[يمامة الوادي]

( عندما تتـلألأ بالنور !!)

= =

قال لصاحبه وهو يحاوره :

تستطيع في يسر أن تقطع خطوات فسيحة ، لتصل إلى السماء من أقرب طريق ،

وليس في يسر فحسب ، بل تصلها وأنت في حال فرح قلبي ، وابتهاج روحي يعجز اللسان عن وصفه ..!

وسكت قليلا ، فلما رأى صاحبه لا يتكلم ، بل هو يتابع في حالة انبهار مما يسمع ، واصل هذا قائلا :

ليست هذه معضلة تحتاج إلى أن تكد ذهنك لتبحث لها عن حل ..!

هي مسألة واضحة وضوح الشمس ، والسماء في حالة صحو ..!

واضحة كأنها الكف المبسوطة ، ترى خطوطها بلا تكلف ..!

هنا قال له صاحبه : كيف .. زدني إيضاحاً ..إني أعجب مما تقول ، مع أني معجب به .!

قال : أقول لك كيف .. أولاً هل أنت جاد في طلب هذا الأمر .. وعلى استعداد لهذه الرحلة ..!؟

أجاب صاحبه :

كل الجد .. وهل يوجد إنسان في رأسه مسكة من عقل ، يسمع مثل هذا ثم لا تتولد فيه الرغبة إلى مثل هذه الكمالات ؟! فقط دلني على الطريق..

قال له صاحبه :

ابتداءً .. يلزمك شيء من التعب .. ما أسميه أنا دائماً : تعب البداية ..

وهو تعب يصحب كل شيء جديد ، قرر الإنسان أن يسعى إلى تحصيله

سنة الله في ذلك ، ولن تجد لسنة اله تحويلا ولا تبديلا ..

إنك إذا أردت شيئا له قيمة وثمن ، فيلزمك أن تبذل من أجله جهدا وتتعب لتحصيله ..

فالمطلوب إذن : أن توطن نفسك على أن تتعب قليلاً في بدايات الطريق ..

فإذا نجحت في هذه البداية ، سرعان ما ستشعر أنك أخذت تتلألأ !

قال صاحبه وقد تهلل وجهه واستنار : جميل هذا .. وإني على استعداد لمثل هذا التعب ، الذي ستكون ثمرته على هذا النحو المتميز .. أن أشتعل بالنور ..!

قال له صاحبه :

مختصر القصة يا صاحبي .. وهذا المختصر قد يحتاج إلى شيء من تفصيل فيما بعد ، لكن خذ الآن خلاصة الخلاصة ، التي منها تنطلق إلى آفاق بعيدة ..

وهي كالأساس لما بعدها ..

هما دائرتان واضحتان .. تقابلهما دائرتان مماثلتان ..

وأخذ يرسم دائرتين على ورقة ، بقلم أخرجه من جيبه ، ثم قال وهو يشير إلى الأولى منهما :

دائرة الفرائض .. تبادر إليها في أول وقتها ، لا تسوف ولا تتلكأ ، ولا تتأخر ، ولا تماطل ، بل هي مبادرة ومسارعة ، وتشمير وحرص ، ومنافسة عليها ..

وأشار إلى الدائرة الأخرى وقال :

ودائرة النوافل على اختلاف هذه النوافل ، تكثر منها ، وتشمر إليها ، وتنهل منها ما استطعت ، وتنافس الآخرين فيها وعليها ، ولو استطعت أن لا يسبقك إنسان فيها فلا تقصر ، بل المرجو أن لا تشبع منها ، ولا تزال تنهل من عيونها بلا ملل

ثم رسم دائرتين أخريين على الزاوية الأخرى من الورقة ثم قال :

وهاتان دائرتان :

دائرة الحرام ، لا تقربها ، بل لا تحم حولها ، فإن من حام حول الحمى ، أوشك أن يقع فيه .. انفر منها نفورك من أجرب يحاول أن يقرب منك !

وأما الدائرة الرابعة فهي دائرة الشبهات ، وهذه من الخير لك والأسلم لدينك ، أن تعرض عنها ، زهداً فيها ، واستعلاء عليها ، وسلامة لدينك أن يخدش ....

وعليك أن تبني هذا كله على علم صحيح ، ومتابعة دقيقة لسيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم ، وذكر دائم .. ومما يعينك على السير بشكل صحيح ، صحبة معينة لا تزال تشدك وتقويك وتشجعك ، وتعينك ، وتذكرك إذا نسيت ..

فإذا صبرت وصابرت ورابطت ولزمت الطريق ، وراقبت قلبك أثناء سيرك ، فما أسرع ما تجد قلبك يتلألأ بأنوار السماء ، تحسها إحساساً واضحا لا لبس فيه ..!

ولكن عليك أن تتذكر أن الشيطان لن يدعك ، ولا يزال يتربص بك ، ويحتال عليك ، ويتفنن في قطع الطريق عليك ، فإن لم يصبك في مقتل ، فسيحاول أن ينوع الجراحات حتى تتكاثر عليك فتهلكك !!

وهذا يلزمك أن تعرف كيف تأتي البيوت من أبوابها ، وأنت تدخل أتون هذه المعركة ، مع الشيطان وجنوده وفروخه ، وهم أشكال وألوان ..!

ولا يهولك ما تراه منه ، فإنه أضعف من بيت العنكبوت ، وقد قال تعالى وهو الأعلم بمداخلها ومخارجه ، : ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا )

أخبرك بذلك ليقويك عليه .. وحتى لا تستلم له .. فافهم ، واستعن بالله ولا تعجز!

فإن المعالم واضحة ، وقد لاحت المنازل ، وما بقي إلا التشمير .. !

ثم ضحك ضحكة خفيفة وأخذ يترنم :

أيها المشتاق لا تنمِ ** هذه أنوار ذي سلمِ

عن قريب أنت في الحرمِ ** عند خير الخلق كلهمِ

ضحك الآخر وقال :

الله الله ... جزاك الله عني خيراً ، نعم الأخ الذي لم تلده أمي .. !

أسأل الله أن يمدني بقوة من عنده ، وأن يربط على قلبي في هذا الطريق ، وأن لا يكلني إلى نفسي طرفة عين .. اللهم آمين ..








كتبها بو عبدالرحمن

[Ŝђǿǿq Ťąbσύĸ]

جــزاكِ اللــه خــيراً

[يمامة الوادي]

شكرا لمرورك