[سليمان المطرودي]

بسم الله الرحمن الرحيم
(( تطلعات بنيوية ورؤى واعدة ))
(( يشتاق لها من هدف للصواب ومن مآربه قرب من الحق وبعد عن الضلال واصطفاف لنيل المآثر والمآلات ))

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله | وبعد :
فإن الله سبحانه (الحق ) لا يمكن إلا أن يكون دافعاً للبشر للزومه والسير وفق مراداته ومقاصده ..
(( فتعالى الله الملك الحق ))
وهنا تنزه في رسله وكتبه ودينه من أي مما يسيء لمباركاته ومنحه ويزيل ما هو من كوابيس الأذية والضعة ..
ويكفي علمك بإيحاءات تلامسها البنى والمعاني ..
والدراية بالتحول يرقى بالبشرية إلى حيث لا دونية ولا صغار .
والخير ملازم للحق وباب من مداخله
(( له دعوة الحق ))
والحق يجب أن يقال به وأن تكون الأفعال من توجيهاته ..
وإذا حصحص الحق فمن أن يحمي الحياة من الخلل والخطل ..
إذ هو له القيادة والريادة لسعادة البشر ..
والرسل هم من ينهضون به ويقيمونه في كل أطر الحركة ..
في الحديث النبوي :
( وإن الله بعثني بالحق )
والكتب المنزلة من الرب :
( تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق )
وتنشط الحقوق عندما تنبذ العدوان والسوءات والقبح والأذيات
( والإثم والبغي بغير الحق )
والصفات التي لا توائم أخلاق البشر وتجعله بعيداً عن كل معنى نبيل وهدف سبر فيه كل الإكبار والإجلال ..
( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق )
ولله على عباده أن يقدروه حق قدره وأن يكبروه حق الإكبار لأن من حقه الرضا به وبدينه وكتبه ورسله ..
(( أن لا يقولوا على الله إلا الحق ))
واختيار الأهواء ونزعات الباطل على الحق الذي يقود إلى الخيرات ويدفع بك على ما هو من صالح البشر ومبعث روحه ..
(( ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ))
و إن لزم الحق فهذا يعني صعوداً فيما يملكه ويتحلى به وما يصطبغ به من مواهب وملكات وصنائع .
والخسران والندامة والنقصان والخيبة يلوذ بها من استبدل الذي هو ادنى بالذي هو خير ..
(( فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق ))
وإن الإله سبحانه قد فطر البشر على ما هو من المداخيل الجمالية وما يبعد به عن الرذائل والسقطات .
وخلافه زيف لما هو من الباطل والإمعان في توجس الشرور والشطط .
وإن الحق والباطل مختلفتا المشارب وكل له مؤداه ومصائره ..
ولا يجوز لإنسان أن يؤذي آخر مهما صغرت الفعلة دون أن يدفع لذلك شيء من العدوان والمبررات المشروعة .
وإذا تدافعا الحق والباطل فبينهما في ميزان العدل والخير والقسطاس والإحسان بون شاسع وفرق واسع يختلف الحصاد فيهما وما يمكن أن يجنياه منهما خاصة إذا علم أن الحق يعلو ولا يعلى عليه .
(( فالحق أحق أن يتبع ))
وقد توافقت جملة من بواعث المعرفة والموصلات للمعاني ..
1_ الفطرة 2_ ما نقل من كتاب وسنة 3_ اليقين 4_ العقل والقلب 5_ وكل خير وسكينة .

