[محمد جارالله القحطاني]

زميل العمل المخرّب
لا تلوموه وحده.. لوموا المدير أيضاً!

كيمبرلي ويسل

لماذا يقدم موظفٌ "طبيعي" لا يبدو أنه يعاني أي مشكلة على إفساد عمل زملائه والإساءة إليهم أو تدميرهم؟
تقترح أبحاثٌ حديثة أجريت في جامعات أمريكية وكندية أنّ المديرين يلعبون دوراً أكبر بكثير ممّا كان يُظنّ في جعل الناس يتصرّفون ويتعاملون وفق الأصول. وجد الباحثون أنّ ضغائن الحسد والغيرة وحدها ليست بكافية لجعل أحد الموظّفين يفسد عمل آخر أو يسيء إليه. بل رأوا أنّ المحرّك لذلك خليط من عاملين: هما الحسد، وشعور المرء بالانفصال عن محيطه. ومن دون ريب يمكن للمديرين فعل الكثير في هذا العنصر الأخير.
أجرى الباحثون دراستين كي يعرفوا متى يكون العاملون أكثر انزلاقاً إلى أن يؤذي بعضهم بعضاً.
ملاحظة السلوك السيئ في الميدان
في التجربة الأولى أجرى الباحثون مسحاً لمئة وستين عاملاً في مستشفى بأمريكا. طلب المسح الأوّل معلومات عن مدى شعور العاملين بالحسد والضغينة، وعن علاقاتهم بزملائهم، وعن درجة تسامحهم مع تصرّفات يمكن اعتبارها أفعال إيذاء وتخريب. والمسح الثاني المنفّذ بعد ثمانية أشهر سأل عن أشياء محدّدة ربما قام بها العاملون للإساءة إلى زملائهم وتعكير صفو حياتهم وعملهم.
وكانت النتائج:
• الحسد وحده ليس عاملاً كافياً، العلاقات عنصر مهمّ. إنّ الناس الذين كانت تغلي صدورهم بالحسد كانوا أقرب إلى إخراج هذه المشاعر إلى عالم الأفعال في حالات ضعف العلاقات بينهم وبين زملاء العمل.
• العلاقات القوية تخفّف سلوكيات التخريب والإيذاء. من كانت صدورهم تغلي بالحسد لكن كانت لديهم علاقات قوية مع زملائهم كانوا أبعد عن الإساءة لعاملين الآخرين.

التجربة الثانية مشابهة، لكنها استخدمت 247 من طلاب كلية إدارة الأعمال. قسّم الطلاب إلى مجموعات عملٍ خلال السنة، وكانت هذه المجموعات كثيراً ما يتقارب أعضاؤها تقارباً لصيقاً. وعلى مدى فصلٍ دراسيّ أجاب الطلبة على سلسلة من المسوح المصمّمة لتقرير كم كانوا قريبين من الطلبة الآخرين في مجموعتهم، كم كان بعضهم يحسد بعضاً، وهل فعل وماذا فعل أحدهم للإساءة إلى طلاب آخرين في مجموعته.
والنتائج:
• ثقافة مكان العمل عنصر مهم. وجد الباحثون أنّ بعض مجموعات العمل كانت أكثر تسامحاً مع الطلبة الذين يسيئون ويؤذون الآخرين، بينما كان هناك مجموعاتٌ لا تتسامح أبداً.
ودون خروجٍ عن توقّعهم، رأى الباحثون أن المجموعات التي كانت تحرّم وتجرّم هذه الإساءات كانت تشهد قدراً أكبر منها. ولاحظوا من جانب آخر أنّ عضو المجموعة الخالي من الحسد كان بعيداً جداً عن الانزلاق إلى التخريب وإيذاء الآخرين حتّى لو كان يعاني من العزلة والاستبعاد عن أنشطة المجموعة وكانت المجموعة تغضّ الطرف عن السلوك المسيء.
يقول البروفيسور كارل أكينو، المشارك في الدراسات المذكورة، إنّ ضعف علاقات المرء مع زملاء عمله يمكن أن يولّد بسهولة ما يدعى " التجافي الخلقي moral disengagement"، نسمع أحياناً عن محاولة من يكنّون الحسد والغيرة من زملائهم تحطيم هؤلاء الزملاء بأشياء مثل بث الأقاويل المسيئة، حجب المعلومات المفيدة عنهم، أو العمل سراً على تخريب عملهم.. وأقول إنّ هذه الإساءات المتولّدة عن الحسد لن تكتمل شروطها وتنطلق ما لم يكن الموظّف يمرّ بما يدعوه الأخصائيون النفسيون "التجافي الخلقي" الذي هو ضربٌ من التفكير يسمح للناس بمنطقة أو تبرير إيذاء الآخرين.
وأنت عزيز القارئ، هل مرّ عليك أن خرّب أو أساء زميل عمل إليك أو لما تقوم به؟ إلى أيّ حدّ تعتقد أن مديركم أو ثقافة تنظيمكم كانت تلعب دوراً فيما جرى؟
(لمن يرغبون في الاطلاع على ورقة البحث التخصّصية الكاملة، ستصدر بعنوان ""A Social Context Model of Envy and Social Undermining" في مجلة "Academy of Management Journal")

[رشة طيب]

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .