لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
الجندي المجهول .. الشهيد الحي !!( 1__3 )
في كتاب مترجم إلى العربية عن شؤون التربية والتعليم ، أورد الكاتب هذه الكلمة البديعة .. قال أحد الآباء : حين يخبرني ولدي أنه قرر أن يكون مدرساً ، فإني أحتضنه ، وأنا أذرف الدموع ، لأنه لا يكون في نظري إلا كالجندي الذي قرر أن يسافر إلى جبهات القتال المتقدمة ، فلعله لا يعود أبداً ، أما هذا المسكين _ يعني المدرس _ فهو الشهيد الحي ! الذي يقاتل ببسالة ذات اليمين وذات الشمال ، ومع مطلع كل شمس ، حتى يعود إلى بيته منهكاً ، ثم لا يلتفت إليه أحد ولو بكلمة شكر ، أو تقدير مناسب ، أو نظرة إجلال واحترام تليق به ..! نعم هذا الصنف المتميز من الناس ، هم الشهداء الأحياء ، حين يخلصون النية لله ، ويصدقون الله في عملهم ، ويبذلون ما ينبغي على الوجه المطلوب . إن تربية الأجيال من أعقد الأمور على الإطلاق ، والتي ينبغي أن ىتكون منا على بال دائماً ، ذلك أن عملية التعليم نفسها لا تكون ذات جدوى إذا لم يسبقها تربية صحيحة ، قائمة على مثل أصيلة ، وقيم نبيلة ، ومبادئ سامية ، والعبء الأكبر في هذه المهمة يقع على عاتق المعلم ، والمعلم وحده ..! ولكن حين نقلب نظرنا في أنحاء أمتنا العربية لننظر حال هذا المعلم المسكين ، فماذا نجد ؟ وماذا عسانا أن نرى ؟! هل وجد هذا المدرس حقاً ما يعينه على أداء مهمته الصعبة ؟ هل ذللت له السبل كي ينجح النجاح المرجو ؟ هل الأجواء من حوله تهيئ له أن يقوم بهذه المهمة الخطرة ، ولاسيما في هذا العصر المُتعِب ؟ ألا وهي صناعة الإنسان ، أو بعبارة أخرى : إعادة صياغة هذا الإنسان لتتكامل شخصيته .؟! حين تقلب نظرك في أنحاء الخريطة العربية ، من أقصاها إلى أقصاها ، تجد هذا المعلم إنساناً مطحوناً طحناً ، كأنه مغضوب عليه ! . إن العملية التعليمية التربوية في أساسها قائمة على البناء المتكامل للإنسان ، فإذا كان المربي نفسه فاقداً للشيء ،فيكف ينتظر أن يعطيه غيره ،ويربي عليه سواه !! إنه ينتظر من هذا المعلم أن يعيد بناء شخصية أكثر هؤلاء المتعلمين بين يديه ، ممن تأثروا ببيئات من حولهم ، سواء بسبب إهمال الأهل ، أو فساد الأهل ، أو ما يجنيه من أصدقاء السوء ، أو الإعلام الهابط ، أو ..أو .. الخ . فإذا لم يكن هذا المعلم في ظروف نفسية جيدة ، وحالة قلبية عالية ، ورفرفة روحية واضحة ، وظروف مادية ملائمة ، وتشجيع مستمر له ، وتقدير دائم لجهوده ، فإنه لن يستطيع أن يفعل سوى الترقيع السريع ، الذي يتفتق في كل لحظة !! إن تربية الأجيال الناشئة لن تتم بمجرد حشو العقل بمعلومات غزيرة ، ولا بكتب ملونة وغير ملونة ، ولا بمبانٍ رائعة ، ولا بالشعارات الجميلة ، والطنطنة الهائلة ، ولا بشكليات مبهرة تسر الناظرين في ظاهرها ، وحقائقها