لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
لا تكن مضياعا لوقتك
خباب بن مروان الحمد -------------------------------------------------------------------------------- الحمدُ لله ربِّ العالَمين، وصلَّى الله وسلَّم وباركَ على عبدِه ورسوله نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين. أمَّا بعدُ: يُمضي كثيرٌ مِن النَّاس أوقاتَهم ما بينَ المقاهي، والطُّرُقات والشَّوارع، ووسائلِ اللَّهو؛ بل في رَدهات المصالح العامَّة والخاصَّة، يَنتظرون مرسومًا، أو معاملةً، أو مراجعةً تَخصُّهم بلا شيءٍ يَفعلونه، ولا فائدةٍ يَستفيدونها. ونجد آخَرين، قليلي الانتفاعِ بأوقاتهم، وفَوضويِّين في الإفادة مِن ساعات زمنهم، فلا جَدولَ يضعونَه؛ لكي يُنظِّموا أوقاتَهم، ولا خُطَّة يرسمونها؛ لكي تَتضِّحَ لهم أعمالُهم، مع التَّقصير الشَّديد في المحافظة على الوقت والاهتمام به. لقد قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((نِعمتانِ مَغبونٌ فيهما كثيرٌ مِنَ النَّاس: الصِّحة والفَراغ))؛ أخرجه البخاري من حديث ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - في كتاب الرقاق برقم: (6412). لكنَّنا نجد أنَّ كثيرًا مِنَ النَّاس لا يُعطون لهاتينِ النِّعْمتَين (الصِّحة والفَراغ) قَدرَهما، ولا يُولُونهما الاهتمامَ والرِّعاية، وإنَّه لَيحزُنني كثيرًا حين أُشاهد أُناسًا يَبقَوْن بلا شيءٍ يستثمرونه في ساعاتِ الانتظار، أو صالات الاستقبال، أو سيَّارات الأُجرة، أو أوقاتِ السَّفر، أو حالةِ جلوسِهم في بيتهم تجد أحدهم "يفشّ غلَّه" بأولاده وزوجتِه بكثرة الشَّتائم والصِّياح، ثمَّ يَشْكُون قائلين: بأنَّ حياتَهم قاتلةٌ ومملَّةٌ غير سعيدة! هذا "الإنسان الفارغ" يعيش بلا هدفٍ في حياته، ولا غايةٍ مُرضية، بل نجد أنَّ حياتَه مملَّةٌ أشبه بـ"الرُّوتين" القاتل، حيث يَقضي بعضُ النَّاس على أنفسِهم بهذا الفراغ، والفراغُ يجعلهم يُجيدون فنونَ التَّثاؤُبِ والكسل، ومِن أشكالِ الملل والهمِّ والغمِّ الشيءَ الكثير. نعمْ، ليس هنالك وقتٌ نستطيع أن نسمِّيَه وقتَ فراغٍ، ولكنَّ حالة الشَّخص هي حالةُ الفراغ، فالعادة أنَّ الإنسانَ منذُ أن ينتهيَ مِن عملٍ، يقوم بأداءِ عملٍ آخَرَ ينشغل به، لكنَّ هذا ليس هو الإشكالَ، بلِ المُشْكِل أنْ يكون المرءُ غيرَ مستثمرٍ لوقته، ومُستغِلٍّ لدقائق عُمُره. وفي الطَّرف الآخَرِ نجد مقابلَ المُضيِّعين لوقتهم، أولئك القومَ المهتمِّين بأوقاتهم مِنَ العُلماء، والمُصلحين، والمفكِّرين، ورجال الأعمال النَّاجحين، الذين يُقدِّرون قِيمةَ الوقت، وساعةَ الزَّمن، فيخرجون مِن هذه الدُّنيا، وقد ملؤُوها عِلمًا، أو حِكمةً، أو مشاريعَ بنَّاءةً، يترضَّى عنهم النَّاسُ زمنًا بعدَ زمن. ولو دقَّقْنا التَّأمل في سيرتهم، لوجدنا