[يمامة الوادي]

تحت صَفحةِ سماءٍ صافية .. و في أحضانِ رِمالٍ نَاعِمة ..
بت أَرُاقب .. تَمدُّد الشُعاعِ الذهـبي .. و مُداعبتِه مَواطنَ الساهرة ..


**
طيورٌ تَجُول .. و بالأُفق تصدَح ..و لكأنها تُحاولُ أغاضتي بتجولها ..
لم أحسدها .. على ( حُريةٍ ) وُهِبت إياها
بَل حَسدتها عَلى ( حياةٍ بلا ذكرى ) ..

في غَمرةِ تأمُل ..قَفزتْ ابتسامةٌ بائسة .. عَلى شفةٍ أضناها ( تَمثيلُ ) الأمل

**

سَكنت الشمس كَبد السماء ..أعلنت على الكون سطوتها ..
" بَقيَت نفحات هواء رقيقة .. تداعب وجنَتي بقلق "

**
في لحظات .. تَسربت نَفسي لـ رِحابِ الذكرى ..قُلّبت الصفحات .. و غَمرني شوقٌ لـ مَاضٍ فات ..
كانت ( نورة ) تسكنه بـ قُرب ..لكنهُ الموتْ .. أستخلصها لـ نَفسه .. وَ أبت الأقدار بمشيئةِ ربها أن تَهب نورة جُرعةً مِن أُنس
رَحلت مُخلَّفةً وراءها .. قصاصات ورق ..و فتاةً تَشعُ طُهرا ..
رَحلت تاركة إياي غريقة ذكرى ..
**
نورة ( رَفيقةُ روح , قريبةُ رَحم )
كانت يوماً تَعتلي الأرضَ بِخُطاها .. ( تُحب بصدق ) .. (تنزف بطُهر ) .. ( تبتسم رغم الوَجـع ) ..
و كان على ضفةٍ أخرى رَجُل .. يَسكنُ قَلبها .. يُكفكفُ دَمعها .. و يبتسمُ من أجلها ..

اَحبها بجنون ..تمنّاها سُكنى له ..تمنى أن تكون لهُ كُل الوطن ..و هامت به .. و علا على كل شيء يعنّيها ..
يُحبُها وَ تُحبه ..
صارع التيار .. لينال قُربها ..و تحدّت كل الظروف .. فقط لتقتربَ منه ..لطالما ..استوطنت حُلمه و أرهقتْ فِكْرَه ..لطالما .. عاثت بخافقه دماراً..
و أعلنت على كل شيء سُلطانها و تَملُّكها له.

**
و هيَ ..مع نسمات الصباح .. تُرسل حُبها ..وَ تراتيلَ عِشقها ..و حين.. يبدأ الليل .. بـ وَضعِ أستاره تنسُج لهُ خواطرها .. و حُبَّ مجنون ..
إلى أن يحلّ السَحرْ ..
وَ تظلُّ نورة .. تَتنازلُ عَن إغفاءتها لـ تقتاتَ حُلماً تُبصرهُ دونَ نوم

**
هوَ .. يَسهرُ لأجلها ..يُعانقُ صفحةُ النجم الساري .. يدونُ للدنيا سَهرَ عاشق ..
تعدى الحُب في داخله كل الحدود .. و كاد أنّ يُولدَ انفجاراً ..فيحيل الكون ( غَراماً و عشقا .. و فناً )
عَلِم أن لا حياة له دونها .. وَ لا صبرَ سـ ينتشلُها مِن ( عَبثٍ ) بـ دمـه .. وَ لا بديلَ سيُرضيه ..
تقدم لها خطوة ..وَ قلبهُ يَحكي لها ( مَشروعه )( هـ أنا ذا أتيتُ لكِ مانحاً كُلَّ شيء بلا حدود )
أرادَ أَن تكون نَهرهُ الفيّاض .. و شمسه الواضحة .. أراد أن يتحقق الحُلم ..
كُلُ أمانيه .. أن تزور حُلمه كـ ( عادتها ).. فـ يصحو و يجدها تغفو بجانبه ..بين يديه ..
كـ طفلة مُدلّلة أهداها وجدانه .. و اَلبسها عقلَه ..فصار مهووساً بها ..
.. وَ عَلِمَ الجميعُ جُنونه .. وَ ( ضُرِبَ مَثلا )
و " نورة "مستعدة أن تَرْهن حياتها .. و تُهدِر سعادتها ..لـ تعيش بِقُرْبهِ ساعة ..( الحُب لا يعرف حدود عقلٍ و منطق )
كانت سَعيدة ..و لولا بقايا عقل .. لم يشتتهُ الحُب بَعد ..لخرجت لاستقباله ..و أحتضنت وصاله ..و لـَ شرعت في الترحيب به ..
كـ مجنون لقيَ ما يثير جنونه ..

لكنّها بَقيَت صامدة .. كشجرة جذورها ثابتة رغم الصواعق ..لو كان الأمر يعنيها وحدها ..
لزُفت لهُ لحظتها ..و عادت معه كفهُ تحتضنُ كَفها ..

:


و ( الدنيا تأبى أجتماع الحُب ) عاث الألم بقلبه .. و أهلك قلبها ..نزف لـ كرامته .. و نَزفت لعويل جَرحها ..
عاد يَجُرّ أذياله خائباً ..خطواته ترسم للأسى ألف لوحةٍ .. و لوحة ..و قسمات وجهه .. تحوي كل الألم ..تحوي اليُتم لقلبه المتيم ..
تحوي التشريد لمشاعِره ..تحوي الهدر لكرامتِه ..
تحوي ( استشهادُ ) الحُلم ..في ساحةِ واقعٍ قاسية ..يُدثرها ( جليدُ ) الشعور ..

لكنّها بقيت صامدة ..لم تستسلم ..
( ثارت ) صَرخت : أعيدوهُ لي ..مُنيتي هوَ ..

**
و هو .. على وشك خُذلان قلبها ..فسار بعيداً عن أرضها .. رَاغباً في ( رَتقِ ) كبريائُه ..مُتجاهلاً زفراتها ..وَ مُغضي الطَرف عن نزفِ روحها ..
( راحلٌ ) بـ ألمْ

**
هددت الجميع .. و اَستعبرت و نزفت بمرآهم فهزّت بحُبِها ..
طَمعاً أستحوذَ على أفئدتِهم ..
وَ أعلنوا ( الموافقة ) ..

***
" استقرارُ حُب "

/
/
/


دخل لـ قَصرِها .. تحوطه أسوارها
و هي تَرمقه بـ (خـ ج ـل) .. و قد تورّد خدها ..
تَساءلت العيون ( أنّ حَقاً تحقق الحُلم؟! )

عاش في أكنافها .. و عاشت له بُرهةٌ من الزمن ..كانت له جزء من الحياة .. و كان لها كُل الحياة ..مرت الليالي و الأيام و حَياتُهمْ لا تَشكو رتابة ..
وَ لا يعرفونْ الملل ..
الحُبُ حَياتُهم ..
كانا " زوجين في أحلى وصالٍ و ألذه "يلتقيان كـ عشيقين و يهمسان لـ بعضيهما كـ حبيبين طال فراقهما ..

**
كانت لهُ الدّنيا بأسرِها ..و كان لها هواء تتنفسه .. و غذاءً يُرمم جسدها ..مرت الليالي ..و عيناهُ من عينيها لا تمل ..و كفيها غَرقت في مُحيطِ كَفِه ..
و كان لها كل شيء .. و هي وَ (أبنتُهما) له أغلى شيء ..

:


إلى أن أعلن ( الألم ) سَطوته ..و كان القدر ..
أن ترحل ( نـورة ) تاركة خلفها ذاك الحبيب وحيداً في مواجهة التيار .. و حولهُ بقايا حروف من ( وَصيّتِها ) تعبث بها الريح ..
تاركة خلفها .. ( طفلة ) كأجمل و أزهى <زهرة> في وَحل قُساة ..

**
إنهار عند ( احتضارها )..اَحتضن كفها ..
بات يلثمُها و يتوسل إليها ..
" نورة عودي لا تتركيني وحدي "
" نورة خُذيني معك .. لا ترحلي وحدك "
" نورة عاهدتيني مقاسمة الحياة مالكِ تتجاهلين عهدك !!"
" نــورة " ...