تعلن إفلاسها ..! . ولن يتم أيضا على أيدي أناس نفسياتهم متعبة ، وصفاؤهم مفقود ، ومعنوياتهم منهارة ، وهمومهم لا حصر لها ، وجهودهم مبعثرة ، ورؤوسهم مشغولة بألف ألف تكليف ، بعيداً عن مهمتهم الأصيلة التي انتدبوا أنفسهم لها ، وكانوا في هذا المكان من أجلها ! إنما تتم هذه العملية الضخمة لبناء الأجيال ابتداء بمراعاة القائمين على متباعتها يومياً ، وتوفير المناخ الملائم لهم ، والوقوف من ورائهم سنداً لهم ، لا عليهم ، وإعطاؤهم مجالا مناسبا ، لما يرونه يصب لمصلحة العمل ، وإن سخط بعض الآباء أو الأمهات ، ممن لم يحسنوا تربية أبنائهم ابتداء ، ثم هم يريدون من هذا المعلم ، أن يكمل عملية تدليل أولادهم ، لأنهم لا يحتملون عقوبة إذا أخطأوا !! . ألا ما أقسى خيبة الزارع حين يجهد نفسه ليل نهار ، ثم هو لا يجد ثمرة بعد ذلك لهذه المعاناة الطويلة الشاقة ، ذلك تماماً حال هذا المعلم ، فلا هو يرى ثمرة يفرح بها _ إلا أقل من من القليل _ ولا هو في ذات الوقت يلقى تقديراً مناسباً ، لا من الوزارة التي يعمل بها ، ولا من البيئة المحيطة به !! بل ما أكثر ما يمنون عليه !! فيكسرون نفسه مرتين !! والعجب أن ينتظر منه بعد ذلك ، أن يربي _ بهذه النفسية المحطمة _ جيلا واعيا قويا تعتمد عليه البلاد ، وتنتفع به الأمة !!! . ما من مسؤول قدير ، ولا موظف كبير ، ولا مدير جليل ، ولا نجم مرموق ، ولا كاتب مشهور ، ولا شاعر متألق ، ولا خطيب متمكن ، ولا ، ولا .. الخ إلا وهو يحمل بصمة معلم في أعماقه ، اعترف بذلك أو لم يعترف ، شعر بهذا أو لم يشعر ! ولكن الأيام والظروف تنسي كثيراً من الناس العمل الجبار الذي بذله من أجلهم أولئك الجنود المجهولون ، والشهداء الأحياء !! وما أكثر الطلاب الذين يمرون بمدرسهم أو يمر بهم ، بعد أن شبوا وكبروا ، واشتدت سوقهم ، يمرون به كأنه لا يعرفونه ، وكأنهم لم يرضعوا منه يوماً معلومة ، ولم يسمعوا منه حرفاً ، مع أن الله سبحانه يقول : ( وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ..؟! ) . بل ما أقسى مثل هذا المشهد : حين يلتقي معلم ببعض أولياء الأمور في مجمع من مجمعات الناس ، فإذا هم ينظرون إلى هذا المربي نظرة استعلاء ، حتى قال أحد الآباء يوما وهو يقدم هذا المعلم لصديق له : هذا فلان .. مدرس أعزك الله !!!!! سبحان الله ، أإلى هذا الحد بلغ احتقار فريق من الناس لهذا المعلم الجليل !!؟ . ثم هذا لا يكفي ... بل لعلي أقول أن نظرة أمثال هؤلاء السفهاء لهذا المعلم ، إنما تولدت من خلال رؤيتهم لكيفية تعامل وزارة التربية نفسها لجنديها المجهول ، الذي تعتمد هي عليه في تنشئة الأجيال !! ولك أن تنظر إلى ما تطالب به الوزارة الموقرة هذا الإنسان ، ثم هي تنتظر منه صناعة أجيال !! أعباء ثقيلة تكسر الظهر ، وتجثم على القلب ، حتى ليخيل إليك لو كنتَ مدرسا ، أن ظهرك يتقوس في كل شهر بوضوح !! ولعل لسان حال أولئك مع هذا المدرس : من حقنا أن نمتصك كل الامتصاص ، ومن واجبك أن تعطي من جهدك كله حتى لا تبقي منه قطرة .. والمضطر يركب الصعب !! ولو أنك فرغت إنسان تفريغا كاملاً ، ليعمل على بناء شخصية رجل واحد فقط ، ولا شغل لهذا المربي البتة إلا العمل في هذه الدائرة وحدها ، لاحتاج الأمر إلى زمن غير قصير ، وجهود متصلة حثيثة ، حتى ينجح النجاح المرجو منه .. لكن هذا المدرس المسكين ، مكلف بمتابعة مئات التلاميذ ، يطالب بتربيتهم ، وتوعيتهم ، وتعليمهم ، وتوجيههم ، وتثقيفهم ، وتنويرهم ، وإرشادهم ، والنهوض بمستوياتهم ، واكتشاف مواهبهم ، وإطلاق قدراتهم ..الخ الخ يتبـــع .... بو عبد الرحمن |
|
الجندي المجهول .. الشهيد الحي !! ( 2__3 )
تابع .. وليته كان متفرغا لهذه المهمات ، لكنك تجده مطحوناً طحناً تحت ركام من الواجبات الأخرى ، التي تصرفه صرفا عن القيام بمهمته الأساسية أصلاً ..! ثم إذا ما ظهرت حالة _ أو بضع حالات _ شاذة ، بقيت متردية لم تتحسن ، ولا ظهر عليها تقدم ملحوظ ، نزلت على رأس المسكين شلالات من الاتهامات ، وتقريرات ، وقرارات ، ولفت نظر ، وأنه لا يصلح إلا للكنس !! وكأن كل مربٍ ملزم أن يصلح كل من هم تحت يده !! مع أن هذه المهمة لم نرها حتى في محيط الأنبياء عليهم السلام !! ألم يخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن النبي يأتي يوم القيامة وليس معه سوى الرجل والرجلين ، ويأتي النبي وليس معه أحد ..!! فهل معنى هذا أنه فشل !!!؟؟ ولعل الأصل الذي يعتمدون عليه في التعامل مع هذا الإنسان أنه مضطر ، وما اسهل ما ينسى ، ولن يجد أمامه إلا أن يمضي في التيار الذي يريدونه له !! يتعاملون معه لا على أنه إنسان ، بل على أنه آلة تدور وتدور وتدور ، آلة لا قلب لها ، ولا أعصاب فيها ، ولا مشاعر عندها ، ولا يعتريها تعب !! بل ولا يصيبها خلل اصلاً ، ولذا ما أشد ما ينزعجون لو قال أنه مريض ، كيف يمرض والسنة الدراسية لم تنته !!! فإذا انتهت صلاحية هذه الآلة ما ايسر ما يستبدلونها بآلة أخرى !! ولو أنك عشت في رحاب هؤلاء الجنود شهرا متصلا ، لرأيت ثم رأيت كيف يحترق هؤلاء احتراقا ، ويستهلكون أنفسهم استهلاكاً ، وتحترق أعصابهم في كل يوم تقريبا ، ويشيب المرء منهم قبل أوان المشيب ، ويستعجل منيته بيديه _ مع أن لكل أجل كتاب _ .. فعليه أن يبذل جهدا يقارب جهد أولي العزم من الرسل !! وعليه أن يبذل من أعصابه حتى آخر نبضة فيها ..!! ولا عليه أن يعود في نهاية كل يوم دراسي إلى أهله محطم القوى ، مفتت الأعصاب ، متهالك الأعضاء ، ليس في رأسه إلا أن يغفو إلى صلاة العصر _ ومنهم من تفوته الصلاة _ فلعل هذه الغفوة ترد إليه بعض عافيته ، وتعيد إليه بعض نشاطه ، ثم