[يمامة الوادي]

أوووواهُ يا إنصاف . .



- " إذا غاب الإنصاف عن الناس فتوقع ان يمسسك نوعا من الظـُلم " .

- " وأمَّا إن غاب الإنصاف عن { ذوي القربى } فلا تسل عن مقدار الظـُلم الذي سيقع عليك .. وشدّة الصدمة " ..

- وستـتـذكُر حينها الإحساس العميق لمعنى قول الشاعر ..

وظلم ذوي القربى أشدُّ iiمضاضة ً ** على النفس من وقع الحسام المهنّد

يقول الله تعالى : ( يا أيها الذين امنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) المائدة (آية 8)

يتأصل وجودنا فى الحياة على أصول ومبادئ وقِــيمْ ..

فسكناتنا .. وحركاتنا .. وأقوالنا .. وأفعالنا .. تُعبِّر عن ثوابتنا ومبادئنا وقيمنا .. وهي التي تنبيك عن محتوانا ومكنوننا الداخلي .. وبها تستطيع الحكم ووصف من يتواجدون في عتبات حياتك من البشر ..

لم اجد في تأملي في جوانب الحياة " أصل وقيمة ومبدأ " يعلو ويرقى مبدأ الإنصاف " فى التعامل مع بني البشر في حياتنا اليومية ..فهو من معالي الأمور ولا مبالغة إن قلتُ من أعلاها ..

وهو خُلقٌ عجيب من مكارم الأخلاق " عزيز " ونادر .. وأصلٌ من أصول بعثته صلى الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ".

ونسمع دائما عن عزّة الإنصاف لدى الناس بمقولة " الإنصاف عزيز " ونادرا ما تسمع ان يشار الى شخص فى هذا الزمن بإنه من أهل الإنصاف ..

وإذا أردنا ان نقرب معنى الإنصاف إلى الأذهان فنستطيع ان نقول :

- هو قمة العدل فى الحكم على تصرفات الناس ..

- إن مابين الإنصاف " العدل " ومابين عدم الإنصاف " الظـُلم " شعرة .. قلَّ من يستطيع وزنها وضبطها فى تعامله مع بني البشر ..

- إن غاب الإنصاف غاب العدل وحل محله " الظـُلم " ..

- الإنصاف ان تعطي كل حق حقه وحتى ولو على نفسك أو على اهلك وقرابتك وصحبتك ومن هم حولك ..

- الإنصاف هو " الحكمة " أي إسقاط الفعل المناسب والكلمة المناسبة على واقع الحدث بما يناسبه .. يقول الله تعالى «وإذا قلتهم فاعدلوا ولو كان ذا قربى» الأنعام «152»..

- الإنصاف هو ان تفسر قول إنسان او فعله وتفصل فى حقيقته من غير ان يداخلك او يغلبك هوى فى نفسك من اجل شهوة او حب وعاطفة لذاتك او مجاملة لقرابتك .. يقول الله تعالى « فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا » النساء «135»..

- والإنصاف لابد ان يكون مع النفس ومع الغير حتى لا تظلم نفسك وتظلم غيرك ..

- والإنصاف اقرب وأفضل وسيلة لزرع المحبة وتأصيل الاحترام بين الناس .. ونبذ الفرقة والبغضاء ..

- والإنصاف صمام أمان للأمن والاستقرار النفسي والمعيشي على مستوى الفرد والعائلة والمجتمع والدولة ..

- الإنصاف ان يكون مكيالك ووزنك للأمور مع الجميع على مكيال واحد ..

- يقول المولى عزّ وجلّ ( واقسطوا ان الله يحب المقسطين ) والقسط بمعنى العدل والعدل ضد الجور والظلم ...

- وقال سبحانه ( ان الله يأمر بالعدل والإحسان ) .






ماهي أسس الإنصاف ؟ أو كيف تكون منصفاً ؟


- مراقبة الله فى كل كلمة تريد قولها او تنزيلها على أي شخص .

- التأكد والتـَبَـيـُنْ من جوانب الموضوع وسؤال جميع الإطراف ذات العلاقة والوقوف على كل نقطة فى الأمر .

- اسأل نفسك لو حدث لك نفس الموقف ماهو التصرف الأمثل لإتباعه حينها وماهي الطريقة التي تحب ان يتعامل بها معك .

- التفكير بالنظر فى الأمر بفرضيات تساعدك في وزن الحكم وتوسيع الدلالات سلبا او ايجابا .

- التريث فى إصدار الحكم وعدم التسرع فى اطلاقه ..

- حاول ان تحمل المسألة المراد البث فيها ان تحملها على حسن الظن وسلامة المقصد ..

- عدم إطلاق التعميم فى الحكم على الفعل بمثل " هو دائما يسوي كده " " هو عمره ما قدرني " " هو إنسان لعوب " ..

- إن من الإنصاف أن تقبل ما لدى خصمك من الحق والصواب .-

- موازنة السلبيات والايجابيات للطرف الآخر او بمعنى عمل ميزان بين الحسنات والسيئات ..

- ان يكون إبداء الرأي والحُكم على تفاصيل المسألة " لا " على صاحب المسألة وهذا ما يسمى بالتجرد وهو من أسس الإنصاف .

- التجنب الدخول في نيّة الشخص وهذه من اخطر الأمراض لدينا لا يعلم النوايا الا الله .. وليس الفعل أصل لا ينفك عن النية والمقصد التى كان بها بما تعارف الناس به .. فما أكثر ما يتهم الناس بنيات مجانبة تماما لأصل نية ما قام به من الفعل .. وهذا الذي حذر منه سبحانه وتعالى : { يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم } .. وفي ذلك أيضا حديث أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إياكم والظن , فإن الظن أكذب الحديث } .

- مجاهدة نفسك ان يتأثر ما تقوله بحظوظ النفس وغلبتها عليك .

- التوقف عن إصدار أي كلمة او حكم فى حالة عدم تبيان المواقف كاملة .

كلمة أخيرة

- كثير من الناس عندما ينقل إليهم شخص قريب او بعيد كلام او مسألة فيها خصومة .. يطلق الأحكام بسرعة عجيبة .. ويحكم على الطرف الأخر بإنه ظالم او مخطئ .. من دون ان يسمع من الطرف الثاني .. وينصب نفسه " قاضيا " عدلا !! وهو لا يدري انه قد يكون وقف وساند المخطئ .. وانه سوف يحاسب من لدن رب العالمين على الحكم الذي أصدره من دون ان يتبين الحقيقة ويسأل ويتأكد من الطرف الثاني حقيقة الامر المنسوب اليه لعل من نقل اليه الأمر كان كاذبا او التبس عليه الأمر او اختلف عليه فهم الكلام مابين مقصد " المنطوق والمفهوم " ..

يقول تعالى : ( يأيها اللذين امنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) .

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ) . رواه مسلم

كتبه أبو عبد الرحمن الطيّب