عاش بجوارها قليلاً من عُمره .. كَان الأغلى ..و مرت الأيام ..و هو بَشر .. رضخَ لـ مَطالبِ الحياة .. وَ تغير ..
و النسيان دواء لكل داء ..

تَزوج بأُخرى ..وأهداها من الحُب و الوفاء الشيء الكبير ..ربما نَسى ..
و
ربما لعهد ( نورة ) قد نكث ..

الكل آمن أن نورة (لم تعد له ذاك المنهل الّذي كلما عذبهُ العطش أسرعَ إليه .. )

الكل ظن أن نورة تلاشت من خياله ..
أن نورة قد اَبتعدت لذاك البعييييد حيث لا عودة و لا رجاء ..
و لا حـتى مُجرد ( طيف ) ..

عاش مع أنثى سواها .. و نسي أنه طالما ردد في الدُّجى وَ عندَ إشراقةِ صبح ..
" العيش مع غيركِ مُحال "و" لا بديل لكِ في فؤادي العاشق "

حَتى المُفآجأت الّتي تبناها لـ تختلسَ الدهشةُ مِن عيني نورة لـ يتمتع بـ ( بنظراتِ دَهشتها )
تحولت لـ أُنثى أُخرى ..وَ لـ عينين تحملُ دَهشة لكنْ لـيستْ ( عيني نورة )

عاش و بَذر و جنا الثمر .. " طفل " سيكون يوماً رجُلاً يحملُ أسمُه .. من أُخرى غير نورة .." ذكر " لـ يكون أبنه هو .. لكنه ليس أبناً لـ نورة ..
" نورة" الّذي لـطالما رسم معها المستقبل ..و خطط لإسعادها أبد الدهر ..
تلاشت ..
.. انتهت ..
و غابت كـ غياب يوم أمس لا يعود أبدا ..
و لو كَثر الرجاء ..و البُكاء ..

فـ (الحقيقه ) :
يوم أمس و نورة, ماضٍ لا يعود ..

/
/

الليالي تخطو .. و الأيام تمر مرّ السحاب ..و يعيش اليومْ مع سواها .. وَ يُخططُ لمُستقبل لا تَسكنُه ( نورة )و يَسعد مع غيرها ..
و يُسعد تلك الأُنثى..

~ مرت سنين تلو السنين ~

و " نورة " رُفات تحويها المقابر ..دُفنت هُناك و من كُل ذاكرة أوشكت أن تزول ..و زوجها .. الّذي هوَت ..
و عَشِقت يعيش بصفاء مع أُخرى سواها ..

و السنين تُهرولْ ..و الأخرى حُبلى ..وَ تمضي الأشهُر ...
و الأبُ يذرعُ الانتظار ذاهباً وَ إياباً بخُطىً مُشتاقة ..
وَ دَقت الساعة ..

:

وَضعتها أُنثى رُزقت بفتاة ..

..,, حينها صَرخ الحُب الأول .. و الّذكرى بعد سنين ,,..

/
/


صرخةٌ دوت بالكون ..دويّ قنابل ..دمرّت الأمان ..و اَهدرت دموع ..من تظاهر بالصمود ..
صرخة لا عِلم لدي أكانت قد صدرت من قلبهِ مُباشرة مُتعدّية الضلوع للـ فضاء .. أم انطلقت من شفاهِه
كانت الصرخة :

\


(( أسميتُها نــــــورة ))

~ كانت صَرخة دون ترتيب ~

وَ دونَ تنسيقٍ مُسبقْ مَع النظرات الّتي تُراقبُ شفتيه وَ هيّ تَنطقُ أسماً غَابَ ( عَزفُه )
صَرختُه
بَعثرت كل ما توقف أمامها
من حُزن و غَضب و سكون حتى الفرح

*
صرخة شتتت .. كل الصُور ..

إلّا صورة ( الطفلة ) و نورة في ليلة زفافها ..
وَ شيئا مِن عبق الأيامِ السالفة ..






**رأي :


أظن القلب مَن تَحدّث
بَعد ما أجهده الصَمت ..




*
رَحمكِ الباري
وَ غمد روحكِ الجنة ..
وَ رزقكِ ( سعادةً ) أبدية
صاحبة قلم