يجالس أهله ويسامرهم ، فإذا ما صلى المغرب ، عاد ليتفقد ما عليه أن يفعله في اليوم التالي في مدرسته مع طلابه !! بل ربما اشتغل بتصحيح أوراق ، ومتابعة بحوث ، أو إعداد لوحات ، وتحضير مادة الخ !!! حتى يحين وقت نومه .. ليستأنف يوما جديدا قد يكون مليئا بالمفاجآت ..!! تلك عملية تستنزف الأعصاب تماماً ، ولا يمكن أن تثمر إنتاجا حقيقاً فاعلاً تنتفع به الأمة .. يبقى المدرس من حقه أن يعيش كما يعيش الناس من حوله ، نعم إن وظيفته هي بعينها وظيفة الأنبياء عليهم السلام ، حين يقوم بها على الوجه المطلوب ، ولابد أن يتعب تبعه فيها ، ولكن أليس من حقه أيضا أن نهيئ له الظروف المناسبة ، لينجح في مهمته ..؟! إن هذا المدرس ليس ملاكاً كريما ، لا يقع في خطأ ، ولكنه في المقابل ليس مجرد آلة يُضغط عليها فتدور بلا وعي ..!! جدول حصص متلاحق الأنفاس ، نصاب من الحصص يقصم الظهر ، ولا يمكنه أن يعطي عطاؤه كله ، بل تجده يحرص على أن يوزع طاقته ، حتى لا تُستهلك في أول يومين من الأسبوع !! ثم وقت حصة طويل ، مع منهاج يمكن أن يقدم في نصف هذا الوقت وبالراحة ، وهو خلال هذا الوقت كله ، مطالب أن لا يقعد ، بل عليه أن يبقى متحركاً ، واقفا ، مناقشا ، محاورا ، ضابطاً للفصل كله ، حتى لا يتفلت ، منظماً للسبورة ، لا تغيب عنه شاردة ولا واردة مما يجري في الفصل ، وقد يقطع الدرس ليحل مشكلة ، أو يوجه إلى أمر ما ، الخ ثم هذا لا يكفي فتأتي مشكلة الذين يقطعون عليه استرساله وما أكثرهم : طلاب من فصول أخرى ، فراش المدرسة ، أولياء أمور ، أحد من الإدارة الموقرة ، ممرض المدرسة ، مدرس آخر ..الخ الخ و كلما عاود الشرح ، قرع الباب من جديد !! ثم هذا لا يكفي ، فعليه بعد الفراغ من الحصة مباشرة ، أن يقوم بعمل المناوبة في أروقة المدرسة ، أو في المطعم ، أو قرب السور ...وإذا هو يصيح بهذا ، ويصرخ بذاك ، حتى تكاد تنقطع حباله الصوتية .. !! فإذا قرع الجرس ربما عليه مباشرة ، أن يستأنف الدرس في حصة أخرى ، في فصل آخر وهكذا ..!! ثم أيضا هذا كله لا يكفي ..! فهناك ريادة فصل ، ومتابعة خاصة للضعاف في المادة ، ومتابعة خاصة للمبدعين ، ومتابعة لأصحاب المشاكل منهم ، وربما اتصالات بأولياء الأمور ، واشتراك في جماعة من جماعات النشاط المدرسي ، ومشاركة في الإذاعة المدرسية ..! وهذا أيضا لا يكفي ..! فهناك اجتماعات للمادة ، واجتماعات مع الإدارة المدرسية ، وربما اجتماع مع بعض أولياء الأمور ، واستدعاء ربما من قلب الحصة التي فيها ، لتجلس إلى ولية أمر طالب ..! وإن ننسى فلا ننسى مع هذا كله .. متابعة كراسات الطلاب ، وما أكثرها ، وقد قيل قديما : آفة التدريس الكراريس ! وإذا بك مطالب أن تتابع آلاف الصفحات سواء في الكراسات أو في الكتاب المدرسي ، ترم على كل كلمة ، وتصوب كل خطأ ، وتنبه على كل عثرة ، وتكتب ملحوظاتك ...