لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
وقفة مع النفس
مصطفى مهدي المعصية إنَّ النَّفس البشريَّة خُلقت وجُبلتْ على قابليَّة التلبُّس بأحد النقيضين، ومُدَّت بالإرادة الحُرَّة، والاختيار للأفعال والمكتسبات، وهذا الَّذي أعْلنه الله - تعالى - في كتابِه عند التَّصريح بأنَّ مَن شاء فليدْخُل في الإيمان، ومَن شاء فليكفُر؛ فقال - سبحانه -: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 27]. فلا إكراهَ لعبدٍ على فعْل مُكتسَب، عدا الأقْدار، وهي لا تكون إلاَّ بخيرٍ، والعبد فيها مخيَّر بين صبرٍ وشكر، ونقيضهما، والله - تعالى - بيَّن الحقَّ ورغَّب فيه، وأوْضح الباطل وحذَّر منْه. ولَمَّا كان الأصل في الإنسان الجهْل؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: 78]، والأصل فيه الظّلم، وكُفران النِّعم؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ [إبراهيم: 34]. لَمَّا اجتمع جهْل الإنسان بما يُصلحه وما يَضرُّه، وجهله بكيفيَّة ملازمة الصَّلاح والاستِقامة، وجهله بمآل الأمور على حقيقتِها، وإن كان يُدرك منها طرفًا بِخبرِ الصَّادق الَّذي لا ينطق عن الهوى، لكن ليس الخبر كالمعاينة إلاَّ لِمَن تفضَّل الله - تعالى - بالسَّداد والتوفيق الزَّائد، غير الواجب على الملِك - جلَّ وعلا. فلمَّا اجتمع الجهل مع كوْن الإنسان ظالمًا لنفسه، بالبذْل في غير السَّبيل الصَّحيح، ووضْع الشَّيء غيرَ موضعِه، ممَّا جعله يستر النِّعَم الَّتي أنعم الله بها عليْه بهجر شكرها، واستعمالها على الوجه الذي لا يُرضي اللهَ - تعالى. أضف إلى ذلك ما زُيِّن للنَّاس من حبِّ الشهوات بأنواعِها، وأنَّ الابتلاء لا يكون إلاَّ بالمحبوب المرْغوب للنفس - غالبًا - وإلاَّ فما المعنى أن تُحرم ممَّا لا تَميل نفسك إليه؟! فلمَّا كان الأمر كذلك، مع ضعْفِ الإنسان، وتسلُّط نفسه عليه، وتسلُّط شياطين الإنس والجن، ورغبة النفس الأمَّارة في حظِّها، مع سهولة السَّير في إرْوائها، وضَعْف الوازع والرَّادع عن الاستِجابة لندائِها، فلمَّا اجتمعتْ هذه الألوان في صحيفة أعْمال الإنسان، رسمتْ لنا معصيتَه التي تصدر منه، وشكَّلت لنا أسبابها الخفيَّة والجلية، وبيَّنت مواطنَ الحاجة إلى التَّقويم، وصقل النفس بملازمة الدُّعاء بالثَّبات على الطَّريق المستقيم، واللّجوء إلى الله - تعالى - ليعصمَ مِن زلَل، ويمحو آثار صنيع مَن وقع في الزَّلل. فإنَّ من آفات تلك النفس آفةً ملازمةً لا تنفكّ عنها؛ لِمَا كُتِب عليها من النَّقص والفقْر والجهْل والشَّهوة، والَّتي يترتَّب عليها الاختِبار، مع إحاطته بالتَّرغيب والتَّرهيب، والعفو والتوبة والاستغفار؛ دفعًا لشرِّ الجبريَّة، ومَن على ضربهم مِن الذين يلومون الأقدارَ، ويظنُّون السُّوء بالحكيم الغفَّار. فهذه الآفة هي "المعصية"، ولا أقصد نوعًا معيَّنًا، ولكن المقصود جِنسُها، والإقدام عليْها. أصل المعصية لغة: المعصية مِن العِصيان، وهو خِلاف الطَّاعة؛ كما صرَّح بذلك في "القاموس"[1]، وقال ابن فارس: "العين والصَّاد أصلٌ، يدلُّ على شدَّة وصلابةٍ في شيء"[2]، ومدار العِصيان لغةً على الاشتداد