ومع التواصل مع الحق ينزرع الخير بأشكاله وألوانه وأنواعه ..
ولو صرف الحق عن الإنسان فإن الحقيقة لن تلبث أن تعاوده ويحس وقعها ومواقعها ...
ومعه يلزم المحافظة عليه والمبعث على النهوض به ..
وأهل الحق هم من تحتاجهم البشرية وعلى يدهم يتم الإنقاذ والنجاة ..
والحق مؤداه السلم والوئام وكل صور النزاهة وحب النشوء على الأمانة وكل مصداقية تنهض بالمجتمعات وترتقي ببنيتها وانتقائية سبل الحياة وهو ما يشغل إلى صعود نهضوي وحضاري وما يسري ويحرك .
ومما يعلوا بالحق أنه يلازمه العلم واليقين .
(( قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم ))
والحق اسلوب راق لمشروع إصلاحي وريادة فكرية وأخذ بالتنوير المبين لعباده سبيل الحق ليسلكوه .
(( حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق ))
ويجب أن تقصر يدك عن الأذية إلا أن تنال بمثلها .
(( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ))
ويوم يمارس الإنسان ما هو من الحق ستجده على الدوام في تعطش وتوق له وما سواه فلن يقبله ولن يتطلع إليه ..
وإن البشرية لو أعملت فكرها وعقلها ستجد في الحق بغيتها ومطمحها وما تتعلق به وتنشده .
وينبغي على الإنسان أن يتمسك بالحق ويتعرف عليه حتى يبلغه وفق مراداة الله , وما تتطلبه التحركات الخيره التي تجعله على منهاج الصواب والسبل المستقيمة ..
وفيما روي (( إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه في النار ))
وما كان من الحق فهو ما يبعد الباطل ويزيل غثاءه وترسباته وما تحمله وتبطنه ..
(( والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ))
(( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ))
ولن تتضح لك اشراقات الحق إلا ببنية بارقة ورؤى وثابة تقود للخير وتبعد عن الشر مما يجعلها تزن الأمور بمعطياتها والإصرار على مواطن المعرفة وإمكان البرهان ..
وإنه ليجيء كنبتة للفطرة وبذور للمعرفة والمدركات وما سرى من علم ودراية ..
وبسيادة الحق لن تجد للباطن دور ولا نشاط ولا فاعلية وإنه قد خبا وخفت وذهبت صولته وجولته مما يعني أن الميدان كله متسع للحق دون مساهمة لسواه ولهم العزة والنصرة والكرامة وما ليس من الحق مؤداه إلا مصير مظلم ومآله إلا الهوان والخسران ..
وكل نشاط تحركه أسس الثبات الحسن الموصلة للأمم إلى حيث النهضة والتقدم والأفهام التنويرية التي تعطي رقياً وسموا وعلوا والتي تنتعش بها المنارات والديار مما هو من أماني الإنسان وآماله ..
والأفهام النزوعية عن كل تخلف وانهزامية وما يبعث على المكابدة والمكايدة ..
وإن الحق والتكامل مشروعان لبلوغ الغاية بيسر وسهولة ودونهما يبين الخلل ويتضح الخرق الذي لا يزيل أضراره وأخطاره أي ترقيع لا تذهب أضراره وعواره ..
والمرء بين خيارين إما حق وله عطاءاته أو باطل وله لوثاته ..
والبون شاسع بينهما لمن كان له قلب وعقل وفؤاد ..
وما جاء عن الوحي فهو إلى الحق الذي لا يقبل غيره ..
وأما دلائل العقل وحده فقد تفقده ولو شيء من الشك والريبة وكله لعدم إحاطة العقل وشموليته ..
والوحي حق فلا يمكن أن يرد مما يعقل ما يخالفه ..
(( بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ))
ولما كانت مصادر الوحي كلها على حق فإنه لا يمكن لغيره أن يقلل من ذلك ..
وما عارض النقل والعقل فهو بحاجة لسند منهما لإحياء نشاطه ..
وإن الله الحق لا يمكن أن يبارك ما خالف الحق فهو انتقاص لبوادر الخيرات وصنائع المعروف ..
ولا يخفى ما للنقل والعقل من أدوار توزن الحياة بها ..
والإنسان المهيمنة عليه أساسيات الحق هو على أبواب البناء للحياة وتراه تشرق معه البصائر وتنير الضمائر وتشرع لما هو مما يحيي ويوقظ .
ولا بد من العمق في الفهم فما هو من مصادر الوحي ومن تدخل العقل والمعرفة وهو ما يأخذ بك إلى المعاني التي هي من صور النقل وما هو من هيئات المعقولات ..
(( وتوكل على الحي الذي لا يموت ))
وإنه من أجل عيشة كريمة يحيا الإنسان بالحق نقلاً وعقلاً وهما ما توزن أسس الحياة والتداول بها ..
وبالحق تصلح الأفكار وتتجلى القيم ويسود الجلال والجمال ..
وإذا كان الحق مهمشاً فلن يعدو فشلاً ذريعاً وإقصاء للخير ومؤدياته ..
ودون الحق لا فهم ولا ارتقاء ولا اخلاق ولا استقامة ولا اعتدال ولا نزل سامقة ولا بناء في العمق .
والحق بمجمله لا تقوم أمور الحياة إلا به وأي خلل في ذلك فمردوده سيء ونتيجته مؤلمة ومؤداه دوني ..
والإله الحق هو من يريد للمسارات أن تصطبغ به ويعيش في كل أحواله وفقه ووجهته ..
وتحديد الهوية لا يلتفت إليه إلا أن يسنده صبغة من الحق وسنن يتشبث به .
وللحق موقعه وللباطل لوثته وللكل تكوينه وآثاره حيث يصطف كل في موطنه وما هو من استحقاقاته ..
(( فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون ))
وصلى الله وسلم على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

[رحلة زمن]

جزاكم الله كل خير