[يمامة الوادي]

خنجر الأحزان



لم أتصور ان تدفعني أيامي للكتابة عن أحزاني أو ألآمي .. مع إنني أصُنفْ من الذين يكتمون ويمضون ..

وأقول فى نفسي اكتب .. ولا يخلو الأمر من فائدة على الأقل أصبح عندي نوعا من الفضفضة وباب من أبواب التنفيس .. ولا يخلو من فوائد أخرى ..

ومن منّا من لم يحزن .. ومن منا لم تكدره المنغصات .. ومن منا ملك السعادة الأبدية .. فالدنيا محطة ابتلاء واختبار ..

والتنفيس ليس ضعفا .. خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم نفس عن نفسه عندما فقد فلذة كبده إبراهيم فقال " وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزنون " ..

والحُزنُ من اكبر أبواب الغَمّ للإنسان .. وقد استعاذ نبينا الكريم منه في الحديث الصحيح " اللهم اني أعوذ بك من الهم والحزن " .

عندما يأتيك .. كأنه المٌ يضرب القلب فى كل شهيق وزفير .. يعانقك فى صحوتك ونومك .. وما أصعبه عند الهدوء والسكون !! يزداد شراسة حتى يكاد يفتكُ بك .

حتى تشعر انه لا يوجد من هو أتعس منك .. ولا أحداً أكثر منك همّا وغمّا .. وأنك أشقى الناس فى هذه الدنيا .

ومع هذه المشاعر .. يزداد الأمر سوء .. وتتنغص دقائقك وثوانيك .. ويُـثـقـِل الهم كاهلك فلا تقوى على الحراك ..

فيضعفُ قلبك .. ويفتر عزمك !!

فلا منامك منام .. ولا طعامك طعام .. فتضيق عليك الدنيا بما رحبت .

وتعلو على رسمات وجهك شعار " حزين "

وأقسى من ذلك كله عندما تخطيء فى اختيار من تريد ان تفضفض له وتـُنفس عن نفسك .. وتبوح بهمك من تظن انه سيكون لك عضدا ونصير .. فإذا به زادك همّك على هم .. وزاد مأساتك.. وهذا حال كثير من المحزونين والله المستعان وحينها يأتيك قول ابن القيم

وإذا اعترتك بلية فاصبر لها ** صبر الكريم فإنه بك أكرم

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما ** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم

وحالك بين هذه الأحوال .. إذ لولا بقــيــِّـة من إيمان .. وخوف من المنّان .. لهانت النفس مقابل التخلص من ذاك الشعور .

وماذا بَــــعـــــدُ ؟؟

وكيف التخلص من هذا الحزن .؟

أخي وأختي المباركين .. إذا وصلت الحالة الى ما أشرت إليه فهذه بعض مفاتيح الخروج .

اعلم يرحمك الله ان الدنيا دار ابتلاء واختبار ..

واعلم اذا أصابك ابتلاء الهم والحزن .. فأنت بين حالين - حال لتكفير خطاياك.. وحال يرفعك درجات .

لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " ما يصيب المؤمن من هم ولا نصب ، ولا حزن إلا كفر الله به من خطاياه "

وأعلم أن أهل الحكمة لا يغالون في الحزن على شيء فاتهم لأنهم لا يعرفون على وجهة اليقين إن كان فواته شراً خالص أم خير خفي أراد الله به أن يجنبهم ضرراً أكبر ..

ولا يغالون أيضاً في الابتهاج لنفس السبب ويشكرون الله دائماً على كل ما أعطاهم ويفرحون باعتدال ويحزنون على ما فاتهم بصبر وتجمل .*

دع نصب عينك هذه الآية " إن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا " فلا يغلب عسر .. يسرين .

عليك بصنائع المعروف والإحسان إلى الناس من أعظم أسباب دفع السوء والبأس والهم والغم .

عليك باختيار ناصح أمين حكيم ليكون مرآتك وعونا بإخراجك من هذه الأزمة لأننا بشر أحيانا تغشانا عواطفنا فتصرفنا عن الحكمة والعقل .

خالط الناس وإياك ثم إياك ان تستسلم للوحدة .. والبعد عن الناس .. فيسيطر عليك الحزن .. ويفتك بنفسيتك .

عليك بالدعاء وكثرة التضرع الى الله فهو أفضل مفتاح للخرج من الأزمة .

أكثر من الصلاة على رسول الله فهي لا ترد على أي حال ولو كنت لاهيا عن معناها .. ومن منافعها كما جاء فى الحديث انها تدفع الهم ويغفر بها الذنب .

وأخيرا لا تنسى انه قد مرت عليك أحزان وهموم فمضت وتلاشت من الذاكرة .. وكما قالوا ستتخطى الألم وتسترد عزمك والهمم ، ولا تيأس فالحزن هو الشيء الوحيد الذي يولد كبيراً ويصغر الى ان يتلاشى..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما أصاب عبدا هم ولا حزن , فقال اللهم : إني عبدك ، وابن عبدك ، ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض فيّ حكمك ، عدل فيّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سمّيت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همّي وغمّي ، إلا أذهب الله همّه وغمّه ، وأبدله مكانه فرحا"..

قالوا يا رسول الله أفلا نتعلّمهن ..

قال: " بلى.. ينبغي لمن سمعهن أن يتعلّمهن ".

أخرجه أحمد وابن حبان وصححه الألباني.

كتبه ابو عبد الرحمن الطيّب

[بديع الزمان]

جميل جدا أن نجد بين الأعضاء الكرام من يملك هذا الإحساس الراقي
و كيف لا و صاحبة النص يمامة الوادي
و الله أتعبتنا ، كيف لنا أن نبلغ مستوى ما تكتبين؟؟؟
بارك الله فيك، لقد حركتي في نفسي مشاعر أحن لها كثيرا

[الجوري الحربي]

بارك الله فيك

[يمامة الوادي]

بارك الله لكم وشكرا لمروركم