لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
أهمية البركة والحث على طلبها
د. أمين بن عبدالله الشقاوي لقائل أن يقول: لماذا الحث على طلب البركة؟ والجواب عن ذلك في العناصر التالية: أولاً: تقدم أن البركة هي ثبوت الخير الألهي في الشيء مع نمائه وزيادته، فإذا حلت البركة في شيء فلا تسأل عن نفعه وكثرته ودوامه، بل إنه لا قيمة لكسب محقت بركته، ولا لوقت لا بركة فيه، وما فائدة شيء وجوده وعدمه على حد سواء، وما الفائدة من كثرة أولاد لا بركة فيهم، وما فائدة زوجة لا بركة فيها، أو عمل لا بركة فيه. ثانياً: إن الله تعالى امتن بها على خلقه، وهذا دليل على عظيم فضلها، وكثرة فوائدها، وتعدد منافعها. قال تعالى ﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ [هود : 72، 73]. ثالثاً: إن الأنبياء والصالحين كانوا يسألون الله تعالى البركة، ولا يسألون إلا ما كان نفعه عظيماً. روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس أن إبراهيم - عليه السلام - عندما زار ابنه إسماعيل لم يجده، ووجد امرأته فقال لها إبراهيم عليه السلام : ما طعامكم، وما شرابكم ؟ قالت: طعامنا اللحم، وشرابنا الماء، فقال - عليه السلام - :اللهم بارك لهم في طعامهم، وشرابهم، فقال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - : بركة بدعوة إبراهيم[1]. وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاؤوا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا أخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثِمَرِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَبَارِكْ لَنَاَ فِي مُدِّنَا اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنَّهُ دَعَاكَ لِمَكَّةَ وَأَنَا أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ قَالَ ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ لَهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ)[2]. وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبيد بن القعقاع يحدث رجلاً من بني حنظلة، قال رمق رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، فجعل يقول في صلاته ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي )[3]. وروى البخاري في صحيحه من حديث عروة البارقي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ،فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ،وَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ[4]. وفي رواية الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (بَارَكَ اللَّهُ لك فِي صَفْقِهِ يَمِينِك)، فكان يخرج بعد ذلك إلى كناسة الكوفة فيربح الربح العظيم، فكان من أكثر أهل الكوفة مالاً [5]. وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس - رضي الله عنه - قال : قالت أمي : يا رسول الله أنس خادمك ادع الله له، قال: (اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وبَارَكَ لَهُ فِيمَاَ أَعْطِيتَهِ)[6]. وفي صحيح مسلم قال أنس : فَوَاللَّهِ إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ، وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ الْمِئَةِ الْيَوْمَ [7]. قال أبو العالية : كان لأنس بستان يحمل في السنة مرتين، وكان فيه ريحان يجيء منه ريح المسك[8]. وفي رواية البخاري التي أخرجها في كتاب الصوم، قال أنس: وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ حَجَّاجٍ الْبَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِئَةٌ [9]. " تنبيه" استشكل في هذا الحديث الدعاء بكثرة المال والولد مع ما يحصل بسببهما من الانشغال والفتنة، وقد تنبه البخاري لذلك فبوب للحديث بقول الدعاء بكثرة المال والولد مع البركة، قال ابن حجر - رحمه الله - ذكر هذا دلالة على كثرة ما جاءه من الولد، فإن هذا القدر هو الذي مات منهم، وأما الذين بقوا ففي رواية إسحاق بن أبي طلحة عن أنس عند مسلم " وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون على نحو المئة "[10]. وأن كثرة الموت في الأولاد لا ينافي إجابة الدعاء بطلب كثرتهم، ولا طلب البركة فيهم لما يحصل من المصيبة بموتهم، والصبر على ذلك من الثواب، وفيه التحدث بنعمة الله تعالى، وبمعجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - لما في إجابة دعوته من الأمر النادر وهو اجتماع كثرة المال مع كثرة الأولاد، وكون بستان المدعو له صار يثمر مرتين في السنة دون غيره[11]. وروى البخاري في صحيحه من حديث الجعيد بن عبدالرحمن قال: رَأَيْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ ابْنَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ جَلْدًا مُعْتَدِلاً، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ مَا مُتِّعْتُ بِهِ سَمْعِي وَبَصَرِي إِلاَّ بِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِنَّ خَالَتِي ذَهَبَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ ابْنَ أُخْتِي شَاكٍ فَادْعُ اللَّهَ لَهُ قَالَ: فَدَعَا لِي[12]. وفي رواية أخرى أنها قالت: إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجََعَ فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ ثُمَ َتَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ،ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتِمِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْل زِرِ الحجْلةُ [13]. قال الطبري - رحمه الله - : "اتفقت الأحاديث الثابتة على أن خاتم النبوة كان شيئاً بارزاً أحمر عند كتفه الأيسر، قدره إذا قلل قدر بيضة الحمامة، وإذا كبر جمع اليد.. والله أعلم[14] أ هـ وروى البخاري في صحيحه عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ، فَقَالَ: هُوَ صَغِيرٌ فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ، وَعَنْ زُهْرَةَ ابْنِ مَعْبَدٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ إِلَى السُّوقِ فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ فَيَلْقَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَيَقُولاَنِ لَهُ: أَشْرِكْنَا فَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ، فَيَشْرَكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْمَنْزِلِ[15]. وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث حنظلة بن حذيم جدِّي أن جده حنيفة قدم به على النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاء في آخر الحديث أن حنظلة قال: فدنا بي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي بنين ذوي لحى ودون ذلك، وإن ذا أصغرهم فادع الله له، فمسح رأسه وقال:( بَاَرَكَ اللهُ فِيكَ، أَوْ بُورِكَ فِيهْ ) قال ذيال: فلقد رأيت حنظلة يؤتى بالإنسان الوارم وجهه، أو بالبهيمة الوارمة الضرع، فيتفل على يديه ويقول باسم الله، ويضع يده على رأسه، ويقول على موضع كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيمسحه عليه، وقال ذيال: فيذهب الورم[16]. وروى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمَرَاتٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، فَضَمَّهُنَّ ثُمَّ دَعَا لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، فَقَالَ:خُذْهُنَّ وَاجْعَلْهُنَّ فِي مِزْوَدِكَ هَذَا أَوْ فِي هَذَا الْمِزْوَدِ، كُلَّمَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَدْخِلْ فِيهِ يَدَكَ فَخُذْهُ، وَلاَ تَنْثُرْهُ نَثْرًا، فَقَدْ حَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ وَسْق[17] فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَكُنَّا نَأْكُلُ مِنْهُ وَنُطْعِمُ، وَكَانَ لاَ يُفَارِقُ حِقْوِي، حَتَّى كَانَ يَوْمُ قَتْلِ عُثْمَانَ فَإِنَّهُ انْقَطَعَ [18]. وهذا يدل على البركة العظيمة التي حصلت لأبي هريرة - رضي الله عنه - ببركة دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه استمر يأكل ويطعم من هذا التمر أكثر من خمسة وعشرين عاماً، فصلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار.
|
|
روى مسلم في صحيحه من حديث سَهْل ابن عُثْمَاَن وَأَبي كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ ابْنُ الْعَلاَءِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ:حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (شَكَّ الأَعْمَشُ) قَالَ لَمَّا كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّه: لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا[19]، فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (افْعَلُوا) قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ[20]، وَلَكِنْ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، ثُمَّ ادْعُ اللَّهَ لَهُمْ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: نَعَمْ قَالَ فَدَعَا بِنِطَعٍ[21] فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ، قَالَ وَيَجِيءُ الآَخَرُ بِكَفِّ تَمْرٍ، قَالَ: وَيَجِيءُ الآَخَرُ بِكَسْرَةٍ، حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ[22] شَيْءٌ يَسِيرٌ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: (خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ ) قَالَ: فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلاَّ مَلَؤوهُ، قَالَ:فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لاَ يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبَ عَنْ الْجَنَّةِ[23].
رابعاً: إن الأنبياء والصالحين كانوا يحرصون على طلب الأشياء المباركة والاستزادة منها، روى البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبدالله (قال: قَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ حَضَرَتْ الْعَصْرُ، وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ غَيْرَ فَضْلَةٍ، فَجُعِلَ فِي إِنَاءٍ فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهِ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ قَالَ:حَيَّ عَلَى أَهْلِ الْوُضُوءِ، الْبَرَكَةُ مِنْ اللَّهِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ وَشَرِبُوا، فَجَعَلْتُ لاَ آلُوا مَا جَعَلْتُ فِي بَطْنِي مِنْهُ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ بَرَكَةٌ قُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ: أَلْفًا وَأَرْبَعَمِئَةٍ تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ وَقَالَ حُصَيْنٌ وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ جَابِرٍ[24]. وبوب له البخاري باب "شرب البركة والماء المبارك". قال المهلب: سمي الماء بركة لأن الشيء إذا كان مباركاً فيه يُسمى