أنَّهم ما كانوا يُضيِّعون ثانيةً مِن أوقاتِهم هدرًا، فالإمام المَجْدُ بنُ تَيميةَ يَطلبُ مِن خادمه أنْ يقرأَ عليه كتابًا وهو في داخل الخلاء (دورة المياه)؛ حِرصًا على وقته! وذاك الشَّيخ يقرأ وهو يمشي، حتَّى إنَّه قد ارتطم بجدارٍ، فمات أو سقط في حفرة، وهو لا يَشعر! والإمامُ ابن القَيِّم يؤلِّف كتابين وهو في السَّفر مِن أَروعِ ما ازدانت بهما رُفوف المكتبات، وانتفع بهما طَلبةُ العِلم، وهما: "بدائع الفوائد"، و"زاد المعاد"! والإمام السَّرخسيُّ يُسْجَن، فَيُؤلِّف كتابًا حافلاً في الفقه الحنفيِّ، واسمه: "المبسوط"، ويقع في أكثرَ من ثلاثين مجلَّدًا. وشيخ الإسلام ابنُ تَيميةَ يُسجَن، فَيَجلس لتعليمِ النَّاس أُمورَ دِينهم، ويؤثِّر عليهم، حتَّى إنَّ بعضَ اللُّصوص تابوا على يديه وصاروا مِنَ الصَّالحين! وذاك العابد يُمضي وقتَه في الاستغفار والتَّسبيح، ورجلُ الأعمال الصَّالح يَبني المساجدَ، ويُعين المحتاجَ، ويُغيث الملهوف. إنَّها أوقاتٌ عاشها هؤلاءِ القومُ، وقد تكون ضائعةً إن لم تُستغلَّ، إلاَّ أنَّ المُفلحينَ النَّاجحين الذين يَعرِفون أنَّ للوقتِ قِيمةً كبيرةً، وأنَّه أنفاسٌ لن تعودَ، وأنَّ الوقت كالسَّيف؛ إن لم تَقطعْه قَطعَك، وأنَّ الوقت ليس مِن ذهب فحسبُ، بل هو ذَهاب شيءٍ من عُمُر الإنسانِ، فهو الحياة؛ لهذا أدركوا قيمةَ الوقت، فلم يدعوه يذهب هباءً منثورًا، وقد علِمُوا أنَّ مَن لم يَستغلَّه في مرضاةِ الله، فسيندم على التَّفريط فيه؛ وقد قال - تعالى -:{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 99 – 100]. يحدِّث الصَّحابيُّ الجليلُ أبو ذرٍّ - رضي الله عنه - فيقول: قلتُ: يا رسولَ الله: أيُّ الأعمالِ أَفضلُ؟ قال: ((الإيمانُ باللهِ، والجِهادُ في سبيلِه))، قال: قلتُ: أيُّ الرِّقاب أفضلُ؟ قال: ((أَنفَسُها عندَ أهلِها، وأَكثرُها ثمنًا))، قال: قلتُ: فإنْ لم أفعلْ؟ قال: ((تُعين صانعًا، أو تَصنعُ لأَخرقَ))، قال: قلت: يا رسولَ الله: أرأيتَ إنْ ضَعُفتُ عن بعض العمل؟ قال: ((تَكفُّ شَرَّكَ عنِ النَّاس، فإنَّها صدقةٌ منكَ على نفسكَ))؛ أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" (1/62). والأخرق: هو الذي ليس بصانعٍ، يقال: رجل أخرقُ، وامرأةٌ خرقاءُ لمَن لا صنعةَ له. إنَّ في هذا الحديثِ لَعِبرةً وذكرى لكلِّ مَن كان له قلبٌ، أو ألْقَى السَّمع وهو شهيدٌ، فليتَ بعضَ النَّاس حالةَ فراغِهم يَقتصرون على ذلك، فلا لهم ولا عليهم، ولكنْ أَن يَستزيدوا على أنفسِهم بهذا الفَراغِ مِن السِّباب والشَّتائم، والغِيبة والنَّميمة، والكلام في أعراض النَّاس، أو بأنماطِ التَّفكيرِ السَّلبيَّة، التي تَزرع الهَمَّ والنَّكدَ، أو الانشغال بأحاديثَ جانبيَّةٍ، ضررُها أكثرُ مِن نفعِها. إنَّ هذا الحديثَ يُعلِّمنا كيفَ أنَّه لو