الخ !! وهل هذا كله بكفي ؟ كلا .. بل هناك الكثير مما ينتظر هذا الإنسان المطحون والذي ينتظر منه أن يربي جيلا واعيا مثقفا سليما !!! بقي هناك كراسات التحضير اليومية للدرس ، والتي يشبه بعضها بعضا ، غير أنك مطالب أن تتفرغ كل يوم لتكتب تحضيرا قديما جديدا ، والويل لك كل الويل إذا اكشتف أنك لم تكتب في ذلك الكراس ، حتى لو كنت مدرساً مخضرما عشت في رحاب التدريس نصف قرن من الزمان !! حتى اعتبر بعض الموجهين أن المعلم الذي يدخل الحصة بلا كراس تحضير ، كالجندي الذي يدخل المعركة بلا سلاح ..!! وهو تشبيه خائب كما ترى ..ولكن عليك أن تسمع وتهز رأسك موافقاً !! دخل أحد الموجهين يوماً على مدرس ، وبقي متابعا سير الحصة كاملة ، ولم ينهض من مكانه إلا بعد سماع جرس انتهاء الحصة ، ولم يخرج إلا بعد أن أثنى على الدرس وطريقة المعلم فيه ، كما أثنى على الطلاب إشادة كبيرة .. وفي الممر والعلم يسير إلى جواره ، أعاد الإشادة بالمعلم ، وأثنى عليه ، ولما استقر بهما الجلوس في المكتب ، سأل عن كراس التحضير ، فاعتذر المعلم أنه نسي الكراس في البيت ، حيث قام بتحضير الدرس هناك .. فما كان من الموجه الفاضل إلا أن عاتب المعلم على ذلك ، وأعاد عليه نفس المقولة السابقة : هل رأيت جندياً يدخل المعركة بلا سلاح ..!! فابتسم المعلم حين سمع ذلك وأخذ يحمد الله !! فسأله الموجه عن سر هذه الابتسامة الكبيرة وهذا الحمد المتلاحق .. فأجابه : لأني أعتبر قولك هذا شهادة كبيرة لي ، فجزاك الله عني خيرا ..!! فعاد يسأله أن يفسر ذلك .. قال : ألم تنل الحصة كل إعجابك ، ألم ينل الطلاب كذلك كل إعجابك ، فمعنى ذلك أني نجحت في إعطاء درسي على الوجه المطلوب ، ومعنى ذلك أني دخلت المعركة وكسبتها كاملة ( بدون سلاح ) !! فلم يملك الموجه إلا أن يضحك .. ! .......يتبــع .... |
|
الجندي المجهول .. الشهيد الحي !! ( 3_3 )
تـابــع .. . وليس هذا فقط فهناك إعداد الخطة السنوية ، وإعداد بحث تخصصي ، وإعداد ورقة عمل للمناقشة فيها مع بقية الزملاء ، وإعداد ملف إنجاز .. الخ الخ ومع هذا كله ووسط هذا الحشد الحاشد من التكاليف التي تتجدد ولا تنتهي : فهو مطالب أن يبقى جديداً متجددا ، نشيطاً مؤثرا ، معطاء باستمرار ، براقا في كل يوم ، مبتسما في كل وجه ، يضع أعصابه في ثلاجة منزله ، ويأتي إلى مدرسته بلا أعصاب أصلا .. يوجه ، ويرشد ، ويعلم ، ويناقش ، ويحاور ، ويكتب ، ويقرأ ، ويتابع ويشرف ، ويصحح ويصوب ، ويشخص ويعالج ، ويهذب ويقوم ، وينظم ويشرح ويسأل ، ويصيح حتى تنقطع حنجرته ، ويحل مشاكل لا تنتهي ، وهلم جرا !! . بل عليه أن يكون كما أوصى بذلك مؤلفو كتاب ( المعلم أمة وحده ) مترجم : واعظاً مؤثراً .. ومحاضراً مسدداً .. وقاصا ماهراً .. وممثلاً بارعاً .. وعالم