لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
الأخبار المستقبلية في القرآن ودلالتها على مصدره الربانـي
يوسف عبد الرحمن لقد جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - بكتاب يُخبر فيه عن الله بوعود مستقبلية ستـقع ، وبالفعل تحققت هذه الوعود ، وسمح الله لها أن تقع ، تصديقاً وتأييداً لنبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم . ومن هذه الوعود ما تحقق في حياته صلى الله عليه وسلم . ومنها ما تحقق بعد وفاته صلى الله عليه وسلم . وقد جاءت هذه الوعود لتعلن عن أخبار مستقبلية وتجزم بأحداث قادمة كما يلي : الوعد الجازم بهزيمة المشركين في معركة بدر : يقول الله سبحانه وتعالى في الآية : 44 من سورة القمر المكية : " أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ . سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ". نزل هذا الوعد الإلهي في مكة عندما كان مشركي قريش يسرحون في أوج قدرتهم , بينما كان المسلمون مستضعفين يشكلون قله قليلة بينهم ، إلا أن الوعد كان جازماًُ بأن هؤلاء المشركين الذين يفتخرون بقدرتهم وشوكتهم وجمعهم سيهزمون ويولون الأدبار .. يقولون : نحن جماعة قوية متحدة و منتصرة : " أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ " , إلا أن القرآن يعقب على ذلك مباشرة بقوله : " سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ". ان من المسلم له هو عدم امكان حصول التوقع والحدس بالانتصار السريع للمسلمين وكسر شوكة أعداء الإسلام في ذلك الزمان إذ كيف سينتصر المستضعفون الأقلون عدداً وعدة على الاكثرين المتجبرين؟ حتى أن عمر بن الخطاب كان يقول في نفسه بعد نزول هذه الآيات : أي جمع يهزم؟ أي جمع يُغلَب؟ إلا انه لم تمر فترة قصيرة من الزمن حتى هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة ووجهوا ضربة قوية ومباغته إلى نحور الأعداء في أول اصطدام من نوعه مع الأعداء في ساحة معركة بدر ، في السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة . وانتهت المعركة بنصر مؤزر للحق وهزيمة منكرة للباطل وضاعت هيبة قريش .. وفي هذا قال تعالى ممتناً على عِبَاده المؤمنين بعد ذلك : " وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [ آل عمران : 123 ] أي انكم كنتم أذلة بقلة العدد والسلاح إلا أن الله نصركم فاتقوا الله لعلكم تشكرون نعمه. [1] وقال لهم : " وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ " [ الأنفال : 7 ] والمعنى كما قال الطبري رحمه الله : " واذكروا أيها القوم" إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ " يعني : إحدى الفرقتين : { أَنَّهَا لَكُمْ } أي: إن ما معهم غنيمة لكم ... ولو لم يكن أخي القارىء هذا الوعد قد صدر فعلاً ، لأعترض المؤمنون آن ذاك على الآية الكريمة، ولقالوا : كيف يُخبر القرآن عن وعود نحن لم نأخذها ... ولتزعزع الإيمان ، ولضاع الدين وانتهى .... الوعد بمجيء الأحزاب وانهزامهم : يقول الله سبحانه وتعالى : " وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا " . [ الأحزاب : 22 ] هذه الآية الكريمة تُخبرنا عن وعد قد أعطاه الله ورسوله للمؤمنين : " وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ... " . وقصة هذا الوعد هي أن الله سبحانه وتعالى كان قد أخبر المؤمنين بأن الأحزاب وهم جيوش قريش وأسد وغطفان وبنو قريظة من اليهود وغيرهم ستجتمع عليهم لمحاربتهم ، ووعدهم الله سبحانه بأن النصر سيكون لهم مع ما سيصيبهم من بلاء وشدة . وبالفعل تحقق الوعد وجاء الأحزاب وانهزموا وكانوا عشرة آلاف وحاصروا المسلمين وحاربوهم محاربة شديدة إلى