[يمامة الوادي]

ثباتُ المؤشر !!
في عَالمِ المالِ والبورصة العالمية؛ يتعلمُ الخبراء فنونَ جمع المالِ ، بل يدَّرسُ كفنٍ مستقلٍ ، وله ألقابه في الشَّرق والغرب ، ومن خلاله يتبصر المساهم بسيرِ أمواله ، والفُرص التي تسنح له ، وتجعله أكثر طمأنينةً ، ولذا لما دخل كثيرٌ من النَّاس هذا البحرَ اللجي بلا هدى ؛ يحدوهم الكسب ، ويبرق الثراء والتَّرف أمام أعينهم ؛ وقعوا في فخٍ عصفَ بأموالهم ، ونفوسهم ، وطموحاتهم ، وتسللتْ إلى نفوسهم أدواء كثيرة ؛ يصعب تجاوزها على كثيرٍ منهم !! .وعالم الزَّواج أعقد من البورصة ، وأشدُّ تذبذباً من مؤشرها ، وكثيرٌ من شبابنا لا يفهم من الزَّواج إلا النكاح ، وبعض فتياتنا لا يخطر ببالها إلا معاني الحب، والتَّرف ، والرومانسية بأطيافها الملونة !! ، وبعد أشهرٍ من الزَّواج الذي تمَّ على نحوٍ من هذا التَّصور عند الزوج وزوجه ، يهبط مؤشر المودة والرحمة إلى درجةٍ لا يمكن السيطرة عليه بسهولة ، فتبدأ دوامة من النَّكد النَّفسي لديهما لا تخمد ناره غالباً إلا على حسراتٍ مريرةٍ !!، وإنَّ ثبات البورصة المالية دائرٌ ضمن التكهنات والتحليلات !! ولو تعلم المرءُ له !!، لكن ثبات الحياة الزوجية ممكن لمن عرف ، وتعلم كيف يعيش ؛ والتَّعرف خصائص الرجل والمرأة الفطرية كفيلٌ ببعث نفوسٍ والهةٍ ، وأنفسٍ عاشقة ، وآذانٍ مصغية ، وقلوبٍ تملأها اللهفة !! .
إنَّ بعض الرجال يغلب عليه الجفاء في التعامل ، والصَّرامة فيما يريد هو !! ، والإهمال فيما تريد المرأة إلى درجة السفاهة ، ولستُ أتحدث عن السنوات الأولى المليئة بالمجاملات ، بل عن رباط سنوات، ولذا تصاب بعض الزوجات بنوعٍ من الملل القاتل ، وترى أنها قدمت وقدمت ولم ترَ أثراً ، والرجل كذلك ؛ وبين هذا وذاك يتباعد القلبان ، ويرتاب كلٌ منهما من صاحبه ، وتحفظ الزلة ، وتكون كحق النقض – الفيتو – عند الحاجة !! ، ومع هذا الجو الخانق فالحياة تتغير ، والنَّفوس تحب بعد نفرة ، والعين تفتن بعد كره ، والقلب يهفو بعد جفاء ؛ لكنَّ ذلك مرهون بإرادةٍ وعزيمة ، ورغبةٍ صادقة ، إنني أدعو كل متزوج أو مقبلٍ عليه ، بل حتى من يرى أنَّ الوقت لا يناسبه ؛ أدعوهم جميعاً لمعرفة سنة الله التي لا تتبدل ، فمن علم سرَّ هذا الميثاق ، وأنَّ الله إنما أراد إسعاد البشرية لا شقائها ، والرفق بها ، فجعل الزوجة سكناً للرجال ، والسكن فيه من معاني الراحة النفسية والجسدية ما لا يمكن قراءته بدقة !! ، وعندها ندرك أنَّ معنى القوامة مختلفٌ جداًَ عما يتبادر إلى الذهن ؛ من معاني النفقة والعصمة وغيرها ، بل هو معنى عام يشمل كل ما من شأنه ملئ الحياة سعادة وراحة ، وبقدر ما يحصل في هذا من تفريط يكون العبء ثقيلاً على النفس ، مكلفاً ندفع ثمنه مرارة لاذعة ، قال تعالى : ( طه ، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) ، فهل ندرك هذا المعنى اللطيف الذي يجعل الدنيا مسبحةً تنعم بالسعادة ؟!.

أخوكم
محمد بن عبد العزيز المطرودي
وزارة الشؤون الإسلامية