لم يَستطعْ بعض النَّاس أن يُقدِّموا الخيرَ للآخَرِين، ويزرعوا لهم بذورَ الخير ليقتطفوها، فخيرٌ لهم أنْ يَكفُّوا أذاهم وشرَّهم عنِ النَّاس، وهذا - مع شديدِ الأَسى - حالةُ كثيرٍ من النَّاس اليومَ، فَهُمْ مع ضعفِ استغلالهم لوقتِهم، يستثمرونه بما لا يُرضي اللهَ – تعالى - وصدق مَن قال: لَقَدْ هَاجَ الْبَلاءُ عَلَيْهِ شُغْلاً وَأَسْبَابُ الْبَلاءِ مِنَ الْفَرَاغِ • ليت الوقت يباع ويشترى: كنتُ أقرأ في ذِكريات الأديب الشَّيخ عليٍّ الطَّنطاويِّ - رحمه الله - فَذكَر عنِ الشَّيخ جمال الدِّين القاسميِّ - عليه رحمة الله - أنَّه مرَّ بشبابٍ يَلْهون ويُضيِّعون أوقاتَهم بالحرام، فقال: ليتَ أنَّ الوقتَ يُباع ويُشترى، لاشتريتُ منهم أوقاتَهم؛ تَحسُّرًا على ذَهاب وقت بعضِهم دونَ أن يَستفيدَ منه، وتَمنِّيًا لكثرة أشغاله أنْ لو كان الوقتُ يُباع ويُشترى، لاشترى مِن هؤلاءِ وقتَهم! وحقًّا فالوقت دُرَّةٌ ثمينة، وجوهرةٌ مصونة، وساعةٌ ستفوت، ونَبتةٌ قد تَذبُل، وسَعةٌ قد تَضيق، فإنْ لم نُحسنِ استغلالَه فسيأتينا اليومُ الذي نُسألُ فيه عن وقتِنا وعُمُرنا؛ فيمَ أَفنيْناه؟ ونشعر عندَها بكمية الوقتِ الهائل الضَّائع الفائتِ، الذي لم نَستغلَّه أَحسنَ استغلالٍ، أو أنْ نكتسبَ من خلالِه مهاراتٍ جديدةً، تُضفي على ما لَدَيْنا مِن مهاراتٍ وطاقاتٍ أفكارًا جديدةً، وأساليبَ متنوِّعةً؛ ولهذا فإذا أردْنا أن نستفيدَ مِن مهاراتِنا، فلْنسألْ أنفسَنا عِدَّةَ أسئلةٍ قبلَ البَدْءِ بذلك: 1- هل اكتشفْنا المهاراتِ التي في داخلنا؟ 2- هل نُريد أن نُحرِّكَ مهاراتِنا، ونستخدمَها في مجريات حياتنا؟ 3- ما السَّبيلُ الصَّحيح لاستخدام هذه المهارات؟ ولهذا فليس مِنَ المُهمِّ أن يكونَ الشَّخص دُكتورًا، أو أستاذًا، أو طبيبًا، أو نجَّارًا، ويؤدِّي مهنته فحسبُ، بل عليه أنْ يُطوِّر مِن مهاراتِه، وأن يَتعلَّمَ دروسًا في التَّنميةِ الذاتيَّةِ، والرُّقِيِّ النَّفسيِّ، وإلاَّ فإنَّ الأساليبَ تختلف وتتنوَّع، كما أنَّ طرقَ العمل تحتاج لتقويمٍ للأداء، ودراسةٍ للجَدوَى؛ لكي يَعلمَ المرءُ هلْ كان أداؤه للعمل مِهنيًّا، أوِ احترافيًّا، أو كان أداؤه ضَعيفًا مُهلهلاً، ولو كان يُفني وقتَه بذلك العمل. وممَّا يُحكَى في هذا: أنَّ حَطَّابًا كان يجتهد في قطعِ شجرةٍ في الغابة، ولكنَّ فأسَه لم تكنْ حادَّةً؛ لأنَّه لم يشحذْها مِن قبلُ، وأثناءَ عمله مرَّ عليه شخصٌ ما، فرآه على تلك الحالة، فقال له: لماذا لا تَشحذُ فأسَكَ؟ قال الحطَّاب - وهو مُنهمكٌ في عمله -: ألاَ ترى أنَّني مشغولٌ في عملي؟! مع أنَّ ذلكَ الحطَّابَ كان بإمكانِه أن يشحذَ فأسَه، وأن يحدَّها جيِّدًا؛ لكي تعطيَ عملَه عطاءً أكثرَ وأكبر، ولكنَّ رُوحَ التَّكاسُل وغياب تقويمِ العمل، جَعلَه يقول لصاحبه بأنَّه مشغول، وهو في حقيقةِ أمره كما لو أنَّه يَحرُث في البحر! إنَّ علينا أنْ نُدركَ حقيقةً مُهمَّةً، وهي أنَّ الواجباتِ التي افترضَها الله علينا ستكونُ على قدر ما عِشْناه في وقتنا وزَمننا، وأنَّ مِن الخطأ أن نقول: إنَّ الواجباتِ أكثرُ من الأوقات؛ فالله - تعالى - لا يُكلِّف نفسًا إلاَّ وُسعَها، ورسولُنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - يخبرنا، فيقول: ((اكْلُفوا مِنَ العَملِ ما تُطيقونَ))؛ أخرجه البخاري في كتاب الرقاق برقم: (6100). فالواجباتُ إذاً ستكون على قدرِ الوقت الذي يَعيشُه المرءُ، ويُحسن التَّعامُلَ فيه مع ذاتِه وذوات الآخَرين، فمَن كان حريصًا على وقتِه، وتَعامَلَ مع نفسِه ومع النَّاس بحزمٍ ووضوحٍ في ذلك، نال الكثيرَ من مُبتغاه، وحصَّل شيئًا عظيمًا من أهدافه، بشرطِ البعدِ عنِ الفَوضوِيَّة في التَّعامُل مع الوقت؛ مِنَ التَّسويف في العمل، أو الانشغال بالأُمورِ المُهمَّة عمَّا هو أهمُّ منها مِن أصولٍ وجواهرَ، أو تَضييع السَّاعات الكثيرةِ دونَ القيام بعملٍ مفيد، أو بالجُلوس الطَّويل أمام التِّلفاز متجوِّلاً بين قنواتِه الكثيرة، دونَ أن يَضبطَ وقتَه في ذلك، أو قُعودَه على شاشة الإنترنت مقلِّبًا لصفحاته، وقارئًا للأخبار غيرَ مرَّةٍ؛ بدعوى الاهتمام بالأوضاعِ وأحوالِ المسلمين، وهو لا يَدري أنَّه يُضيعُ وقتَه دونَ أن يَشعُر، ولَيتَه بَعدَ هذا أو ذاكَ قدَّم لأُمَّته خِدمةً يُفيدُها بها، بدلاً مِن مجرِّد النَّقد، أو كثرة الثَّرثرة، والكلام الذي لا يفيد! • قمْ، واستغلَّ وقتك بالمفيد: لقد روى ابنُ عبَّاس - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((اغتنمْ خَمسًا قبلَ خمسٍ، وذَكر منها: حياتَك قبلَ موتِكَ، وفراغَكَ قبلَ شُغلِكَ))؛ أخرجه الإمام أحمد، والبيهقي برقم: (498)، وحسَّنه العراقيُّ في "تخريج الإحياء": (5/204)، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب": إسناده صحيحٌ، أو حسنٌ، أو ما قاربهما (4/203)، وصحَّحه الألبانيُّ، كما في "صحيح الجامع" برقم: (1077). |
|
وقال الإمامُ الحسنُ البصريُّ - رحمه الله -: "يا ابنَ آدمَ، إنَّما أَنتَ أَيَّامٌ، إذا ذَهب يومُكَ، ذَهب بَعضُكَ".
وبناءً على ذلك؛ فإنَّنا نستطيعُ أن نستغلَّ أوقاتَنا في قراءةِ آية، ومذاكرةِ حديثٍ، واستغفارٍ، وتسبيحٍ، وتهليلٍ، وصلاةٍ، ودعوةٍ إلى الله، وقراءةٍ، وتعليم وتعلُّمٍ، وأمرٍ بمعروفٍ، ونهيٍ عن منكرٍ، فسنشعر حينَها بطعم البركة في أوقاتِنا. باستغلال أوقاتِنا نستطيع أنْ نَحُلَّ مشاكلَ البطالة، بخدمةِ النَّاس، والسَّعيِ إلى طلب الرِّزق، ولو باليسير، والمشاركة في حَلِّ همومِ المساكين، والفُقراء مع الجَمعيَّاتِ الخَيريَّة. باستغلال أوقاتنا نستطيعُ أن نستمعَ إلى دروسٍ عِلميَّة، ومحاضراتٍ شرعيَّة، عَبرَ مسجِّل السَّيَّارة