مدة شهر وكان المسلمون في غاية الضيق والشدة ، حتى ان المنافقين قالوا : " ماوَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا " [ الاحزاب : 12 ] أي ان الوعد بالنصر كان باطلا ولن يتم ، أما المؤمنون فقالوا : هذا ما وعدنا اللّه ورسوله وأيقنوا بالجنة والنصر. كما أخبر اللّه تعالى بقوله : " وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحزاب قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا " [ الاحزاب : 22 ] ولو لم يكن الوعد المذكور قد أُعطي فعلاً .. لأعترض المسلمون في ذلك الوقت على الآية الكريمة .. ولقالوا : كيف يُخبر القرآن عن وعود نحن لم نأخذها... الأمر الذي يؤدي إلى تزعزع الإيمان وضياع الإسلام ... لقد دفع الله أكبر خطر قد حاق بالمسلمين في ذلك الوقت ورد الله الذين كفروا لم ينالوا خيرا ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم إلى بيوتهم ولسانهم يلهج : " لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده " . وأنزل الله بعد ذلك قوله ممتناً ومذكراً : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بصيرا . إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا . هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا " [ الاحزاب : 9 ] الوعد الجازم بنصرة الله للرسول والتمكين له : يقول الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم : " قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ " [ آل عمران : 12 ] . أي قل يا محمد لهؤلاء الكفار من مشركي مكة واليهود وغيرهم ستغلبون أي في الدنيا وتحشرون أي يوم القيامة إلى جهنم وبئس المهاد . ولقد صدق الله سبحانه وتعالى وعده فإنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى نصره الله سبحانه وتعالى ومكنه من هؤلاء الكفار وطهر الجزيرة العربية من اصنامهم وشركهم . فسبحان من أنزل هذه المواعيد الصادقة . ويقول الله تبارك وتعالى لرسوله والمؤمنين في شأن أهل الكتاب : " فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " [ البقرة : 137 ] والمعنى أي فإن آمن أهل الكتاب بمثل ما آمنتم به يا معشر المؤمنين - من جميع الرسل ، وجميع الكتب وأسلموا لله وحده ولم يفرقوا بين أحد من رسل الله فقد اهتدوا ، وإن أبوا فتولوا وأعرضوا فأمرهم لا يعدوا شقاقاً وحربا لله ورسوله ، لذلك قال الله تعالى لرسوله : " فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " وهنا نجد وعداً من الله لرسوله أنه سيكفيه من عانده وخالفه منهم وقد أنجز الله لرسوله وعده ، حيث سلطه عليهم وأجلى بعضهم ، وشردهم كل مشرد فمكنه منهم ، والحق ان الاشخاص المحيطين علما بالتاريخ الاسلامي هم القادرون على الاطلاع على عمق مفهوم هذه الايـة الـتي يستشف من ظاهرها ان أهل الكتاب المعاندين والمتعصبين الجاهليين والذين تعرضت منافعهم اللامشروعة للخطر مع ظهور الاسلام , لم يدخروا جهدا في التدبير الخفي والمعلن للكيد بالرسول والقضاء على الاسلام في بداية ظهوره . فـي الـوقت ذاته تعطي الاية وعداً صريحا بان اللّه تعالى سوف يدفع شرورهم , ويسفه احلامهم , ويفشل مؤامراتهم , ففعل الله بهم ذلك عاجلا وأنجز وعده , فكفى نبيه صلى الله عليه وسلم بتسليطه إياه عليهم حتى قتل بعضهم وأجلى بعضاً وأذل بعضاً وأخزاه بالجزية والصغار . وهذه من احدى النبؤات الاعجازية . فلك اللهم ربنا الحمد على هذه المواعيد الصادقة . الوعد الجازم باستخلاف النبي وأصحابه في الأرض : تحقق وعد الله سبحانه وتعالى باستخلاف النبي وأصحابه في الأرض وأن يبدلهم من بعد خوفهم أمناً وقد جاء هذا الوعد في وقت كان المؤمنون فيه قلقين خائفين لا يبيتون إلا بالسلاح كما سيأتي ، فأنزل الله وعده العظيم لهم بقوله كما في سورة النور آية : 55 : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا " . ولقد صدق الله عز وجل وعده فإنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى نصره الله وأعلى كلمته وفتح عليه مكه وسائر جزيرة العرب وأخزى المشركين وشركهم ، ثم تولى الأمر من بعده الخلفاء الراشدين الأخيار ، قَالَ النَّحَّاس : فكان في هذه الآية دلالة عَلَى نُبُوَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم ; لأن اللَّه جَلَّ وَعَزَّ أَنْجَزَ ذلك الوعد . أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن البراء في قوله تعالى : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ .. " قال : فينا نزلت ونحن في خوف شديد. وأخرج ابن المنذر والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة فكانوا لايبيتون إلا في السلاح ولا يصبحون إلا فيه فقالوا : أترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله تعالى ؟! فنزل قوله تعالى : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض .. " وقوله : " كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ " يراد بهم بنو إسرائيل فقد كان الرب تبارك وتعالى يهبهم الأراضي فكانوا يفتحونها بمعونته سبحانه وتعالى ، وهذا الأمر مذكور في كتبهم الحالية كما في سفر التثنية و يشوع والقضاة من العهد القديم . يقول الله سبحانه وتعالى : " وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأرض تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [ سورة الانفال : 26 ] الوعد الجازم للرسول بأن يعود لمكة بعد أن أخرجه قومه منها : يقول الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم كما جاء في سورة القصص : " إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لَرَادّك إلَى مَعَاد " لقد اشتملت هذه الآية الكريمة - عزيزي القارىء - على أكثر من وعد للرسول الكريم طبقاً لما نقل عن الصحابة في تفسيرهم لها ، ففيها الوعد بالآخرة حيث الجنة والمقام المحمود للرسول الكريم وفيها الوعد الإلهي بعودته صلى الله عليه وسلم إلى مكة ظافراً بعد أن أخرج منها . فقد أخرج البخاري في التفسير من صحيحه عن ابن عباس في قوله تعالى : " لَرَادّك إلَى مَعَاد " قال مكة . وهكذا رواه النسائي في تفسير سننه وابن جرير وهكذا رواه العوفي عن ابن عباس " لرادك إلى معاد " أي لرادك إلى مكة كما أخرجك منها . ان التنبؤ بعودة النبي إلى مكة بصورة صريحة وقاطعة بعد أن أخرجه قومه منها غير وارد في تلك الظروف الحرجة والعصيبة , لكننا نعلم ان هذا الوعد الإلهي تحقق في النهاية , وعاد النبي مع جيشه القوي المقتدر إلى مكة منتصرا بعد عدة سنين , واخضع الحرم الإلهي الآمن تحت راية الاسلام بدون اي قتل وقتال , وهذه هـي إحدى النبؤات الاعجازية للقرآن التي اخبر فيها عن المستقبل بصورة صريحة وقاطعة , وبـدون اي قيد او شرط , هذا في الوقت الذي لم تظهر فيها القرائن والعلائم على تحقق النصر إطلاقا. يقول الفخر الرازي في تفسيره : قال أهل التحقيق : وهذا احد ما يدل على نبوته صلى الله عليه وسلم لأنه اخبر عن الغيب ووقع كما اخبر . |
|
