لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
الألوان وتأثيرها في نفسية الإنسان
بليل عبدالكريم -------------------------------------------------------------------------------- معجزة اختلاف الألوان: قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَراتٍ مُّخْتَلِفًَا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ والدَّوَآبِّ والأَْنْعَامِ مُختَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَالِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَآء إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 27 – 28]. كل قول في القرآن: {أَلَمْ تَرَ} يعني أنه رأى، والمطلوب التأمُّل والتفكُّر فيما يُرى، ألم تر بقلبك، والقلب محل التفكُّر، وينتهي إليه العلم. فالإرشاد للتفكُّر كان في كون الوحدة {الماء} نتج عنها كثرةٌ وتنوعٌ مختلفٌ، والتنوع كان في ألوان الثِّمار، وتراب الجبال، وبشرة الإنسان، وجلود البهائم. والمتحرك والمتغير أكثر إثارة وتشويقًا للذِّهن؛ كيما يبحث فيه؛ لذا أحال الله - تعالى - العقل نحو التفكر في المتغير المنبثق عن أصل ثابت، والتغيُّر بانتظام لا ينشأ من ذات الشيء، فلزم متحكم يغاير بين المتنوعات. هنا نجد أنَّ الله - تعالى - جعل اللون من آياته التي تهدي إلى الخشية منه؛ لأنَّ في أسرار تكوُّنِها دلائل على قدرة وإبداع مُكوِّنها، وكلما تجلَّت أسرار منها، زادت معرفة العبد لعظمة خالقها، فصار العالم بآياتِ الله - تعالى - عالِمًا بعظمته المتجلية في أفعاله، فعظمة المصنوع من عظمة الصانع، والفاعل لا يعرف إلا بفعله، فالخالقُ لا يعرف إلا بمخلوقاته، ومن ذاك سمي العالَم عالَمًا؛ كونه علَمًا على خالقه... "كأن قائلاً قال: اختلاف الثمرات لاختلاف البقاع، ألا ترى أنَّ بعض النباتات لا تنبت ببعض البلاد، كالزعفران وغيره، فقال - تعالى -: اختلاف البقاع ليس إلا بإرادة الله؛ وإلا فَلِمَ صار بعض الجبال فيه مواضع حمر ومواضع بيض؟ والجُدَد جَمْع جُدَّة، وهي الخطة أو الطريقة، فإنْ قيل: الواو في: {وَمِنَ الْجِبَالِ} ما تقديرها؟ نقول: هي تحتمل وجهين: أحدهما: أنْ تكون للاستئناف، كأنه قال تعالى: وأخرجنا بالماء ثَمرات مُختلفة الألوان، وفي الأشياء الكائنات من الجبال جُدَد بيض دالة على القدرة، رادة على مَن ينكر الإرادة في اختلاف ألوان الثِّمار، ثانيهما: أنْ تكون للعطف تقديرها وخلق من الجبال. قال الزَّمخشري: أراد: ذو جُدَد، واللطيفة الثَّالثة: ذكر الجبال، ولم يذكر الأرض، كما قال في موضع آخر: {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ} [الرعد: 4]، مع أنَّ هذا الدليل مثل ذلك؛ وذلك لأنَّ الله - تعالى - لما ذكر في الأول: {أَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ}؛ كان نفس إخراج الثمار دليلاً على القدرة، ثم زاد عليه بيانًا، وقال مختلفًا، كذلك في الجبال في نفسها دليلٌ للقدرة والإرادة؛ لأنَّ كون الجبال في بعض نواحي الأرض دون بعضها، والاختلاف الذي في هيئة الجبل، فإنَّ بعضها يكون أخفض وبعضها أرفع دليلُ القدرة والاختيار، ثم زاده بيانًا، وقال: {جُدَد بيض}؛ أي: مع دلالتها بنفسها هي دالة باختلاف ألوانها، كما أنَّ إخراج الثمرات في نفسها دلائل واختلاف ألوانها دلائل. المسألة الرابعة: {مختلف ألوانها}، الظَّاهر أن الاختلاف راجعٌ إلى كل لون؛ أي: بِيضٌ مختلف ألوانُها، وحُمر مختلف ألوانها؛ لأنَّ الأبيض قد يكون على لون الجص، وقد يكون على لون التراب الأبيض دون بياض الجص، وكذلك الأحمر، ولو كان المراد أنَّ البيض والحمر مختلف الألوان، لكان مجرد تأكيد، والأول أَوْلَى، وعلى هذا، فنقول: لم يذكر: {مختلف ألوانها} بعد البيض والحمر والسود، بل ذكره بعد البيض والحمر، وأخَّر السُّود الغرابيب؛ لأنَّ الأسود لما ذكره مع المؤكد، وهو الغرابيبُ يكون بالغًا غاية السواد، فلا يكون فيه اختلاف. المسألة الخامسة: قيلَ بأنَّ الغرابيب مُؤكد للأسود، يقال: أسود غربيب، والمؤكد لا يَجيء إلا متأخرًا؛ فكيف جاء غرابيب سود؟ نقول: قال الزمخشري: غرابيب مؤكد لذي لون مقدر في الكلام؛ كأنه – تعالى - قال: سواد غرابيب، ثم أعاد السواد مرة أخرى، وفيه فائدة وهي زيادة التأكيد؛ لأنَّه - تعالى - ذكره مضمرًا ومظهرًا، ومنهم من قال: هو على التقديم والتأخير، ثم قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ} [فاطر: 28] استدلالاً آخر على قدرته وإرادته، وكأنَّ الله - تعالى - قسم دلائل الخلق في العالم الذي نَحن فيه، وهو عالم المركبات قسمين: حيوان وغير حيوان، وغير الحيوان إمَّا نبات وإما معدن، والنَّبات أشرف، وأشار إليه بقوله: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ} [فاطر: 27]، ثم ذكر المعدن بقوله: {وَمِنَ ٱلْجِبَالِ} ثم ذكر الحيوان، وبدأ بالأشرف منها وهو الإنسان، فقال: {وَمِنَ النَّاسِ} ثم ذكر الدواب؛ لأنَّ منافعها في حياتها؛ والأنعام منفعتها في الأكل منها، أو لأن الدابة في العُرف تطلق على الفرس وهو بعد الإنسان أشرف من غيره، وقوله: {مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ}، القول فيه كما أنَّها في أنفسها دلائل، كذلك في اختلافها دلائل"؛ ("مفاتيح الغيب"، الرازي). نعلم أنَّ الطيف الضوئي المرئي يتألف من سبعة ألوان، ومن عجائب الألوان أنَّ ذكرها ورد في القرآن بالجمع سبع مرات بعدد ألوان الطيف الضَّوئي، وذلك في الآيات التالية: 1– {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} [النحل: 13]. 2– {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 69]. 3– {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم: 22]. 4– {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا} [فاطر: 27]. 5– {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر: 27]. 6– {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 28]. 