عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 77  ]
قديم 2005-08-02, 9:32 PM
عاشق الجنان
عضو متميز بالمنتدى
رقم العضوية : 3849
تاريخ التسجيل : 10 - 1 - 2005
عدد المشاركات : 1,553

غير متواجد
 
افتراضي ومــــــــــــات الــقـــــائد البطــــــــل!!!
كتبه:(( أحمد بن حمود الفريدي )).

المولد والنشأة:

ولد في قرية تاريخية عريقة تسمى جورة عسقلان، فضاء المجدل جنوبي قطاع غزة، في يونيو- حزيران 1936م، وهو العام الذي شهد أول ثورة مسلحة ضد النفوذ الصهيوني المتزايد داخل الأراضي الفلسطينية، مات والده وعمره لم يتجاوز خمس سنوات.

عايش الهزيمة الكبرى المسماة بالنكبة سنة 1948م، وكان يبلغ من العمر آنذاك 12 عاماً، وخرج منها بدرس أثر في حياته الفكرية والسياسية فيما بعد مؤاده أن الاعتماد على سواعد الفلسطينيين أنفسهم - بعد الله - عن طريق تسليح الشعب أجدى طريقة لمقاومة الاحتلال الصهيوني.

ثم التحق بمدرسة الجورة الابتدائية وواصل الدراسة بها حتى الصف الخامس، ولكن النكبة التي ألمت بفلسطين وشردت أهلها سنة 1948م لم تستثن هذا الطفل الصغير، فقد أجبرته على الهجرة بصحبة أهله إلى غزة، وهناك تغيرت الأحوال وعانت الأسرة - شأنها شأن معظم المهاجرين آنذاك - مرارة الفقر والجوع والحرمان، فكان يذهب إلى معسكرات الجيش المصري مع بعض أقرانه لأخذ ما يزيد عن حاجة الجنود ليطعموا به أهليهم وذويهم، وترك الدراسة لمدة عام (1949- 1950م) ليعين أسرته المكونة من سبعة أفراد عن طريق العمل في أحد المطاعم في غزة، ثم عاود الدراسة مرة أخرى.

وفي السادسة عشرة من عمره تعرض لحادثة خطيرة أثرت في حياته كلها منذ ذلك الوقت وحتى وفاته - رحمه الله -، فقد أصيب بكسر في فقرات العنق أثناء لعبه مع بعض أقرانه سنة 1952م، وبعد خمسة وأربعين يوماً من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس اتضح بعدها أنه سيعيش بقية عمره رهين الشلل الذي أصيب به.

وعانى إضافة إلى الشلل التام من أمراض عديدة منها فقدان البصر في العين اليمنى، بعدما أصيبت بضربة أثناء جولة من التحقيق على يد المخابرات الإسرائيلية فترة سجنه، وضعف شديد في قدرة إبصار العين اليسرى، والتهاب مزمن بالأذن، وحساسية في الرئتين وبعض الأمراض والالتهابات المعوية الأخرى.

غير أن تلك الظروف لم تمنعه من إكمال دراسته، ونجح بعد ذلك في الحصول على فرصة عمل في تدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية؛ رغم الاعتراض عليه في البداية بسبب حالته الصحية، وكان معظم دخله من مهنة التدريس يذهب لمساعدة أسرته .ثم عمل خطيباً ومدرساً في مساجد غزة، وأصبح في ظل الاحتلال أشهر خطيب عرفه قطاع غزة؛ لقوة حجته، وجسارته في الحق، ثم عمل رئيساً للمجمع الإسلامي في غزة.


مكانته الدينية:

إنه يتمتع بمكانه دينية عالية، ليست فقط على مستوى الشعب الفلسطيني؛ بل على مستوى العالم الإسلامي بأسره، باعتباره شخصية دينية كان لها الفضل بعد الله في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في فلسطين.

لقد ظهرت مكانته الدينية خلال الفعاليات المنددة بالاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة سنة 1956م، ونشط في رفض الإشراف الدولي على القطاع المحتل آنذاك، والدعوة إلى عودته إلى الإدارة المصرية، فعرف منذ ذلك الحين كشخصية إسلامية غير تقليدية، تتمتع بكفاءة تنظيمية ملحوظة، ومهارات في مجال الاستقطاب الجماهيري.