الوعد الجازم بدخول الرسول والمسلمين إلى المسجد الحرام آمنين : يقول تبارك وتعالى في سورة الفتح آية : 27 : " لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا " . أخبرت الآية الكريمة المسلمين بأنهم سيدخلون المسجد الحرام ويقيمون الشعائر في منتهى الأمن والأمان في المستقبل القريب بالرغم مما يحمله المشركون من فض واعتراض على دخول المسلمين إلى المسجد الحرام وأدائهم لمناسك الحج والعمرة. وقد كان السبب في نزول هذه الآية الكريمة هو ان النبي صلى الله عليه وسلم كان قد رأى في منامه رؤيا تعبر عن ان المسلمين سيدخلون المسجد الحرام للزيارة ولأداء مناسك العمرة. وكان البعض يتصور ان هذه الرؤيا ستتحقق مباشرة في السنة نفسها , فعندما توجه المسلمون إلى مكة لأداء العمرة واعترض طريقهم مشركوا مكة في الحديبية ( وهي القرية التي تقع مسافة 20 كيلومتر عن مكة ) مما أدى ذلك إلى التوقيع على اتفاق الصلح المعروف بصلح الحديبية , عندئذ اخذ البعض يسأل النبي عن السبب وراء عدم تحقق هذه الرؤية الرحمانية ؟ فأكد لهم النبي صلى الله عليه وسلم على انه لم يقل: ان ذلك يتحقق في هذه السنة .. في هذه الأثناء نزلت الآية المذكورة وأول ما أكدت عليه هو صدق هذه الرؤيا بقوله تعالى : " لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ". والمعنى : لقد صدق الله رسوله في رؤياه ، فإن ما رآه كائن لا محالة في وقته المقدر له. ثم قال لهم سبحانه وتعالى : " فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا " أي انه كان في صدّكم عن المسجد الحرام وصلحكم مع قريش بذلك الصّدّ منافع كثيرة للإسلام وأهله وقوّةً عظيمةً ونشر للإسلام { فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ } أي الدخّول إلى مكة { فَتْحاً قَرِيباً } وهو صلح الحديبية فانّه اختلط المسلمون بالمشركين بذلك الصّلح ، وتمكّنوا من إظهار الإسلام وسمع المشركون بأحكام الإسلام ورغبوا فيه وتقوّى الإسلام به ودخل محمّد – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في العام المقبل مكّة في كمال الشّوكة والعزّة. وبهذا يتبين لنا أن توجه المسلمين إلى مكة واعتراض المشركين لهم وما نشأ عنه من نتائج إنما كان بقدر الله وتوجيهه وتدبيره .. والآن ماذا سيكون الحال إذا انتظر المسلمون ولم تتحقق هذه الرؤيا بعد نزول التأكيد عليها ؟ لا شك _ أخي القارىء – بأن عدم تحقق الرؤيا في هذه الحالة يعني القضاء على الإسلام وارتداد المسلمين ... ان قوله تعالى : " فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا " يقرر حقيقة قرآنية ، وهي قصور العلم البشري ونقصه ، فمهما علم الناس فإنهم لا يحيطون علماً بالمسألة المعروضة ، ولا يعلمون كل تفصيلاتها وخفاياها ، أما المستقبل فإنهم لا يعلمون عنه شيئاً ، لأنه غيب اختص الله بعلمه. لقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل من توجه المسلمين إلى مكة لأداء العمرة فتحاً للإسلام والمسلمين : " فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا " وهو صلح الحديبية الذي جعله الله لهم دون دخولهم مكة ... وقد روي " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أو فتح هو يا رسول الله؟ قال: نعم " هذا الصلح الذي سوَّى للمؤمنين الطريق لدخول المسجد الحرام آمنين ويسَّر لهم ذلك ولولا ذلك لم يمكن لهم الدخول فيه إلا بالقتال وسفك الدماء ولا عمرة مع ذلك ، لكن صلح الحديبية وما اشترط من شرط أمكنهم من دخول المسجد معتمرين في العام القابل. قال الزهري : فما فُتِحَ في الإسلام فتح قبله كان أعظم من فتح الحديبيـة، إنمـا كان القتال حيث التقى الناس. ولما كانت الهدنة، ووضعت الحرب أوزارها، وأمن الناس بعضهم بعضاً، والتقوا وتفاوضوا في الحديث والمنازعة، ولم يُكلّم أحد بالإسلام يعقل شيـئاً في تلك المدة إلا دخل فيه، ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر . قال ابن حجر مؤيداً الزهري: فإن الناس لأجل الأمن الذي وقع بينهم اختلط بعضهم ببعض من غير نكير، وأسمع المسلمون المشركين القرآن، وناظروهم على الإسلام، جهرة