بركة. وقال ابن حجر: والمراد أنه جعل يستكثر من شربه من ذلك الماء لأجل البركة. قال ابن بطال: يؤخذ منه أنه لا سرف ولا شره في الطعام أو الشراب الذي تظهر فيه البركة بالمعجزة، بل يستحب الاستكثار منه، وقال ابن المنير: في ترجمة البخاري إشارة إلى أنه يغتفر في الشرب منه الإكثار دون المعتاد الذي ورد باستحباب جعل الثلث له، ولئلا يظن أن الشرب من غير عطش ممنوع، فإن فعل جابر ما ذكر دالٌ على أن الحاجة إلى البركة أكثر من الحاجة إلى الري والظاهر إطلاع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولو كان ممنوعاً لنهاه[25]. روى الإمام أحمد في مسنده من حديث المقداد ، أَقْبَلْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي قَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنْ الْجَهْدِ فَجَعَلْنَا نَعْرِضُ أَنْفُسَنَا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَقْبَلُنَا فَانْطَلَقْنَاَ إِلَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى أَهْلِهِ فَإِذَا ثَلاَثَةُ أَعْنُزٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَلِبُوا هَذَا اللَّبَنَ بَيْنَنَا قَالَ فَكُنَّا نَحْتَلِبُ فَيَشْرَبُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا نَصِيبَهُ، وَنَرْفَعُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَصِيبَهُ قَالَ فَيَجِيءُ مِنْ اللَّيْلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لاَ يُوقِظُ نَائِمًا، وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ، قَالَ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَأْتِي شَرَابَهُ فَيَشْرَبُهُ، فَأَتَانِي الشَّيْطَانُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَقَدْ شَرِبْتُ نَصِيبِي فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْتِي الأَنْصَارَ فَيُتْحِفُونَهُ، وَيُصِيبُ عِنْدَهُمْ، مَا بِهِ حَاجَةٌ إِلَى هَذِهِ الْجُرْعَةِ، فَأَشْرَبْها. قَاَل: مَاَ زَاَلَ يُزيِّينُ لي حَتْىَ شَربْتُهَا، فَلَمَّا وَغَلَتْ فِي بَطْنِي، وَعَرَفَ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيلٌ، قَالَ: نَدَّمَنِي، فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا صَنَعْتَ، شَرِبْتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ، فَيَجِيءُ وَلاَ يَراه، فَيَدْعُو عَلَيْكَ فَتَهْلِكُ، فَتَذْهَبُ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ؟! قَاَلَ: وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ مِنْ صُوفٍ كُلْمَا رُفِعَتْ[26] عَلَى رَأْسِي خَرَجَتْ قَدَمَاي،وإِذَا أُرْسِلَتْ عَلَى قَدَمَيَّ، خَرَجَ رَأْسِي، وَجَعَلَ لاَ يَجِيءُ لي نَوْمٌ. قَاَلَ: وَأَمَّا صَاحِبَايَ فَنَامَا، فَجَاءَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى شَرَابَهُ فَكَشَفَ عَنْهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ شَيْئًا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ قَاَلَ: قُلْتُ: الآنَ يَدْعُو عَلَيَّ فَأَهْلِكُ، فَقَالَ (اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي،وَأَسْقِ مَنْ سْقَانِي)، قَالَ: فَعَمَدْتُ إِلَى الشَّمْلَةِ، فَشَدَدْتُهَا عَلَيَّ، فَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى الأَعْنُزِ أَجُسُّهُنَّ أَيُّهُنَ أَسْمَنُ، فَأَذْبَحُ لِرَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ، فَعَمَدْتُ إِلَى إِنَاءٍ لآلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مَا كَانُوا يَطْمَعُونَ أَنْ يَحْلُبُوا فِيهِ - وَقَالَ أبو النَّضْر مَرةً أُخْرى: أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ-فَحَلَبْتُ فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ الرَّغْوَةٌ، ثُمَ جِئْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: (أَما شَرِبْتُمْ شَرَابَكُمْ اللَّيْلَةَ يا مِقْدادُ) قَالَ: قُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشْرَبْ، فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَأَخذْتُ مَاَ بَقِيَ فَشَربْتُ، فَلَمَّا عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ رَوِيَ فأَصَابَتْني دَعْوَتَهُ، ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الأَرْضِ، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :(إِحْدَى سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ) قَاَلَ: قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ مِنْ أَمْرِي كَذَا، صَنَعْتُ كَذَا، فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَا كَانَتْ هَذِهِ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ اللَّهِ، أَلاَّ كُنْتَ آذَنْتَنِي نُوقِظَ صَاحِبَيْكَ هذَينِ فَيُصِيبَانِ مِنْهَا) قَالَ: قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُبَالِي إِذَا أَصَبْتَهَا وَأَصَبْتُهَا مَعَكَ، مَنْ أَصَابَهَا مِنْ النَّاسِ[27]. وفي رواية أخرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال( هَذِهِ بَرَكَةٌ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاَءِ أَفَلاَ أَخْبَرتَنِي حَتْىَ أَسْقِي صَاحِبَيَّكَ، فَقُلْتُ: إذَاَ شَربْتُ البَرَكَةُ أَنَاَ وَأَنْتَ، فَلاَ أُبَالِي مَنْ أَخْطَأت)[28]. وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ )[29]. وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَنْ أَطْعَمَهُ اللَّهُ طَعَامًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ لَبَنًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُجْزِئُ مَكَانَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ غَيْرَ اللَّبَنِ )[30]. خامساً: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمنا أن نسأل الله البركة في دعائنا، وأن نحرص على الأشياء المباركة، ونستزيد منها، روى الترمذي في سننه من حديث الحسن بن علي قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن في الوتر : (اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ،وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ،وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي ولاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ،تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ )[31]. وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أم هانئ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (اتَّخِذِوا الغَنَم فَإِنَّ فِيهَا بَرَكَةً )[32]. وروى البيهقي في سننه من حديث ابن الزبير قال : كنا عند جابر بن عبدالله فتحدثنا فحضرت صلاة العصر فقام فصلى بنا في ثوب واحد قد تلبب به ورداؤه موضوع، ثم أتى بماء من ماء زمزم فشرب ثم شرب، فقالوا : ما هذا، قال: هذا ماء زمزم، وقال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :( مَاَءُ زَمْزَمُ لِمَاَ شُرِبَ لَهُ)، قال: ثم أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالمدينة قبل أن تُفتح مكة إلى سهيل بن عمرو أن أهد لنا من ماء زمزم ولا تترك، قال: فبعث إليه بمزادتين[33]. وروى الترمذي في سننه والبخاري في التاريخ الكبير من حديث عَائِشَةُ -رضي الله عنها- قَاَلَت: كَاَنَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْمِلُ مَاءَ زَمْزَم في الأَدَاوِي وَالقُرَبْ، وَكَاَنَ يَصُبُ عَلَىَ المَرْضَىَ ويَسْقِيهُم[34]. سادساً: تبرك الصحابة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - : كان الصحابة يتبركون به - صلى الله عليه وسلم - لأنه مبارك كله، فقد كانوا يتبركون بأعضاء جسده - عليه الصلاة والسلام - وبآثاره الحسية المنفصلة منه- صلى الله عليه وسلم - في حياته، وأقرهم - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ولم ينكر عليهم. وهذا تكريم وتشريف من الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - حيث وضع تبارك وتعالى في ذلك الخير والبركة[35]. .
|
|
روى مسلم في صحيحه من حديث سَهْل ابن عُثْمَاَن وَأَبي كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ ابْنُ الْعَلاَءِ جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ:حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (شَكَّ الأَعْمَشُ) قَالَ لَمَّا كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّه: لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا[19]، فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (افْعَلُوا) قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ[20]، وَلَكِنْ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، ثُمَّ ادْعُ اللَّهَ لَهُمْ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: نَعَمْ قَالَ فَدَعَا بِنِطَعٍ[21] فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ، قَالَ وَيَجِيءُ الآَخَرُ بِكَفِّ تَمْرٍ، قَالَ: وَيَجِيءُ الآَخَرُ بِكَسْرَةٍ، حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ[22] شَيْءٌ يَسِيرٌ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: (خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ ) قَالَ: فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلاَّ مَلَؤوهُ، قَالَ:فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لاَ يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبَ عَنْ الْجَنَّةِ[23].
رابعاً: إن الأنبياء والصالحين كانوا يحرصون على طلب الأشياء المباركة والاستزادة منها، روى البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبدالله (قال: قَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ حَضَرَتْ الْعَصْرُ، وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ غَيْرَ فَضْلَةٍ، فَجُعِلَ فِي إِنَاءٍ فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهِ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ قَالَ:حَيَّ عَلَى أَهْلِ الْوُضُوءِ، الْبَرَكَةُ مِنْ اللَّهِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ وَشَرِبُوا، فَجَعَلْتُ لاَ آلُوا مَا جَعَلْتُ فِي بَطْنِي مِنْهُ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ بَرَكَةٌ قُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ: أَلْفًا وَأَرْبَعَمِئَةٍ تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ وَقَالَ حُصَيْنٌ وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ جَابِرٍ[24]. وبوب له البخاري باب "شرب البركة والماء المبارك". قال المهلب: سمي الماء بركة لأن الشيء إذا كان مباركاً فيه يُسمى بركة. وقال ابن حجر: والمراد أنه جعل يستكثر من شربه من ذلك