7– {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [الزمر: 21]. فاللون إنَّما ذكر للتذكر والتفكر، ففي كل سياق كان اللون دليلاً على القُدرة على الإبداع، والتخصيص حجة للمتصرف، فكِّر يومًا أن تتأمَّل الزهور التي خلقها الله، دقِّق النَّظر في الألوان الزاهية لزهرة جميلة، تساءل: مَن الذي أعطى هذه الزهور ألوانها، والتفاوت القائم في اللون نفسه؟! تأمَّل معي الآيات السابقة؛ لتجدَ أن الله - تعالى - ربط اختلاف الألوان بالتذكر فقال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ}، وربطه كذلك بالتفكُّر، فقال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، وربطه بالعلم، فاختلاف الألوان يَحتاج لعلماء يدرسوا هذه الظَّاهرة؛ ليدركوا عظمة الخالق - تبارك وتعالى - ولذلك قال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ}، وخُتمت الآيات بأن هذه المعجزة - معجزة اختلاف الألوان - هي تذكرة لأولي العقول والألباب، فقال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [الزمر: 21]. ويؤكد الباحثون أنَّ ظاهرة اختلاف الألوان هي ظاهرة مُحيرة ومذهلة، فكيف يُمكن لزهرة أن تنظم هذه السلسلة الرائعة والمتناسقة من الألوان؟! ومَن الذي ينظم عملها؟! ومن أين جاءتها التعليمات لترسم هذه التناسقات اللونيَّة الباهرة؟! والجواب ببساطة: إنَّه الله - تعالى - القائل: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: 24]. يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم: 22]، والإرشاد هنا نحو معرفة أسرار التلوُّن والتنوع فيه؛ إذ الآية هي العلامة الجليَّة، والدليل المرشد بوجه من الاستدلال إلى مُستدل عليه معلوم لدى المستدِل والمستدَل له أو عليه، ومسمى آية لا يُطلق إلا على ما يُحرِّك الفكر نَحو: خفي، وسط، جلي، فاستثارة الذِّهن لا تكون بالبَدَهِي وما تبلدت النَّفس واعتادت رُؤيته، ووعت مفهومه ومضمونه، بل بما دَقَّ وعز إدراكه إلا بتمعن وتدبُّر، وكون الألوان آيات للعالمين مؤداهُ وجود معجزة في الألوان، وعلينا أن نتفكر فيها؛ لندركها، ونسبح الله - تعالى - لنزداد إيمانًا وتسليمًا لهذا الخالق العظيم.
|
|
ما اللون؟
الألوان التي نراها أصلها واحد، هو الضَّوء الذي تتأثر به أعيننا، ولكل لون تردُّد مُحدد، نرى جزءًا صغيرًا منها، وهو الطَّيف المرئي، ولو رمزنا للضوء بطول موجته؛ فإنَّ الإنسان يرى فقط الألوان ذات طول الموجة من 400 نانو متر إلى 700 نانو متر تقريبًا (1 النانو متر: هو جزء من مليار من المتر). وعندما يسقط الشعاع الضوئي على مادة ما، وتبدو بيضاء - دليلٌ على أنَّها تعكس كل الألوان، ولا تَمتص شيئًا منها، والمادة السَّوداء تعني أنَّها تَمتص كل الألوان، ولا تعكس شيئًا منها، أما المادة الحمراء، فهي تمتص كل الألوان عدا الأحمر، فتعكسه لنا فنراها حمراء، وهكذا. اللون الذي نراه هو عبارة عن مَوجات لها تردد محدد، فالأحمر هو موجة لها تردد، واللون الأخضر هو نفس الموجة الضوئية، ولكن لها تردد أكبر، وهكذا. إذًا؛ تختلف الألوان عن بعضها باختلاف طول موجة كل منها أو تردُّده، وهذه آية تستحق التفكُّر: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 27 – 28]. وتأمَّل كيف ربط الله بين العلم وخشية الله من جهة، وبين معجزة الألوان من جهة ثانية؛ ليدلنا على أهمية هذا التنوُّع في عالم الألوان وتأثيرها على الناس. وتدبر: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الزمر: 21 – 22]. انظر كيف يربط بين الألوان واختلافها في قوله: {مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ}، وبين الإيمان في قوله: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ}، وكأن في ذلك إشارةً إلى أهمية التفكُّر في عالم الألوان واختلافها، وبخاصة أنَّ التراب واحد، والماء واحد، ولكنَّنا نرى عالمًا مليئًا بالألوان لا تكاد تجد له نهاية. الألوان والعين: يؤكد العلماء أنَّه لا يُمكن تقليد العين البشرية مهما حاولوا؛ لأنَّها تتميز بوجود ملايين الخلايا، جميعها تعمل بتناسُق مُحكم، وهذا لا يُمكن تحقيقه في حيز بحجم العين؛ يقول تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78]، ويقول: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} [المؤمنون: 78]، كيف يرى الناس الألوان؟ بعض اللغات لا تحوي كلمات منفصلة تعبر عن الألوان الأخضر والأزرق والأصفر والبرتقالي، بينما يستخدم الإسكيمو "17" كلمة لوصف اللون الأبيض من درجات الثلج المتنوعة. وتُظهِر لنا مقارنة مصطلحات الألوان وجود نماذج خاصَّة، فكل اللغات تحوي أسماء محددة للَّونين الأبيض والأسود، وإذا قُمنا بتمييز لون ثالث، سنجده الأحمر، يتلوه الأصفر أو الأخضر، ثم تليها بقية الألوان. كيف ينتج اختلاف الألوان؟ كلُّ إنسان لديه لون مُفضل يتناسب مع اهتزاز خلايا جسده (الرنين الطبيعي للجسد)، فقد خلق الله الكون بحيث يتألف من ذرَّات، والذرَّة تتألف من جسيمات أصغر منها، وجميع هذه المخلوقات الصغيرة تهتز بنظام مُحكم وعجيب، ينشأ عن التفاعل الجسدي والنفسي. ويقوم النبات أثناء عملية التركيب الضوئي بامتصاص الفوتونات الضوئيَّة القادمة من الشمس، وتحويلها إلى طاقة كيميائيَّة تختزن في أوراق النَّبات، وأودع الله في هذه النباتات برنامجًا محكمًا يعطي الأوامر للخلايا بامتصاص اللون الأخضر، ولذلك نجد أوراق النباتات خضراء، أمَّا في أعماق البحار؛ حيثُ لا يصل الضوء الأخضر نجدها تَمتص الضوء الأزرق، ويقول العلماء: لولا هذه القدرة على امتصاص ضوء مُحدد في النباتات لبَدَا العالم أسودَ قاتمًا، بالفعل عملية مدهشة تستحق التفكير، ويؤكد علماء آخرون أن الطبيعة لا يُمكن أن توفر مثل هذه البرامج المعقدة في عالم النبات لتعطي هذا التنوع الهائل والمتناغم؛ بحيث لا نجد أيَّ خلل في عالم الألوان الطبيعي؛ لذلك لا بد أن يكون هناك قوة مهيمنة على هذا الأمر؛ {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} [النحل: 13]. ومن خلال مراقبة العلماء للغطاء النباتي تبين أن النبات لا يمتص الأشعة تحت الحمراء، بل يعكسها، وهذا يُسْهِم في تنظيم درجة حرارة الغلاف الجوي، وتتميز بعض المواد بقدرتِها على امتصاص الضوء أو عكسه أو انكساره باتجاهات مُختلفة، باستثناء مادة شفافة تمامًا ستسمح بمرور الضَّوء كما هو، وكذلك بتأثير من الرؤية عند الإنسان. والمادة الحمراء مثلاً، إذا تعرَّضت للضوء تَمتص جميع ألوان الطيف ما عدا اللون الأحمر، الذي تعكسه، والمادة البنفسجية تعكس بعض الأحمر وبعض الأزرق، أمَّا المادة السوداء، فتمتص جميع ألوان الطيف، والأبيض يعكسها جميعًا. عندما يمر شعاع ضوء خلال الهواء، سيتعرض حتمًا للانكسار بدرجة مُعينة تعتمد على كمية الغبار الموجودة حوله، تنكسر الموجات القصيرة من ألوان الطيف (الزَّرقاء) بدرجة أكبر بكثير من الموجات الطويلة (الحمراء)، وفي الأيام الصافية حيث الغبار وقطرات الماء قليلة في الجو سيكون انعكاس أشعة الضوء محدودًا جدًّا، وبذلك نرى السماءَ زرقاء فاتحة، وعند الغروب حيث تزداد كَميَّة الغبار في الجو؛ خصوصًا أيامَ الحصاد، يزداد تشتت الضوء، وخصوصًا الموجاتِ القصيرةَ الزرقاء، بحيث تبقى الأشعة الصَّفراء والحمراء ظاهرة على سطح الأرض. ولو كانت الأرض كالقمر، دون جو يُحيط بها، لبدت السماءُ سوداء دائمًا، في الليل وفي النهار.
|
|
اللون والأثر النفسي:
بما أنَّ اللون هو تردد لموجة كهرومغناطيسية، فإنَّنا نستطيع باستخدام لون مُحدد تعديل تردُّدات الجسم، وهذه فكرة العلاج بالألوان؛ لأنَّ كل واحد منا لديه مجال كهرومغناطيسي ينشره حول جسده، ويتأثر هذا المجال بألوان الملابس والألوان المحيطة بنا، ولذلك تَجد الإنسان عندما يكون في نزهة بين الأشجار يحس براحة نفسيَّة؛ بسبب انعكاس التردُّدات الخضراء على جسده. التأثير نفسي؛ لأنَّ للَّون ترددًا خاصًّا به، ومن خلال تردده يؤثر على العين وعلى الرَّنين المغناطيسي بالإنسان، ولذلك عندما نرى لونًا محددًا، فإنَّ تردُّدات هذا اللون تنتقل عبر العين إلى الدماغ، وتؤثر على خلايا الدماغ والقلب بشكل مُختلف عن لون آخر، ولها تأثير على شخصية الإنسان، من خلال حبِّه لألوان محددة ومدى تفاعله معها. يُعَدُّ التفاعُل مع الألوان عملية معقدة جدًّا، لم يتمَّ تفسيرها بشكل موسع ودقيق حتى الآن، ولذلك تعدُّ الألوان آية محيرة من آيات الخالق - تبارك وتعالى – الذي أمرنا أن نتفكر فيها؛ لندرك ونتذكر أنَّ هذا الكون لم يأتِ صدفة؛ {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} [النحل: 13]. فخلف كل لون قصة، بعضها جميل تستبين العيون الباصرة الحقيقةَ فيها، بينما ترى عيون أخرى فيها روح الشحناء والبَغضاء، وكل آفات النفس البشرية، من أجل هذا نستطيع القول: إنَّ الألوان تَحمل المشاعر المتناقضة، فهي تحمل مشاعر الأمل واليأس، وترمز لمفاهيم الإثم، كما ترمز لمفاهيم البراءة، ولذا يساء استخدامها حينًا، ويُضحَّى بها حينًا آخر، يُفضَّل بعضها ويُزدَرى البعض الآخر. فاللون يُعرَف بأنه ظاهرة من النُّور أو الإدراك البصري يُمكِّن المرء من التمييز بين الأشياء التي لولا هذا اللون، لكانت متطابقة، ولكونها إحدى الخصائص التي تُمكننا من تمييز الأشياء، تُعدُّ الألوان معنى من معاني الحياة، وعليه، فإنْ قلنا: إنَّ الحقيقةَ تتداخل مع الحياة كان لنا أن نقول: إنَّها – أي: الحقيقة - تُرى من خلال الألوان المختلفة. وأثر الألوان على الإنسان كامن في التجاوب النفسي المبهج الذي تثيره في الحياة اليوميَّة، وهو ما يعرف بالإدراك النفسي، فضلاً عن آثارها في حياة الفن، الموضة، التجارة والانفعالات النفسية والعاطفيَّة. على سبيلِ المثال تُعَدُّ الألوان: الأحمر، والبرتقالي، والأصفر، والبني - ألوانًا ساخنة، بينما تعد الألوان: الأزرق والأخضر والرمادي ألواناً باردة. من هنا قيل: إنَّ الألوان: الأحمر، والبرتقالي، والأصفر - تُثير البهجة والشهيَّة، وتدفع الإنسان نحو العدوانيَّة، فالأحمر يستعمل في مطاعم "ماكدونالد"؛ لأنَّه مُثير للانتباه ويشعر الإنسان بالجوع؛ كما يَجلب البقاء في المكان الأحمر انزعاجًا يجعل الزبون ينصرف بسرعة؛ أي: "يأكل سريعًا". بينما يدعو اللونان: الأزرق والأخضر إلى الحس بالأمان والهدوء والسَّلام، أمَّا الألوان: البني والرمادي والأسود، فهي تثير الحزن والإحباط والقنوط، وبالرَّغْم من هذا، فيُمكننا القول بأن هذه المفاهيم ما زالت فردية، وتَختلف من فرد لآخر. فالسن والحالة المزاجيَّة والصحة النفسية، إضافة إلى عوامل أخرى تؤثِّر على إدراكنا للألوان، فالأشخاصُ الذين يشتركون في صفات فردية مُميزة غالبًا ما يشتركون في إدراكهم للألوان، وتفضيلهم لبعضها على بعض، يؤكد الأطباء النفسيُّون أنَّ تحليل استخدام المرء للألوان وتجاوبه معها يكشف لنا معلومات نفسية وثيقة الصِّلة بالتحليل النفسي، بل يذهب البعض منهم إلى أن بعض الألوان لها آثار علاجية لبعض الإعاقات النفسية والجسدية. ففي الصين والهند واليابان تستخدم الألوان في الطبِّ البديل، ويُعَدُّ اللون البرتقالي مفيدًا في حالات الاكتئاب، والأصفر لمرضى السُّكر، والأخضر للمصابين بالقرحة والخمول الرُّوحي، والأزرق البنفسجي لمرضى الصَّرع. ما يهمنا هنا هو العضو الجسدي الذي يستقبل اللون مثل العين ومراكز الإحساس في البشرة. فطول الموجة الخاصَّة بكل لون يحمل وينقل الطاقة إلى العضو الجسدي الذي يحوي ذلك اللون، وتقوم تلك الطاقة بإزالة الاضطرابات الجسدية والنفسية. فالأشعة الملونة تؤثر مباشرة على الجهاز العصبي؛ لذا تتم معالجةُ العلل المختلفة بأشعة متنوعة الألوان لتنوع تأثيرها ولتعدد درجاتها. وعلى الرَّغْم من أنَّ هذه الفوائد الطبية ما زالت قيد البحث، فإنَّ الألوان تُحدِث ردَّ فعل جسدي ونفسي مُحدد وواضح؛ فالغرف والأشياء ذات اللون الأبيض وتلك التي لها ظلال خفيفة لألوان "مُبْهِجة" ربَّما تبدو أوسع من تلك التي طُلِيَت بألوان داكنة أو "دافئة". وكما يعلم المصمِّمون ومهندسو الديكور، فإنَّ الألوان الداكنة لها أثر تقليصي؛ فالحجرة الْمُبهجة التي تُطلى باللون السَّماوي تَحتاج إلى تثبيت مُنظم أضواء أعلى من الحجرة المطلية بلون برتقالي باهت؛ حتى يمكن الحصول فيها على نفس درجة الإحساس بالدفء، ويعاني الأفراد الذين يتعرضون لألوان غير عادية منبعثة من مصادر خاصَّة صُداعًا واضطراباتٍ عصبية، بل إنَّ الأطعمة التي يتم تقديمها في هذا الجو ربَّما تصيب الإنسان بالتقزُّز والمرض، وعلى النقيض نَجد ألوانًا أخرى تدعو إلى البهجة، فحينما يتعرض المرء للون مبهج بعد تعرُّضه للون آخر داكن، يزدادُ لديه الشعور بالسعادة بدرجة أعلى مما لو كان قد تعرض مباشرة للون مبهج فقط.
|
|
معاني الألوان:
اللون الأحمر: يُمثل عادة العاطفة، والانفعال، والنار، والغضب، وإذا كان الأحمر ملتهبًا، فإنه يعني الحرب. لوحظ تأثير فيسيولوجي للون الأحمر؛ حيث يؤدي التعرُّض لهذا اللون لفترة طويلة إلى زيادة ضغط الدم، وهو يملك تأثيرًا على مختلف غدد الجسم، ومِنْ ثَمَّ ينشِّط خلايا الجسم، ويرفع طاقتها، وإذا قمنا بتخفيف اللون الأحمر؛ ليصبح زهريًّا، فإن تأثيره سيقلّ، والذي يتأمل الطبيعة يلاحظ أنَّ الله - تعالى - اختار ألوانًا مُحددة لنباتات محددة بما يتناسب مع خصائص هذه النباتات. يعبِّر هذا اللون عن العواطف والمشاعر والاندفاع، ويرمز إلى الدَّم الذي فيه الحياة، وإلى الحرب والقتال؛ قال أبو العلاء المعري: يَتَهَلَّلُونَ طَلاَقَةً وَكُلُومُهُمْ يَنْهَلُّ مِنْهُنَّ النَّجِيعُ الْأَحْمَرُ والنَّجيع هو الدم الأحمر، والمراد: الأحمر المكروه والمؤلم، وليس حمرة اللون؛ لأنَّ الدم أحمر بالضرورة، والعرب تضرب الحمرة مثلاً للمكروه والأذى، بعض القبائل جعلت من اللون الأحمر شعارًا لها قبل الإسلام. ظل الأحمر لعدَّة سنوات رمزًا للعُنف والقتل والظُّلم والإرهاب، وبتعبيرٍ آخر يعني الأحمر وجهًا مملوءًا بالغيظ (أحمر الوجه)، أو دمويًّا (عينان دمويَّتان). أمَّا في مَجَال السياسة، فيُشير اللَّون الأحمر إلى الإثارة، أو الدَّفع نحو تغيير اجتماعي سياسي جذري، مصحوبًا بالقوة؛ كما هو الحال في الثَّورة الحمراء، وأيُّ شيء آخر يتَّصل بالشيوعية مثل المربع الأحمر الخاص بالاتِّحاد السوفيتي السابق، بل يوجد في العالم جيشان أحمران: الجيش السوفيتي الذي أسس عقب ثورة 1917، والجيش الأحمر الياباني الذي أسس عام 1969، وعرف أولهما بقوانينه ونظمه الصارمة؛ مثل معاقبة بعض الكتائب بإرسالها في موجات انتحار جماعيَّة، غَيْرَ أن مجموعة من القوانين الجديدة سُنَّت عام 1960 خفَّفت من حمرة الجيش السوفيتي. أمَّا الثاني فهو عبارة عن منظمة إرهابية يابانية صغيرة بقيت ناشطة حتى 1990، أمَّا الألوية الحمراء الإيطاليَّة، وهي منظمة إرهابيَّة يسارية مُتطرِّفة، اختارت اللون الأحمر والعنف في سعيها لتهيئة إيطاليا في السبعينيَّات لثورة ماركسيَّة، كما اختار الثَّوريون الصينيون الذين سعوا لإنهاء الثَّقافة التقليديَّة الصينية اللونَ الأحمر والعُنف، وتابعهم الثُّوار الكمبوديون الذين يعرفون باسم "الخمير الحمر"، والذين قاموا بقتل جيل بأكمله، أو ما يقارب مليون ونصف مليون نسمة من السُّكان، البالغ عددهم 5.7 مليون نسمة في فترة حُكم امتدت لثلاث سنوات ونصف فقط. اللون البرتقالي: يعبِّر عن الطاقة والقوة والحيوية، يؤكد بعض الباحثين أنَّ هذا اللون مُرتبط بنظام المناعة للجسم؛ حيثُ يؤدي التعرُّض للضوء البُرتقالي لزيادة مناعة الجسم، وربَّما بسبب توافق الاهتزازات الخاصة بالخلايا المناعية مع تردُّدات اللون البرتقالي. اللون الأصفر: لون الشمس، إذا كان قويًّا باهرًا يرمز للفرح والتفاؤل والحيويَّة وشفافية النَّفس، أمَّا إذا كان داكنًا، فيعبر عن عواطف مُتخبطة غير سعيدة، كالغَيْرة والحسد والطَّمع والغضب، بعض الباحثين يربطُ بين نشاط الدماغ وبين هذا اللون، فالأصفر ينشط خلايا الدماغ، أمَّا الأثر النفسي فهو يزيد من السُّرور لدى الإنسان، وهناك من الباحثين مَن يربط اللون الأصفر بالخوف أو الموت، ولكن ليس لديهم دليلٌ علمي على ذلك سوى ما يعبر عنه بعض الناس. ويوحي اللون الأصفر بالمرض والشيخوخة، والاستنزاف، والضنى، وصفرة الوجه يولدها الفزع والبؤس والسُّقم، كما يعبر الأصفر عن إرهاصات الموت والفناء، كما تشير إلى ذلك الآية الكريمة: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللهِ وَرِضْوَان} [الحديد: 20]، واصفرار النبات أعظم دلالة على التهيُّؤ للزوال، وفي الآية الكريمة تلميحٌ إلى تبدُّل حال الحياة من حال إلى أخرى، وكلُّها أعراض زائلة آخرها الفناء كأطوار الزرع، وارتباط اللون الأصفر بالاضمحلال والتساقُط كثير في الشعر العربي، ومن ذلك قول الشاعر: تَبْكِي عَلَى الْأَعْشَابِ هَجْرَ غُصُونِهَا بِمَدَامِعٍ نَضَبَتْ وَوَجْهٍ أَصْفَرَا في عصرنا هو يرتبط بمواد الفضائح الْمُثيرة والأخبار المزيفة (الصحافة الصَّفراء)، كما يشير إلى الجبن (شيء من الجبن في شخصية الرجل). فاللَّون الأصفر الباهت علامة على الموت ونهاية الحياة، ولكن - سبحان الله! - فإنَّ اللون الأصفر الفاقع هو علامة السُّرور والفرح، ولذلك قال تعالى في سورة البقرة: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} [البقرة: 