أثناءَ تنقُّلاتنا، بدلاً مِنَ التَّفكير العشوائيِّ والفَوضَويِّ. باستغلال أوقاتنا نُحاول أن نكونَ أَشدَّ إصرارًا على عدم تضييع ثانيةٍ مِن الإجازةِ الصَّيفيَّة، فليستْ هي عطلةً كما يُسمِّيها الكُسالى؛ فلا شيءَ في دِين الإسلام اسمُه عطلة، وإنَّما راحة، والرَّاحة تكون عبادةً كذلك، حين تكون النِّيَّة للتَّقوِّي على طاعة الله. باستغلال أوقاتنا نَبتعدُ عن الرُّوحِ الفَوضويَّة، ونَشعُر بأنَّنا مُنظَّمون، وحينَها لا نَشعُر بوقتٍ ضائعٍ، ولا بعملٍ فائت. باستغلال أوقاتنا تُحاول المرأةُ وهي تَطبُخ، أو تُنظِّف بيتَها أن تستمعَ لشريط قرآنٍ، أو دروسٍ، أو محاضراتٍ، أو تَلهجَ بالذِّكْر والاستغفار. باستغلال أوقاتنا نستطيعُ أن نَتفكَّر في مخلوقات الله، أو نفكِّر تفكيرًا إيجابيًّا في التَّخطيط لأعمالنا، فكمْ مِن فكرةٍ خطرت في الوقت، ينتفع بها المرءُ، إن طبَّقها - فيما بعدُ - انتفاعًا عجيبًا. باستغلال أوقاتنا نُفيد ونَستفيد، نَنفع ونَنتفع، نُحسن إلى خلق الله، نُغيث ملهوفًا، نُصلِّي على جِنازة، نُشيِّعُها إلى قبرها حتَّى تُدفنَ، نَبتسم في وجوهِ المسلمين، نتصدَّق، ولو بشِقِّ تمرةٍ، نتكلم الكلمةَ الطيِّبة، نسعى إلى الخير، نَكفُل اليتيم، نَبَرُّ الوالدَينِ، نَصِل الأرحامَ. وخذْ طائفةً من أحاديث المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم -: قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((السَّاعي على الأَرملةِ والمِسكين كالمُجاهد في سبيل الله))، قال الرَّاوي للحديث: وأحسبه قال: ((وكالقائمِ الذي لا يَفتُر، وكالصَّائم الذي لا يُفطِر، أو القائمِ اللَّيل، الصَّائمِ النَّهار))؛ أخرجه البخاري ( 5353)، ومسلم ( 2982)، وحَسبُكَ بذلك أجرًا. وقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: ((أنا وَكافِلُ اليَتيمِ في الجَنَّةِ كهاتَينِ))، وأشار بإصبعيه السَّبَّابة والوُسْطَى؛ أخرجه البخاري برقم:(5304). حتَّى إنَّ الإمامَ ابنَ بطَّال - رحمه الله - قال - معلِّقًا على هذا الحديث -: "حقٌّ على مَن سمع هذا الحديثَ أن يعملَ به؛ ليكونَ رَفيقَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الجنَّة"؛ "فتح الباري" لابن حجر: (10/436). أليسَ في كلِّ ما ذَكرْنا استغلالٌ للوقت، وكسرٌ لطَوق الـ "روتين"، والنِّظام الرَّتيب، وتجديدٌ في الحياة؟! ولهذا نجد المنهج القسط والوسط حين نراه – تعالى - يقول لنا: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 77]. المهمُّ أن نستغلَّ الوقت، وأنْ نعلمَ طُرق الاستفادة مِن ذلك؛ وأنْ نتعلَّمَ الطُّرق المفيدة في فَهْم عمليَّة إدارة الوقت، بالتَّخطيط الدَّقيق، ومعرفةِ أنَّ ساعةً واحدةً مِن التَّخطيط تُوفِّر عشرَ ساعاتٍ منَ التَّنفيذ، وحُسن التَّنظيم مع الاتِّسام