فهو يعتبر أبرز قادة الشعب الفلسطيني، ورمزاً للانتفاضة والمقاومة، ولم يكن يمثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحدها، بل مثل كل من طالب باسترداد الحقوق بالجهاد والمقاومة، وهو ما اتضح في صدمة وحزن كافة التنظيمات الفلسطينية عليه.

كذلك يتمتع بموقع ديني وسياسي متميز في صفوف المقاومة الفلسطينية؛ مما جعل منه واحداً من أهم رموز الجهاد الفلسطيني على الإطلاق؛ لذا نجد الكثير يعتبرونه شخصية إسلامية نضالية، أفنت حياتها مدافعة عن قضية تؤمن بها وعن أهداف شعبها.



اعتقاله ومحاولات اغتياله:

خلال هزيمة 1967م تم ضم قطاع غزة إلى المساحة المحتلة سابقاً من فلسطين، وكان ذلك المنعطف إيذاناً بجملة من المتغيرات. فمن جانب كانت روح الهزيمة قد باتت سيدة الموقف عربياً، ومن جانب آخر باتت استحقاقات الاحتلال أشد صعوبة على الفلسطينيين الذين يعيشون على أرضهم.



عمد الشيخ ورفاقه إلى إعادة ترتيب الأوراق بعد قراءة المرحلة بروية وتأن، وكان الخيار مشروعاً عملاقاً للإحياء والمقاومة، مشروعاً لأجيال، يبدأ بترسيخ الأسس والقاعدة البشرية الصلبة، وعملياً استغرق الأمر عقدين من الزمن، حتى نضجت الثمار وحان قطافها بالنسبة للشيخ ورفاقه، الذين باتوا يشرفون على بنية جماهيرية ومؤسسية عملاقة، ويتبنون أطروحات تحظى بتأييد واسع في الشارع الفلسطيني.

وقد أزعج نشاط الشيخ سلطات الاحتلال التي اعتقلته سنة 1983م، ووجهت له تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة أسلحة، فأصدرت عليه حكماً بالسجن لمدة 13 سنة. لكن الشيخ عاد إلى الحرية من خلال عملية تبادل الأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة) في سنة 1985م، بعد أن أمضى أحد عشر شهراً في السجن. فواصل الشيخ نشاطه خارج المعتقل في مرحلة دقيقة من التاريخ الفلسطيني، دون أن تتوقف تهديدات الاحتلال له.

ثم كان المنعطف الكبير متمثلاً في الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في نهاية سنة 1987م، والتي أعادت خلط الأوراق، وفرضت على الاحتلال الإسرائيلي معادلات جديدة وضعته عملياً في مأزق تاريخي متزايد، مازال يتفاقم حتى اليوم، وكانت الانتفاضة السابقة هي شرارة الانطلاقة بالنسبة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي أسسها الشيخ مع مجموعة من رفاقه.

ومع تصاعد أعمال الانتفاضة بدأت السلطات الإسرائيلية التفكير في وسيلة لإيقاف نشاط الشيخ ,فقامت في أغسطس- آب سنة 1988م، بمداهمة منزله وهددته بالنفي إلى لبنان.

ولما ازدادت عمليات قتل الجنود الإسرائيليين، واغتيال العملاء الفلسطينيين قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم 18 مايو- آيار 1989م باعتقاله مع المئات من أعضاء حركة حماس، في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على جنود الاحتلال ومستوطنيه، واغتيال العملاء.

وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات، وكان حضوره يتعاظم خلالها في الوعي الفلسطيني والعربي والإسلامي بوصفه الشيخ الأسير.

وفي أكتوبر- تشرين الأول سنة 1991م أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكماً بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عاماً أخرى، بعد أن وجهت للشيخ لائحة اتهام تتضمن تسعة بنود، وجاء فيها: أن هذه التهم بسبب التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليين وتأسيس حركة (حماس) وجهازيها العسكري والأمني. ثم جاءت التسوية السياسية المسماة: (عملية سلام الشرق الأوسط) بحقائق مستجدة، فإثر تحولات مطلع التسعينات، والمتمثلة أساساً بصعود أحادية القطبية من خلال الولايات المتحدة، وأزمة الخليج (1990- 1991)، تمكن الأمريكيون من فرض إملاءات خاصة على المنطقة، كانت ذات مضمون إسرائيلي في عيون الفلسطينيين في كثير من تفاصيلها التي تتعلق بالقضية الفلسطينية.

