لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
لأيهما أنتسب: محل مولدي أم محل نشأتي؟
أ. عائشة الحكمي السؤال: هل من الممكن أن تساعدوني في فَهْم واقعي؟ ومَن أنا؟ وما وَضْعي؛ حيث إنَّني لَم أصلْ بعدُ لصياغة واضحة لتحديد هُويتي؟ أبي عمره 69، وأمي 52، هما من تايلاند، وقدما هنا عندما كان عمر أبي 24 سنة، أنا مُقيمة معهم بطبيعة الحال. أهلي مِن جهة أبي ومن جهة أمي في تايلاند؛ الوطن الأم. وتعليمي كان في مدارس التحفيظ، ثم تَخَصَّصْتُ في مرحلة الجامعة في قسْم القراءات. صديقاتي أغلبهن سعوديات: بعضُهن حضَر، وبعضهن بدْو، ولغتي عربية، ولَهْجَتي بدَويَّة. مشكلتي: التصادُم مع والدي وأهلي في بعض النِّقاط؛ منها: • في الأكْل: لا أُحِبُّ أَكْلهم ولا أشتهيه، بينما هما - وأبي خاصة - لا يشْتهيان ولا يُحبَّان الأكْل العربي غالبًا. • في الثقافة: ثقافتي سعودية، وثقافتهما بعيدة كل البُعْد عن ثقافتي - وخاصة أبي - وأمي متفهِّمَة نوعًا ما لثقافتي. • فرق اللُّغة: يُؤَثِّر في التواصُل بيني وبين والديَّ أحيانًا، وبيني وبين أقاربي كثيرًا كثيرًا. • في الزواج: يستحيل أن يوافِقا على زواجي من رَجُلٍ أصله عربي، وأنا لا أدْرِي إلى متى سأظلُّ أرفض الخُطَّاب الذين هم مِن جهتهم، ويرفضون الخُطَّاب الذين يأتونني من جهتي؛ كصديقاتي، أو غيرهنَّ؟! أنا لا أنْتَمي للسعوديين تمامًا، ولا إلى التايلانديين تمامًا، هناك وظائف وتخصُّصات لا أستطيع الالْتِحاق بها؛ لكَوْني غير سعودية، ولا أستطيعُ الرجوعَ إلى بلدي والعيش فيها؛ لصُعُوبة ذلك نفسيًّا عليَّ؛ فثقافتي وصديقاتي وطُفُولتي وحياتي كلها كانتْ هنا. حين أَتَحَدَّثُ مع الغُرباء يستغربون من لَهْجَتي المتعارِضة مع شكْلي، وحين أكون مع أهلي يسْتَنْكِرُون لَهْجَتي، ويعتبرني البعضُ متَكبِّرة. الآن: مَن أنا؟ وكيف أعيش؟
|
|
الجواب:
أ. عائشة الحكمي أختي العزيزة، حياكِ الله. تسألين: (مَن أنا؟ وكيف أعيش؟). هذا هو الحالُ مع الشعوب عندما تنشغل بسؤال الهُويَّة، كلما دخلتْ في أزمة عميقة لا يوجد لها مخرج قريب، فتسأل: مَن أنا؟ وما خصوصيتي؟ وأين هُويَّتي؟ أين أنا من الآخر؟ وأين هو مني؟ ماذا أُضيف للآخرين؟ وما الذي أخذتُه منهم؟ وماذا أضفْتُ لهم عبْر التاريخ؟ وأين موقعي في هذا العالَم الراهن؟ ومن علاقات القوة فيه؟ وكيف تلعبُ هُويتي دورها في تحديد هذا الموقع؟ لكن في الحقيقة ليس في الأمر أيةُ حيرة، ولستِ الأولى في مثل هذه القضية، كما أنكِ لستِ الأخيرة! هُويتكِ واضحة يا عزيزتي: تايلاندية ذات نشأة سعودية، فأين هي المشكلة؟! يُنسَب الناس - يا عزيزتي - إلى أَوْطانهم الحقيقيَّة، مهما تحصَّلُوا على جنسية البلد الذي عاشوا فيه، وتكوَّن فِكْرُهم فيه، فكيف بحال مَن لا يَحْمل الجنسيَّة؟! لدينا مشايخ وعلماء - رحمة الله عليهم - يَحْمِلُون ألقابَ بلادهم التي نزحوا منها، ولم يُؤَثِّر ذلك في نفسياتهم شيئًا، ولا في نظرة الآخرين لهم؛ كالشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المولود في مدينة (أشقودرة) عاصمة ألبانيا في ذلك الوقت، والشيخ أبو بكر بن جابر الجزائري، المولود في قرية (ليرة) جنوب الجزائر، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، المولود في مدينة (تنبة) في موريتانيا، وشنقيط التي يُنْسَبُ إليها هو الاسم القديم لموريتانيا، وغيرهم الكثير. لِنَكُنْ واقعيين مع أنفسنا، هل نعتبر اليهودي المولود في أرض فِلَسْطين المحتلة، ويَتَكَلَّم العربية بطلاقة، فِلَسْطيني الجنسية؟! أو نعتبر الفلسطيني المسلم من عرَب 48، والذي يعيش ضِمْن الحدود الإسرائيلية، ويحمل الجنسية الإسرائيلية - يهوديًّا؟! هل نعتبر المغربي المولود في إسبانيا إسبانيًّا؟ أو نعتبر الإسباني الذي يعيش في المغرب ويَتَكَلَّم العربية مغربي الجنسية؟! يصعب إنكار الجُذُور يا عزيزتي؛ لأنها انتماءات قهريَّة، ليستْ باختيارنا، فكيف إذا طَبَعتْ هذه الجذور ملامحَهَا على وُجُوهنا؟ كلُّنا نعرف أوباما - رئيس الولايات المتحدة الأمريكية - لكننا حين ننظر إلى وجه أوباما تورق في ذاكرتنا غابات كينيا الممطرة، ونعرف الأستراليين ذوي البَشَرات البيضاء؛ لكننا حين نَتَذَكَّر أن السُّكَّان الأصليين لأستراليا (الأبورجيين) أشبه بسكان إفريقيا، فإن الغيظ سيملأ قلوبنا من الاستخراب الغربي للعالَم الثالث! إننا حين نُنكِرُ الجذور - يا عزيزتي - ونَتَنَصَّل منها، فإنَّ أول ذنب نرتكبه هو قطْع الأرحام؛ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد22 - 23]. النبي مُوسى - عليه السلام - والمولود في مصر بين الأقباط وفي قصْر فرعونهم - لم يستطعْ إلغاء انتمائه الحقيقي لبني إسرائيل، النازحين من البدو - وهي أرض فِلَسْطين، أرض غربتهم التي قدموها من حران، موطنهم الأصلي - لقد بدا ذلك واضحًا في تلك الحادثة التي تَسَبَّبَتْ في هُرُوبه من مصر إلى مَدْيَن؛ يقول تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} [القصص : 15]. ثم يَتَكَرر الأمرُ ثانيةً؛ {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ * فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} [القصص: 18، 19]. لكن العبرةَ ليستْ هنا، ليس في الهُوية والانتماء، ليس في كونكِ سعودية، أو عراقيَّة، أو أمريكيَّة، أو هنديَّة، أو تايلاندية، هذه جاهلية موغِلة في القِدَم، كيف تحملينها وأنتِ خرِّيجة كلية الدعوة وأصول الدين قسم القراءات؟! كونكِ خريجة قراءات، فهذا يعني أنكِ من سكان مكة المكرمة، أليس كذلك؟ إذًا؛ أنتِ تعيشين وسط مجتمع يَكْثُر فيه هذا الخليط العِرْقي والهُويَّات المركَّبة، وليس الأمرُ مستَغْربًا فيه، والدليل هو تكوينكِ لصداقات عميقة من نفس البلد. لقد عرفتُ وسمعت عن بعض الفتيات من أصول تركية، وهندية، وإندونيسية، وبورمية، ممن يحملن الجنسيَّة السعودية وممن لا يحملنها، وما زلْن يَتَحَدَّثْن بلغات بلادهم الأم، وليس لديهن أيَّةُ مشكلات نفسية أو اجتماعية؛ لأنَّ المجتمع الذي يَعِشْنَ فيه مُعتَادٌ على مثل هذا التنَوُّع والاختلاط، فلا تُحَمِّلي المشكلة أكثر مما تحتمل، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]. هذه الآية تُحَدِّد الهُوية الحقيقيَّة للإنسان، ليس في الأرض، ولا اللغة، ولا الحدود التي وَضَعَها المستعمِر، ولا حتى في الأوراق الرسمية؛ بل في الدِّين الإسلامي وتقوى الله - عز وجل -: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92]، {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52]. أعتقد أنَّ المشكلة الرئيسة لديكِ تكمُن في موضوع الزواج، وهي المشكلةُ الوحيدة التي أراكِ محقَّة فيها، مع بالغ تقديري لكلِّ نقاط التصادُم التي ذكرتِها؛ لأنها في الأغلب تحدُث في معظَم البيوت، حتى ممن ينتمون إلى أرضٍ واحدة، وقريةٍ واحدة، وعائلةٍ واحدة. لقد أصبح منَ الطبيعي اليوم وسط هذا الانفتاح الكبير على العالَم الآخر أن يختلف الذوق في المأكل والمشرب بين الآباء والأبناء، وأن يختلفَ أهلُ البيت الواحد في اللهجة الواحدة، وفي التعليم، وفي الثقافة، الأمر طبيعي جدًّا جدًّا، ويحدث في كل بلد، وفي كل مدينة، وفي كل بيت؛ فاصرفي التفكير عن هذه المسائل؛ لأنها بحق لا تليقُ بتعليمك العالي، ولا بتدينكِ الصحيح، لكن قبل الدخول في موضوع الزواج أُريد توضيح نقطتَيْن متَعَلقَتَيْن بوالدكِ هنا:
|
|
النقطة الأولى:
أنَّ الحنين إلى الأوطان والاشتياق إلى مساقط الرأس يشغل مساحاتٍ نفسيةً ووجدانية كبيرة وعميقة لدى الإنسان بصفة عامة، ولدى الآباء في عمر والدكِ بصفة خاصة، ربما هذا ما يجعله اليوم أكثر تمسُّكًا بكلِّ ما يربطه بتايلاند مِن لغة، وثقافة، وأناس، ومنازل، وقد قالها أبو تمام من قبْلُ: كَمْ مَنْزِلٍ فِي الأَرْضِ يَأْلَفُهُ الفَتَى وَحَنِينُهُ أَبَدًا لِأَوَّلِ مَنْزِلِ ومنزل والدكِ الأول لَم يَكُن في السعودية أبدًا، بل في تايلاند، ثمَّ إنَّ والدكِ قد ترك بلاده في نفس عمرك، أنتِ اليوم تستصعبين فراق هذه الأرض وذكرياتها الطيبة بعد هذه السن، وقد كان منَ الصَّعْب على والدك أيضًا فراق أهله وأحبته وذكريات طفولته، لولا حاجة في نفسِه قضاها اضطرَّتْه لذلك؛ (ما أطيبك من بلدة، وأحبكِ إلي! ولولا أنَّ قومي أخرجوني منكِ ما سَكنتُ غيرك)، هذا لسان حال كلِّ مَن له أرض ينتمي إليها ويفارقها، ثم يحن إليها، فأحْسِني الظنَّ بِمَنْ يستحق منكِ ذلك. النقطة الثانية: حين تقولين: إن والدكِ يرفُض تزويجك بعربيٍّ، فهذه في الحقيقة تحمل الكثير من الدلالات النفسية، فهي قد تعني أن والدكِ رغم كل تلك السنين التي عاشَها في السعودية، إلا أنه ما يزال يشعر فيها باغتراب، والمغترِبُ - يا عزيزتي - لا يُمكن أنْ يُعطي ثقتَه لأحد، وربما وَجَدَ من أحدهم خيانةً؛ فَفَقَدَ ثقتَه بكلِّ أحدٍ. وقد تعني أيضًا: أن والدكِ يخْشى على قلبكِ من الانكسار، فهو لن يسلِّم تفاحة قلبه إلى رجلٍ غريب، لوجود فُرُوق سيكولوجيَّة واضِحةٌ بين العرَب وغيرهم، لا يُمكن بحالٍ إنكارها. ومع ذلك يبْقى حِرْص والدكِ على تَزْويجكِ مِن رجلٍ مِنْ حدود بلدكِ مسألة فيها نظر، أنا هنا أقف تمامًا في صفِّكِ، فمن حقكِ كفتاة راشدة ناضجة أن تختاري شريك حياتكِ؛ لأنها حياتكِ أنتِ، أنتِ فقط مَن سيعيش مع الرجل، وليس أهلكِ؛ فعن عبدالله بن بريدة، عن عائشة، قالت: جاءت فتاة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إنَّ أبي زوَّجني ابن أخيه يرفع بي خسيسته؟ فجعل الأمر إليها، قالت: فإنِّي قد أجزت ما صنَع أبي، ولكن أردت أن تَعْلَمَ النساءُ أنْ ليس للآباءِ مِنَ الأمر شيءٌ؛ رواه أحمد. ليس للآباء من الأمر شيءٌ غير التحَرِّي عن الخاطب والنصيحة للمخْطوبة؛ فإن رَضيتْ لنفسها أحد الأزواج، ولَمْ يقبَلْه وليُّ أمرِها، فهناك طرق شرعية أخرى يمكن اللجوء إليها بوجود القاضي العادل المسلم. إنني هنا لا أُشَجِّع على العصيان والعقوق، لكن كي يعلمَ كلُّ مَن يظن أنَّ المرأة المسلمة لَم تأخذْ حقَّها في الإسلام، بأنَّ هذا محض افتراء على الإسلام، شجَّع على نشْرِه بين الحاقدين رجالُنا أنفسهم، بفعالهم الملوَّثة بالعادات القميئة. إنَّ إصرار الأهل على تزويج بناتهم من أقاربهم، ووَفْقَ أهوائهم على غير ما ترضاه بناتهم، ليس إلا حماقة، لم تجلب لمجتمعاتنا سوى المشكلات الاجتماعية، حتى رفعت