار أو على متن صاروخ!

إنه بالتتبع والاستقراء لوقائع التاريخ وبالنظر التحليلي العملي للواقع يلحظ المنصف والمتجرد
أنه (فقه المرحلية) أحد أهم أعمدة القوة والانتصار والبقاء للأفراد والمجتمعات!

لو قيل لي باختصار: ما أهم ما يحتاجه الشباب اليوم من فهم ووعي يمكن أن يكسبهم
النجاح والتطور والعمق، لقلت: تعلم (فقه المرحلية).

هذا الفقه الذي يعتمد على فهم السلوك الإنساني، والاستقراء التاريخي، والارتواء الثقافي،
والانتقال الميداني، والتخطيط الإداري، والهدوء النفسي، والصلاح الداخلي.

إننا ومن خلال المتابعة لما يجري في الساحة الإعلامية، وما نشاهده من تغيرات في حياة
الناس نجد أن البعض يمر بمرحلة تغيّر طبيعي ومنطقي وتطور إيجابي، في حين نجد آخرين
يمرون بمراحل تحول وتغير (180)ْ وانقلاب كلي!

ولذا تجد كلماتهم وآرائهم ومقالاتهم واهتماماتهم وأحكامهم نابعة من جذر التغير والانقلاب
النفسي والاجتماعي والفكري الذي وصلوا إليه!

ولا غرو أن الانفتاح الثقافي في شتى صوره أحد أهم هذه الأسباب.
ولكن الواعي لا ينخرَّ بالتحولات التي تفسده!

ونستطيع أن نخلص إلى جملة مفيدة حول نقطة (فقه المرحلة):
أن استيعاب الإنسان لنفسه، والقدرة على التحكم في ذاته، والتطور في كسب مهاراته،
والتزود الجيد لمعارفه، والصدق في مشاعره، والتوسع المدروس لعلاقاته، والتمسك الواعي
بدينه، وتلقي المنهجية السلمية في عمق فكره، كل ذلك يصب في انتقاله المطلوب نحو
مراحل جديدة وبناءة ملائمة لروح الدين ومواكبة لفقه العصر!

ومن حكم الزمان التي علمتني: أن من علامات توفيق الله لعبده أن يفسح له مجال خدمة
عباده، ليسخرهم له في خدمته. وأن من أجل ما يخدمونه به انتقاله المرحلي في رقي
وعيه، وكسب عمره!


على العمري