[محمد السعيدالنوي]

الطريـــــــــــــــــق الأسود !!.. و اعتبروا يا أولي الأبصار

تنبيه!:لكل من يعاني من أحد الأمراض التالية :

القلب.. الضغط.. السكر.. القرحة المعدية.. القلون العصبي ..الأعصاب.. آلام الرأس....

أدعو الله له بالشفاء و أنصحه بعدم قراءة هذه القصة !!.

الجزء الأول

بســــــم الله الرّحمن الرّحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين

كان ذلك في شهر جويلية من صائفة 2006..

عندما خرجت رفقة عائلتي في رحلة طويلة على متن سيارتنا الجديدة من سلسلة 2005 !!.

...رحلة تمتد من أقصى جنوب الجزائر لمسافة تفوق 2000 كلم !!.

لقضاء عطلة الصيف .. هناك في أقصى الشمال!!.

لا أتذكر بالضبط اليوم الذي خرجنا فيه .. لكني أتذكر جيدا أننا خرجنا قبل صلاة العصر.

...بعد أن لاحظت في السماء غيوما قد خففت من أشعة الشمس الحارقة !!.

ابتعدنا عن الواحة الحمراء.. مدينة الانطلاق.. بأكثر من 60 كلم..

كانت السيارة, تشق الطريق شقا باتجاه الشمال..و كنت من حين لآخر,أنظر إلى أبنائي..

وهم جالسون في المقعد الخلفي .. يرددون أنشودة لقناة طيور الجنة :

مرة طلعنا و امشينا في رحلة بسيارة لينا

كانت القناة قد بدأت بثها.. و استولت على قلوب أطفال العالم العربي و الإسلامي آنذاك ...

كنت أنشد مع أبنائي ونحن في غاية سعادتنا ..و لم نكن ندري ما أخفاه القدرعن إدراكنا!!.

كان الطريق يتراءى لي من بعيد كخيط طويل!! .. رقيق أسود !!.

يتلاشى تدريجيا!! .. ليختفي .. خلف السراب !!.

بينما كان عداد السرعة يشير إلى 120 كلم / سا .. كانت حبّات الحصى تتطاير نتيجة احتكاك العجلات بسطح الطريق ..لتصطدم بهيكل السيارة من الأسفل!!..

فتحدث بذلك نقرا.. شبيه بنقر حبّات البرد عندما تضرب على صفيح من زنك ّ!!.

و تساءلت في نفسي .. كيف لهذه الحصى أن تتطاير بهذه الكمية في طريق معبّد؟!!.

أنزلت قليلا زجاج النافذة لأحدث فتحة صغيرة , بهدف اكتشاف الجو خارج السيارة..

إذا بهواء ساخن و كأن جهنم تنفست - أعاذنا الله و أياكم – قد لفح خدي الأيسر !!.

أعدت غلق الزجاج و أدركت حينها أن الحرارة لا زالت مرتفعة جدا !!.

و أن تطاير حبات الحصى ما هو إلا نتيجة اقتراب طبقة الزّفت التي تغطي سطح الطريق..

من درجة الذوبان؟ !!!.

خشيت انزلاق العجلات أو انفجارها !! .. و قد تحترق من شدة الحر و قوة الاحتكاك !!.

فقمت بتخفيض السرعة إلى 100كلم/سا.

فكرت أن أعود من حيث خرجت , لكن فات الآوان.. أكره الرجوع إلى الخلف!!

واصلت طريقي, توكلت على الله .. و إلى الأمام !!

قد أخفيت الأمر عن أبنائي .. فاستمروا ينشدون !!.

كان هذا هو خطئي الأول في هذه الرّحلة: سوء تقديري لدرجة الحرارة قبل الانطلاق!!.

بسبب البيت المكيف و كون السيارة جديدة .. و الغيوم التي كانت تغطي السماء !!.

نصيحتي لكل مسافر عابر للصحراء .. أن يعرف درجة الحرارة لمدة الـ 3أيام القادمة

قبل موعد الخروج !!.

قطعنا مسافة 260 كلم .. و ها نحن نصل إلى المدينة الثانية..ذات الجمال الأزلي !!.

كما يصفها السوّاح ... لكن أكيد ليس في مثل ما نحن فيه الآن !!.

أبنائي : نحمد الله .. نجونا من عواقب الحرارة .. لقد بدأت الشمس تميل إلى الغروب..

و انعطفت بسيارتي نحو محطة البنزين للتزود بالوقود...

بعد أن ملأت الخزان و صعدت إلى السيارة .. إذا بشيخ يجلس على جذع نخلة وضع هناك.. يلفت انتباهي :

احذر يا بني !!.

أنظر ... ماذا يحدث أسفل سيارتك؟ !!...

ترجّلت من السيارة و ألقيت بنظري أسفلها ... يا إلهي !!!!...

..يا ربي !!!!... أسرعوا أبنائي ... أنزلوا !!!!.

- زوجتي: ما لأمر؟!!.

- لا مجال للشرح !! ... أسرعوا ... أسرعوا !!!!.

كان هيكل السيارة ساخنا إلى درجة أنك لا تستطيع أن تلمسه بيدك!!!!.

و كان البنزين يتدفق أسفل منها بغزارة ...بسبب عطب ما !!!!.

غامرت بحياتي و أبعدت السيارة خارج المحطة!!!!...بعد أن غادرها أبنائي.

و تساءلت مع نفسي : كيف يمكن لعطب خطير مثل هذا أن يقع في سيارة جديدة!!.

و كان هذا هو خطئي الثاني في هذه الرّحلة: ثقتي في سيارتي الجديدة !!.

نصيحتي لكل من يقرأ هذه القصة :

لا تنخدع بكل ما يلمع !! ...ليس كل ما يلمع ذهبا!! .

لا تثق في كل ما هو جديد!!... بشرا كان أم حديد !!.

افترشت سجادة لي .. و دخلت أسفل سيارتي !! ..

البنزين يتدفق من خلال ثقب في الأنبوب الذي يصل الخزان بالمحرّك

أحدثته حبات الحصى التي كانت تلتصق بالعجلات من شدة الحرّ ثم تتطاير منها !!.

استخدمت مفاتيح و وسائل أحملها معي .. استعين بها في مثل هذه الحالات ...

و تمكّنت بفضل الله أولا ثم بواسطتها من إصلاح العطب و تأكدت أنه لم يعد هناك أي تسرب للبنزين !!.

صلينا العصر قصرا...

ثم واصلنا طريقنا الأسود !! ... و واصل أبنائي ...ينشدون!!.

أحمدوا الله أبنائي .. لو لا لطف الله بنا أن نجّانا .. لكنا الآن متفحمين!!!!.

يا سبحان الله العظيم .. لقد كان ذلك الشيخ سببا في نجاتنا !!.

و انطلقنا جدّ فرحين ...

فرحين بنجاتنا ... متفائلين بما تبقى من رحلتنا..

و لم نكن ندر.. أن الآتي .. ما أخفاه عنا القدر..هو أشد و أمرّ!!.

- يتبع-