بالهدوء والتُّؤدة كذلك، فالشَّخص المتوتِّر يحتاج ضِعْفَ الوقت لإنجاز العمل الذي يقوم به الشَّخصُ المُنظَّمُ والهادئ، والأخذ بمنهج التَّوازنِ والتَّكامُل في حياتنا، والانخراط في العمل على بَيِّنةٍ وبصيرةٍ، مع الاقتناع بأهمِّيَّته، وأنَّه سَبيلٌ إلى رضوان الله – تعالى - وتغليف ذلك كلِّه بالصَّبرِ، وضبْطِ النَّفس على ما خطَّطه المرْءُ في استغلاله. وحذارِ مِن التَّسويف في العمل، أو التَّكاسُلِ في أداء ما أوجبتَه على نفسكَ؛ بل ضعْ وقتًا للانتهاء مِن مَهمَّتك، ودوِّن واكتبْ ما تُريد القيامَ به، حتَّى لا يفلت منك، وشجِّع نفسكَ على القِيام بهذه المَهمَّة، بل كافِئْها إنِ انتهيتَ منها بشيءٍ مُحبَّبٍ لنفسك، وإيَّاكَ والتَّردُّدَ، فإنَّه سُمٌّ قاتلٌ، لا يَصنع إلاَّ الوساوس، وخذْ على نفسِكَ عهدًا ووعدًا بأنَّك ستكونُ مُنضبطًا بما ستقوم به مِن عملٍ مفيدٍ تستغلُّ به وقتَكَ، وقاطعْ كلَّ أصحاب السُّوء والفساد، الذين لا يُعاونونكَ في الخير، وإنِ استطعتَ أن تدعوهم وتُبيِّن لهم أهمِّيَّة الوقت وضرورة استغلاله، فحسنٌ، فإنِ استمعوا لك، وإلاَّ فأَعرضْ عنهم واضربْ عنهم صفحًا، فإنَّهم لصوصُ الوقت، وسُوسُ الخراب، وهنالك من الأصدقاء الكثيرُ الذين يُعينونك على حُسن التَّعامُل مع الوقت: وَلاَ تَجْلِسْ إِلَى أَهْلِ الدَّنَايا فَإِنَّ خَلائِقَ السُّفَهَاءِ تُعْدي • استفد من وقتك ولو ضاق بك الزمن: يتحدَّث الإمامُ ابنُ الجَوزيِّ - رحمه الله - في كتابه الجميل "صَيْد الخاطر" بأنَّ هناك زُوَّارًا ثُقلاءَ كانوا يأتونه بكثرةٍ، ولم يستطعْ أنْ يُخرجَهم مِن بيته، فكان يُقطِّع الورق في ذاك الوقتِ الذي يأتيه فيه أولئك الثُّقلاء، ويَبري الأقلامَ، حتَّى إذا خرج الزُّوَّار شرع في التَّصنيف والتَّأليف، والكِتابة بأقلامِه بتلك الأوراق التي قطَّعها، فيكون قد استغلَّ وقتَه بما ينفعه فيما بعدُ. وكان العلاَّمة الفقيه ابنُ عثيمين - رحمه الله - يشرح لتلاميذه وطُلاَّبه بعضَ المتون العِلميَّة، وهو يمشي مِن بيته لمسجده الذي يَؤمُّه، حيث كان بينَ المسجد وبين بيتِه مُدَّة عشر دقائق، فكان يَستغلُّ هذا الوقتَ في شروح بعض المتون العلميَّة المختصرة، وأنجز شرحَ عددٍ مِن المتون في ذلك. وقد عبَّر (أوتو شميدث) - وهو عالم جيوفيزيائي - عن تَجرِبته مع إدارة الوقت بالأرقام، حيثُ كان يملأُ كلَّ خلايا اليوم المُخصَّصة للنَّشاط بالعمل والإنتاج، ومع ذلك كان يشعر أنَّها لا تكفي لتحقيق حُلمه المستقبليِّ، ممَّا اضطره إلى تقليص عددِ ساعات نومه إلى ( 5 - 6) ساعات، ومن خلال العمل الدَّؤوب، وإدارة الوقت بدقةٍ أصبح عالِمًا كبيرًا، ووصل إلى العديدِ مِنَ الاكتشافات العِلميَّة الهامَّة! إنَّ مِن أعجب الأحاديث التي رأيتُها زرعًا لرُوح الفَأْل الحسن، وضرورة الاهتمام بالوقت، وديمومة العمل، ولو لم ننظرْ لنتيجته: ما يقوله رسولُ الهُدَى - صلَّى الله عليه وسلَّم – ((إذا قامتِ السَّاعةُ وفي يَدِ أَحدِكم فَسيلةٌ، فَلْيغَرِسْها))؛ أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، برقم: (479)، وأحمد في "المسند": (3/ 184)، من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - وصحَّحه الألباني في "صحيح الجامع"، برقم: (1424)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسنادُه صحيحٌ على شرط مسلم. والفسيلة هي: "النخلة الصغيرة، تقطع من الأُمِّ، أو تقلع من الأرض فتغرس، وجزء من النَّبات يُفصل عنه ويُغرس"؛ [المعجم الوسيط: 2/689]. إنَّ مَن تدبَّر هذا الحديثَ فسيخرج منه بفوائدَ شتَّى، مِن أَولاها ذِكرًا وشاهدًا على مقالنا: أن يعلم المرء بأنَّه لو كانتِ القيامةُ قد قامتْ، وساعة الحشر قد أَزِفت، ومع هذا كلِّه فإنْ كانت في يدِ أحدِنا فسيلةٌ من زرعٍ، فلْيضعْها ويغرسْها؛ وذلك قطعًا لرُوح التَّواني والكسل، ودفعًا للنَّفس إلى العمل وتَرْك التَّسويف، واهتمامًا باستغلال وقتنا بالنَّافع المفيد. وسِرُّ الاهتمام بالوقت أنَّ له عدَّةَ خصائصَ؛ منها: سرعةُ انقضائه، وأنَّ ما مضى منه لا يفوتُ، وأنَّ الوقتَ أثمنُ ما لدى الإنسان، فالمسلمُ إذًا لا يَعرِف الفَراغ؛ لأنَّ الوقت أغلى مِن الذَّهب، فهو الحياةُ بكاملها، والمسلمُ حين يَنتهي مِن شُغلٍ معيَّنٍ يَشرَع في شُغلٍ آخرَ، ويَذبح الفراغ بسِكِّينِ العمل، ولهذا كان سَلفُنا الصَّالح يُولُون الوقتَ عنايةً خاصَّةً، فها هو الحسنُ البصريُّ - عليه رحمة الله - يقول: "لقد أدركتُ أقوامًا كانوا أشدَّ حِرصًا على أوقاتهم مِن حِرصِكم على دراهمكم ودنانيركم"، وَوُصف رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأنَّه لا فراغ لديه في وقته؛ كما تقول عائشة - رضي الله عنها -: "ولا رئي قطُّ فارغاً في بيته"؛ "صفة الصفوة" (1/200). ولكنَّ الوقتَ الآنَ - وللأسف - صار عبئًا على كثيرٍ من النَّاس، وصار كثيرٌ منهم يقول لصاحبه: "تعالَ نُضيِّعْ وقَتنا"، أو أن يقول بعضُهم: "صارت أوقاتُنا روتينًا قاتلاً"، إلى غير ذلك مِنَ الكلمات التي تَدلُّ على رخص الوقت عندَ هؤلاء، الذين لم يَعرفوا قدرَ أوقاتهم، ولم يَعلموا أنَّه: مِن علامةِ المَقت، إضاعةُ الوقت، ورحم الله الإمامَ ابنَ هُبَيرةَ حين قال: وَالْوَقْتُ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ لقد أُصيبَ كثيرٌ من أبناءِ وبناتِ المسلمين بنَوعيةٍ عجيبةٍ مِن الانتحارِ الجماعيِّ، عن طريقِ هَدرِ الأوقات في الأُمورِ الفارغة، مما أدَّى بهم إلى أن ينشغلوا بالتَّوافِه، أو الأمور المُحرَّمة، "وإذا لم تَشغلْ نفسكَ بالحقِّ شغلتْكَ بالباطل"؛ كما قال الإمام الشَّافعيُّ - رحمه الله. وهنالك بعضُ مَن كَبِرَ بهم