[حكمه]

كانت لحظات جميله تلك التي قضيناها ونحن نتحدث قبيل الغروب انا وابنة عمي ونحن نسير على ارض مزدلفه فقد كان كل ماحولنا يبدو ملبيا حتى الأشجار والاحجار...


التفت اليها وقلت:هنيئا لكم ياام عبدالله بسكنى مكه فأنتم محاطون دوما بمثل هذه الاجواء الروحانيه التي تشحن قلوبكم بالأيمان بعيدا عن فتن الدنيا كما عندنا في جده

ابتسمت وقالت بفخر :يكفي انه لايفوتنا سنه من السنين الا ونحن في ركب الحجاج

قاطعتها قائله ولكنه امر صعب الحراره وزحمة الطرق و.......

فقاطعتني ايضا وقالت هل نسيتي ان اهل مكة ادرى بشعابها

ولكن لماذا لاتحجين هذه السنه معنا!!!


يااااه
هل قرأت مافي قلبي ...!نفسي تحدثني في الحج كثيرا واجدني متلهفه اليه اكثر من اي سنه مرت

فقلت لها ظروف ماتسمح....وفي الواقع هي ظروف دنيويه سخيفه

مالبثنا حتى حل الغروب وكل عائله جمعت امتعتها واطفالها ورحلت.......

واتجهنا عائدين الى جده في سيارتنا الصغيره التي بالكاد تحملنا وانا وزوجي نتجاذب اطراف الحديث مابين احلامنا الورديه في بناء منزل العمر ومابين ازعاج اطفالنا في المقعد الخلفي فلا يقطع حبل افكارنا التخطيطيه العظيمه الا صوت احد اطفالنا يشكي من استيلاء اخيه لجزء من مقعده

فينهار مشهد البيت الجميل من مخيلتي وابدأ بالغضب ككل مره .....لوكنا نملك سياره واسعه لوكنت اشتريت اليوكون عوضا عن ان تفتح محل تجاري لو لو لو........

فيقوم زوجي بدور حبة المسكن ويغرقني في الاحلام مره اخرى

صدقيني لن يأتي الشهر الجاي الاوقد ركبتي يوكون موديل 2007

فأجيبه لماذا هل ستسرق بنك؟

لا ولكن زوجك العبقري سيفعل كذا وكذا.....ودخلنا دوامة الأسهم الكريهه التي اعرف مسبقا انه عندما يبدأ في الحديث عنها لن ينتهي ابدا

وفجأه............



ماما بابا شوفو شوفو

فأذا بالسيارات جميعها واقفه والناس تجري وتصرخ
والاضواء والناس والاصوات اختلطت ببعض ,كنا وقتها على مشارف جده ومشهد الجموع الغفيره يوحي بالرعب

ياساتر......ياساتر....هل غرقت جده تحت البحر.....!هذا ماخطر ببالي لاني لم ارى بحياتي مشهد بهذا الرعب!


ياالله ....يالله.......لقد كان حادثا كبيرا شنيعا قد وقع للتو

الجثث في كل مكان....الأشلاء والدماء على منطقه واسعه من الأرض.....الاشمغه والعبائات النسائيه

الاطفال المضرحين بالدماء يصرخون بهستريا......

اليوكون الذي كنا نحلم للتو بمثله وقد اصبح كورقة هامش عسف بها والقيت في سلة المهملات.............

حلقه من الرجال تجتمع حول امرأه تشهدي.....تشهدي.........فتصررررررخ وتصررررخ وتصرررخ....ترى مالذي افزعها والجم لسانها عن التشهد مالذي رأت ولم يرون....

وشباب مراهقين افزعهم المنظر فولو هاربين يولولون ويصرخون


يالله ....يالله.....ارتجف وقلبي يبكي وعيني تبكي واطفالي اصابتهم نوبة عميقه من الصمت

ياااااه مااحقر احلامنا.....مااحقر الدنيا بما فيها

مااحقر بيت العمر.....واليوكون.....والمشاريع والاسهم والاموال اذا كنا سنموت سنموت......

ماادراهم انها ساعة الأجل....!

كان بالأمكان ان تكون ساعتنا ونحن غارقين في الدنيا وهي متاع الغرور!

في هذه اللحظه انحصرت احلامي في حلم واحد وهو في الواقع اعظم حلم(حسن الخاتمه)

انكشف وجه الدنيا القبيح امام عيناي وشعرت فعلا ان الدنيا مؤقته ومن الغباء ان نركن اليها ونطمئن وكأنها مؤبده


التفت الى الاشلاء....اقصد اللحوم الممزقه....ااااه مااضعف هذا الأنسان يتمزق وينتن وهو يتكبر ويظن انه قادر على الدنيا!

جسد دنيوي يهتريء ويمرض ويهرم ونحن نسعى لأرضائه وكأنه خالد مخلد.....


ندخل جده ونصل البيت ونحن صامتين فتنطق طفلتي لتعيدني الى الحاضر فمازلت اعيش المشهد

ماما....كيف سأبتسم بعد اليوم...

اااه ياصغيرتي تشكين في عودة ابتسامتك وانتي بلا ذنوب!!

ماذا نقول نحن المذنبون.....!!!

سبحان الله كيف تنكشف الدنيا على حقيقتها الزائفه امام الانسان في المصائب وسبحان الله كيف ينسيه الشيطان ويمنيه بطول الأمل....


وصلت البيت والقيت عبائتي واستلقيت على الكنبه كالصريع واخذت جوالي واتصلت

.....الو .... ام عبدالله.....انا خويتك في الحج هذه السنه احسبي حسابي معك

قفلت الجوال وشعرت بعدها براحه كبيره

اريد ان يأتي موتي وانا مطمئنه..........




انتهى


اتمنى ان تعيشو معي نفس الاحساس وتدعون لي بظهر الغيب وتتذكرون فالذكرى تنفع المؤمنين