[يمامة الوادي]

## المبحرون بلا مجاديف ##

تراه صامتا.. حار فهما للحياة، فتخبط في دروبها، المعدن فيه أصيل، ونبع الأعماق صاف رقراق، والفؤاد كالورد عاطر رقيق، بين أب يشد الحبل وأم ترخي الزمام يحيا،..
في إطار العمل:
كانت تلقي السلام عليه حينا، وتشكره على إحسانه والمعروف حينا....توالت الأيام.. وفي يوم ما.. ودون سابق إنذار.. فتح أبواب قلبه..وأخرج منها أسرار حياته..
فقد عزيزا.. والجرح غض ينزف..



حدثته عن الإيمان والحياة والموت، القضاء والقدر.. كانت تربة أعماقه ظامئة.. سرعان ما تشربت الحروف والكلمات..
لا تحتك به..إذ تعرف الحق والباطل.. لكنها تترك أثر الإيمان أينما تمضي..
لذا لا تمنع الكلمة الصادقة من الوصول إلى الآخرين..
يأتيها بأفكار يؤمن بها.. وهي خاطئة.. فترشده برفق.. فيقلع عن الزلل والعصيان..
تفسده صحبة الأشرار.. ومع الأيام والنصح تركهم..
قال لها يوما: أنت غيرت مجرى حياتي كله.
تزوج على الطريقة الحديثة.. ومات الوهج من ليلته الأولى.. فأتاها يبحث عن دواء لعلته..
أعطته وصفة إيمانية.. عاد من بعد يطفح وجهه بالسرور، ويزداد تمسكا بخيوط النور.
قالت له: لا أستطيع الاستمرار على هذا.. إلى هنا عليك البحث عن صحبة صالحة.. فأنا امرأة وأنت رجل.. ولكلانا صحبة وطريق.
ذاب قلبه باكيا، وسالت دموعه على آماله فذوت، واحترقت بوارق مضيئة في عمقه..
أرسل تنهيدة كأنها الدخان..
كان يحترق من الأعماق، لا يريد العودة للوراء.. رشف الهدى والسعد.. ومزق حبالا طويلة من الهوى.. ونشق هواء النور العليل.. فغذى رئتيه بالعافية.. اختنقت الحروف في حنجرته.. وقال بعض الكلمات التي تدك الجبال..
(( يعيرونني بالماضي، ولا يؤمنون بتوبتي..)) أراني بعيدا .. تتقطع أنفاسي وأنا أهرول خلف الماضين.. أريد اللحاق.. ومضى في بحر الحياة الهائج.. مضى بلا مجاديف.. يبحث.. ليجد من يسر معه, يبحث عن مرسى الأمان ، وجنة الرحمن..
مضى لبحر الحياة المتلاطم.. أصحاب السوء.. وغربة الدار.. والحرية المزعومة، كلها تدفعه للإبحار بلا مجاديف.. بلا مجاديف يا أخوة الدرب.. من لمثل هؤلاء..؟؟ من؟؟ يا أمة الحبيب المختار ـ صلى الله عليه وسلم؟؟؟
مريم الدهمانية