69]، فتأمَّلوا كيف كان اللون الأصفر وسيلة للسرور؛ {تَسُرُّ النَّاظِرِينَ}. يقول - تبارك وتعالى -: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا} [الأنعام: 99]، يؤكد بعض الباحثين أنَّ اللون الأخضر يدل على الحياة؛ يقول تعالى: {وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} [يوسف: 43]، فاللون الأصفر الباهت هو علامة الموت، أمَّا اللون الأخضر هو علامة الحياة، "وربَّما نجد هذه الإشارات في عالم الأحلام". اللون الأخضر: رمز الخير والأمل والمستقبل والبعث من جديد، والتفاؤل وتَجديد الآمال العظيمة للمستقبل، واستعادة القوى والطاقة. هناك بعض الآراء تؤكد على أنَّ اللونَ الأخضر مفيدٌ للقلب، ويُساعد على التنفُّس بعمق، وهو لون يُساعد على إعادة التوازن لخلايا الجسم، وهذا اللون يدخل على الإنسان السرور والبهجة، ولذلك نَجد الأطباء في العمليَّات الجراحية يرتدون هذا اللون لتخفيف الألم عن مرضاهم، ولمنحهم الإحساس بالبهجة والسُّرور. يرمز اللون الأخضر إلى الخصب والبركة والنَّماء؛ كما في الآية الكريمة: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَْرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِفٌ خَبِيرٌ} [الحج: 63]. وهو لون يبعث البهجة والفرح، ويَخلو من كل الصفات السلبيَّة، كما أنه لون يقوي حدة البصر، وقد يراد باللون الأخضر السواد أو الأدمة لقول الشاعر: وَأَنَا الْأَخْضَرُ مَنْ يَعْرِفُنِي أَخْضَرُ الْجِلْدَةِ فِي بَيْتِ الْعَرَبْ ومن معاني الأخضر أيضًا النعمة والرضا؛ كقوله - تعالى - في وصف أهل النعيم: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَان} [الرحمن: 76]؛ قال الرازي في فائدة اللون الأخضر هنا: "ميل الناس إلى اللون الأخضر في الدُّنيا أكثر، وسبب الميل إليه هو أن الألوان التي يظن أنَّها أصول الألوان سبعة، وهي الشفاف وهو الذي لا يَمنع نفوذ البصر فيه، ولا يحجب ما وراءه، كالزجاج والماء الصافي وغيرهما، ثم الأبيض بعده، ثم الأصفر، ثم الأحمر، ثم الأخضر، ثم الأزرق، ثم الأسود. والأظهر أنَّ الألوان الأصلية ثلاثة: الأبيض، والأسود، وبينهما غاية الخلاف، والأحمر مُتوسط بين الأبيض والأسود، فإنَّ الدم خلق على اللون المتوسط، فإنْ لَم تكن الصحة على ما ينبغي، فإنْ كان لفرط البُرودة فيه، كان أبيض، وإن كان لفرط الحرارة فيه، كان أسودَ، لكن هذه الثلاثة يحصل منها الألوان الأُخَر، فالأبيض إذا امتزج بالأحمر حصل الأصفر، يدل عليه مزج اللبن الأبيض بالدم، وغيره من الأشياء الحمراء، وإذا امتزج الأبيض بالأسود حصل اللون الأزرق؛ يدل عليه خلط الجص المدقوق بالفحم، وإذا امتزج الأحمر بالأسود حصل الأزرق أيضًا، لكنَّه إلى السواد أميل، وإذا امتزج الأصفر بالأزرق حصل الأخضر، وقد علم أنَّ الأصفر من الأبيض والأحمر، والأزرق من الأبيض والأسود، والأحمر والأسود. فالأخضر حصل فيه الألوان الثلاثة الأصلية، فيكون ميل الإنسان إليه؛ لكونه مشتملاً على الألوان الأصليَّة، وهذا بعيد جدًّا، والأقرب أن الأبيض يفرق البصر، ولهذا لا يقدر الإنسان على إدامة النَّظر في الأرض عند كونها مستورة بالثلج، وإنه يورث الجهر والنَّظر إلى الأشياء، والسواد يجمع البصر، ولهذا كره الإنسان النَّظر إليه، وإلى الأشياء الحمراء كالدم، والأخضر لَمَّا اجتمع فيه الأمور الثلاثة دفع بعضها أذى بعض، وحصل اللون الممتزج من الأشياء التي في بدن الإنسان، وهي الأحمر والأبيض والأصفر والأسود، ولَمَّا كان ميل النفس في الدنيا إلى الأخضر ذكر الله - تعالى - في الآخرة ما هو على مقتضى طبعه في الدنيا. قال تعالى: {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} [الكهف: 31]، "قال القرطبي: وخصَّ الأخضر بالذكر؛ لأنَّه الموافق للبصر؛ لأن البياض يبدِّد النظر ويؤلم، والسواد يُذَم، والخضرة بين البياض والسَّواد، وذلك يجمع الشعاع، والله أعلم. وصفُ الثياب بأنَّها خضر وصفٌ كاشف لاستحضار اللون الأخضر؛ لأنَّه يَسُرُّ الناظر؛ لذلك فهو لون ثياب البَررة والأتقياء، واللون الأخضر يَحوي معنى الرحمة واللُّطف والاعتدال (شتاء أخضر: معتدل)، ومعنى الجاذبيَّة والبهجة، ومعنى الشباب والحيويَّة وعدم النُّضج أو الاكتمال (تفاح أخضر)، وكذلك معنى الجدة، وفي المقابل قد يعني شيئًا له مظهر باهت ومريض أو شخص حسود (أخضر من الحسد)، كما يشير هذا اللون إلى الحركات السياسيَّة المناصرة للبيئة (السلام الأخضر)، أو الأفراد الذين يعملون من أجل الحفاظ على البيئة (حزب الخضر).