آمنين، وكانوا قبل ذلك لا يتكلمون عندهم بذلك إلا خفية. وقال ابن هشام أيضاً مؤيداً للزهري: ويدل عليه أنه صلى الله عليه وسلم خرج في الحديبية في ألف وأربعمائة، ثم خرج بعد سنتين إلى فتـح مكة في عشرة آلاف. الوعد الجازم للمهاجرين بالخير والنصرة : تحقق وعد الله سبحانه وتعالى للمهاجرين بأن يبوئهم بالدنيا حسنة حيث الخير والنصرة والتمكين بعدما أهينوا وعذبوا وظلموا في مكة ، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النحل وهي سورة مكية : " وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " [ النحل / 41 ] نـزلت هذه الآية في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وهم بلال وصهيب وخباب وعمار وأبي جندل بن سهيل حيث أخذهم المشركون بمكة فعذبوهم وآذوهم، فبوأهم الله تعالى بعد ذلك المدينة. قال الطبري حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة في قَوْله : " وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّه مِنْ بَعْد مَا ظَلَمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ " قَالَ : هَؤُلَاءِ أَصْحَاب مُحَمَّد ظَلَمَهُمْ أَهْل مَكَّة , فَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ دِيَارهمْ حَتَّى لَحِقَ طَوَائِف مِنْهُمْ بِالْحَبَشَةِ , ثُمَّ بَوَّأَهُمْ اللَّه الْمَدِينَة بَعْد ذَلِكَ فَجَعَلَهَا لَهُمْ دَار هِجْرَة , وَجَعَلَ لَهُمْ أَنْصَارًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ . فلك اللهم ربنا الحمد على هذه المواعيد الصادقة . الوعيد الجازم بأن أبي لهب وامرأته سيموتان على الكفر : تحقق وعد الله سبحانه وتعالى بأن أبي لهب وامرأته سيموتان على الكفر، ففي سورة المسد يقول ربنا تبارك وتعالى : " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ " وهنا سؤال مطروح : ألم يكن يستطيع أبو لهب وهو العدو الأكبر للرسول أن يحارب الإسلام بهذه الآية ؟ . .ألم يستطيع أن يستخدمها كسلاح ضد القرآن ؟ ضد هذا الدين . . قالت له الآية . . يا أبا لهب ستموت كافراً . . ستموت مشركاً . . وستعذب في النار . . وكان يكفي أن يذهب أبو لهب إلى أي جماعة من المسلمين ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله . . يقولها نفاقاً . . ويقولها رياء . . يقولها ليهدم الاسلام بها . . لا ليدخل في الاسلام . . يقولها ثم يقف وسط القوم يقول : ان محمداً قد تنبأ أنني سأموت كافراً . . وقال أن هذا الكلام مبلغ له من الله . . وأنا أعلن اسلامي لأثبت لكم أن محمداً كاذب . . ولكن ابا لهب بقي كافراً مشركاً . . مات وهو كافر . . ولم يكن التنبؤ بأن أبا لهب سيموت كافراً أمراً ممكناً . . لأن كثيراً من المشركين اهتدوا إلى الاسلام كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعمر بن الخطاب وغيرهم . .كانوا مشركين وأسلموا . . فكيف أمكن التنبؤ بأن أبا لهب لم يسلم ولو نفاقاً . . وسيموت وهو كافر . . المعجزة هنا أن القرآن قد أخبر بما سيقع من عدو وتحداه في أمر اختياري كان من الممكن أن يقوله . . ولكن الذي قال هذا القرآن يعلم أنه لن يأتي إلى عقل أبي لهب تفكير يكذب به القرآن . . هل هناك أعجاز أكثر من هذا ؟ . . الوعيد الجازم بأن الوليد بن المغيرة سيموت على الكفر : ولقد تحقق وعد القرآن الكريم أيضاً بأن الوليد بن المغيرة العدو الألد للإسلام سيموت على الكفر . . حيث أنزل الله فيه : " ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا - إلى قوله - سَأُصْلِيهِ سَقَرَ " [ سورة المدثر آية : 11 _ 30 ] قال الامام القرطبي : " والمفسرون على أنه الوليد بن المغيرة المخزومي , وإن كان الناس خلقوا مثل خلقه . وإنما خص بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة وإيذاء الرسول عليه السلام , وكان يسمى الوحيد في قومه " وقد مات كافراً ، وتحقق ما جزم به القرآن الكريم . ان هذا التحديد القرآني لمصائر هؤلاء المشركين لهو من الأدلة الكثيرة الواضحة على أن القرآن الكريم هو كلام الله ، فلو كان من كلام محمد فمن يدريه أنهم سيموتون كفاراً ؟ وأنهم لن يستجيبوا لدعوته ولو نفاقاً ؟ رغم دعوته المتكررة لهم . وبالفعل فقد اسلم الكثير الكثير من المشركين الخطرين الا هؤلاء الذين نص القرآن على موتهم على الكفر ! لقد كان أبو سفيان عدواً خطيراً حتى انه لم يسلم حتى فتح مكة أي بعد أكثر من 18 سنة !!؟ لكنه آمن في نهاية الأمر , وآمن الكثير من الافراد الخطرين والمجرمين ايمانا ظاهرياً امثال ( وحشي ) قاتل حمزة ، ان هذا التنبؤ القاطع عن مصير شخص كـ ( ابو لهب ) أو زوجته ( ام جميل ) أو ( الوليد بن المغيرة ) لم يكن يتأتى من الطرق العادية , فهذه النبوءة القرآنية لا تتأتى الا من طريق الإعجاز. ان الكثير من مشركي مكة آمنوا إيمانا واقعيا , والبعض آمن إيمانا ظاهريا لكن من الذين لم يؤمنوا لا في الواقع ولا في الظاهر هو : ابو لهب وزوجته ام جميل والوليد بن المغيرة , وقد صرح القرآن بوضوح انهما لن يؤمنوا أبدا , وهذه من الأخبار الغيبية للقرآن الكريم . الوعد الجازم بأن الروم ستغلب الفرس في بضع سنين : تحقق وعد الله سبحانه وتعالى بظهور وغلبة الروم على الفرس في بضع سنين كما في سورة الروم يقول المولى تبارك وتعالى : " غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ، وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " . وفي قوله تعالى : " وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ " نجد التيقن والجزم بأن الأمر سيحدث ، فكأنه سبحانه وتعالى يقول : اعلموا أنه لا بد من وقوعه ... فسبحان الله علام الغيوب ماذا كان يمكن أن يحدث لو أنه لم تحدث معركة بين الروم والفرس .. أو لو أنه حدثت معركة وهزم فيها الروم أكان بعد ذلك يصدق أي انسان القرآن أو يؤمن بالدين الجديد ... ثم إذا كان القرآن من عند محمد فما الذي يجعله يدخل في قضية غيبية كهذه .. لم يطلب منه أحد الدخول فيها .. أيضيع الدين من أجل مخاطرة لم يطلبها أحد .. ولم يتحداه فيها انسان .. ولكن القائل هو الله .. والفاعل هو الله .. ومن هنا كان الأمر الذي نزل في القرآن يقيناً سيحدث .. ومن هنا حدثت الحرب .. وانتصر الروم على الفرس كما تنبأ القرآن .. وقد حملت الآية نفسها - أخي القارىء - نبوءة أخرى وهي ان المسلمون سيفرحون بنصر الله ولقد صدق الله وعده وفرح المسلمون وتحققت نبوءتان في وقت واحد . |
|
الوعد الجازم بعصمة الرسول صلى الله عليه وسلم : لقد أثارت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام حفائظ المشركين وحميتهم كما أثارت حقد اليهود ومكرهم. وبعد الهجرة تشابكت أيادي اليهود مع المشركين فشكلوا خطرا حقيقياً على حياة الرسول ، وكثرت المؤامرات الهادفة إلى اغتياله أو قتله ، فتكفل الله بحماية رسوله وعصمته من أعدائه ، وأعلمه بذلك في قوله تعالى : " يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ " [ المائدة : 67 ] . قالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحرس حتى نزلت : " وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " فأخرج رأسه من القبة وصرف الحرس عنه ، وقال : " يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عزوجل ". وفي هذا أروع الأمثال على التصديق المطلق لوعد الله سبحانه وتعالى ، والثقة الكاملة التامة بإنجازه وتحقيقه ؛ فمن يومها لم يتخذ حراسا