نفس .. وخبير تربية .. وطبيبا وخطاطاً ورساماً .. وأبا وأخا وصديقا ، وخادماً أيضا ..!! فعليه أن يضرب الأمثال ، ويحكي ويقص ، ويطعم كلامه من محفوظات شعره ، ويتحرك وينفعل مع المعاني التي يدور بها لسانه ، وأن يبتلع المواقف البايخة التي تعترضه، وأن يستعمل الإيماء والإيحاء ، والتلميح والتصريح ، والإشارة والعبارة ، وأن يحسن خطه ، ويجود منطقه ، ويزن الأمور بحكمة الشيوخ ، وأن يلبس كذا ، ويقف بالطريقة الفلانية ، الخ الخ ولا يبقى بعد هذا كله إلا أن يقال له : ثم عليك أن لا تتوعك ، ولا تمرض ولا تموت ، حتى آخر السنة الدراسية !! . وهو مطالب مع هذا كله : أن يبقى كاظماً لغيظه مهما ظهرت من مشاكل في فصله ، حتى لو خرج تلميذ في الحصة من ثياب الآدمية !! فالضرب جريمة لا تغتفر إن هو لجأ إليها ، وطرد الطلاب قد يسبب له مشكلة مع إدارة المدرسة ، والصياح في وجه الطالب قد يجعله سخرية في عيون الطلاب الآخرين ، فيلزمه أن يكتسب صفة أولي العزم من الرسل ، فيمسح على رأس الطالب ويدعو وتمتم ، فإذا بذلك التلميذ قد أصبح حملا وديعا ، بعد أن كان ذئبا جامحاً ..!! ولا حل غير هذا ، إلا أن تدع الحبل على الغارب ، فيتحول الصف إلى سوق سمك حقيقي لا مجازي !! ولاسيما حين يتضح لك أن إدارة المدرسة نفسها لا حول لها ولا قوة ، وأن أقصى ما تفعله بهذا الطالب المتفرعن ، أن تأخذ عليه تعهدا ، أن لا يكرر ما فعل ، وربما استدعت ولي أمره ، للفت نظره ، ولا شيء وراء ذلك.. !! فقوانين الوزارة الموقرة قوانين حديثة مودرن !! قائمة أصلا على تدليل هذا الطالب ، إلى أقصى صور التدليل ، فليفعل ما يشاء فلن يتعرض لعقوبة..! . فلا عجب إن رأينا الطلاب لا يحترمون معلما ، ولا يقدرونه ، بل ربما اعتبره بعضهم ، خادماً يعمل في خدمتهم فحسب !! ولا ننسى بعد هذا كله أنه قد يُطالب أن يعمل في لجان مراقبة وملاحظة ، خارج مدرسته ، بعد الفراغ من يومه المدرسي ..!! وفوق هذا كله تأتي في نهاية كل عام ، قضية نفسية تحطم ما بقي من أعصاب هذا الإنسان المحطم ..! ألا وهي قضية حركة التنقلات بين المدارس ، ويبقى واضعا يده على قلبه ، مترقبا منتظرا ، متلهفا ، إلى أي مربع سيُحرك حجر الشطرنج هذا المرة !! . الحقيقة التي لا مراء فيها ، أنه إذا أردنا أن يقوم هؤلاء الجنود بتحقيق الأهداف الكبرى ، المنتظرة منهم ، فلابد ابتداءً أن نخفف عن كواهلهم تلك الأعباء الكثيرة التي كبلت حركتهم ، وجعلتهم لا يقبلون على مهمتهم بروح ونشاط وحيوية ، وحرارة وصدق وإخلاص ، فمما لاشك فيه أن هناك معوقات كثيرة ، تحول بينهم وبين العطاء على الوجه المطلوب ، ولهذا فإن الثمرة كما نرى ، لا تسر صديق ، ولا تغيظ عدوا ..! إنهم مطالبون بأمور متعددة في آن واحد ، وما جعل الله لرجل من قلبين اثنين ! يُطالبون بحركة حثيثة ، وبجهد يقارب جهد الأنبياء عليهم السلام ، فإذا حدث تقصير ما ، أو وقع بعضا منهم في خطأ ما ، انصب على رؤوسهم شلالات من التهم ، لا تبقي ولا تذر ..! إنك لتكاد تجزم حين تتابع مجريات حياة معلم ، أن هؤلاء القائمين على شؤونه : لا ينظرون إليه من حيث هو ( إنسان ) تقع على عاتقه أضخم مهمة على هذه الأرض ، وهي تربية الجيل .. ولا من حيث هو ( إنسان ) له ظروفه العائلية الكثيرة ، وهمومه الحياتية المتجددة ، لكنهم ينظرون إليه من حيث هو مجرد موظف ، وعليه أن يكون كالآلة ، بل والله إنهم ليرحمون الآلة ، ويترفقون بها ، ويراعون صيانتها ..!! . أما هذا الإنسان الذي أحسبه الموظف الوحيد في العالم الذي لا ينتهي عمله بانتهاء ساعات دوامه الرسمية ، بل هو يحمل همومه معه إلى بيته ...! ولعلنا أشرنا إلى تعامله مع تلاميذه في الفصل والساحات وأروقة المدرسة وجوانبها ، غير أنا نعود إلى تقرير هذه النقطة بشكل وبآخر .. إن كل موظفي الدنيا لا يعانون ما يعنيه هؤلاء المساكين ، فأكثر موظفي العالم إنما يتعاملون مع ملفات وأوراق وشاشات ، وجرائد يومية يتسلون بها ، وهواتف شخصية يقطعون بها جزء من أوقات عملهم ونحو هذا .. تجد هؤلاء يتعاملون مع عشرات الرؤوس في الفصل الواحد ، نفسيات مختلفة ، وعقليات متباينة ، وأنماط متداخلة ، ظروفها الحياتية متنوعة ، وحاجاتها متعددة ، وما أكثر ما تقابلك هذه النفسيات منذ أول نهارك في ضيق وضجر بسبب ظروفهم البيتية ، فيسحبها إليك! وقسم من هذه النفسيات تجده هشاً ، وكثير منها بالغ التعقيد ، وكثير منها حولها مؤثرات أقوى منك ، وكثير منها يأتيك وقد حشي رأسه باحتقارك أصلاً ، لاسيما حين يرون بعض أولياء الأمور ، يأتي إلى المدرسة ليفرغ شحنات من غضبه وحقده ، على بعض المعلمين بلا أدنى احترام ، ولا قدسية للمكان الذي هو فيه .! . ثم بعد هذا كله ومع هذا كله مطلوب من هذا المعلم أن يضرب ضربة معلم ! فيعمر ما هدمه الآخرون ، ويصلح ما أفسده الشارع ، ويرمم ما دمره الإعلام ، ويقوم ما زعزعته بعض البيئات ، ويبني ما هدته الظروف ، و...و..و.. الخ أخطاء في التصور عليه أن يصححها ، انحرافات في المفاهيم عليه أن يقومها ، تشويه في القيم عليه أن يصوبها ، سلوكيات كثيرة عليه أن يربي عليها ، وينبه إليها ، ويحذر مما يقابلها ، وعليه أن يتابع هذا كله يوماً بيوم ، هذا بالإضافة إلى قضية التعليم وإعطاء المنهج الدراسي ..