|
|
اللون الأزرق:
يعبر عن التمعن والتأمُّل والفكر عن تحليل الذَّات ودراسة النفس، وهو رمز للصفاء والهدوء والسكون والراحة. يساعد على تخفيض ضغط الدم، وله تأثير مُسكِّن للجسم، وهو لون الهدوء، وهو ينشط الغدة النُّخامية، ويساعد على النوم بعمق، ويُقوي نخاع العظام، وهناك وجهات نظر تؤكد على أنَّ اللون الأزرق يساعد على الإبداع. يقترب اللون الأزرق في معانيه من اللون الأسود في الثَّقافة العربية، ذلك أنه لون كريه؛ لأنَّه لون الموت والمرض والكآبة والحزن، وقد قال المفسرون في تفسير الآية الكريمة: {يَوْمَ يُنفَخُ في الصُّورِ ونَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: 102]: إنَّ الزرقة هي لون كلون السماء إثر الغروب، وهو في جلد الإنسان قبيح المنظر؛ لأنه يشبه لون الإصابة بحروق النار، وظاهر الكلام أن الزرقة لون أجسادهم، وقيل: إنَّ المراد لون عيونهم؛ لأنَّ زرقة العين مكروهة عند العرب، والأظهر على هذا المعنى أنْ يراد شدة زرقة العين؛ لأنَّه لون غير معتاد، فيكون كقول بشار: وَلِلْبَخِيلِ عَلَى أَمْوَالِهِ عِلَلٌ زُرْقُ الْوُجُوهِ عَلَيْهَا أَوْجُهٌ سُودُ اللون البنفسجي: يرمز لما هو جميل وحلو في حياة الإنسان؛ لأنَّه متصل عادة بالكرم وبالتضحية، لكنه يمثل أيضًا الانقباض والكآبة والحزن. يساعد على هدوء الغضب، وهو مُرتبط بالاضطرابات العاطفيَّة؛ حيثُ يساعد على التخفيف منها، ويُعَدُّ هذا اللون من أهم الألوان في الاستقرار العاطفي وإحداث تغيير في حياة الإنسان، وبالطبع قد نَجد أناسًا لا يتأثرون بالألوان، هذا أمر طبيعي، وبالمقابل نَجد أناسًا لديهم حساسية فائقة تُجاه الألوان، يتذوَّقونها ويتفاعلون معها، مثل تفاعُلهم مع الموسيقا مثلاً. اللون البني: يؤكد بعض الباحثين أنَّ اللون البني هو لون الاستقرار، ويمنح الإنسان بعض الهدوء والعودة للطبيعة؛ حيث نجد أن لون التراب يميل للون البني، ومِنْ ثَمَّ هذا اللون يذكرك بالبساطة ويزيد من الإحساس بالتواضع، طبعًا المسألة نسبية تختلف من شخص لآخر، حسب الحالة النفسية، وحسب المعتقدات لديه. اللون الأسود: يعبر بسبب دكانته عن الحزن عن مواقف وحالات نفسية تعيسة، كالخوف والغموض، ويعبر اللونان معًا الأبيض والأسود عن تَحوُّل أو لحظة انتقال، عن المرور من مرحلة إلى أخرى، كما يُمثِّلان اللحظتين الأساسيَّتين في حياة الإنسان: مولده ووفاته، هو لون سلبي وغير مفيد في العلاج ويقلل النمو. واللون الأسود هو رمز للوقار عند بعض النَّاس، وهو رمز للحزن عند آخرين، وعند العرب اللون الأسود وما يتركب منه، يكدر الروح ويُعمي القلوب، ويولد الأخلاط السوداويَّة؛ لأنه اللون المشاكل للظلام وما فيه من قتامة وهواجس، وهو عند المسلمين لون الكفر والضلال وسوء الحال والمآل في الآخرة؛ قال تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عِلَى اللهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: 60]. فقد جعل الله - تعالى - اسوداد الوجه علامةً على سوء المصير؛ لأنَّ السواد يناسب ما سيلفح وجوههم من مسِّ النار، كما يدل هذا اللون في الأدبيَّات العربية على معانٍ أخرى منها العبوس والغيظ؛ لقوله - تعالى -: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58]. ومن معاني الأسود أيضًا: التعبير عن الخوف والمهلكات كالحروب؛ حيث يَسْودُّ وجه المقاتل خوفًا وهلعًا، قال الشاعر: مَا أَنْ تَرَى الْأَحْسَابَ بِيضًا وُضَّحًا إِلاَّ بِحَيْثُ تَرَى الْمَنَايَا سُودَا واللون الأسود يستخدم للإشارة إلى الأمور الثَّقيلة والخطيرة (مكيدة سوداء)، أو المتسخة والملوثة (أيدي سوداء)، أو المكر والخبث والشر (أفعال سوداء)، أو الأشياء ذات الأثر السلبي (علامة سوداء في سجل المرء)، أو الأمور الغيبيَّة أو الشيطانية (سحر أسود)، أو الأحداث والمشاعر الحزينة واليائسة والمصائب (اليأس الأسود)، أو العداوة والغضب والتجهم (الحقد الأسود)، أو الأمور المشوهة والسخرية الشاذة (الفكاهة السوداء)، أو عمليات الاستخبارات السرية (المهام الحكومية السوداء). يقول طبيب علم النفس الاجتماعي "إبراهيم بالي أغلو": "على الرَّغم من أننا نربط الأسود بمعانٍ سلبيَّة فلا يُمكن أن ننكر أنَّه يُمثل الجدية والاحترام والنُّبل، فهناك مواطن لا يعد فيها اللون الأبيض الذي هو لون الطهر لونًا مناسبًا، ولا بد أنْ تستخدم الألوان مع درجاتها وتجميعاتِها المناسبة. ويرى الطبيب نفسه أنَّ من المنطقي ربط الأبيض بالمفاهيم الإيجابية، والأسود بالمفاهيم السلبية: "الأبيض والأسود كالليل والنَّهار، فبينما يثير سواد الليل الذُّعر في القلوب، يشيع ضوء النهار فيها الطمأنينة والسَّكينة، كما أنَّ عتمة الليل تخفي الألوان، بينما يظهر النهار بريقها، والناس بطبيعتهم يَميلون لحب الضَّوء وألوانه السَّاطعة، كما أننا نستخدم الضوء الأبيض في علاج الاكتئاب، واهتمام المرء بالألوان الدَّاكنة يعطينا مِفتاحًا لمزاج هذا الشخص، بينما ارتداء المريض لملابس بيضاء يعطينا انطباعًا أنه آخذ في التحسن". ويسجل لنا التاريخ أنَّ جماعات مثل "جماعة اليد السوداء"، و"جماعة الأوجه السوداء"، و"جماعة الستر السوداء" دأبت على العنف والتخريب، وتعد جماعة الستر السوداء التابعة للزعيم الفاشي موسوليني أهمها على الإطلاق، فبعد طرد هذه الجماعة على إثر انقلاب عام 1943 تجنب الناس ارتداء القمصان السود. اللون الأبيض: رمز للنقاء والضوء، وللصدق والإخلاص، وعدم التحيز وللنهار، وهو لون السماء، يتدرج لون السماء من النيلي الداكن إلى البرتقالي أو الأحمر في وقت الغروب، لكننا نميل إلى