[غيوم ممطره]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

*********

الشخصية العصابية


العصابية مرض تتفاوت اعراضه في الحدة ولكنه بصورة عامة هو اظطراب عاطفي وعصبي..والعصابيين أناس يشعرون بصورة عامة بأن الدنيا دهليز ضيق مسدود... وهم لذالك يمضون في الحياة بخطى مثقلة وقلوب انطفأ الغد فيها... أنهم لا يقبلون على عملهم بشهية... ويتعثرون في دروب الحياة بصور مختلفة. منها عدم الثقة بالنفس, الخجل, وتأنيب الضمير والشعور بالذنب, والعجز عن إتخاذ القرارات وزيادة الحساسية وتضخيم الامور, ومحاسبة الذات والدفاع عن النفس دون ان تكون متهمة.. والنوم المظطرب... والاحلام المزعجة.... هذه الاعراض كلها تهدر طاقات الانسان وتشتته, وتسلمه فريسة سهلة للارهاق, وتخرج حسه الفطري بحب الحياة
وليس من الضروري أن تجتمع هذه الاعراض كلها لدى العصابي, ولكنها توجد لديه بنسبة ما يسيطر عليه المرض...
أما الحالات العصابية الحادة التي قد تؤدي بأصحابها للمصحات تشكل أقل من نسبة واحد بالألف لدى العصابيين(في الحالات الحادة تصير العصابية هستيريا تسببها الاماكن المغلقة مثلا او هيستيريا وسواس المرض او هيستيريا المرتفعات وكلها ايضا متشابهة وقابلة للشفاء)....
إن العصابية الغير حادة هي تلك التي لم تفقد فيها بعد سيطرتك على نفسك نهائيا.... كما لم تفقد بعد رفضك للتكيف مع العالم حولك.

؟؟من هو العصابي

العصابي ليست كما يظن البعض انها المصطلح المرادف لكلمة مجنون... فالفرق بينهما شاسع , وإن كانت كل من أعراض العصابية والجنون مشابهة جدا لأعراض العبقرية ....
فالعبقري , والعصابي , والمجنون, كل منهم يرفض العالم بصورته القائمة حوله, ولديه رؤيا أخرى له, وكل منهم يرفض النموذج الإجتماعي السلوكي الموحد.
إذن في حالة العبقرية , والعصابية , والجنون هنالك رفض للعالم الخارجي, ولكن العبقري يبدل العالم ويحاول ان يقربه من الصورة التي يريده عليها... إنه عبر عبقريته يؤثر في مجرى تاريخ الأجيال.
أما المجنون فيخلق لنفسه عالما خاصا به , ويرى الأشياء كما يريد ان يراها دون أن يبدلها حقا, وهكذا فالجنون نوع من الهجر النهائي لعالم الأكثرية( الملقبين بلعقلاء).
وهو بالتالي ذروة في الإكتفاء الذاتي وليس بالضرورة وضعا تعساً... وبعض المجانيننجدهم في غاية السعادة لانهم يرون الاشياء تماما كما يريدون ان يروها, مهملين بذالك كل الاهمال وجهة نظر العالم الخارجي, وهم مقتنعون بأنهم على حق وبأن العالم كله على خطأ( أي العباقرة).
أما العصابي فإنه لا يهجر العالم , او يقطع خيوطه كما يفعل المجنون, وانما هو كالعبقري يعي وجود خلل في العلاقة بينه وبين الأشياء حوله.... والمهم أن يقدر على تحليل ذاتهوتحليل عالمه, ليعي الفرق بين رؤيته الخاصة الأصلية للوجود والرؤية السائدة , وليحاول إبداء وجهة نظره وتجسيدها في موقف....
والخطأ الذي ترتكبه العصابي هو محاولة الإستسلام للأشياء كما هي, حيث يصبح طموحه ان يصبح انسانا (عاديا)....
والعباقرة عصابيين جسدو مشاعرهم ومواقفهم في لوحة او كتاب او قصيدة... أمثال نابليون, الإسكندر المقدوني, يوليوس قيصر, مايكل أنجلو, ادغار آلن بو, موليير, والت ويتمان.....
والدراسة الشخصية لحياتهم تثبت انه ليس بينهم من ليس عصابي , وان معاصري عظماء التاريخ كانو يعتبرونهم خلال حياتهم غريبي الاطوار وشاذيين , واكثرهم مات في المصحات العقلية أو منتحرا او مسجونا بعد محاكمة لجرم شائن امثال اوسكار وايلد...
إذن اغلب العاصبيين يمتلكون بذور العبقرية المهم ان يحسنو زرعها واستنباتها...
يبقى سوء فهم المجتمع لكلمة عصابي حيث يعتبر ان هذا المرض مشينويتهم المريض العصابي بإنحصاره في دائرة اوهامه...
من هنا نقول ما الفرق بين الوهم والحقيقة؟؟؟؟
مادام العصابي يحس بهما بصورة متساوية؟... فنحن مدينون بكل ما حولنا من اختراعات وقصائد واشعار ومسرحيات... أين كانت لتكون الحضارة لولا الخيال؟ ألا يدين الانسان برقيه كله للخيال الجامح المجنون؟ ولكن الفرق بين العبقري والعصابي هو ان العبقري استطاع ان يعبر عما بداخله وان يوصله للناس في انتاج فني, فنال اوسمتهم واستحسانهم, أما العصابي فانه ياكل نفسه بصمت واسى مشيعا بإزدراء الناس والعلاج المطلوب له هو اعادة حنجرته إليه ليعبر عن ذاته وليس استئصال جهازه العصبي الحساس او تخريبه او تعطيله عن العمل...
ويجدر القول ان ليس كل عصابي عبقري وان تكون عصابيا ليس بالضرورة انك انشتاين او برنارد شو, وان اصلاح الامر لا يكون بلانتقال الى عقدة العظمة, وانما بنوع من المصالحة مع الذات ومعرفتها واكتشافها وبالتالي تحويل طاقتها الى البناء في الخارج بدلا من الهدم في الداخل.

طرق علاج العصابية:

الكف عن الاحساس بالذنب
اكتشاف طموحاتنا الحقيقية
توظيف نقاط الضعف وجعلها مزايا
الاستفادة من سلاح العصابية بشكل ايجابي بناء
حيث انه اثناء المواجهة الذاتية والمعالجة النفسية تنكشف طاقات دفينة بالنفس... ولنجاح الحلول على العصابي ان يجد حوله شيئا من التفهم لوضعه... والتفهم لنفسه اولا وعدم فهمها خطأ على انها حالة جنون, ثم التفهم على صعيد الاسرة فالاهل غالبا ما يجدون في العصابي ما يضايقهم ... والتفهم على صعيد الاصدقاء ضروري فالعصابي غالبا يجد نفسه وحيدا وقد نأى عنه اصحابه والتفهم
من قبل الاطباء الذين يعالجونه .

******************
م/ن