الخ .. . هذه النفسيات المختلفة ، وهذه العقول المتنوعة ، وهذه الأنماط المتباينة ، وهذه المشاعر المتداخلة ، هي دائرة عمله ، غير أنه مهما رأى من سلوكيات لا تسر ، ولا تشجعه على المضي في مهمته ، بل وتقف حجر عثرة في طريقه ، عليه مهما رأى شيئا من ذلك : أن يكظم غيظه ، ويبتلع شكواه ، ويدوس على مشاعره ، فلا يحق له أن يستعمل العصا ، ولا ينبغي له أن يوبخ بقسوة ، ولا يجوز له أن يطرد من الفصل ، ولا يحق له أن يرسل إلى الإدارة ، ولا .. ولا... ولا .. ولو خرّب هذا الطالب الحصة بكاملها ، لأن أي إجراء من هذه الإجراءات سيعرضه لما لا يحب من قبل إدارة المدرسة ..!! عليه أن يحمل عصا موسى ليقرع بها ذلك الطالب الجامح على رأسه ، فيتحول إلى تلميذ بريء وديع غاية في الأدب !! باختصار مطلوب منه أن يضع أعصابه في فريزر ..أو أن لا يحملها معه إلى المدرسة أصلا ، بل يبقيها في بيته ..!! . قامت تجربة في أحد المدارس منذ سنوات ، حيث انتقد مجموعة من الآباء ، في اجتماع مع أولياء الأمور ، أداء المعلمين في المدرسة ، فاختار مدير المدرسة عددا منهم بعناية ودقة ، وألح عليهم أن يزوروا المدرسة في صباح اليوم التالي ، وفي اليوم التالي كلفهم أن يدخل كل منهم فصلا دراسيا ، ليبقى مع هؤلاء الطلبة حصة واحدة فقط ، وكانت مفاجأة بالنسبة لهم ، فقرر لهم أنه لن يقبل منهم شكواهم من المعلمين حتى يقوموا بهذه التجربة ، ولا عليهم أن يقدموا للطلاب أي مادة من معلوماتهم العلمية أو الحياتية ..!! كانوا سبعة آباء ، أما أحدهم فقد رفض الدخول أصلا !! وأما الآخرون فما لبث أن خرج خمسة منهم بعد مرور عشرة دقائق فقط ، وهم يرددون : أعانكم الله على هذه البلوى ..! وأما الأخير فقد بقي إلى آخر الحصة ، ولو عرف السبب لبطل العجب ، لقد كان يلبس ملابسه العسكرية ذات الرتبة العالية ..!! ومع هذا فقد خرج وهو ينفخ ويتأفف ويمسح جبينه ، ويعيد ما كان يكرره الآخرون ..!! وكم كنت أتمنى أن تكرر مثل هذه التجربة ، لا مع أولياء الأمور فحسب ، بل مع بعض الجالسين في وزارة التربية ، قبل أن يقرروا أي قرار يتعلق بهذا المعلم! ولكن لا ليوم واحد فقط ، بل لشهر كامل ، وبجدول موفور متخم ، وأنشطة متنوعة ، وتكاليف مختلفة !! فليس من رأى وعانى ، كمن سمع وقرأ ..!! وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .. كتبها بو عبدالرحمن |
جزاك الله خيرا كثيرا اختي يمامة والله انها في وقتها وحقيقها يتغافلها الجميع للأسف
ولكن من يفهم ومن يستوعب ما كتب هنا سوى من يعاني ذلك اما من يصدر القرارات الله المستعان
|
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الجندي العراقي الشهيد ان شاء الله | يارب الجنة يارب | المنتدى العام | 18 | 2008-10-19 3:20 AM |
المستقبل المجهول | حلم الجنان | منتدى القصة | 0 | 2007-12-05 9:21 PM |
الجندي المجهول | يمامة الوادي | منتدى النثر والخواطر | 0 | 2007-05-24 10:10 PM |
الجهاد ...الشهاده..الشهيد..؟؟؟!! | ابوشهاب | منتدى الصوتيات والمرئيات | 7 | 2006-12-14 1:57 AM |
الرجل المجهول | bintuae | ⚪️ منتدى الرؤى المفسرة لغيرالداعـمين،أو المفسرة في المنتدى ∞ | 6 | 2006-09-14 11:57 PM |