والامتناع[3]. فكأنَّ المعصيةَ فعلةٌ تنمُّ عن امتناع صاحبِها عن الا-ستِسْلام لأمر الله - تعالى - واشتِداده في مقابلة الأمر والإذْعان، ولعلَّ هذا هو السرُّ خلفَ تسمية العبد عبدًا، والفعل الذي في مخالفة الأمر معْصية؛ لأنَّ العبد من التعبيد والتذليل، وفيه معنى الخضوع والإذعان والاستسلام، ومعنى المعصية فيه الامتناع والاشتداد والصعوبة في مواجهة ذلك الأمر. والمعصية شرعًا: الامتناع من الطاعة، وقد وردتِ الأدلَّة المتواترة - القرآنيَّة والنبويَّة - في التَّحذير من العِصيان ومحادَّة أمر الله - تعالى - فمِن ذلك: قوله - تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [النساء: 59]، وقال - سبحانه -: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: 52]. وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلُّ أمَّتي يَدخلون الجنَّةَ إلاَّ مَن أبى))، قالوا: يا رسولَ الله، ومَن يأبَى؟ قال: ((مَن أطاعني دخل الجنَّةَ، ومَن عصاني فقدْ أَبَى))؛ رواه مسلم (6851). والمعصية تقع على أقسام: أوَّلاً: من حيث توصيفُها الشرعي: النّصوص الشرعيَّة دلَّت على أنَّ المعصية على نوعين: 1 - كبيرة. 2 - صغيرة. كما في قوله - تعالى -: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾ [النساء: 31]، ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [النجم: 32] وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الصَّلواتُ الخَمْس، والجُمُعَةُ إلى الجُمُعَة، ورمَضانُ إلى رمَضان - مُكَفِّراتٌ ما بَيْنهُنَّ، إذا اجْتَنبَ الكَبائرَ))؛ رواه مسلم (233). وأشار ابنُ حجر الهيتمي في "الزَّواجر" (1 /5) إلى اختلاف العلماء في تسْمية الذُّنوب صغائرَ وكبائر، مع اتِّفاقهم على أنَّ منها ما يقْدح في العدالة، ومنها ما لا يقدح فيها، وذَكَر أنَّ قول الجمهور انقسامُ المعاصي إلى صغائر وكبائر، وأشار إلى اختلاف العلماء في حدِّ كلٍّ منهما، وذكر الأقوال، والَّتي قد نظمها السيوطي في "الكوكب السَّاطع" بقوله: وَفِي الكَبِيرَةِ اضْطِرَابٌ إِذْ تُحَدّْ فِقِيلَ ذَو تَوَعُّدٍ وَقِيلَ حَدّْ وَقِيلَ مَا فِي جِنْسِهِ حَدٌّ وَمَا كِتَابُنَا بِنَصِّهِ قَدْ حَرَّمَا وَقِيلَ لا حَدَّ لَهَا بَلْ أُخْفِيَتْ وَقِيلَ كُلٌّ وَالصِّغَارُ نُفِيَتْ وَالمُرْتَضَى قَوْلُ إِمَامِ الحَرَمَيْنِ جَرِيمَةٌ تُؤْذِنُنَا بِغَيْرِ مَيْنِ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مَنْ أَتَاهُ بِالدِّينِ وَالرِّقَّةِ فِي تَقْوَاهُ وزِدْ على ذلك ما نُقل عن ابن تيمية - وعليه متأخِّرو الحنابلة - مِن أنَّ الكبيرة هي ما فيه حدٌّ في الدنيا، أو وعيدٌ في الآخرة، أو غضَب، أو لعْنة، أو نفْي إيمان[4]. بالإضافة إلى ما صرَّح به الشَّاطبي في "الموافقات" (2 /226) مِن أنَّ الكبيرة ما عاد على حفظِ الكلّيَّات بالضَّرر، وإبطال حفظها. وقد ذكر ابن القَيِّم أنَّ ذلك الخلاف مِن خلاف التنوُّع، لا تضاد بينه[5]. وقال ابن حجَر الهيتمي (1 /9): "واعلمْ أنَّ كلَّ ما سبق مِن الحدود إنَّما قصدوا به التقريب فقط، وإلاَّ فهي ليستْ بحدود جامعة، وكيف يمكن