لحمايته الشخصية صلى الله عليه وسلم ، ثقة بصدق الوعد الإلهي ، وركوناً إليه ، ولا يمكن أن يغامر أي عاقل بحياته التي تحاط من أجلها المؤامرات من كل جانب إلا إذا لم يساوره أدنى شك في صدق ذلك الوعد. وقد جاءت الحوادث محققة لوعد الله بحفظ رسوله وعصمه من الناس فلم يمت عليه الصلاة والسلام حتى بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونزل قوله تعالى في سورة المائدة : " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا " . الوعد الجازم بفتح مكة : تحقق وعد الله سبحانه وتعالى بفتح مكة فيقول الله سبحانه في سورة النصر : " إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ الناس يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا " والمعنى : إذا جاء نصر الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم على أعدائه " والفتح " فتح مكة ، قال الإمام الزمخشري رحمه الله : ( إذا ) هو لما يستقبل ، والإعلام بذلك قبل كونه من أعلام النبوة . وقال الطبري رحمه الله : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إذا جاءك نصر الله يا محمد على قومك من قريش , والفتح : فتح مكة وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . وذهب العلامة عبد الرحمن بن رجب الحنبلي - رحمه الله- مذهب جمهور المفسرين، إلى أن سورة النصر نزلت قبل فتح مكة إذْ أخبر الله بفتحها قبل وقوعه. وجاء مستقبل الزمان بتحقق الفتح، كما أنبأ الله تعالى من قبل وأخبر. فسورة النصر علم من أعلام نبوة سيد المرسلين وإلهية رسالته. ولقد استدل الحافظ ابن رجب على نزول سورة النصر قبل الفتح بدلائل أهمها : 1) ظاهر النص القرآني، فقد دلت اللغة العربية على أن "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان. وعوّلَ على هذا بعض أئمة اللغة كالزمخشري في كشافه. 2) روى النسائي من طريق هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " لما نزلت : إذا جاء نصر الله والفتح إلى آخر السورة ، قال ابن عباس : نُعْيَتْ لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه حين أنُزلت، فأخذ في أشد ما كان اجتهادًا في أمر الآخرة ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك : "جاء الفتح، وجاء نصر الله، وجاء أهل اليمن" فقال رجل : يا رسول الله ، وما أهل اليمن"، قال : " قوم رقيقة قلوبهم، لينة قلوبهم، الإيمان يمان، والحكمة يمانية، والفقه يمان". أقول : إن المقصود بـ "أهل اليمن" في الحديث هم الأشعريون، فإنهم طليعة وفود اليمن، قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع للهجرة عند فتح خيبر، ويدلك ذلك على نزول سورة النصر قبل فتح مكة. وهو قول الجمهور، وإليه ذهب الإمام ابن رجب رحمة الله عليه. تكشف لك الدراسة العلمية أن هذه السورة الجليلة علم ساطع من أعلام نبوة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وبرهان باهر على إلهية رسالته، فقد أخبر الله سبحانه وتعالى فيها عن سقوط معقل الشرك في المستقبل القريب، لتقرَّ عين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بتطهير مكة من دنس الشرك والوثنية، قبل أن يلحق بالرفيق الأعلى، تباركت أسماؤه وتعالت صفاته. قال الإمام الجليل عبد الرحمن بن رجب الحنبلي في قوله تعالى: " إذا جاء نصر الله والفتح " : " أما (نصر الله) : فهو معونته على الأعداء، حتى غَلَبَ صلى الله عليه وسلم العرب كلهم، واستولى عليهم من قريش وهوازن وغيرهم". وقال الإمام الألوسي في قوله تعالى : (إذا جاء) : "المراد بالمجيء الحصول". وفي قوله تعالى (نصر الله) : "أي إعانته تعالى وإظهاره إياك (يا رسول الله) على عدوك". وقال