الاعتقاد بأن لون السماء الطبيعي هو الأزرق، وبما أنَّ الشمس مصدر الضوء على الأرض، تصدر ضوءًا أبيضَ، فمن العجب حقًّا أن نظن دائمًا أن لون السماء هو الأزرق. ويتكون اللون الأبيض من مزيج ألوان الطيف السبعة: (الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق النيلي، والبنفسجي)، كما تبدو في قوس قزح، (والذي ينتج من اختلاف أطوال الأشعة المكونة للضوء). وهو اللون الذي يَجلب الراحة والسلام ويبدد اليأس؛ ولذلك يفضل لمن يجد في نفسه اليأس والاكتئاب أنْ يُحاول ارتداء قميصٍ أبيضَ مثلاً؛ أي: يدخل اللون الأبيض في جزء من لباسه، ليس بالضرورة أن يكون لباسه أبيض بالكامل؛ ولكن يكفي التنويع. يرتبط اللون الأبيض في الثقافة العربية بالطهر والبراءة، وهو لون مصاحب للنور والصفاء، ويطلق على مَن به خصلة حميدة؛ قال الأخطل: رَأَيْتُ بَيَاضًا فِي سَوَادٍ كَأَنَّهُ بَيَاضُ الْعَطَايَا فِي سَوَادِ الْمَطَالِبِ وأحيانًا أخرى كانوا يريدون بالبياض طلاقة الوجه وبشره، وقد جعل الله - تعالى - البياض علامة على حسن المصير في الآخرة؛ قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيَمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُروُنَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيَها خَالِدُون} [آل عمران: 106 - 107]. واللون الأبيض يعني الخلو من الألوان، كما يعني الضَّوء أو الشحوب (شعر أبيض، شفاه بيضاء؛ أيْ: من الخوف)، كما يعني الخلو من الانحراف الأخلاقي، ويحمل معنى بريء أو عفيف (زواج أبيض)، ومعنى غير ضار (كذب أبيض، وسحر أبيض)، كما يُشير إلى الأشياء السعيدة أو الأثيرة لدى المرء (أيام الحياة البيضاء)، ويعني أيضًا المحافظ سياسيًّا أو الشعب التقليدي؛ الذي يقوم بإجراءات ثوريَّة مضادة (إرهاب أبيض). لقد كان النبي الأعظم - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُحب اللون الأبيض وهو لون يرمز للطهارة؛ فقد كان يدعو ((اللهم نقِّني من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس))، واللون الأبيض هو رمز النَّجاح يومَ القيامة عندما تبيض وجوه وتسودُّ وجوه؛ يقول تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 106 – 107]، إذًا اللون يحدد مستقبل الإنسان، إمَّا إلى الجنة، وإمَّا إلى النار. الوردي: يرمز للحياة، والعواطف الحلوة الجميلة كالحبِّ لشخص واحد أو لعديدين؛ أي: إنَّه يعبر عن انسجام وتفاهُم عام مع الآخرين. اللون الزهري يعني أنَّ الشخصَ راديكالي مُعتدل يَحمل رُؤى اشتراكية، سياسيَّة كانت أم اقتصادية، كما يعني أيضًا الإثارة العاطفية (زهري مبهج).
|
|
هل للأمم ألوانها الخاصة؟
المناسبة بين الألوان وتفضيل بعضها على بعض وما تُمثله بعض الألوان من معانٍ، فضلاً عن الجوانب النفسيَّة للألوان، كلها أمور خاصة بكل أمة، وتَختلف باختلاف الزمان والمكان، فالأمريكان واليابانيُّون مثلاً يَحملون نفس المفهوم حول الألوان الساخنة والألوان الباردة، وعلى الرغم من هذا يرى اليابانيون أنَّ الأزرق والأخضر ألوانٌ طيبة، والبُرتقالي والأحمر الأرجواني ألوان سيئة، في الوقت الذي يرى فيه الأمريكان الألوان الأخضر والأصفر والأحمر ألوانًا طيبة، ويضعون البرتقالي والأحمر الأرجواني في مصافِّ الألوان السيئة. وبينما يُمثل اللون الأسود لون الحزن في الغرب يستبدل به الأبيض أو الأرجواني أو الذهبي في بعض الثقافات الأخرى. ويذهب البعض إلى أنَّ المجتمعات تَميل لاستخدام الألوان التي تتَّسق مع معتقداتها وثقافتها، ففي جزر بانجي الإندونيسيَّة يعتقد المواطنون أن أسلافهم وصلوا إلى المكان في زوارق بُنِّيَّة اللون، ولذا فهم يبنون بيوتَهم على هيئة زوارق طليت باللون البني، بل يذهبون إلى حد التضحية بحيوان عجل البحر لتعليق رأسه على المنازل؛ كي يزيدوا في زخرفتها، ويرتدون اللون الأحمر في أثناء الجنائز؛ حيث يشيع هذا اللون في ثقافتهم وتمتلئ الشوارع بالمشيعين الذين يتشحون باللون الأحمر. أمَّا في منغوليا، فيشيع اللون الأخضر؛ حيثُ يُحب السُّكان الطبيعة والحيوانات، وفي جواتيمالا أجبر المحتل الإسباني كلَّ قبيلة من السكان الأصليِّين على ارتداء لون معين؛ كي يستطيع تمييزهم، وكأن الناس أحبُّوا هذا الأمر وقبلوه، فما زال الأمر ساريًا حتى اليوم، أما مدينة فارانسي الهندية ونهر الجانج، فهما يُذكِّران المرءَ باللون البُرتقالي، بينما يذكرك تاج محل باللون الأبيض. والإيرانيون يرون أنَّ اللون الأسود لون شريف، واللَّون الأسود رمزٌ للحداد، ويتشح الإيرانيُّون باللون الأسود لتذكر أئمتهم، بينما يرتدي الغربيون السواد في جنائزهم لتذكر قدِّيسيهم. يبدو أنَّ الإيرانيِّين يرتدون ثيابَ الحداد على الدَّوام، فكربلاء تعيشُ داخلهم، أمَّا الأتراك فلا يعدُّون اللون الأسود لونًا حزينًا؛ لذا فهم يرتدون ثيابًا عادية أثناء حضور الجنائز؛ لأنَّهم ينظرون إلى الموت كجزء لا يتجزأ من الحياة. أمَّا اللون الأحمر فهو عند الإيرانيِّين لون العار، وأما في تركيا والصين والهند، فيعد الأحمر لون الزفاف؛ حيث ترتدي العروس خمارًا أحمر على رأسها عشية زفافها، وتُحيط خصرها بحزام أحمر اللون يوم الزفاف، كما تضع المرأة ساعة الولادة أيضًا شريطًا أحمر اللون، كإشارة إلى أنَّها على عتبة مستقبل جديد مليء بالثراء والغنى. أمَّا الأفارقة والآسيويون فهم يُحبون ارتداء الألوان المتعدِّدة، ويرجع ذاك إلى طبيعة البلاد التي يقطنونها؛ حيثُ الطبيعة والجو المشمس الساطع الذي يؤثر على أمزجتهم وأذواقهم؛ لذا نراهم في ألوان زاهية ومتداخلة، بل غريبة أحيانًا. أمَّا اللون البنفسجي، فهو لون الإمبراطورية البيزنطية؛ حيثُ كان الإمبراطور وَحْدَه هو من يرتدي هذا اللون، وحتى بعد موت الإمبراطور بنيت مقبرته من حجارة بنفسجيَّة اللون، وأظهرت حفريات تيومولوس بمدينة "تكيرداغ" في تركيا أنَّ الإسكندر الأكبر كان يرتدي غالبًا اللون القرمزي، وربَّما يكون هذا هو السبب وراء تفضيل أباطرة الدَّولة البيزنطية هذا اللون بدرجاته المختلفة. هل للأديان ألوان؟ المسلمون مثلاً يفضلون اللون الأخضر؛ حيثُ تُغطَّى قبورهم وأضرحتهم بأردية خضراء، كما يَشيع اللون ذاته في مساجدهم، ربَّما يربط بعض الناس بين الإسلام واللون الأخضر؛ حيث كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُحب اللون الأخضر، فهو يريح العين، ويرتبط بالطبيعة، وأمر الناس أن يرتدوا ما صفا لونه، وخلا من الدنس وأراح العين، وكتيبة المهاجرين والأنصار هي الكتيب الخضراء، وأعلام بني أمية خضراء. واستحب عمر بن الخطاب الثَّوب الأبيض لحامل القرآن؛ لتفضيل النبي له، وقوله بفضله عن غيره، ففيه صفاء اللون تعبيرًا عن صفاء النفس والسلوك والسلام، وفيه يُكفَّن موتى المسلمين. ونرى القساوسة الأرثوذكس الشرقيِّين يتَّشحون بالسواد، ويضعون غطاء رأس أسود اللون، ورجالَ الدين والراهبات الكاثوليكيِّين ربَّما يفضلون اللون الأسود؛ لبساطته ووقاره، وبعض الرهبان البروتستانت مثل اللوثريين - أتباع مارتن لوثر- يرتدون اللَّون الأبيض أو الرمادي ربَّما كردِّ فعل ضد الكنيسة الكاثوليكيَّة؛ كما ترتدي بعض الجماعات اليهودية المتشددة المعاطف السَّوداء الطويلة والقُبَّعات السوداء عادة، أثناء المناسبات الدينيَّة أو الأحداث الهامَّة؛ ليدلوا على أهمية الحدث، والرهبان البوذيون يفضلون الأحمر الزعفراني. معاني الألوان في الرسم: الأحمر: يرمز إلى التضحية والمحبة. الأصفر: يرمز إلى النور والإشراق. الأخضر: يرمز إلى الخير والسلام والشباب والربيع. الأبيض: يرمز إلى السلام والنَّقاء والطهر والفضيلة. الأزرق: يرمز إلى الحكمة والخلود. ماذا يحدث عندما تختفي الألوان؟ إنَّ الألوان نعمة من الله - تعالى - ويَجب أن نشكره عليها، فلو كان العالم يظهر أمامنا باللونين الأسود والأبيض؛ لسبَّب ذلك القلق والإحباط والخوف للناس، فالألوان مصدر للفرح والتفاؤل، والتغيير والتنوع من ألوان الجمال والمتعة؛ لأنَّ (الروتين) يسبب الملل والتبدُّل، لكنَّ التجدُّد والتنوُّع يَخلق البهجة والتلذُّذ بالنظر إليه، ومن الطرق المستخدمة في السجون من أجل نزع الاعتراف من خلال وضع السجين في غرفة ذات لون واحد فاقع مثلاً - مثل الأحمر - فيُصاب بنوع خطير من أنواع الاكتئاب؛ مما يُجبره على الاعتراف بالحقيقة من أجل التخلُّص من هذه الحالة. أو داخل غرفة بيضاء لمدة طويلة، فيسبب ذالك تلفًا في صور الذَّاكرة، وبالفعل لو كان العالم بلون واحد أو لونين، لكان أشبه بسجن كبير، فانظروا إلى هذه النعمة العظيمة التي لا ندركها إلا عندما نفقدها. تكرار الألوان في القرآن: اللون الأخضر يتكرر 8 مرات بعدد أبواب الجنَّة، من عظمة القُرآن الكريم أنَّ الله - تعالى - جعل اللون المميز للجنة هو اللون الأخضر، وذكر هذا اللون مع مشتقَّاته في القرآن 8 مرات بعدد أبواب الجنة، والآيات هي: 1– {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا} [الأنعام: 99]. 2– {وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} [يوسف: 43]. 3– {وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} [يوسف: 46]. 4– {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ)} [الكهف: 31]. 5– {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج: 63]. 6- {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 80]. 7– {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرحمن: 76]. 8– {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ} [الإنسان: 21]. للجنة ثمانية أبواب، اللون الأسود يتكرر سبع مرات بعدد أبواب جهنم: حدَّثنا النبي الأعظم - وهو الذي لا ينطق عن الهوى - أنَّ جهنم سوداء مُظلمة، والعجيب أن الله - تعالى - ذكر اللون الأسود مع مُشتقات الكلمة سبع مرات في القرآن بعدد أبواب جهنم، وذلك في الآيات التالية: 1- {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]. 2– {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]. 3– {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ} [آل عمران: 106]. 4– {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58]. 5– {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر: 27]. 6– {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر: 60]. 7– {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [الزخرف: 17]. سبحان الله! تأمَّل ارتباط اللون الأسود بعدد أبواب جهنم، فتكرر سبع مرات، وكيف ارتبط اللون الأخضر بالجنة، فتكرر ثماني مرات؟!
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قناعات سلبيه وتأثيرها على أداء الشخص | شموووخ3 | المنتدى العام | 2 | 2008-11-18 12:22 AM |
إرشادات نفسية | د. هند الحربي | منتدى الإرشاد الأسري والنفسي | 8 | 2008-07-16 10:46 AM |
نفسية الرائي ..... | حبيبة أمها | 📝 منتدى الدروس والتوجيهات والاستفسارات حول تعبير الرؤى | 4 | 2007-08-31 3:08 AM |
اخصائية نفسية | د. هند الحربي | منتدى الإرشاد الأسري والنفسي | 23 | 2005-05-04 12:49 AM |
استشارة نفسية | ام شهاب | منتدى الإرشاد الأسري والنفسي | 8 | 2005-01-31 12:35 PM |