ضبْط ما لا طمعَ في ضبطه؟! ثمَّ قال: وذهب آخرون إلى تعْريفها بالعدِّ من غير ضبْطِها بحدٍّ". ثانيًا: من حيث وقوعُها من الخلق وعدمه: فليس كلُّ الخَلق يعصون الله - تعالى - ولكن صدور المعصية محلُّه المكلَّفون بالأمْر والنهي مع الإرادة والاختيار، ومن المكلَّفِين مَن لا يعصي الله - تعالى - بسبب عصمة الله - تعالى - لهم، فهما قسمان: 1 - معصومون: وهم الأنبياء: نقل السّيوطي في "شرح الكوكب الساطع"[6] الإجماعَ على العصمة من الكبائر، والقول بالعصمة من الصَّغائر في الأظهر؛ لكرامتهم على الله - تعالى - أن يصدُرَ منهم ذنبٌ، وللاختلاف في الصَّغائر وتعْيِينها، وللأمر باتباع أفعالهم مطلقًا، ولا يصحُّ أن يُؤمر باتباع أمر لعلَّه معصية؛ واختاره ابن حجر الهيتمي في "الزواجر" (1 /13). ونقل التفصيل السفاريني في "لوامع الأنوار"[7] حيث قال: "قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رَوَّح الله رُوحَه -: الناس متَّفِقون على أنَّ الأنبياء معصومون فيما يُبلِّغونه عن الله، فلا يستقرُّ في ذلك خطأ باتفاق المسلمين؛ ولكن هل يَصدُر منهم ما يستدركه الله - تعالى - فينسخ ما يُلقي الشَّيطان، ويُحكِم الله آياتِه؟ هذا فيه قولان - قال -: والمأثور عن السَّلف يوافق القول بذلك، قال: وأمَّا العِصْمة في غير ما يتعلَّق بتبْليغ الرِّسالة، فللنَّاس فيه نزاع: هل هو ثابت بالعقل أو بالسَّمع؟ ومتنازعون في العِصمة من الكبائر والصَّغائر، أو من بعضها، أو هل العصمة إنَّما هي في الإقرار عليها لا في فِعلها؟ وقيل: لا يَجب القول في العِصمة إلاَّ بالتَّبليغ فقط، قال: وهل تَجب العِصمة من الكفر والذُّنوب قبل البَعثة أم لا؟ قال: والَّذي عليه الجمهور الموافق للآثارِ: إثباتُ العِصْمة من الإقْرار على الذّنوب مطلقًا - قال -: ووقوع الذَّنب إذا لم يقرَّ عليه لم يحصل منه تنفيرٌ ولا نقص، فإنَّ التوبة النصوح يُرفع بها صاحبُها أكثرَ ممَّا كان أوَّلاً، وكذلك التأسِّي بهم إنَّما هو فيما أُقرُّوا عليه بدليل النسخ، ونحوه"؛ انتهى. وقال ابن حمدان في "نهاية المبتدئين": "وإنَّهم معصومون فيما يؤدُّون عن الله - تعالى - وليسوا معصومين في غير ذلك من الخطأ والنِّسيان والسهو والصغائر في الأشهر؛ لكن لا يُقرُّون على ذلك، وقال ابنُ عقيل في "الإرشاد": إنَّهم - عليهم الصلاة والسلام - لم يعصموا في الأفعال، بل في نفس الأداء، قال: ولا يجوز عليهم الكَذِب في الأقوال فيما يؤدُّونه عن الله - تعالى"؛ انتهى. وقال الحافظ زَين الدِّين العراقي: "النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - معصومٌ من تعمُّد الذنب بعد النبوَّة بالإجماع، ولا يُعتدُّ بخلاف بعض الخوارج والحشويَّة الذين نُقل عنهم تجويزُ ذلك، ولا بقولِ من قال من الرَّوافض بجوازها تقيَّة، وإنَّما اختلفوا في جواز وقوع الصَّغيرة سهوًا، فمنعه الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني والقاضي عياض، واختاره تقي الدِّين السبكي، قال: وهو الَّذي نَدين الله به، وأجازَه كثيرٌ من المتكلِّمين، قال القاضي عياض: أجمع المسلمون على عِصمةِ الأنبياء من الفواحش والكبائر