الإمام أبو السعود العمادي : "والتعبير عن حصول النصر والفتح بالمجيء، للإيذان بأنهما متوجهان نحوه عليه السلام، وأنهما على جناح الوصول إليه عن قريب". وذكر القاضي البيضاوي نحو ذلك وزاد عليه قوله : "وقد قرب النصر من وقته فكنْ مترقبًا لوروده، مستعدًا لشكره". ذهب الإمام ابن رجب الحنبلي مذهب جمهور المفسرين وفيهم ابن عباس وغيره إلى أن المراد بالفتح : "هو فتح مكة بخصوصها". ثم قال : " قال ابن عباس وغيره، لأن العرب كانت تنتظر بإسلامها ظهور النبي صلى الله عليه وسلم على مكة ". وفي صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة قال : "وكانت العرب تلَوِّم [أي تنتظر] بإسلامهم الفتح، فيقولون : اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق. فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامه، فلما قدم قال : جئتكم والله من عند النبي حقا.." الحديث. وقد استدل العلامة ابن كثير بفتح مكة على نبوة سيد المرسلين وساق استدلاله تمهيدًا لحديث عمرو بن سلمة الذي أوردناه آنفًا. وعن الحسن قال : " لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة؛ قالت الأعراب: أما إذْ ظفر بأهل مكة؛ وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل؛ فليس لكم به يدان. فدخلوا في دين الله أفواجا ". الحق أن فتح مكة علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى حمى بيته من أهل الضلالة والبغي، وهم أصحاب الفيل. بينما فتح أبوابها وذلل وعرها، وأخضع أعناق جبابرتها وصناديدها لسيد المرسلين حبيبه محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين. ( دروس من فتح مكة للأستاذ حسن ضياء الدين ) الإخبار عن كشوف علمية ستظهر في الكون على يد المكذبين : لقد أخبرنا القرآن الكريم بأن هناك كشوف علمية ستظهر على يد المكذبين في آفاق هذا الكون وفي النفس البشرية ومن خلال هذه الكشوف العلمية ستتجلى لهم آيات الله الباهرة ، يقول ربنا تبارك وتعالى : " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " [ فصلت : 53 ] فتحقق هذا الوعد الإلهي في الأزمنة الأخيرة وكشف العلم للمكذبين وسوف يكشف لهم الكثير من آيات الله الباهرة في الآفاق وفي الأنفس ، فسبحان الله علام الغيوب . وختاماً فإن هذا كان بعضاً للوعود والبشارات القرآنية التي تحققت ووقعت كما أخبر القرآن الكريم وهي من دلائل مصدره الرباني وصدق الله إذ يقول : وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا فتعساً والله لمن لا يعتبر . . وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين . .................................................. .... [1] بلغ عدد جيش المشركين في معركة بدر كما في صحيح مسلم ( 3/1384) ألف رجل وكان معهم سبعون فرساً ، والعدة الكاملة والأعداد الكثيرة من الإبل للركوب والأكل ، على حين أن جيش المؤمنين كان 316 رجلاً فقط ، وكان معهم فرسان كما تذكر كتب السير. . طريق الجنة |
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الرموز ودلالتها | أمل اليوم | 📝 منتدى الدروس والتوجيهات والاستفسارات حول تعبير الرؤى | 19 | 2009-09-10 2:28 AM |
اَفاق رحبة فى الأبحاث المستقبلية لعلوم الإعجاز (الحجامة ) | يمامة الوادي | المنتدى الإسلامي | 3 | 2007-03-20 5:25 AM |
الحقائق العلمية في القرآن الكريم ودلالتها على مصدره الرباني | يمامة الوادي | رياض القرآن | 2 | 2007-03-06 1:10 AM |
مسيره احتفال | trolls2008 | 🔒⊰ منتدى الرؤى المفسرة لأصحاب الدعـم الذهـبي ⊱ | 1 | 2006-08-07 10:29 PM |
الخطة المستقبلية للنجاح!! | يمامة الوادي | المنتدى العام | 4 | 2005-12-20 12:47 AM |