السِّنُّ وشاخوا، ليس لهم قضاء وقت إلاَّ بتذكُّرِ الهمِّ والغمِّ، مع أنَّ بإمكانهم أن يَستغلُّوا أوقاتَهم بما يُفيد ويَنفع؛ بعملِ الخير، وإرشادِ النَّاس، بنقلِ تَجارِبهم التي عاشوها للأجيال القادمة، بأن يَكتُبوا ويُدوِّنوا ذِكرياتِهم في مُذكِّرات يَتناقلُها الورثةُ ويستفيدون منها. المهمُّ أن يفعلوا الشيءَ الذي يُجدِّد في أنفسهم عواملَ القُوَّةِ والعزيمة، ويُذيبوا عواملَ الوَهن والضَّعف، فما يقتل الإنسانَ أحيانًا إلاَّ طريقةُ تفكيره؛ ولهذا قيل: "حياتُكَ مِن صُنع أَفكارِكَ". وَمَا أَقْبَحَ التَّفْرِيطَ فِي زَمَنِ الصِّبَا فَكَيْفَ بِهِ وَالشَّيْبُ للَّرَأْسِ شَاعِلُ تَرَحَّلْ مِنَ الدُّنيَا بِزَادٍ مِنَ التُّقَى فَعُمْرُكَ أَيَّامٌ وَهُنَّ قَلاَئِلُ فالفَطِنُ إذًا يَستغلُّ وقتَه، ويَعلمُ حقيقةَ ما خُلق له، والخاسِرُ مَن يَتهاون به، ويشغل نفسَه بالحرام والباطل، وقد نُقِل عن أَحدِ العُلماء أنَّه قال: "مَن أَمضى يومًا مِن عُمُرِه في غيرِ حَقٍّ قَضَاه، أو فَرْضٍ أدَّاه، أو مَجْدٍ أثَّله، أو حَمدٍ حصَّله، أو خَيرٍ أسَّسه، أو عِلمٍ اقتبسَه - فقد عَقَّ يومَه، وظَلم نَفسَه". وقال عبدُالله بنُ مسعودٍ - رضي الله عنه: "ما ندمتُ على شيءٍ نَدمي على يَومٍ غَرَبَتْ فيه شَمسُهُ، نَقص مِن أَجلي، ولم يَزدَدْ فيه عَملي". • وفي الختام: فإنَّ مَن نَظَّم وقتَه، وأحسن استغلالَ ساعاتِه وأوقاتِه، سيَشعرُ بالسَّعادة التي هي أَملُ كلِّ فردٍ في هذه الحياة، وسيكونُ الحُزنُ والاكتئابُ بعيدًا عن مَرْمى حياته، فهو مشغولٌ بوقته، مشغولٌ بأداءِ مَهمَّاتِه، وسيُدركُ أنَّه حينَ أحسن التَّعامُل مع مُرورِ عقارب السَّاعة في تنظيم وقتِه عدَّةَ فوائدَ؛ منها: إرضاءُ الله - عزَّ وجلَّ - والرِّضا عنِ النَّفس، وقلَّة تأنيب الضَّمير، ورؤيةُ ثمرة عملِه، واجتنابُه للأخطاءِ التي لو لم يُنظِّم وقتَه لكان قد وقع فيها، وسَيَلحظ النَّتائجَ الجميلةَ التي وصل إليها مِن خلال تَنظيمِه لوقته، وحسن استغلاله. والآنَ، أرجوكَ قمْ واركعْ ركعتينِ لله، وادعُ الله أن يفتح عليكَ مِن فضلِه وبركاته، ثم ائتِ بورقةٍ، وحاولْ مِن خلالها أنْ تُنظِّم أفكارَكَ ومَهمَّاتِكَ، واجعلْ لك نصيبًا مِن قراءةٍ للقُرآن، وذكرٍ للرَّحمن، وصِلةٍ للأرحام، وتواصلٍ مع أصحاب الخير، وكُفَّ نفسكَ عن الشَّرِّ وأهله، واجعلْ في حياتكَ شيئًا جميلاً مرضيًّا عند ربِّكَ حينَ تلقاه ويسألك - وهو أعلمُ بحالكِ - فيرى لَدَيْكَ عملاً خَيِّرًا قمت به، فكان خيرَ ذُخرٍ لك بعدَ مماتكَ، وأنا أدعو الله لكَ بالتَّوفيق والسَّداد، والبر والرَّشاد، والله يَتولاَّكَ ويَرعاك. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
لا تكن مضياعاً لوقتك ! | يمامة الوادي | المنتدى الاقتصادي | 2 | 2009-03-25 1:35 AM |