الموبقات، قال: وقد ذهب بعضُهم إلى عصمتهم من مواقعة المكروه قصدًا"؛ انتهى. وقال العلاَّمة السَّعد التفتازاني: "وفي عصمتهم من سائر الذُّنوب تفصيل، وهو أنَّهم معصومون عن الكفر، قبل الوحْي وبعدَه بالإجماع، وكذا عن تعمُّد الكبائر عند الجمهور خلافًا للحشويَّة، وإنَّما الخلاف في أنَّ امتناعه بدليل السَّمع أو العقْل، وأمَّا سهوًا فجوَّزه الأكثرون، قال: وأمَّا الصَّغائر فتجوز عمدًا عند الجمهور خلافًا للجبائي وأتْباعه، وتجوز سهوًا بالاتّفاق، إلاَّ ما يدلُّ على الخِسَّة كسرقة لقمة والتَّطفيف بحبَّة، لكنَّ المحقِّقين شرطوا أن ينهوا عنه، فينتهوا منْه، هذا كلُّه بعد الوحي، قال: وأمَّا قبله فلا دليلَ على امتناع صدور الكبيرة، وذهب المعتزلة إلى امتِناعها؛ لأنَّها توجب النُّفرة المانعة من اتباعهم، فتفوت مصلحة البعثة، قال السَّعد: والحقُّ منْع ما يوجب النُّفْرة كعهْر الأُمَّهات، والفجور، والصَّغائر الدَّالَّة على الخسَّة، ومَنَع الشيعةُ صدور الصَّغيرة والكبيرة منهم قبلَ الوحي وبعدَه؛ ولكنَّهم جَوَّزوا إظهارَ الكفر تقيَّة"؛ انتهى. 2- غير معصومين: وهم سائر البشر.
|
|
ثالثًا: من حيث المحل:
1- معصية القلْب: من ذلك اعتقادُ الشَّريك والولد، وكاعتقاد ما يُنافي حقيقةَ التَّوحيد بمراتبه الثَّلاث، ومن ذلك الرِّياء والعُجْب والكِبر، والغِلّ المذْموم، والحقد والحسد، والخوف من غير الله - تعالى - والتوكُّل على غير الله - تعالى - ورجاء غير الله - سبحانه. 2- معصية اللِّسان: ومن ذلك النُّطق بالكُفر، والكذب والغيبة والنميمة، وإفشاء الأسرار، والجهر بالسُّوء من القَوْل. 3- معصية الجوارح: كالقتْل والسرقة، والزّنا وشرب الخمر، والسَّير في المعاصي، والتواجُد في أماكنها، والسَّعي في الصدِّ عن سبيل الله - تعالى. رابعًا: من حيث ما يترتب عليها من آثار: 1 - مكفِّرة: مِن الذُّنوب ما يكفر صاحبُها، كاعتقادِ الشَّريك والولد، واعتقاد القبوريِّين في الأموات بالخوف منهم، والطلب منهم، وصرْف مختلف العبادات التي لا تكون إلاَّ لله - تعالى - إليهم. ولْيُعلمْ أنَّ التكفير إذا قُصد به المعيَّن لزم إقامةُ الحُجَّة، بتحقُّق الشروط، وانتفاء الموانع؛ كما هو مقرَّر عند أهل العلم من أهل السُّنة والجماعة. 2 - مفسِّقة: الذُّنوب المفسِّقة هي الكبائر، والإصرار على الصَّغائر، والدَّليل على ذلك قولُ السفاريني[8]: وَيَفْسُقُ المُذْنِبُ بِالكَبِيرَهْ كَذَا إِذَا أَصَرَّ بِالصَّغِيرَهْ وقد أشار الشَّيخ ابن عُثيمين - رحِمه الله - إلى نحو قوْل الإمام السَّفاريني، كما في شرحه للواسطيَّة[9]: وأمَّا ما سوى ذلك من الذُّنوب فلا يكفر به المرء، ولا يستحقُّ وسمَ الفِسق، بل هو عاصٍ بذنبه، ما لم يداومْ عليه، أو يستغفر منه. خامسًا: من حيث الخلوص من تبعاتها: 1- ما تُكفِّره الأعمال الصالحة: قال الإمام ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم": "اختلف النَّاس في مسألتَين، إحداهما: هل تكفِّر الأعمالُ الصالحة الكبائرَ والصغائرَ، أم لا تُكفِّر سِوى الصغائر؟ فمنهم مَن قال: لا تُكفِّر سوى الصغائر....