اكثر من مـرة ودليـل من
حفظ أقوى على من لم يحفظ . ففي سنـن أبى داود ومسند أحمد ( عـن أم أبان بنت
الوازع بن زارع بن عامر العبدى ، عن أبيها ، أن جـدها الزارع انطلـق الى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ،فانطلق معه بابن له مجنون ، أو ابن أخت له مجنون ، قال
جدي : فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : إن معي ابنا لي أو ابن
أخت مجنون ، أتيتك به تدعو الله له ، قال " ائتني به "، قال: فانطلقت به إليه وهو في
الركاب فأطلقت عنه ، وألقيت عنه ثياب السفر ، وألبسته ثوبين حسنين، و أخذت بيده
حتى انتهيت به إلى النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال : " أدنوه مني ، اجعـل ظهره
ممـا يليني " قال بمجامع ثوبه من أعلاه و أسفله ، فجعـل يضرب ظهره حتى رأيت
بياض إبطيه، و يقول : " اخرج عدو الله ،اخرج عدو الله" ، فأقبل ينظر نظر الصحيح
ليس بنظره الأول . ثم أقعده رسول الله ، صلى الله عليه و سلم، بين يديه ، فدعا لـه
بماء فمسح وجهـه و دعـا له فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله- صلى الله
عليه وسلم - يفضل عليه . و في مسند الأمام احمد أيضا عن يعلى بن مرة قال: رأيت
من رسول الله ، صلى الله عليه و سلم، ثلاث ما رآها أحد قبلي ، و لا يراها أحد بعدى
لقد خرجت معه في سفر حتى اذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معهـا صبي
لها ، فقالت يا رسول الله : هذا الصبي أصابه بلاء و أصابنا منه بلاء يؤخذ في اليوم
لا أدري كـم مرة ، قال : " ناوليني " فرفعته إليه ، فجعله بينه و بين واسطة الرحل
ثم فغر، فاه ، فنفث فيه ثلاثا، و قال : " بسم الله ، أنا عبد الله ، اخسأ عدو الله " ، ثم
ناولها إياه فقال: " القينا في الرجعة في هذا المكان فأخبرينا مـا فعل"، قال فذهبنا و
رجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها ثلاث شياه ، فقال : " ما فعل صبيك ؟ " فقالت:
و الذي بعثك بالحق ما أحسسنا منه شيء حتى الساعة ، فاجتـرر هذه الغنـم ، قال :
" أنزل خذ منها واحدة و رد البقية " .
وبهذا الذي تقدم من حديث المصطفى صلى الله عليه و سلم و كفى بهما حديثين جليين
عظيمين ترد على كل متأول أفاك كاذب لا يؤمن بدخول الجن في داخل جسد الإنسي.
أما ما حدث من سلفنا الصالح و التابعين فهو كثير جدا، و نؤخذ منه مثلا من إمام أهل
السنة و الجماعة الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه و رحمـه الله.( روي أن الإمام
أحمد كان جالسا في مسجده إذ جاءه صاحب له من قبل الخليفة المتوكل ، فقال : إن
في بيت أمير المؤمنين جارية بها صرع ، و قد أرسلني إليك ، لتدعو الله لها بالعافية،
فأعطاه الأمام نعلين من الخشب( أي قبقابين) و قال : اذهـب إلى دار أميـر المؤمنين
واجلس عند رأس الجارية و قل للجني : قال لك أحمد : أيما أحب إليك : تخـرج من
هذه الجارية أو تصفع بهذا النعل سبعين ؟ فذهب الرجل و معه النعل إلى الجارية و
جلس عند رأسها ، و قال كما قال له الإمام أحمد، فقال المـارد على لسان الجارية :
السمع و الطاعة لأحمد ، لو أمرنا أن نخرج من العراق لخرجنا منه ، انه أطاع الله و
من أطاع الله أطاعه كل شيء . ثم خرج من الجارية فهدأت ، و رزقت أولادا . فلما
مات الإمام عاد لها المارد ، فاستدعى لها الأمير صاحبا من أصحاب احمد ، فحضر ،
و معه ذلك النعل ، و قال للمارد : اخرج و إلا ضربتك بهذه النعل. فقال المارد : لا
أطيعك و لا أخرج ، أما أحمد بن حنبل فقد أطاع الله فأمرنا بطاعته ).
وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ، أن صرع الجن للانس قد يكون
عن شهوة وهوى وعشق كما يتفق للانس مع الانس . وهذا تلميذ شيـخ الاسـلام ابن
القيم في كتابه القيم " الطب النبوي " يذكر لنا حديث ويفصل فـي موضـوع الصرع
وتلبس الجن، فيقول: ( أخرجا في الصحيحين ،من حديث عطاء بن أبي رباح ، قال :
قال ابن عباس : " ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت بلى. قال:هذه المرأة السوداء،
أتت النبي صلي الله عليه وسلم ، فقالت : إني أصرع ، وإنى أتكشف ، فـادع الله لى.
فقال : ان شئت صبرت ولك الجنة ، وان شئت دعوت الله لك أن يعافيك ، فقالـت :
أصبر . قالت : فإني أتكشف ، فادع الله أن لا أتكشف . فدعا لها" ).
هذا ما كان من المرأة السوداء ، قال ابن القيم ( الصـرع صرعـان : صرع مـن
الأرواح الخبيثة الأرضية ، وصرع من الأخلاط الرديئة . والثاني هو الذي يتكلم فيـه
الأطباء في سببه وعلاجه .
وأما صرع الأرواح: فأئمتهم وعقلائهم يعترفون به ، ولا يدفعونه . ويعترفون : بأن
علاجه مقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية ، لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة ، فتدفع
آثارها، وتعارض أفعالها وتبطلها . وقد نص على ذلك أبقراط في بعض كتبه ، فذكر
بعض علاج الصرع ، وقال :هذا انما ينتفع في الصرع الذي سببه الأخلاط والمـادة
وأما الصرع الذي يكون من الأرواح ، فلا ينفع فيه هذا العلاج . أمـا جهلة الأطباء
و سقطتهم و سفلتهم ، ومن يعتقد بالزندقة فضيلة، فأولئك ينكرون صـرع الأرواح ولا
يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع . وليس معهم الا الجهل ). ونكتفي الي هنا بمـا
ذكر ابن القيم ومن أراد الرجوع الى الموضوع مفصلا فهو في الطب النبوي،ص 51
أما الواقع الذي نعيشه وعاشه غيرنا من المعالجين لهو اكبر وأكثر من أن يحصى عدداوكما، ولكن ليس كل الحالات التي يعالجها المعالجون هي تلبس وجن. فما نسمعه هذه
الأيام من لغط حول إرجاع كل مرض إلى الجن و المس و السحر و العين فما هو إلا سفه وقلة علم وجهل مركب. فكثـير من هذه الحالات تعود الى مشاكـل وأمراض قد
تكـون عقلية وقـد تكـون عضويـة وقد تكون نفسيـة سببهـا مشاكـل اجتماعيـة
والهروب من مواجهتها، فيلجأ الى المعالجين ظنا من هؤلاء أن الأمر قد يكون عينا أو
سحـرا أو تلبسـا بالجن. ونسـأل الله العافيـة من كل سوء لنا و لاخواننا المسلمين
والمسلمات . آمين
والموضوع منقول ومعدل ....
رابط الحلقة الأولى :
http://www.22522.com/vb/showthread.php?t=16661
رابط الحلقة الثانية :
http://www.22522.com/vb/showthread.php?t=20077