وحاولت مجموعة فدائية تابعة لكتائب عز الدين القسام - الجناح العسكري لحماس - الإفراج عن الشيخ وبعض المعتقلين المسنين الآخرين، فقامت بخطف جندي إسرائيلي قرب القدس يوم 13 ديسمبر- كانون الأول 1992، وعرضت على إسرائيل مبادلته نظير الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت العرض، وقامت بشن هجوم على مكان احتجاز الجندي مما أدى إلى مصرعه ومصرع قائد الوحدة الإسرائيلية المهاجمة ومقتل قائد مجموعة الفدائيين.

وفي عملية تبادل أخرى في الأول من أكتوبر- تشرين الأول سنة 1997م، جرت بين المملكة الأردنية الهاشمية وإسرائيل في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة عمان، وإلقاء السلطات الأمنية الأردنية القبض على اثنين من عملاء الموساد سلمتهما لإسرائيل مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين، وتم الإفراج عنه وعادت إليه حريته منذ ذلك التاريخ(13).

أما الشيخ الذي أطلقه العدو الصهيوني مكرهاً، بعد الإحراج الذي سببته لها محاولة الاغتيال الفاشلة لخالد مشعل رئيس المكتب السياسي ل (حماس) التي قام بها جهاز (موساد) الإسرائيلي في عمان، فقد انتقل من الزنزانة إلى زعامة الشارع الفلسطيني الذي كان يتأهب لثورة مدوية هي انتفاضة الأقصى، التي اندلعت قبل ثلاث سنوات.

واستهل الشيخ القعيد المثقل بهموم شعبه، وبالأمراض العضوية التي فاقمها الأسر، مسيرته بعد الخروج من المعتقل بجولة عربية موسعة للتواصل مع القيادات الرسمية والشعبية، لاقى فيها الكثير من التكريم، كما أدى خلالها فريضة الحج، قبل أن يعود إلى بيته المتواضع في حي شعبي بغزة يدعى جورة الشمس؛ رافضاً خيارات البقاء خارج فلسطين بعيداً عن استهداف الآلة العسكرية للاحتلال.

وقد تعرض الشيخ في 6 سبتمبر- أيلول سنة 2003م لمحاولة اغتيال إسرائيلية حين استهدفت مروحيات إسرائيلية شقة في غزة كان يوجد بها الشيخ أحمد ياسين، وكان يرافقه إسماعيل هنية. ولم تكن إصاباته بالقاتلة؛ مما أدى إلى غضب الآلاف من أنصاره الذين تظاهروا لساعات تنديداً بالمحاولة.

الشيخ الذي لقب ب: (شيخ الانتفاضة) في الانتفاضة السابقة، و (شيخ المقاومة) فيما بعد، و (شيخ فلسطين)، فبدا حتى بعد محاولات اغتياله وتكرار التهديدات بقتله على ألسنة كبار القادة العسكريين الإسرائيليين مصراً على ترحيبه بالشهادة في أي وقت، بينما نظر إلى مشروع المقاومة وهو يتعاظم حظوراً، على الأرضية الصلبة إياها التي لم تأت من فراغ.



استشهاده - رحمه الله -:

أطلقت مروحيات حربية إسرائيلية في حوالي الساعة الخامسة والنصف من فجر يوم الاثنين 1-2-1425ه ثلاثة صواريخ على سيارة الشيخ، أثناء خروجه من مسجد المجمع الإسلامي، فأدى ذلك إلى إصابته إصابة مباشرة ومقتله على الفور مع اثنين من مرافقيه، إلى جانب مقتل سبعة مواطنين من المصلين وجرح العديد منهم. أسأل الله أن يتقبلهم في الشهداء .

لذلك نقول: إن قوة الشيخ كانت نابعة دائماً من إيمانه بالله، إنه الفارس الذي سقط شهيداً على ثرى الوطن حيث ترجل، واحتضنت جثمانه الألوف المؤلفة من أبناء شعبه، ودمعت عليه قلوب الملايين من العرب والمسلمين، فيما وُسم قاتله بأنه جبان.

وقتله يدل على أن الصهاينة قد وصلوا إلى طريق مسدود، وأن الجهاد في فلسطين قد أحاط بهم، وزلزل كيانهم، وأوصلهم إلى غاية البؤس والخوف، فغدوا يفتحون على أنفسهم أبواب جهنم من حيث لا يشعرون.
هـــل عرفتموه؟؟ وكأني بكم تقولون......ومن لا يعرفه....!!