- فذكر الخلاف بأدلَّته، ثمَّ قال -: والصَّحيح قول الجمهور: إنَّ الكبائر لا تُكفَّر بدون التَّوبة؛ لأنَّ التوبة فرضٌ على العباد، وقد قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11]، وقد فسَّرتِ الصَّحابة - كعمر، وعلي، وابن مسعود - التَّوبةَ بالنَّدم، ومنهم مَن فسَّرها بالعزْم على ألاَّ يعود، وقد رُوي ذلك مرفوعًا من وجه فيه ضعفٌ؛ لكن لا يُعلم مخالفٌ من الصحابة في هذا، وكذلك التَّابعون، ومَن بعدهم؛ كعُمر بن عبدالعزيز، والحسن، وغيرهما، وأمَّا النصوص الكثيرة المتضمِّنةِ مغفرةَ الذُّنوب، وتكفير السيِّئات للمتَّقين؛ كقوله - تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الأنفال: 29]، وقوله - تعالى -: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التغابن: 9]، وقوله: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ [الطلاق: 5] - فإنَّه لم يُبيِّن في هذه الآياتِ خِصالَ التقوى، ولا العمل الصَّالح، ومن جُملةِ ذلك التَّوبة النصوح، فمَن لم يتب فهو ظالم، غير متقٍّ، وقد بيَّن في سورة آل عمران خصالَ التَّقوى التي يَغفر لأهلها، ويُدخِلهم الجنَّة، فذكر منها الاستِغفارَ، وعدم الإصرار، فلم يضمن تكفيرَ السيئات ومغفرةَ الذّنوب إلاَّ لِمَن كانت هذه الصّفة له، والله أعلم"[10]. 2 - ما لا يكفّره إلاَّ التَّوبة: وهي الكبائر مِن الذُّنوب؛ كما مرَّ في عبارة الحافظ ابن رجب. 3 - ما يُشترط فيه ردُّ الحقوق والإبراء منها: كالغصْب والسَّرِقة، وجحْد العرايا والأمانات، وأكْل الأموال بالباطل. خامسًا: أسباب الذنوب: وليعلم المرءُ أنَّ أصول الذّنوب قد ترجع إلى ثلاثةِ أصولٍ كبرى، يتفرَّع عنها باقي الأنواع والمراتب من الذّنوب والمعاصي؛ وهذه الأصول هي: 1- الجهل بالله - تعالى - وأسمائه وصفاته، ومُقْتضى ذلك فراغُ القلب وخُلوّه من استشْعار تلك المعاني الدَّافعة إلى العمل لإرضاء الله - تعالى - والتلذُّذ بالتعبُّد له وحدَه، وصرْف كلِّ ما منَّ الله - سبحانه - به على العبد إليه - تعالى - والقيام بمراسم العبوديَّة على أكملِ وأفضل وجهٍ ممكنٍ من الخضوع والاستسلام. 2- الجهْل بحقيقة الدنيا، وغرور متاعِها وزواله، وكَوْن الدُّنيا دارَ ممرٍّ، لا دار مقرٍّ، وكون النَّاس لا يُقدِّمون ولا يؤخِّرون، ولا يَملكون موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، ولا ضرًّا ولا نفعًا لأنفسهم، فضلاً عن غيرهم من الخَلق، وكون الناس محلاًّ لظهور آثار التعبُّد لله - تعالى - لا التعلُّق بهم عن التعبُّد لله - تعالى - سواء كان هذا التعلُّق بظنِّ جلْبِهم للنَّفع أو دفعهم للضّرّ. 3- الجهل بحقيقة الدَّار الآخرة، وما أعدَّ الله - تعالى - فيها من نِعمٍ ومنح، وبركات وخيرات، حِسيَّة ومعنويَّة لعباده المؤمنين، مع الخلود الدَّائم، وازديادِ الرِّضوان من الله - تعالى. فإذا اجتمعتْ بصورة كلّيَّة أو جزئيَّة في قلب عبدٍ من العباد، وقع في المعاصي، والنَّاس في ذلك متفاوِتون بسبب الإيمان، والأحوال والأزمان، والبقاع والمثيرات والأغراض، والمصالح والمنافع والمضار، واللَّذة والألم، وغير ذلك من الأفراد الَّتي في مجموعها تُشكِّل لحظةَ السُّقوط