أسماءنا في القائمة السوداء بين أكثر الدول طلاقًا في العالَم. منَ الغريب بحقٍّ أن نضعَ العادات القبيحة أساسًا نَبْني عليه حياتنا، وحياة أبنائنا من بعدنا، متجاوزين السنن الحميدة والشرائع الصحيحة، فأين الخطأ في زواج الفتاة من شخص كُفْءٍ، ذي خُلُق ودين، لا عيب فيه إلا لكونه من جنسية مختلفة؟! موسى - عليه السلام - وهو من بني إسرائيل نسبًا، تزَوَّجَ من فتاة عربية من مَدْين بعد ساعات قليلة مِن معرفتها وأهلِها؛ قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: 23 - 28]. وتزوَّج إسماعيل - عليه السلام - وهو من عشيرة آرامية، سكنت أور في جنوب العراق - بامرأتين من نساء (جرهم)، وهي قبيلة عربيَّة سكنتْ مكة خلال رحلته وليدًا مع أبيه إبراهيم وأمه هاجر - عليهم الصلاة والسلام - في تلك الحادثة الشهيرة. أما الرسولُ الهاشمي - صلى الله عليه وسلم - فقد تزَوَّجَ من مارية، من أقباط مصر، وأنجب منها ابنه الوحيد إبراهيم، كما تزوَّج من صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير أكبر قبائل اليهود في المدينة. ألَيْسَتْ هذه حقائق؟! لماذا نتغاضى عنها إذًا؟! لماذا نُخَبِّئها حين ترغب الفتاة في الزواج ممن ترضاه لدينه وخُلقه؟! أليس الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إلا تفعلوا تكُن فتنة في الأرض وفساد عريض))؟! رواه الترمذي، وابن ماجه. فإن كانت مصلحة الفتاة في تزْويجها بِمَنْ يراعي شرع الله، فهذا هو شرع الله. قولي ذلك لوالديكِ، فالدِّين ليس صلاةً وصيامًا وزكاة وحجًّا وحسب؛ الدِّينُ أوسع من مفهوم الناس له، وأكبر مما درسنا في المدارس وعلَّمونا إياه. إقناع والدكِ مسألةٌ تعود إليكِ، ولوالدتكِ الدورُ الأكبر هنا، ذَكِّريها بأن الإسلام لا يُفرِّق بين عربيٍّ ولا أعجمي إلا بالتَّقْوى، ((التقوى ها هنا))؛ ويشير إلى صدره ثلاث مرات؛ رواه مسلم، وليس في التفكير الفاسد ولا في الأشكال المصطنعة؛ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظُر إلى قلوبكم وأعمالكم))؛ رواه مسلم. ختامًا: إن سلمان الفارسي الصحابي الجليل رضي الله عنه من أفاضل الصحابة وله فضل عظيم، لكن هذا الشرَف الكبير لَم يَكُنْ ليتعارض مع إدراك سلمان لحقيقة نسبِه وأصله، حين قال عن نفسه: (أنا من رام هرمز)؛ كما يروي البخاري، والأهم أنه لم يكن ليُنقِص من فضل سلمان الخير شيئًا أن يذكره التاريخ الإسلامي، وتذكره الأحاديث الصحيحة، ويذكره الصحابة العدول، ويذكره النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بقولهم جميعًا: (سلمان الفارسيّ). فاعتزي بأصلكِ - يا أختنا الفاضلة - وافتخري بنشأتكِ، وستَنْحَلّ كل تلك العُقَد النفسيَّة مِن دواخلكِ، عقدةً تلو عقدة. وفقكِ الله ورعاكِ، دمتِ بألف خير، ولا تنسيني من صالح دعائكِ.
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أختي الأمل بالله ,, أوأحد المفسرين الكرآم جزيتم بالجنه | هبووبه | ⚪️ منتدى الرؤى المفسرة لغيرالداعـمين،أو المفسرة في المنتدى ∞ | 22 | 2010-03-16 8:52 AM |
الأمل بالله أوأحد الاخوه الذين يرى فيها خيرا أرجوا التفسير.... | abdurahman | ⚪️ منتدى الرؤى المفسرة لغيرالداعـمين،أو المفسرة في المنتدى ∞ | 20 | 2009-11-19 9:18 AM |
وصيتي لولدي في ليلة زفافه | يمامة الوادي | ❇️ منتدى التواصل والتهنئة والمناسبات وتبادل الآراء وخبرات الأعضاء | 4 | 2009-08-11 6:21 PM |