[يمامة الوادي]

( 6 ) فوائد نفسية للمشاكل الزوجية
إن للمشاكل الزوجية منافع تعود على نفسية كلا الزوجين في الجانب الداخلي والنفسي لشخصيتهما، مثل: التنفيس عن الضغط الداخلي، وتعليم الزوجين كيفية إدارة حوارهما النفسي الداخلي وتحقيق نوع من الرضى النفسي ومنافع أخرى ، وسنتطرق إليها بشيء من التفصيل على الوجه التالي:

(1) الملفات القديمة:
إن مرور الحياة الزوجية بين الطرفين في خلافات بسيطة وتافهة ، تجعل كل طرف يجمع مثل هذه الرواسب من الخلافات البسيطة في نفسيته، وتبدأ علاقته الزوجية بالتوتر حتى تأتي لحظة حدوث مشكلة زوجية كبيرة فيبتعد كل طرف عن الآخر، ثم يستشعران حاجتهما أحدهما للآخر، ثم يجلسان ليتحاورا عن المشكلة الكبيرة ، وإذا بهما يفاجآن بأن كلاً من نفسيهما تريد أن تتخلص مما في داخلها من ملفات قديمة كانت مفتوحة ، وكأن كل زوج ينظف ما بداخله إلى أن تنتهي مشكلتهما، بعد أن نفس كل منهما عما بداخله، وتعود علاقتهما إلى الصفاء والهناء.
ولقد كانت المشكلة الزوجية السبب في التخلص من الماضي بما فيه من الخلافات البسيطة ، وهي رحمة أخرى وفائدة عظمى..
(2) الرضى النفسي:
بعد حصول مشكلة بين الزوجين وتجاوزهما للمشكلة يشعر كل طرف بالرضى النفسي عن نفسه وعن الآخر ، وهذه حاجة نفسية مهمة، حيث إن من أجمل المعاني القلبية أن يرضى الإنسان عن نفسه ... ويكون ذلك من خلال جلسة المصارحة والحوار في نهاية المشكلة، وجلوس الزوجين للتفاهم والتفاوض، فيبدأ كل منهما يعاتب الآخر بأنه لم يقدر مشاعره أو أنه لم يهتم به ، ثم يبدأ كل طرف بالدفاع عن نفسه بأنه مهتم بالطرف الآخر، وأنه عمل كذا وكذا وقت الخلاف،
وهذا دليل حب واهتمام واحترام، فيتحقق الرضى النفسي بين الطرفين ، وعندها يشعر
الطرفان بالسعادة.
(3) الإدارة الداخلية:
عند نشوء مشكلة زوجية ، فإن الزوجين يبدآن في الحوار الداخلي والنفسي بعد أن انقطع ما بينهما من الحوار الخارجي ، وكثرة الحوارات النفسية تؤذي صاحبها إذا كانت حواراته دائماً سلبية أو فيها لوم لشخصيته وتصرفاته ، ولهذا فإن حدوث المشاكل الزوجية يعتبر فرصة لأن يتدرب كل طرف على كيفية إدارة حواراته النفسية وتوجيهها التوجه السليم ، فيكون شخصاً متفاعلاً ومتفائلاً في علاج مشاكله الزوجية ، فلا يتقوقع على نفسه ، وتلهيه كثرة حواراته الداخلية ، فيصاب بمرض " الوسواس القهري" كما يسميه الأطباء النفسانيون، وإنما يحسن به أن يدير حواراته الداخلية والخارجية بحكمة وتعقل .
(4) الشعور بالفرح:
إن لذة الطعام لا يشعر بها إلا الجائع، ولو كان الإنسان شبعاناً أو متخماً ووضع أمامه ما لذ وطاب من الطعام ، فإنه لا يستمتع بالطعام إلا استمتاعاً بصرياً، وكذلك القيم والأخلاق النفسية، فإن الفرح لا يستشعر به الزوجان إلا بعد زوال الحزن ، والسعادة لا يحس بها الزوجان إلا بعد زوال الألم ، وكذلك المشاكل الزوجية ، ولولا هذه المرحلة لما شعر الزوجان بالسعادة الزوجية والأنس الزوجي ، وهذا أيضاً من فوائد المشاكل الزوجية ، وكما قيل " إ نما تعرف الأشياء بأضدادها ".
(5) علامات التوقف:
إن الزوجين في حياتهما الزوجية يكونان في حالة شغل دائم وعطاء متواصل ، فالزوج مشغول في كسب الرزق والزوجة منهمكة في الاهتمام بالبيت ، وهكذا تدور الأيام وتمضي الليالي ،
فلا بد من وقفات يقف فيها الزوجان مع أنفسهما ومع بعضها بعضاً ليقوما مسيرتهما الزوجية، ويراجعا ويحاسبا نفسيهما، هل حياتهما تسير في الطريق الصحيح أم لا ؟! وهل علاقتهما كما كانا يتمنيان أم لا ؟! وهذه الوقفات لا يتحقق إلا بالمشاكل الزوجية فإذا جاءت المشكلة الزوجية توقف الزوجان عن العطاء أو قل عطاؤهما ، فيبدآن بمراجعة نفسيهما ويقومان حياتهما ، ثم يتابعان المسير بعد زوال المشكلة، بنفسية جديدة وبروح جديدة ويشعران وكأنهما أفضل من السابق بسبب الوقفة النفسية هذه...
(6) التسليم والاستلام:
من الفوائد النفسية التي تعود الزوجين عند دخولهما في محنة زوجية ترويض النفس على التسليم والاستلام لقدر الله تعالى ومجاهدة النفس من أجل تقبل الظروف الصعبة والمواقف المؤلمة ، وهذه اللحظات تجعل النفس ذات إرادة قوية وعزيمة لتقبل الصعاب في الحياة ، كما أنها تربي النفس على الهدوء والاطمئنان عند حدوث أزمة أسرية في العلاقات الزوجية ، وهذه الصفة تعين الزوجين على التعامل مع مشاكل الحياة بروح رياضية دون توتر أو انزعاج ، وإن مما يعقد المشاكل الزوجية ويكبر حجمها أن يتلقاها الزوجان بنفسية متوترة ، ولهذا فعندما يتعلم الزوجان التسليم والاستلام للقدر، فانهما عندئذ يتعاملان مع المشاكل الزوجية بنظرة مختلفة وبتعامل إيجابي.