في المعصية. سادسًا: آثار الذنوب: ويمكن - في الجملة - إرجاعُ آثار الذُّنوب إلى قسمين: الأول: آثار عاجلة: وهذه تظهر فيما بين العَبدِ وربِّه، وفيما بين العبد والنَّاس، وفيما بين العبد ونفسِه. الثانية: الآثار الآجلة: وهذه تظهر للعبد في القبر والحشر، والحساب والدار الآخرة، وفي مآله، ما لم يتداركْه الربُّ - تعالى - برحمته وفضله، لا بعدله. وأذكر طرفًا من آثار الذنوب، التي أشار إليه العلاَّمة ابن القيم في "الداء والدواء"؛ لتكونَ حافزًا على هجْر الذَّنب، وإلقاء النفس بين يدي الله - تعالى - خوفًا وطمعًا، رغبةً ورهبةً، لعلَّ الله - تعالى - أن يعصمنا ويتداركَنا برحمته في الدنيا والآخرة، فقد ذكر رحمه الله - تعالى - من آثار الذنوب: 1- حرمان العلم. 2- حرمان الرزق، وتعسير أموره عليه. 3- وهن القلب والبدن. 4- حرمان الطاعة. 5- تقصير العمر. 6- المعصية تجرّ إلى معصية بعدها. 7- ضعف القلب عن الطاعة إلى المعصية. 8- انسلاخ استقباح المعاصي من القلب، فتصير عادة. 9- هوان العبد على ربِّه، وسقوطه من عينه. 10- تأثُّر الناس والدواب بشؤم معاصيه. 11- إرث الذُّل. 12- الطَّبْع على القلب. 13- الدُّخول فيمَن لعنه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم. 14- حرمان دعوة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والملائكة. 15- تغيُّر الكون من خسف وزلازل، وكل مظاهر الخلل والإفساد في الأرض، وخروجها عن طبيعتها. 16- الخروج من الإحسان. 17- الحرمان مِن رفقة المؤمنين، وأهل الصلاح. 18- المعصية تُجرِّئُ على الإنسان أعداءَه. 19- عمى القلب والبصيرة، والخذلان في الأقوال والأعمال. 20- اندراج العبد في جُند الشيطان، وتكثير سواد حزبه. وليعلم المرء أنَّ الله - تعالى - يغفر الذنب، ويقبل التَّوب، ما لم تَطْلُعِ الشمس من مغربِها، وما لم تبلغ الرُّوحُ الحلقومَ، ويبدل السيِّئاتِ حسناتٍ؛ بعينها، أو بالإعانة على كسبها، والله - تعالى - غفور رحيم، لا يُعْجِزه ذنبٌ، بل يغفر الشِّرك فما دون ذلك من كبائِر وصغائر لِمَن تاب، وقد يسْمو التَّائب - بفضْل الله ومنِّه وكرمه - حتَّى يرتقيَ إلى منازل المقرَّبين من رُفقاء النبيِّين والصدِّيقين والشُّهداء والصَّالحين، وحَسُن أولئك رفيقًا. [1] (1 /1692). [2] (4 /37). [3] انظر شواهد ذلك "لسان العرب" (15 /63). [4] "الكوكب المنير"؛ لابن النجَّار (2 /397). [5] "مدارج السالكين" (1 /230). [6] (2 /439). [7] (2 /304). [8] (1 /364). [9] (1 /364). [10] (ص210).
|
|
الله يسلمك,,,
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
اذا عافت النفس النفس .. انسى العتااب ؟! | {H* | منتدى الحوار والنقاش وتصحيح الأمور العارية من الصحه | 31 | 2010-10-26 4:58 PM |
وقفة مع النفس مصطفى مهدي | يمامة الوادي | المنتدى الإسلامي | 4 | 2010-09-25 1:13 PM |
وقفة مع النفس | يمامة الوادي | منتدى الشعر والنثر | 2 | 2010-03-04 9:16 PM |
وقفة مع النفس !! | @@بدر البدور@@ | منتدى النثر والخواطر | 7 | 2009-12-30 9:23 PM |
وقفة 3 | نورالحياة | المنتدى العام | 7 | 2005-09-05 11:14 PM |