الماء لأجل البركة. قال ابن بطال: يؤخذ منه أنه لا سرف ولا شره في الطعام أو الشراب الذي تظهر فيه البركة بالمعجزة، بل يستحب الاستكثار منه، وقال ابن المنير: في ترجمة البخاري إشارة إلى أنه يغتفر في الشرب منه الإكثار دون المعتاد الذي ورد باستحباب جعل الثلث له، ولئلا يظن أن الشرب من غير عطش ممنوع، فإن فعل جابر ما ذكر دالٌ على أن الحاجة إلى البركة أكثر من الحاجة إلى الري والظاهر إطلاع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولو كان ممنوعاً لنهاه[25]. روى الإمام أحمد في مسنده من حديث المقداد ، أَقْبَلْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي قَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنْ الْجَهْدِ فَجَعَلْنَا نَعْرِضُ أَنْفُسَنَا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَقْبَلُنَا فَانْطَلَقْنَاَ إِلَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى أَهْلِهِ فَإِذَا ثَلاَثَةُ أَعْنُزٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَلِبُوا هَذَا اللَّبَنَ بَيْنَنَا قَالَ فَكُنَّا نَحْتَلِبُ فَيَشْرَبُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا نَصِيبَهُ، وَنَرْفَعُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَصِيبَهُ قَالَ فَيَجِيءُ مِنْ اللَّيْلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لاَ يُوقِظُ نَائِمًا، وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ، قَالَ ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَأْتِي شَرَابَهُ فَيَشْرَبُهُ، فَأَتَانِي الشَّيْطَانُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَقَدْ شَرِبْتُ نَصِيبِي فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْتِي الأَنْصَارَ فَيُتْحِفُونَهُ، وَيُصِيبُ عِنْدَهُمْ، مَا بِهِ حَاجَةٌ إِلَى هَذِهِ الْجُرْعَةِ، فَأَشْرَبْها. قَاَل: مَاَ زَاَلَ يُزيِّينُ لي حَتْىَ شَربْتُهَا، فَلَمَّا وَغَلَتْ فِي بَطْنِي، وَعَرَفَ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيلٌ، قَالَ: نَدَّمَنِي، فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا صَنَعْتَ، شَرِبْتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ، فَيَجِيءُ وَلاَ يَراه، فَيَدْعُو عَلَيْكَ فَتَهْلِكُ، فَتَذْهَبُ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ؟! قَاَلَ: وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ مِنْ صُوفٍ كُلْمَا رُفِعَتْ[26] عَلَى رَأْسِي خَرَجَتْ قَدَمَاي،وإِذَا أُرْسِلَتْ عَلَى قَدَمَيَّ، خَرَجَ رَأْسِي، وَجَعَلَ لاَ يَجِيءُ لي نَوْمٌ. قَاَلَ: وَأَمَّا صَاحِبَايَ فَنَامَا، فَجَاءَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى شَرَابَهُ فَكَشَفَ عَنْهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ شَيْئًا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ قَاَلَ: قُلْتُ: الآنَ يَدْعُو عَلَيَّ فَأَهْلِكُ، فَقَالَ (اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي،وَأَسْقِ مَنْ سْقَانِي)، قَالَ: فَعَمَدْتُ إِلَى الشَّمْلَةِ، فَشَدَدْتُهَا عَلَيَّ، فَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى الأَعْنُزِ أَجُسُّهُنَّ أَيُّهُنَ أَسْمَنُ، فَأَذْبَحُ لِرَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ، فَعَمَدْتُ إِلَى إِنَاءٍ لآلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مَا كَانُوا يَطْمَعُونَ أَنْ يَحْلُبُوا فِيهِ - وَقَالَ أبو النَّضْر مَرةً أُخْرى: أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ-فَحَلَبْتُ فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ الرَّغْوَةٌ، ثُمَ جِئْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: (أَما شَرِبْتُمْ شَرَابَكُمْ اللَّيْلَةَ يا مِقْدادُ) قَالَ: قُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشْرَبْ، فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَأَخذْتُ مَاَ بَقِيَ فَشَربْتُ، فَلَمَّا عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ رَوِيَ فأَصَابَتْني دَعْوَتَهُ، ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الأَرْضِ، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :(إِحْدَى سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ) قَاَلَ: قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ مِنْ أَمْرِي كَذَا، صَنَعْتُ كَذَا، فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَا كَانَتْ هَذِهِ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ اللَّهِ، أَلاَّ كُنْتَ آذَنْتَنِي نُوقِظَ صَاحِبَيْكَ هذَينِ فَيُصِيبَانِ مِنْهَا) قَالَ: قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُبَالِي إِذَا أَصَبْتَهَا وَأَصَبْتُهَا مَعَكَ، مَنْ أَصَابَهَا مِنْ النَّاسِ[27]. وفي رواية أخرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال( هَذِهِ بَرَكَةٌ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاَءِ أَفَلاَ أَخْبَرتَنِي حَتْىَ أَسْقِي صَاحِبَيَّكَ، فَقُلْتُ: إذَاَ شَربْتُ البَرَكَةُ أَنَاَ وَأَنْتَ، فَلاَ أُبَالِي مَنْ أَخْطَأت)[28]. وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لاَ غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ )[29]. وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَنْ أَطْعَمَهُ اللَّهُ طَعَامًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ لَبَنًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُجْزِئُ مَكَانَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ غَيْرَ اللَّبَنِ )[30]. خامساً: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمنا أن نسأل الله البركة في دعائنا، وأن نحرص على الأشياء المباركة، ونستزيد منها، روى الترمذي في سننه من حديث الحسن بن علي قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن في الوتر : (اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ،وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ،وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي ولاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ،تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ )[31]. وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أم هانئ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (اتَّخِذِوا الغَنَم فَإِنَّ فِيهَا بَرَكَةً )[32]. وروى البيهقي في سننه من حديث ابن الزبير قال : كنا عند جابر بن عبدالله فتحدثنا فحضرت صلاة العصر فقام فصلى بنا في ثوب واحد قد تلبب به ورداؤه موضوع، ثم أتى بماء من ماء زمزم فشرب ثم شرب، فقالوا : ما هذا، قال: هذا ماء زمزم، وقال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :( مَاَءُ زَمْزَمُ لِمَاَ شُرِبَ لَهُ)، قال: ثم أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالمدينة قبل أن تُفتح مكة إلى سهيل بن عمرو أن أهد لنا من ماء زمزم ولا تترك، قال: فبعث إليه بمزادتين[33]. وروى الترمذي في سننه والبخاري في التاريخ الكبير من حديث عَائِشَةُ -رضي الله عنها- قَاَلَت: كَاَنَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْمِلُ مَاءَ زَمْزَم في الأَدَاوِي وَالقُرَبْ، وَكَاَنَ يَصُبُ عَلَىَ المَرْضَىَ ويَسْقِيهُم[34]. سادساً: تبرك الصحابة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - : كان الصحابة يتبركون به - صلى الله عليه وسلم - لأنه مبارك كله، فقد كانوا يتبركون بأعضاء جسده - عليه الصلاة والسلام - وبآثاره الحسية المنفصلة منه- صلى الله عليه وسلم - في حياته، وأقرهم - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ولم ينكر عليهم. وهذا تكريم وتشريف من الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - حيث وضع تبارك وتعالى في ذلك الخير والبركة[35]. .
|
|
قال القرطبي - رحمه الله - : الصحابة - رضوان الله عليهم -بعد موته - عليه الصلاة والسلام - لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه، إذ لم يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، فهو خليفته، ولم يفعل به شيء من ذلك ولا عمر - رضي الله عنه - وهو كان أفضل الأمة بعده، ثم كذلك عثمان، ثم علي، ثم سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في هذه الأمة، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركاً تبرك به على أحد تلك الوجوه أو نحوها، بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسير التي اتبعوا فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو إذاً إجماع منهم على ترك تلك الأشياء[36]. وقال في موضع آخر: بعدما ذكر إجماع الصحابة على ترك ذلك التبرك فيما بينهم مع فعلهم له مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعتقدوا فيه الاختصاص[37]، وأن مرتبة النبوة يسع فيها ذلك كله، للقطع بوجود ما التمسوا من البركة والخير، لأنه - عليه الصلاة والسلام - كان نوراً كله، فمن التمس منه نوراً وجده على أي جهة التمسه، بخلاف غيره من الأمة، وإن حصل له من نور الاقتداء به والاهتداء بهديه ما شاء الله، لا يبلغ مبلغه على حال توازيه في مرتبته ولا تقاربه فصار هذا النوع مختصاً به كاختصاصه بنكاح ما زاد على الأربع، وإحلال بضع الواهبة نفسها له، وعدم وجوب القسم على الزوجات وشبه ذلك. فعلى هذا المأخذ لا يصح لمن بعده الاقتداء به في التبرك على أحد تلك الوجوه ونحوها، ومن اقتدى به كان اقتداؤه بدعة، كما كان الاقتداء به في الزيادة على أربع نسوة بدعة" [38]. وروى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا مَرِضَ أحدٌ مِنْ أَهْلِه، نَفَثَ عَليهِ بالمُعَوِّذات، فَلَماَ مَرَضَ مَرَضَهُ الذي مَاَتَ فِيهِ، جَعَلتُ أَنْفُثُ عَليهِ وأمْسَحُهُ بيَد نَفْسِهِ، لأَنَهَا كَانَتْ أعظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدي [39]. وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه - أنه قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ وَزَادَ فِيهِ عَوْنٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ كَانَ يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا الْمَرْأَةُ، وَقَامَ النَّاسُ، فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَالَ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنْ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنْ الْمِسْكِ[40]. وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ بَيْتَ أُمِّ سُلَيْمٍ فَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهَا، وَلَيْسَتْ فِيهِ قَالَ: فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَنَامَ عَلَى فِرَاشِهَا، فَأُتِيَتْ فَقِيلَ لَهَا هَذَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - نَامَ فِي بَيْتِكِ، عَلَى فِرَاشِكِ، قَالَ: فَجَاءَتْ وَقَدْ عَرِقَ، وَاسْتَنْقَعَ عَرَقُهُ عَلَى قِطْعَةِ أَدِيمٍ، عَلَى الْفِرَاشِ، فَفَتَحَتْ عَتِيدَتَهَا فَجَعَلَتْ تُنَشِّفُ ذَلِكَ الْعَرَقَ فَتَعْصِرُهُ فِي قَوَارِيرِهَا، فَفَزِعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مَا تَصْنَعِينَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا،قَالَ: أَصَبْتِ[41]. وروى البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد قال: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ، فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: هِيَ شَّمْلَةُ فَقَالَ سَهْلٌ: هِيَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْسُوكَ هَذِهِ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا فَلَبِسَهَا، فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ فَاكْسُنِيهَا، فَقَالَ: نَعَمْ فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لامَهُ أَصْحَابُهُ، قَالُوا: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لا يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ، فَقَالَ: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيهَا[42]. وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث سلمة بن صخر الزرقي في قصة الرجل الذي ظاهر من امرأته في رمضان وشكا إلى قومه حاله فأرشدوه إلى أن يذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.. وفي آخر الحديث قال لقومه: وَجَدْتُ عِنْدَكُمْ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْيِ، وَوَجَدْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - السَّعَةَ وَالْبَرَكَةَ[43]. وروى أبو داود في سننه من حديث الحارث بن عمرو السهمي قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِمِنًى أَوْ بِعَرَفَاتٍ وَقَدْ أَطَافَ بِهِ النَّاسُ قَالَ فَتَجِيءُ الأَعْرَابُ فَإِذَا رَأَوْا وَجْهَهُ قَالُوا هَذَا وَجْهٌ مُبَارَكٌ [44]. وكان الصحابة يتبركون بشعر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه أقرهم على ذلك، بل إنه - صلى الله عليه وسلم - وزعه عليهم. روى مسلم في صحيحه من حديث أنس - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -أَتَى مِنًى فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلاَّقِ: خُذْ، وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ [45]. وفي رواية: فَبَدَأَ بِالشِّقِّ الأَيْمَنِ فَوَزَّعَهُ الشَّعَرَةَ وَالشَّعَرَتَيْنِ بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ قَالَ بِالأَيْسَرِ فَصَنَعَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: هَا هُنَا أَبُو طَلْحَةَ، فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ[46]. قال النووي : ومن فوائد الحديث، التبرك بشعره - صلى الله عليه وسلم - وجواز اقتنائه للتبرك[47]. وكانوا يتبركون بماء وضوئه - صلى الله عليه وسلم -. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه - أنه قال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْهَاجِرَةِ فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ،فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ فَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ[48]. قال ابن حجر - رحمه الله - كأنهم اقتسموا الماء الذي فضل عنه، ويحتمل أن يكونوا تناولوا ما سال من أعضاء وضوئه - صلى الله عليه وسلم -[49]. وفي صحيح البخاري أن عروة الثقفي قال عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه[50].
|
|
بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرشد أصحابه أحياناً إلى شيء من هذا وساعدهم عليه، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي موسى الأشعري[51] قال: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ،فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا وَأَبْشِرَا، فَأَخَذَا الْقَدَحَ فَفَعَلا مَا أَمَرَهُمَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَادَتْهُمَا أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: أَفْضِلا لأُمِّكُمَا مِمَّا فِي إِنَائِكُمَا،فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً[52].
بل إن الصحابة ومن بعدهم من التابعين كانوا يتبركون بآثاره - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته. روى مسلم في صحيحه من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها - أَنَهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ [53]، وقَالَتْ هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ، فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُهَا، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا [54]. وروى البخاري في صحيحه أن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ سَقى الرَسُولُ- صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ - رضوان الله عليهم -بِقَدَحٍ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَأَخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذَلِكَ الْقَدَحَ فَشَرِبْنَا مِنْهُ، قَالَ: ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَهَبَهُ لَهُ [55]. قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - : "ونحن نعلم أن آثاره - صلى الله عليه وسلم - من ثياب أو شعر أو فضلات قد فقدت، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين، لا سيما مع مرور أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان على وجود تلك الآثار النبوية، ومع إمكان الكذب في ادعاء نسبتها إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - للحصول على بعض الأغراض، كما وضعت الأحاديث ونسبت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - كذباً وزورًا، وعلى أي حال فإن التبرك الأسمى والأعلى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - هو اتباع ما أثر عنه من قول أو فعل والاقتداء به والسير على منهاجه ظاهرًا وباطناً، وإن في هذا الخير كله "[56]. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كما كان أهل المدينة لما قدم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في بركته لما آمنوا به وأطاعوه، فببركة ذلك حصل لهم سعادة الدنيا والآخرة، بل كل مؤمن آمن بالرسول وأطاعه حصل له من بركة الرسول بسبب إيمانه وطاعته من خير الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله[57]. [1] ص645 برقم 3365. [2] ص540 برقم 1373. [3] (27/144) برقم 16599، وقال محققوه حسن لغيره. [4] ص695 برقم 3642. [5] ص223 برقم 1258، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2/18) برقم 1010. [6] ص1220 برقم 6344، وصحيح مسلم ص1006 برقم 2480. [7] ص1006 برقم 2480. [8] فتح الباري (4/229-230)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/234) برقم 3011. [9] ص376 برقم 1982، وصحيح مسلم ص1006 برقم 2481. [10] ص1006 برقم 2480. [11] فتح الباري (4/229-230). [12] ص680 برقم 3540، وصحيح مسلم ص955 برقم 2345. [13] ص380 برقم 3541، وصحيح مسلم ص955 برقم 2345 واللفظ له. [14] فتح الباري (6/563). [15] ص473 برقم 2502. [16] (34/262-263) برقم 20665، وقال محققوه إسناده صحيح. [17] الوسق: ستون صاعاً على المشهور، أو حمل بعير، القاموس المحيط ص928. [18] سنن الترمذي ص595 برقم 3839 وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (3/235) برقم 3015. [19] الإبل التي يستقي عليها. [20] الظهر: الإبل التي يحمل عليها وتُركب. [21] النطع: بساط يتخد من الأديم. [22] المقصود: اتخذنا دهناً من شحومها. [23] ص45 برقم 27. [24] ص1108 برقم 5639، وصحيح مسلم ص775 برقم 1856 مختصراً باختلاف. [25] فتح الباري (10/102). [26] في (م) و (ظ2) و(ق): رفعتها. [27] (39/234) برقم 23812 وقال محققوه إسناده صحيح على شرط مسلم. [28] مسند الإمام أحمد (39/244) برقم 23822 وقال محققوه إسناده صحيح على شرط مسلم. [29] ص75 برقم 279. [30] (3/440) برقم 1978، وقال محققوه حديث حسن. [31] ص97 برقم 464، وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح سنن الترمذي (1/144) برقم 411. [32] (45/379) برقم 27381، وقال محققوه إسناده صحيح. [33] السنن الكبرى (5/400) برقم 10280، وقال الألباني - رحمه الله - في السلسلة الصحيحة (2/573) برقم 883 إسناده جيد. [34] ص174 برقم 963، وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب، والبخاري في التاريخ الكبير (3/189) وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (2/572-573) برقم 883. [35] التبرك : أنواعه وأحكامه للجديع ص244. [36] الاعتصام للشاطبي (2/8-9). [37] أي أن ذلك خاص به. [38] الاعتصام للشاطبي (2/9). [39] ص1126 برقم 5751 وصحيح مسلم ص902 برقم 2192 واللفظ له. [40] ص681 برقم 3553، وصحيح مسلم ص206 برقم 503 واللفظ للبخاري. [41] ص1209، برقم 6281، وصحيح مسلم ص952، برقم 2331. واللفظ له. [42] ص1068، برقم 6036. [43] (26/347-349) برقم 16421، وقال محققوه حديث صحيح بطرقه وشواهده. [44] ص204 برقم 1742، وحسنه الألباني - رحمه الله - في صحيح سنن أبي داود (1/327) برقم 1532. [45] صحيح مسلم ص514 برقم 1305. [46] صحيح مسلم ص514 برقم 1305. [47] شرح صحيح مسلم للنووي (3/54. [48] ص61 برقم 187، وصحيح مسلم ص206 برقم 503. [49] فتح الباري (2/295). [50] ص61 برقم 189. [51] أبو موسى الأشعري وبلاب بن رباح. [52] ص817 برقم 4328، وصحيح مسلم ص1013 برقم 2497 واللفظ له. [53] الطيلسان : الأسود. [54] ص859-869 برقم 2069 مختصراً. [55] ص1107 برقم 5637، وصحيح مسلم ص834 برقم 2007. [56] التوسل.أنواعه وأحكامه ص145. [57] مجموع الفتاوى (11/113)
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تعريف البركة | يمامة الوادي | المنتدى الإسلامي | 4 | 2010-12-09 8:44 PM |
بين الحب والحب .... والحب | يمامة الوادي | منتدى النثر والخواطر | 4 | 2010-03-11 3:20 PM |
البركة | برنسيسه | منتدى الإرشاد الأسري والنفسي | 2 | 2008-07-27 3:10 PM |
طلبها والدي ...فأكلتها أنا | جويهر | 📝 منتدى الدروس والتوجيهات والاستفسارات حول تعبير الرؤى | 2 | 2007-12-16 10:18 AM |
نرحب باختنا وحدة بنات الشرقية بناً على طلبها وحياك الله | بنت الشرقية | ❇️ منتدى التواصل والتهنئة والمناسبات وتبادل الآراء وخبرات الأعضاء | 8 | 2006-06-04 10:19 PM |