[مـآثـر]

قد تكون تلك الصورة أقرب إلى واقعنا الـــ . . .

لكن دعوني أتحدث عن الثقافة بواقعية أكبر وأوضح....

حديث الثقافة حديثُ ذو شجون؛ إذ هي بحرُ لا ساحل له, ولا أدل على منزلتها من محاولات متعلمين كثر الولوج إلى ساحتها, وأن يدَّعيها من ليس منها!
وأن يسيل مداد غزير على صفحات الصحف والمجلات لإثباتها..
للثقافة في عصرنا هذا وهجُ لا يُقاوم سحرُه..
عذراً؛؛؛
لا نتجرأ ونقول: ((لا يقاوم زيفُه))
حتى لا تتناوشنا سهام الكلم من كل جانب ونُثخن بجراح أسنَّة أقلام شرهة وألسنة ذربة.
وسأكتفي هنا بالإشارة إلى فئة ممن يحمل اللقب الألماسي ((مثقف)) فضلاً عمن ((يتثاقف)) على وزن (يتطاول)..
فالثقافة لدى هؤلاء ليست بمعنى الاطلاع والأخذ من كل شيء بطرف كما قال أسلافنا...
ولا تعني توظيف تراكم المعارف والخبرات لإفادة مجتمعهم وأمتهم...
بل هي حضور في ((الصوالين)) وأناقة في ((الطحين)) ونقصد (طحين اللسان والقلم)..
وامتلاك ثروة من مفردات لغة هجين!!
وكلما برع (المتشدق) في الانتقاد؛ كان حظه أوفر في خارطة التصنيف الثقافي..
وإذا ضمَّ إلى ذلك جسارة وجرأة فقد جمع بين الحسنيين...!!
وإذا كان الموروث الثقافي مرمى لسهامه، والعربية الفصيحة رمزاً لاستهزائه وتهكمه، والخطاب الدعوي هدفا لانتقاده ولجراءته أكثر من غيرهما؛ فقد يصنف في عداد المفكرين وليس المثقفين فحسب..
ومن كان يصدُق عليه وصف ((المثقف)) وكان قارئاً لــ (كافكا) و (بارت) و (سارتر) و (ألبير كامي) و (أبو ديب) و (ابن عربي) و (ابن الفارض) و (الطوسي)؛ فعليه ألا يُفسد وعيه، ويلوث فهمه بالقراءة لــ ( ابن حزم) و (ابن تيمية) و ( ابن القيم) و (الشاطبي) و ( الكيلاني).. وإلا فقد يُجبر على مغادرة (((حظيرة الثقافة))) غير مأسوف عليه..
وفي أقل الأحوال ستلاحقه وصفات التصنيف العصري: ((مثقف منغلق)) أو ((ذو فهم سطحي وأفق ضيق)) أو ((عقلية عفا عليها الزمن)) أو (( يعاني حالة ارتداد))...
إنها شخصية لا تؤمن بالحوار تتعصب لنفسها وتنفي الآخر وذلك بينما يوصف من يقف موقف التضاد منه بأنه: منفتح، مستنير، ذو فكر عميق وأفق واسع، صاحب ذهنية متفتحة وعقلية معاصرة، ليس أحادياً ويقبل التعددية فكل ذي رأي مصيب، وله نصيب...
وهل أعجبُ من أن يقيم المثقفون جداراً بينهم وبين الدين؛ كما أُقيم من قبل جدارُ فاصل
بين اللغة العربية والعلم؟؟؟
وبين الثقافة والسياسة؟؟
ولئن أقدم على ذلك أناسُ ممن ليس لهم خلاقُ، وتشربته نفوسهم، وأنبته تراب مجتمعاتهم، ونشأ عليه صغارهم، فما بالُ أُناس في مجتماعتنا يلهجون بمثله بعد أن لاكته ألسنةُ أولئك، ولفظته أفواههم..؟؟؟
ألا ترى أيها القارئ الكريم أننا بحاجة إلى أن نكون صادقين في انتمائنا لهذا الدين...؟؟؟